التأمين المركبات الزامي حسب القانون أصبح واحد من الخدمات الأساسية في المجتمع، وبات الآن في حوجة ماسة إلى إعادة النظر في نصوص القانون والتشريعات و الوثيقة التامين الموحدة للمركبات التي تحكمه؛ بعد أن وضحا جليا وبما لا يدع مجالا للشك تلك الثغرات التي أصبحت تعتري بعض نصوصه، وعدم مسايرتها للواقع الحياتي المعاش؛ من خلال وقوع أضرار واضحة وظلم لا تخطئه العين على بعض أطراف الحادث المروري. فعندما يقع حادث مروري ما، فإن المحصلة النهائية له تتمثل في تعطل السيارة أو السيارات و ينتج عنها اضرار المادية و إصابات ارواح التي اشتركت في الحادث، وفي كل حادث نجد أن هناك متسببا فيه وآخر لا ناقة له ولا جمل في ما حدث؛ بل تم الاعتداء عليه بغير قصد طبعا، لكنه في حرفية الوصف يُعد بريئا وملتزما بقوانين المرور عند وقوع الحادث. فلماذا لا يعوض هذا البريء بسيارة عوضا عن سيارته في حالة تلف المركبة كلياً او قيمة تصليح المركبة تزيد عن قيمة المؤمن عليها التي تضررت في الحادث الذي لم يكن له ذنب فيه؟… ولماذا ينتظر 30 يوما لتتكرم بعدها شركات التأمين بشق الأنفس بمنح المتضرر سيارة بديلة تعد الأسوأ من بين السيارات.
ففي هذه الحالة ومن أجل أن تظل عيون العدالة جميلة وتغري بالنظر إليها والتأمل في حسنها لا بد من إنصاف الضحية وفورا من قبل شركات التأمين، وذلك بتوفير سيارة بديلة وبذات مواصفات سيارته التي تعطلت وخرجت عن الخدمة بغير ذنب جناه.
فهل يعقل عدلا وإنصافا أن يتعرض هذا الضحية للإجحاف في حقه كمستهلك ضاعت حقوقه في الأطر ولوائح التأمين والتي يفترض أن تلزم شركات التأمين بأن توفر له مركبة من أول يوم وقع فيه الحادث، بل هل يعقل منطقيا أن يتعطل غير المتسبب في الحادث؟
وفي هذا الصدد نجد أن البعض يستأجر سيارة بما لا يقل عن عشرين ريالا في اليوم الواحد إلى أن يتم إصلاح سيارته، وقد ينتظر شهرا حتى يتم تعويضه بسيارة بديلة من شركات التأمين. وبعملية رياضية أولية سنجد أنه سيدفع نحو 600 ريال في هذه الفترة البسيطة، فلماذا يدفع هذه المبالغ بدون أن يكون هو المتسب في الحادث؟
بالإضافة الى ان هناك بعض وكالات التحارية لا تتوفر قطاع الغيار في وقت مناسب و عندما تتوفر تكون اسعار قطاع الغيار و اجور التصليح تزيد عن قيمة الشراء المركبة مما تضطر الشركة بالغاء المركبة و عرض المبلغ نقداً باقل من قيمة السوقية للمركبة !
في هذه الحالة المتضرر يخسر و شركة التامين تخسر لان ما استلمت اقساط التامين مناسب و يحدث عدم التوازن بين مبالغ اقساط التامين و مبالغ التعويضات للمتضررين و يتضرر المساهمين و ينعكس على اداء السوق المال
ما أشرنا إليه يعد بعضا وليس إجمالا لحالات الظلم التي تطال أصحاب المركبات وبموجبها جاءت المطالبة بإعادة النظر في قانون التأمين و اللوائح المنظمة لتمسي خدمات التأمين عادلة .
ومع إقرارنا بأن خدمة التأمين الإجبارية واجبة التنفيذ، إلا إنه وفي المقابل نجد جهات لا تبالي بأن تكون عقودها أشبه بعقود الإذعان من جانب واحد أو كما يقال مكره أخاك لا بطل، ويحدث هذا عندما يجد المرء نفسه مضطرا للتوقيع على شروط التأمين وفي مجملها مجحفة وغير منصفة؛ وهنا نذهب للاعتقاد بأن حقوق المستهلك ما برحت بعيدة عن هذا المجال المنسي.
وقد يذهب البعض للاعتقاد بأن هكذا إجراءات قد تتسبب في ارتفاع أسعار التأمين إلى غير ذلك من مبررات، وهم بذلك يغفلون حقيقة أن السوق مفتوح على مصراعيه، ويحكمه قانونا العرض والطلب وبعيد تماما عن الاحتكار. كما أن المنافسة في تقديم الخدمات التأمينية الأفضل هي التي تحكم الأسعار .
فالأهمية تقتضي وضع شروط منصفة للجميع؛ المؤمن وشركة التأمين. كذلك وضع عقود وشروط واضحة موحدة لجميع شركات التأمين؛ وبمعنى أصح أن تتبنى شروط تلك العقود الجهة المختصة التي تندرج شركات التأمين تحت مظلتها.
فالذي شرع قوانين التأمين يبدو من طرف واحد ولم ينتبه بأن هناك حقوقا للمستهلك وربما هناك طرف ثالث سيكون متضررا يجب إنصافه حالا.
إن هذا الأمر يتطلب من الجهات المختصة كالهيئة العامة لسوق المال وهيئة حماية المستهلك والجمعيات المختصة أن تراجع هذه الأطر وصولا للعدالة التي أمر بها الله عز وجل في محكم كتابه.
نأمل أن تتم مراجعة قوانين التأمين ومواد تعويض أصحاب المركبات الذين لم يتسببوا في الحادث المروري وكانوا طرفا فيه. إذ ليس من العدل في شيء أن نضيف إليهم هما ومشقة لم تكن أبدا في أذهانهم ولا في خاطرهم، وأولى خطوات الإنصاف هذه هو إلزامية شركات التأمين نصا بضرورة تخصيص سيارة بديلة وبنحو فوري للمتضرر غير المتسبب في الحادث على أن تكون مطابقة لمواصفات سيارته المعطوبة.
علي بن راشد المطاعني