يطرح إسناد مجلس المناقصات لمشروعات تنموية متنوعة بقيمة 488 مليون ريال لهذا العام تساؤلات عن حجم المشروعات التي قد تسند في كل البلاد إذا تم ضم كل وحدات التناقص والعقود الحكومية بكل قطاعاتها إلى مجلس المناقصات .
عندها كم ستبلغ قيمة المناقصات التي تسند إليه سنويا ، من المؤكد أنها قد تتجاوز عدة مليارات من الريالات ويكون وقعها قويا على كافة المجالات مع تعضيدها للقيمة المضافة ، بل سيكون مجلسا يبلور إسناد كل المناقصات والمشاريع الإنمائية والجارية والتوريدات في الجهات الحكومية بشكل يتوافق مع المعايير والنظم وستخضع العملية التناقصية عندها للمزيد من الحوكمة والنزاهة والشفافية ، الأمر الذي يتطلب من الحكومة إعادة النظر في هذا الجانب بضم كافة وحدات التناقص على الأقل إلى مجلس المناقصات وتعظيم القيمة من المشروعات المسندة بطرق أكثر منهجية وعلمية بدلا من بعثرة التناقص في العديد من الجهات وما يشوبها من ممارسات قد لا تكون موفقة.
بلاشك أن مجلس المناقصات بدأ بالسير بخطوات موفقة إزاء تعظيم القيمة المضافة وبلورة توجهات جديدة بإتجاه الشراء الموحد للمركبات وغيرها ، إلا أن العمل الأساسي للمجلس هو إيجاد نظام تناقص موحد في البلاد يضم كل الوحدات الخاصة بالعقود والمشتريات إلى المجلس لإدارتها ، ولتتفرغ تلك الجهات لأعمالها وإختصاصاتها في حين يعكف المجلس في إدارة التناقص كما ينبغي وبكفاءة عالية .
فالتجارب الإقليمية للتناقص أغلبها موحدة عبر وزارات تسمى بالأشغال ، بيد أن ما لدينا هو تنازع العديد من الجهات للآسف عليها وعبر إمكانيات ضئيلة وطاقات محدودة غير قادرة على إدارة الأعمال التناقصية بمعاييرها الدقيقة ، فهذا الأمر له من المكاسب ما لاتكفي هده العجالة لحصره ، وتتمثل في معرفة قيمة المناقصات والمشاريع التي تسند سنويا في كل أجهزة الدولة وليتسنى بعدها معرفة مدى حجم المشروعات ، ومن هنا يمكن معرفة قوة السوق الفعلية والميدانية ، وتسقط هنا من أرباب العمل تبريراتهم القائلة بعدم وجود أعمال ، فلغة الأرقام دائما هي الفيصل في وجه كل خطيب .
الجانب الآخر الشركات على سبيل المثال تأخذ مناقصات من أكثر من جهة وبالتالي لا يمكن ضبطها في جوانب عدة كتوظيف الشباب العُماني وتحديد القيمة المضافة وغيرها من الإلتزامات الهامة ، فوجود التناقص في مكان واحد من شأنه ضبط إيقاع هذا الجانب على نحو صحيح يُستفاد منه في تعظيم قيمة المناقصات في جوانب عدة ويسهم في ترتيب أولوياتها وتوزيعها على الشركات المحلية بدلا من تركزها في شركات بعينها نتيجة لبعثرة التناقص كما هو قائم الآن .
كذلك من الجوانب المهمة التي تبرز هنا كفاءة إدارة التناقص من قبل أجهزة مركزية تتوفر لها الانظمة والمعايير ومن شأن ذلك تخفيض التكلفة وترشيد بعض الجوانب غير الضرورية في الأعمال الحكومية مع إضافة المرونة اللازمة وإذ هي تدار من قبل جهة مختصة لديها كل الأنظمة والأطر والتشريعات التي تجعلها قادرة على إدارة هذه الجوانب بنحو سليم .
كما أن بعثرة المناقصات الحكومية في أكثر من جهة لأيسهم في إفراز كفاءات قادرة على إدارتها ، وفي هكذا حال فمن الطبيعي أن تكثر الأخطاء وتتراجع الإلتزامات وصولا للنتيجة القائلة بإنعدام الكفاءة والفاعلية وهذا ما نخشاه .
فاليوم تفعيل مجلس المناقصات ليغدو مؤسسة حكومية مختصة تدير التناقص الحكومي عبر ضم كل الجهات التي تدير المناقصات في الدولة ونقل كل العاملين في تلك الجهات إليه ، عندها يمكن القول بأن الصحيح قد دانت له مقاليد الأمور في هذا الشأن الجلل .
بالطبع هناك من يعارض مثل هذه الأفكار و ينعتها بالمركزية إلى غير ذلك ، إلا أن وجود جهاز مركزي للتناقص سوف يوفر الكثير للدولة ويضبط إيقاع المناقصات الحكومية ومن ثم رفع القيمة المضافة لها و وانعكاساتها على الفرد والمجتمع .
نأمل أن تعيد الحكومة النظر في هذا الجانب كاخد الخطوات الهادفة لتأكيد الكفاءة في إدارة العمل في أجهزة الدولة وتوحيد المؤسسات المختصة في هيكل واحد ، وبذلك تنجز الأهداف المتوخاة منها ولعل من أهمها تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040 ، وما تشكله من أهمية في سبيل رفع ورفد كفاءة الأداء الإداري والمالي للدولة .
علي بن راشد المطاعني