آثار الحرب على الاقتصاد العالمي
لا شك أن الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل تؤدي إلى حالة كبيرة من القلق خوفًا من تفاقم هذه الأزمة نظرًا لما قد تلحقه من أضرار على الاقتصاد العالمي في حالة توسيع دائرة الحرب وعدم تمكن المجتمع الدولي من انهائها حيث تسببت هذه الحرب في رفع سعر برميل البترول بحوالي 20 دولارًا للبرميل الواحد وارتفعت أيضًا أسعار الغاز بنسبة تبلغ الثلث، والتأثيرات التي ستحدث بسبب ارتفاع أسعار الطاقة ستكون كارثية نظرًا لأنها ستؤدي إلى حدوث ارتفاع في معدلات التضخم العالمية مرة أخرى بعد أن كانت بدأت في الهبوط الفترة الماضية وتم السيطرة عليها إلى حد كبير، خاصةً أن الاقتصاد العالمي في محاولة للتعافي من آثار جائحة كورونا ثم تلتها الحرب الروسية الأوكرانية التي مازالت تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي أيضًا خاصةً في مجالي الحبوب والطاقة لأن روسيا أكبر مورد للغاز للقارة الأوروبية فإذا ارتفعت معدلات التضخم العالمي سيؤدي ذلك إلى عودة سياسة التشديد النقدي مرة أخرى في محاولة لاحتواء التضخم مما سيؤدي إلى الضغط على النمو الاقتصادي وسيؤثر بالتبعية على سلاسل الإمداد العالمية وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي ارتفعت بالفعل خلال الفترة الماضية وتأثر إيرادات الشركات الكبرى وتكبدها المزيد من الخسائر مما يشكل خطرًا أكبر على الاقتصاد العالمي.
ولا شك أن تأثيرات تلك الحرب تعتمد على مدى اتساع دائرة الصراع فإن لم يتم دخول أطراف أخرى فسيبقى محدودًا وبالتالي تأثيراته ستكون محدودة، ولكن اتسع واستمر فإن ذلك سيؤثر على أسعار الطاقة ويؤدي إلى ارتفاعها فمن الممكن في هذه الحالة إن يصل سعر برميل البترول إلى 150 دولار كما سيتجلى تأثير تلك الحرب على اقتصاديات دول منطقة الشرق الأوسط بسبب حالة عدم الاستقرار وستتأثر بشكل سلبي خاصةً الدول المعتمدة على السياحة وستتأثر الاستثمارات في تلك الدول نظرًا لخوف المستثمرين فكما هو معروف أن هناك قاعدة تقول أن رأس المال جبان حيث أن أصحاب رؤوس الأموال رغم أنهم يهدفون لزيادة ثرواتهم عن طريق استهداف فرص الاستثمار المتنوعة وفي مختلف النشاطات لكن يبقى الأهم عندهم هو المحافظة على رأس المال، وبالتالي فإن أي مستثمر سيتردد من الاستثمار في منطقة محفوفة بالصراع وفي ظل ارتفاع حالة عدم اليقين، ولكن على الجانب الأخر نأمل أن تنجح الدبلوماسية وأن يتحمل المجتمع الدولي مسئولياته في انهاء حالة الصراع الدائر وفي هذه الحالة سيتم تلافي الآثار الاقتصادية السلبية التي يمكن تحدث ويتم تجنيب الاقتصاد العالمي الآثار السلبية لتلك الحرب.
د. إسلام جمال الدين شوقي / خبير الاقتصاد وأسواق المال و عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي