الإنسان بإيجابيته وفطرته يميل للتنافس المحمود لنيل الخير المنشود، مصداقًا لقوله تعالى (وفي ذلك فليتنافسِ المتنافسون).
إلا أن الحياة وأشكالها وأحوالها، والأحداث وغرابتها، والعقول وتفكيرها، والنفوس ومزاجها، والتحديات واعتراضاتها، فأنا وأنتَ ونحن وهُم نعيش واقع التحديات والتي تعترضنا من مرحلة إلى مرحلة، ومن لحظة للحظة، كأنها رسالة لنا لمزيد من الانفتاح والوعي والنضج، لتخرج أجمل ما فينا وما عندنا، ونستحق ما نحصل عليه من خير.
دوائر كثيرة تمر علينا فلم أتعجب وأستغرب إلا من دائرة “التحدي” نعم في دائرة التحديات وعندما نكون في قاعها، ربما لا تكون الرؤية صافية وواضحة، فنغضب ونرفع درجات الضغط ونسخط، ونجتهد، فنصيب ونخطئ أحياناً، وأحياناً أخرى نعمل لكننا لا نصل إلى ما نريد، فنقع في فخ الإندفاع والفكرة السلبية التي نتوهم فيها إن كل شيء يتآمر علينا أو إن حظنا سيئ، أو نسقط هذا الإخفاق والوقوع على الظروف والأشخاص، ونجعل كلمة “صعوبات الحياة” عنوانًا في مخيلتنا وعقولنا، يحجب الرؤية والبصر والبصيرة في اتخاذ القرارات الصائبة، ويبعد عنا شجاعة المثابرة والعزيمة والإصرار، للأسف البعض يعتقد بأن الشجاعة في سرعة ردة الفعل أو سرعة اتخاذ القرار، ما يجعل الكثير منا يندم قبل أن يدرك سبب هذا الإخفاق، وما رسالته لنا كي نتعلم منه؟، الجميل أن كل واحد منا سيصل حتمًا إلى الشيء الذي يستحقه، ليس بالضرورة وصولنا إلى ما نرغب به، فربما في تدبير الله -جل جلاله- هناك أفضل من الأهداف والأماني التي وضعناها، والأكيد أننا سندرك لا محال، لماذا تعرضنا لهذه التحديات؟ حتمًا سنجد ما يزيل الهم والاستسلام عندما ندرك أن ما مررنا به من تجربة أو إخفاق كان أحد العوامل الذي ساعدنا لنكون أقوى وأنضج من قبل، وهناك أشياء تساعدنا على النظر في المعنى العميق للأحداث من حولنا، وندرك أن الله لا يغلق بابًا إلا ويفتح بابًا آخر، فهو الفاتح وهو الرازق، مايزيد إدراكنا ووعينا بأن ما على الإنسان إلا أن يجتهد ويعمل وكل شيء في تدبير الخالق عز وجل، بالتالي نكون قد خرجنا من المعنى الضيق لحولنا وضعفنا إلى حولَ وقوة الله، بعد ذلك لا نخاف ولا نحزن من تحديات الحياة وتحديات البشر، بل ستكون معينًا لنا على فهم أوسع ووعي أشمل وأكبر.
خليفة البلوشي