في إطار تطبيق قوانين العمل، يهدف التشريع إلى حماية حقوق العمال وضمان ظروف عملٍ عادلة وآمنة لهم، ومن بين الأنماط المختلفة للعمل التي ينظمها القانون هو العمل العرضي، الذي يشكل جزءاً مهماً من التنظيم القانوني لسوق العمل، ويتمتع العمل العرضي بخصائصه الخاصة التي تميزه عن العمل الدائم، حيث يتم تنفيذه لفترة مؤقتة ولغرض معين، وغالباً ما يكون لمدة تتجاوز نادراً ما تزيد عن أربعة أشهر، ورغم أهمية العمل العرضي في سياق الاقتصاد والعمل، إلا أنه يختلف عن العمل الدائم فيما يتعلق بالحقوق والضمانات المتاحة للعاملين.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي قوانين العمل عادة على تدابير وأحكام تنظم العمل العرضي وتحمي حقوق العمال القائمين به، وتوفر إطاراً قانونياً يضمن لهم الحماية اللازمة خلال فترة تنفيذ هذا النوع من العمل، وبالرغم من أن العمل العرضي يقدم فرصاً للعمال للمشاركة في أنشطة مؤقتة ومتنوعة، إلا أن التشريعات العمالية تهدف أيضاً إلى ضمان أن العمال في هذا النوع من العمل يحصلون على حماية كافية وعدالة متساوية مثل زملائهم العاملين بشكل دائم.
بالتالي، إن قانون العمل لا ينطبق على العمل العرضي، الذي يتميز بطبيعته المختلفة عن العمل الأصلي الذي يقوم به صاحب العمل، حيث يتسم العمل العرضي بالطابع الطارئ حيث يستمر لمدة لا تتجاوز عادة أربعة أشهر، بموجب هذا، فإن العامل العرضي لا يحظى بالحقوق والضمانات الموجودة في قانون العمل، مما يجعل وضعه يختلف عن العمال الذين يعملون بشكل دائم أو دوري.
كما أن العمل العرضي يختلف تماماً عن النشاط الأساسي الذي يقوم به المشروع التجاري لصاحب العمل، حيث يمكن أن يكون هذا العمل العرضي متعلقاً بأنشطة مختلفة، مثل استقدام العمال لتركيب معدات أو إقامة هياكل جديدة، في حين أن نشاط صاحب العمل الأصلي قد يكون مختلفاً تماماً مثل إنتاج المواد البلاستيكية على سبيل المثال لا الحصر، بالتالي، يتم تنفيذ هذا العمل العرضي بصفة مؤقتة ومرة واحدة، بمعنى أنه ليس جزءاً من النشاط الروتيني الدائم للعمل، كما تتفق قوانين العمل في العديد من الدول على تحديد مدد معينة لهذا النوع من العمل للتمييز بينه وبين العمل الدائم، على سبيل المثال، قد تحدد بعض القوانين مدة ستة أشهر كحد أقصى، في حين تقتصر بعضها على ثلاثة أشهر فقط، وهناك قوانين تحدد مدة العمل العرضي بأربعة أشهر في ببعض الدول.
وعندما يتجاوز العمل العرضي المدة المحددة، فإنه يصبح عملًا دائماً ويتمتع العامل فيه بالحقوق والضمانات المكفولة بقانون العمل، هذا يعكس حاجة صاحب العمل لهذا النوع من العمل بشكل مستمر، حيث أن مدة إنجاز العمل العرضي تقتصر عادة على أربعة أشهر فقط، أما إذا استمر العمل لفترة أطول، فإن ذلك يشير إلى ضرورة استمراريته وبالتالي يتم معالجته بموجب قوانين العمل المعمول بها.
