إن رأي الفقه والقضاء في مسألة المعلوماتية والتطور السريع لهذا الأمر يتجلى بالدرجة الأولى في الدول المتقدمة الرائدة في مجال التكنولوجيا.
أولاً، الولايات المتحدة: يرى الفقه أن حرية الشعب وقدرته على احترام ذاته تتأثر إذ لم توضع الضمانات الكافية لصيانة الحرية الشخصية، فضلاً عن انعدام وسائل الرقابة الأمر الذي يؤدي إلى تهديد حقيقي لحرية الأفراد بدلاً من توجيه هذه الأداة لمحاربة المجرمين، كما أنه من الواجب المواءمة بين مصلحة المجتمع في الحصول على المعلومات الضرورية عن الأفراد وبين انتهاك حرياتهم باستخدام الحواسيب الالكترونية.
ويرى الفقه أنه في البلدان التي لا يستطيع فيها المرء الاعتماد على العدالة، يصبح الناس تحت رحمة الإداريين، وتحكم البيروقراطية، وهذا ما يسيء إلى الحرية ويؤدي إلى طغيان المعلومات، وإزاء تهديد الأجهزة بالخطر على المجتمع الحر لا بد من تدخل الكونغرس باتخاذ الخطوات الضرورية لإحياء وثيقة الحقوق.
ثانياً، ألمانيا: يجري التحول بشكل متزايد لاستعمال الحاسبات ويرى الفقه أن حق الأفراد في معلوماتهم لم يتعرض للخطر إلا في حالات قليلة، فنظم المعلومات المعقدة لا تزال بعيدة عن فهم كثير من المواطنين، كما أنهم لا يعرفون الجهات الإدارية التي تقوم بإعداد البيانات.
ويرى الفقه أن هناك قاعدة هامة وهي ضرورة إخطار الشخص الذي تخزن عنه المعلومات المتعلقة بأحواله الشخصية لأول مرة، وأنه لا بد من تحقيق دقيق لمن يحق لهم الاطلاع على هذه المعلومات.
ثالثاً، فرنسا: يرى الفقه أن استخدام المعلومات إلكترونياً في مصالح الحكومة يثير مشاكل كثيرة بعضها تتأثر به الحياة الخاصة مباشرةً، وحتى عام 1978 لم يكن الاستعمال خاضعاً لأي تنظيم ولم تكن الأنظمة تعترف بحق المواطنين بأخذ معلومات عن سجلات المواطنين بهدف الصراع في الخلافات السياسية، وقد أجاز مجلس الدولة الفرنسي لصاحب المصلحة أن يطعن في القرار الضمني برفض المحافظ محو التسجيل عن شخص مغاير للحقيقة، ولكنه لم يرفض على الإدارة حقها بالتسجيل.
وقد أدت المعلوماتية إلى إدراك أهمية المشكلة التي تنشئها عمليات تحزين المعلومات للأسماء، وتحت تأثير كتابات الكتّاب الأنغلو ساكسون رأى الفرنسيون مدى الأخطار الناجمة عن استعمال هذه التقنية الإلكترونية وتهديدها للحياة الخاصة، وشعر فقهاء القانون الفرنسي بهذه المشكلات وتصوروا بنفس الوقت الحلول لها.
أخيراً في معرض رأي الفقه والقضاء إلى موقف الأمم المتحدة، حيث يعتبرون أن الأجهزة الإلكترونية أفدح تهديد للحرية الشخصية في الوقت الحاضر وذلك لقدرتها على التطفل، ما جعل ضرورة التركيز على عدم استخدام هذه الأجهزة إذا كانت ستشكل تهديداً للحرية الشخصية كما في اجتماع اليونسكو في باريس عام 1970 الذي حدد نقاشه حول ذلك.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت