انتشر مؤخراً مقطع مصوّر لإعلامية سورية، تدعو فيه للثورة ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تعاني منها سوريا، مقطع أحدث ضجة كبيرة بالنظر إلى تعامل رجال الأمن معه، في وقت بدا أن الشعب السوري يعيش واقعاً مصيرياً – إما الحياة بكرامة أو الموت.
لن أدخل بتفاصيل الوضع الاقتصادي والمسبّب فيه، ما يهمني هو الظروف القاهرة التي يعاني منه هذا الشعب، في غياب الرقابة وغياب المساعدات، وغياب العدل، حتى القانون أصبح أمراً مشكوك فيه، وهنا لا يعنيني موالي أو معارض، بل المهم أن الجميع متضرر، فالموالاة لم تؤمن للأسر قوت يومها، ولا المعارضة كذلك الأمر.
وبنفس الوقت كلنا شركاء في معاناة الشعب السوري، ها قد عادت سوريا إلى جامعة الدول العربية، فلماذا لم يتغير الوضع المعيشي بحده الأدنى على الأقل؟ وماذا عن دور حلفاء سوريا (روسيا وإيران) وأين هم من هذا وهم أغنى الدول بالنفط والغاز؟ في وقت نجد أن حرارة الصيف تكوي جباه السوريين بدون كهرباء.
لا بأس أن تبحث كل دولة عن مصالحها، لكن أين الإنسانية؟ هل ماتت فينا نهائياً وبات الشعب العربي مجرد أرقام نحصيها على شاشات الأخبار؟ عارٌ على الحكومات التي نجدها تساعد هنا وهناك، في حين أن أبناء جلدتها يعانون كل هذه المعاناة.
لكن العتب الأكبر على أولئك النخب من المثقفين ممن يقيمون المؤتمرات والندوات ويبذخون في الدعوات للضيوف وبالطعام والشراب، لكن عندما يتعلق الأمر بمعاناة شعب كامل، تجدهم الآن في المالديف أو ماليزيا أو غيرها، هذه النخب المثقفة التي تناضل لمن يدفع أكثر، لأنها لو كانت عكس ذلك، لرأينا الكثير منهم، لكن الصمود والتصدي يبدو أنه شعارات على الورق فقط!
حرب عشر سنوات، فاقة وعوز، زلزال، حرائق، رواتب قليلة، لا عمل، لا مشاريع، ما هي طاقة هذا الشعب ليستطيع التحمل أكثر، خرجت واحدة من بين ملايين تدعو للثورة على هذا الواقع المرير، ونحن جميعاً نشاهد ونصمت صمت الحملان.
قد أكون قد بالغت بعض الشيء، لكن من ألمي على شعب ما عرفت منه إلا كل طيب وجميل، فهو لا يستحق أن يعاني هكذا، لا يستحق أن يُحاسب بمعيشته بناءً على مواقف سياسية، وللمفتخرين بالغرب، وهم سبب رئيسي في كل ذلك، إن لم تتحركوا أنتم أيضا ًشركاء في هذه المعاناة.
لن أطيل الكلام، لأن ما من كلام يعبّر عن مدى سوء حال هذا الشعب، فإن لم تنصفه الأرض، فالله العادل سينصفه حتماً، لكن لنبدأ برفع الصوت، عسى ولعل نستطيع المساعدة ولو بالجزء اليسير، فهم جزء من أمتنا العربية والإسلامية، وواجبنا أن نكون منصفين لهم، ولا بارك الله بكل من كان سبباً في أذيتهم.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.