بالتالي، إن العمل العرضي يمثل الأنشطة التي لا تتناسب مباشرة مع نشاط المشروع التجاري الأساسي الذي يديره صاحب العمل، كما أن مدة تنفيذه لا تتجاوز عادة أربعة أشهر، كما ذكر في الجزء السابق، ولفهم النطاق الكامل لتعريف العمل العرضي، من الضروري أن نلقي نظرة على تعريف العامل ضمن قوانين العمل:
تعرف قوانين العامل على أن كل من يعمل لدى صاحب العمل، سواء كان تحت إشرافه المباشر أو بعيداً عن نظره، مقابل أجر وفق عقد مكتوب أو غير مكتوب، هذا التعريف يشمل الجنسين وجميع الأعمار، بما في ذلك الأشخاص الذين يخضعون للتدريب أو التجربة، ومن الواضح أن العامل العرضي يتناسب مع هذا التعريف بالنسبة لوظيفته تحت إشراف وإدارة صاحب العمل، وبتبادل مادي بمقابل عمله.
ومع ذلك، هناك عدة علامات تميز العامل العرضي عن العامل الدائم، وأبرزها أن مدة عمل العامل العرضي لا تزيد عادة عن أربعة أشهر، وبالتالي فإنه لا يحصل على نفس الحقوق والواجبات المنصوص عليها للعمال الدائمين في قوانين العمل، وهذا يعني أن حقوقه وواجباته تختلف تبعاً لطبيعة العمل العرضي، وتعتمد على الاتفاقات المحددة بين الطرفين.
وبالتالي، يتضح أن العامل العرضي ليس مشمولاً بالحقوق والضمانات التي تنص عليها قوانين العمل، ولا يمكن له المطالبة بالامتيازات التي تتمتع بها العمال الدائمون لدى صاحب العمل، يأتي هذا الاستثناء تأكيداً على عدم سريان قوانين العمل على العمل العرضي، حيث أن المادة القانونية من قانون العمل تنص بوضوح على أن القانون لا ينطبق على الفئات التي تقوم بأعمال عرضية. هذا يعني أن العمل العرضي، وبموجب هذه الفقرة من القانون، ليس مشمولاً بالتشريعات المنصوص عليها في قانون العمل.
وهذا يعني من الناحية القانونية: العمل العرضي، وفقاً لقانون العمل، يتميز بعدة خصائص تميزه عن العمل الدائم المشمول بأحكام القانون:
أولاً، يعتبر العمل العرضي غير متجدد، حيث لا يزيد عادة عن مدة محددة لا تتجاوز عادة أربعة أشهر؛
ثانياً، العمل العرضي يكون طارئاً وغير دائم، حيث يتم تنفيذه لغرض معين ولفترة محددة؛
ثالثاً، العامل العرضي لا يتمتع بنفس الحقوق والضمانات المخولة للعمال الدائمين والتي تنص عليها قوانين العمل، مما يجعل وضعه يختلف عن العمال الذين يعملون بشكل دائم؛
رابعاً وأخيراً، لا يسري قانون العمل على العمل العرضي بموجب المادة المنصوص عليها في القانون، مما يعني أن العمل العرضي ليس مشمولاً بنفس الإطار التنظيمي القانوني الذي ينطبق على العمل الدائم.
في الختام، يعتبر دور المحامين حيوياً في حماية حقوق العاملين وضمان تطبيق قوانين العمل بشكل عادل ومنصف، فهم يمثلون العمال في المحاكم والمفاوضات مع أرباب العمل، ويسعون لتحقيق العدالة وتطبيق القوانين التي تحمي حقوقهم، حيث يقوم المحامون بتوجيه العمال بشأن حقوقهم والخطوات التي يمكنهم اتخاذها في حالة حدوث انتهاكات لهذه الحقوق، كما يعملون على مراجعة العقود والاتفاقيات العمالية لضمان توافقها مع التشريعات العمالية وحماية مصالح عملاءهم.
بالتالي، يلعب المحامون دوراً مهماً في تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التوازن بين حقوق العمال واحتياجات أصحاب العمل.
عبدالعزيز بن بدر القطان / مستشار قانوني – الكويت.