أستغرب من المستغربين من هذه الخطوة التي تحدثت عنها منذ وقت طويل ولأكون أكثر تحديداً منذ عملية التطبيع الأولى التي تمت مع الكيان الصهيوني، وصفقة القرن وما تلا ذلك من أحداث تسير في هذا الركب، قلت حينها إن الجميع سيطبع بما في ذلك بلدي الكويت ولبنان وسوريا اللذين يحاربان الكيان الصهيوني منذ عقود، والمملكة العربية السعودية ليست استثناء، إنها هنا تتصرف كدولة ترعى مصالحها، ولا تتصرف بصفتها قائد للعالم الإسلامي.
الخطط السعودية وفق رؤية 2023، تتطلع إلى مستقبل واعد وشئنا أم أبينا بعض هذه المشاريع الكثيرة المشمولة في تلك الرؤية تمر عبر فلسطين خاصة حيفا، بالتالي، مسألة التطبيع أمر متوقع وشخصياً لم أتفاجأ، وهذا من الناحية السياسية.
أما من الناحية الدينية، فهذا الأمر برسم المنظمات الإسلامية والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وشيوخ المملكة والمسلمين عامةً في العالمين العربي والإسلامي، فمن يرتضي أن تُدنس الأرض الطاهرة هو شريك في قتل الفلسطينيين والإطباق عليهم، وفي هذه النقطة أنا متشائم جداً، لأنه كلما نتقدم خطوة، تعيدنا بعض قرارات الأنظمة العربية خطوات إلى الخلف، أما كيف ترتضي السلطة الفلسطينية هذا الأمر فهذا مبحث آخر، يبدو أن القضية يتم القضاء عليها لمحاولة العيش دون حروب ولو بشكلٍ مؤقت.
قد يقولون إن هذه الخطوة ستكون ممهورة بشروط معينة كوقف الاستيطان والتنازل عن بعض الأمور، لكن جميعنا يعلم أن الكيان الصهيوني منافق ولا يلتزم بأي وعد لا سابق ولا حالي ومن المؤكد أنه لن يكون لاحقاً.
في رايكم هل ستفضي المفاوضات الصهيونية – السعودية برعاية امريكية، الى انشاء مغاعل نووي سلمي، ام ان الحلم السعودي بامتلاك هكذا سلاح استراتيجي بمثابة شماعة سيستخدمها النظام لاسكات معارضيه واخمادها بالقوة ان لزم ذلك، وسيكون مصير فكرة مشروعه اشبه بالمشروع الليبي حبر على ورق
طموحات المملكة في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كبيرة جداً وربما أكبر منه من حيث حجمها على المستوى العالمي، وللمملكة حق في امتلاك سلاح نووي أسوة بالكيان الصهيوني نفسه وكذلك إيران، فمن يمتلك هذا النوع يعني أنه قوة سيحسب لها حساب، لكن أستبعد أن تسمح الولايات المتحدة وربيبتها على إنشاء مفاعل حتى وإن كان للأغراض السلمية، فلن تضع قنبلة نووية على مقربة من أراضيها، لأن دوام الحال من المحال، لكن سيتم الترويج لهذه الفكرة ولا نستبعد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية بهذا الخصوص لامتصاص غضب الشارع، لكن أن يتم تنفيذ هذا المشروع فمن المستبعد جداً، لذلك القول بأن مصيره ليس وفقاً للنموذج الليبي أو غيره، بل لأن الواقع هو كذلك، بالتالي، التطبيع هنا اقتصادي بحت لا صلة له لا بالمفاعلات ولا ما شابه ذلك.
واقعياً، نقر بأن هذا التطبيع إن حدث ستختلف الأمور كثيراً وسنكون أمام سيناريوهات أخطر من التطبيع ذاته وكل أملي ألا نرى شيئاً من ذلك، لكن بنظرة لا تفاؤل فيها كل المؤشرات تشير إلى ذلك.
المستشار/ عبدالعزيز بدر القطان.