كتب: خليفة البلوشي
تصوير: محمد المعولي
الرستاق دار المشتاق عشت فيها بعض من مراحل طفولتي، الرستاق ذات التاريخ العريق هي مسقط رأس ( أمي ) الغالية الله يرحمها ويغفرلها، فكانت حارة المحاضر الجميلة هي حارة أهلها وذويها، هذه الحارة التي أصبحت جزءٌ منا وفينا نزورها كل عام طوال العطلة الصيفية بالمدارس وفي كل المناسبات التي تخص الأقارب والأنساب بالرستاق، وتواصلت اللحظات الجميلة حين ساقني القدر بأن أتزوج من بلاد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ومن تلاه من الأئمة عبر التاريخ التليد ليبقى حبل التواصل مستمرًا حتى نهاية الحياة.
والحديث في هذا المقال والمقام عن حارة تقع في مركز الولاية إنها حارة المحاضر، حيث تتميز بموقعها الاستراتيجي بالقرب من قلعة الرستاق والسوق المعروف بسوق ( أبو ثمانية ) لتميزه بوجود ثمانية أبواب حولين السور المحيط به، أما اسم الحارة كما سمعت من بعض الأخوة استمد من كثرة الآبار بداخل البيوت ويأتي بمنطوق الماء الحاضر أي المتوفر في كل بيت، وأذكر من تلك البيوت بيت السدرة وبيت السوقمة وبيت العقد وبيت المسفول وبيت المشراق وغيرها من البيوت التي لم تسعفني الذاكرة لذكرها. ويوجد قبر يعرف بأسم قبر الشعيلي، ويوجد بالحارة تنور للشواء ويسموه الأهالي بالحصان وهو من أشهر التنانير بالولاية من حيث العرض والعمق ويتوارثه الأهالي منذ مئات السنين وكانت تتشارك فيه أكثر من حارة من الحارات المتجاورة في هذا التنور أيام الأعياد، وله حكايات وقصص عجيبة وغريبة، كما توجد بالحارة في العهد السابق مدرستان لتعليم القرآن الكريم واحدة في بيت المشراق والثانية في بيت المسفول.. ومع بزوغ النهضة المباركة تم فتح المدارس الجديدة وتشرف أهالي هذه الحارة بأن يحملوا أول مشاعل العلم الحديث على مستوى ولاية الرستاق وسميت بمدرسة ناصر بن مرشد الابتدائية، كما لا يفوتني ذِكر ذلك البرج الذي مازال صامدًا رغم التغيرات المناخية والعوامل الطبيعية إلا أنه مازال يحافظ على شموخه، وهناك مسجد المحاضر ومسجد الحرث ومسجد الصبارة هي معالم دينية جديرة بالذكر.
وخلال وجودي بحارة المحاضر وأنا في سن الطفولة والشباب أتابع الأهالي وهم يمارسون زراعة النخيل والبقوليات والمانجو ( الأمبا ) والليمون، ويمارسون أيضًا مهنة دباغة الجلود وصناعة الخناجر والسيوف والمحازم والفضيات وغيرها من المهن .. وفي الجانب الرياضي يوجد ملعب فريق المحاضر الترابي وكان لي الشرف بممارسة هوايتي المفضلة ( لعبة كرة القدم ) بذلك الملعب.
هذا شيء قليل من كثير في ذكر ما تتميز وتمتاز به هذه الحارة الجميلة من مقومات سياحية وموروثات تراثية يفوح منها عبق الزمان والمكان بولاية الرستاق بلاد العراقة والتاريخ القديم.