- أخجلني ذلكم الجهد الكبير الذي يبذله القائمون على مركز الندوة الثقافي بولاية بهلا، وجلست أعاتب نفسي على تقصيرها وبعدها عن الشأن الثقافي، وهجرانها للقراءة، ومعصيتها في تنفيذها لأمر إلاهي موجه للبشرية جمعاء عبر خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا ورسولنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه عندما خاطبه الله بصفة الأمرالنافذ في سورة العلق بقوله عز وجل:
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1 خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4 عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) صدق الله العظيم.. - فكم نحن مقصرين في القراءة بسبب انشغالنا بشقوتنا وتوافه الأمور، فصار حالنا هكذا، ننبهر من تقدم الأمم، وننقاد إليها كالخراف..
- جاءت هذه المحاسبة مع النفس عقب حضوري حفل تدشين الكتب الجديدة التي سترفد دور مركز الندوة الثقافي بولاية بهلا وتعينه على أداء رسالته الثقافية الشاملة التي تنوعت بين توفير المراجع التعليمية والعلمية من الروضة إلى الجامعة، ومن التمهيدي إلى الدكتوراة، وما بعدها من الطموحات العلمية، إلى جانب الاهتمامات الأخرى بالأنشطة ذات الارتباط الوثيق بالثقافة والفن والتقنية، والعناية بأصحاب المواهب الفنية والمسرحية والمساهمة في طباعة الكتب وتشجيع الأدباء والشعراء والكتاب..
- أقيمت هذه الاحتفالية الثقافية صباحية يوم الأثنين ٦ محرم ١٤٤٥ الموافق ٢٤ يوليو ٢٠٢٣م بمقر المركز في حلة المستغفر، وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ سعيد بن علي الصلف النعيمي والي بهلا الذي يحسب له وجوده اللافت في مختلف الأنشطة والفعاليات بالولاية، وبحضور لفيف من المهتمين بالحراك الثقافي في الولاية، مع تسجيل حالات غياب لنخب ثقافية معروفة ربما بسبب الارتباطات العائلية مع برامج العطلة الصيفية..
- تم تدشين خمسمائة كتاب في مختلف صنوف المعرفة، لتكمل العدد الإجمالي الذي يقارب الخمسين ألف كتاب تزدان بها رفوف هذا المعلم الحضاري الذي ولد صغيراً كمكتبة متواضعة، ثم تحول إلى مركز إشعاع ثقافي ينشر ضياءه إلى رحاب واسعة، ويروي عطش الباحثين والمتعلمين وعشاق القراءة..
- رغم اتساع المكان الحالي الذي كان مقراً لمحكمة بهلا الشرعية سابقاً قبل توسع منشآت القضاء الحديثة.. إلا أن المقر في زمنه هذا أصبح ضيقاً بسبب الزيادة المضطردة في أعداد الكتب، رغم تقسيم المبنى إلى غرف متخصصة كغرفة السلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وغرفة بهلا وغرفة الطفل.. وغيرها، الأمر الذي حتَّمَ على القائمين على المركز الشروع في التحول إلى الجانب الرقمي..
- لما أن الجهود المخلصة تتواصل في هذه الآونة لإنشاء مركز بهلا الثقافي الذي يرجى أن يكون منارة ثقافية كبرى يتناسب مع سمعة ولاية بهلا العلمية.. فإننا نأمل أن يُنقل إليه هذا الإرث الثقافي المتمثل في مركز الندوة الثقافي باسمه وتاريخه وسجله الزاخر بالمحطات المضيئة، فهذا المعلم تشرف بزيارات عدد من القامات والأعلام وعلى رأسها زيارة عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المعظم عندما كان وزيراً للتراث والثقافة، بالإضافة لزيارة عدد من الرموز العلمية والأدبية من داخل السلطنة وخارجها، كما نال الكثير من الأوسمة والجوائز، وسجل حضوراً مشرفاً في مختلف المناسبات الثقافية..
ومن الرائع أن يتواصل هذا الألق، وأن يتكئ المركز الجديد على ماضٍ عريق، بدلاً من أن يبدأ من الصفر، وتتبعثر الجهود هنا وهناك، دون أدنى شك بأن القائمين على كلا المركزين لديهم من الرؤئ الثاقبة والحكيمة ما يفوق نظرتنا القاصرة هذه..
فتحية شكر وتقدير وامتنان للقائمين على إدارة مركز الندوة الثقافي، مثمنين لهم هذا الإسهام الجزيل لجعل ولاية بهلا ضمن لائحة الشرف المعرفي وفي طليعة الركب الثقافي، وإلى الأمام بمشيئة الله تعالى وتوفيقه، وجهود المخلصين والداعمين.
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي