إنَّ الدول الديمقراطية هي الدول التي تطبق نظام القانون والمؤسسات، وهذا النظام يساعد الدول على إدخال الإصلاحات الضرورية على الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهو نظام عالمي حديث يُحقق مصالح الشعوب والدول؛ لأنه يُطبِّق التشريعات القانونية في كافة مجالات الحياة، ولديه القدرة على تصويب وتقويم أداء المؤسسات في مختلف قطاعات الدولة من أجل الارتقاء بالعمل المؤسسي. وتعد سلطنة عُمان دولة القانون والمؤسسات، ومجلس الشورى مؤسسة قانونية في ميدان العمل الوطني، وبوتقة لمشاركة المواطنين الفعّالة في العملية الانتخابية كناخبين أو مُرشَّحين، ومشاركتهم في صنع القرارات الوطنية.
وبمشيئة الله تعالى وتوفيقه ستبدأ بعد أيام انتخابات مجلس الشورى للفترة العاشرة (2023/ 2027)، ويرجو ويأمل الجميع بأن تفرز هذه الانتخابات من هم يستحقون تمثيل الشعب التمثيل المشِّرف المخلص للمطالبة بكافة حقوق المواطن في كل المجالات وعلى كافة الأصعدة، ولن يتحقق ذلك إلّا إذا كانت اختيارات الناخبين لمُرشَّحي مجلس الشورى صادقة في غاياتها وأهدافها؛ لتُحقِقَ الاستقرار والتنمية والازدهار والتطوير لكافة مجالات الحياة، ليعيش المواطن في وطنه وبين أهله في عزة وكرامة وعدالة وأمن وأمان وسلام.
والانتخابات هي الوسيلة المُثلى التي تؤهل المواطنين للمشاركة في إدارة الشؤون العامة في الدولة عبر ممثليهم في المجالس المنتخبة، وهو حق من حقوقهم التي نص عليها النظام الأساسي للدولة، وتختلف الإجراءات والمعايير الانتخابية من بلد لآخر، والانتخاب هو قيام الناخب باختيار مُرشَّح من المُرشَّحين ليكون عضوًا وممثلًا له في مجلس الشورى أو المجلس البلدي أو غيرها من المجالس المنتخبة، وهو حق عام للمواطنين، يخضع لشروط محددة في القانون، ومتى ما كانت هذه الشروط مستوفية للناخبين أو المُرشَّحين، فلا يُحرم المواطن من هذا الحق، الذي يؤهله لاختيار من يثق به ويتوسم فيه الخير والصلاح، ليكون صوته القوي الأمين الفعال للمطالبة بكافة حقوقه ومصالحه التي تجعله يعيش في وطنه في نعمة وسرور وسعادة وأمان.
وخصائص الانتخابات بشكل عام، هي انتخابات عامة للمواطنين ودورية وسرية ومتساوية في الواجبات والحقوق، وذلك لضمان العدالة والحرية في الاختيار والانتخاب، وتكون وفق قواعد وأحكام قانونية حتى تحقق النزاهة والعدالة للناخبين والمُرشَّحين، ويشترط لتتحقق النزاهة في الانتخابات وجود معايير قانونية عادلة وفعالة تنظم عملية الانتخابات في كل مراحلها المختلفة، وتتيح هذه المعايير لكل أطراف العملية الانتخابية- من ناخبين ومُرشَّحين ومُشرِفين- الوقوف على الكيفية التي يتم من خلالها سير وإدارة العملية الانتخابية حتى الفرز والإعلان عن النتائج واعتمادها بشكل رسمي.
والانتخابات النزيهة تلتزم بالمبادئ الديمقراطية المتمثلة في الحق الانتخابي الشامل والمساواة السياسية والتي تنص عليها القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والغاية هنا تتمثل في تحقيق فرص متساوية وحرية ومنافسة عادلة لجميع الناخبين والمُرشَّحين، وقد قامت سلطنة عُمان بسن قانون لانتخاب أعضاء مجلس الشورى، وتعزيز نزاهة الانتخابات من خلال سيادة القانون لضمان انتخابات ذات مصداقية وتمثل اختيارات الناخبين بكل حرية وعدالة ونزاهة، لأن المجتمعات السليمة تقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وقد حدد المرسوم السلطاني رقم (54/ 2023) أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بكل شفافية ووضوح، وتتولى اللجنة العليا للانتخابات الإشراف على العملية الانتخابية والفصل في الطعون الانتخابية، وقد بين المرسوم السلطاني المذكور كافة المعايير القانونية لنزاهة الانتخابات والذي جاء في 63 مادة، من بداية إعلان قوائم الناخبين والمُرشَّحين حتى عملية الفرز وإعلان النتائج واعتمادها بشكل رسمي. كما بيّن المرسوم السلطاني العقوبات على المخالفات والممارسات غير القانونية التي يقع فيها كل ناخب أو مُرشَّح، وذلك حتى يضمن المشرع انتخابات نزيهة وعادلة وتمثل إرادة الناخبين بكل حرية ومصداقية، ووفقًا للقيم الأساسية لحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية الدولية.
ومن أهم الأسس التي تقوم عليها العملية الانتخابية هي مراقبة الانتخابات من جهات ذات استقلالية ومعرفة وحيادية، ومن الأسس أيضًا إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام المحلية والخارجية لمتابعة كافة مراحل الانتخابات دون تدخل أو مراقبة عليها حتى تضمن مصداقية الانتخابات، ونزاهة الانتخابات تعني بكل شفافية ووضوح النزاهة في كل شيء.
أيها الناخبون الكرام.. أصبحت المسؤولية الآن على عاتقكم، وأنتم خير من يقوم بها على أكمل وجه؛ فالرجاء كل الرجاء أن تكون اختياراتكم لمُرشَّحي مجلس الشورى للدورة العاشرة لمن هم من أصحاب الكفاءة المستحقين لعضوية هذا المجلس الموقّر، والبعد عن التعصب المذموم والعصبية العمياء الصماء للقبيلة والجماعة؛ لأن اختياراتنا هي التي سوف تضمن لنا التمكن من الحصول على حقوقنا وتحقيق مصالحنا ومصالح الوطن العليا.
حمد الحضرمي/ محامٍ ومستشار قانوني