إن قضية الدين العام من أهم القضايا التي لها تأثير مباشر على اقتصاديات الدول وعلى مستوى معيشة أبنائها ومستقبل الأجيال القادمة حيث تتطلب توفير الموارد اللازمة لذلك من ميزانيتها. ومن ثم فإنها تُشكل جزءًا مهمًا من إدارة الدين الحكومي والموازنة العامة وكيفية إدارة الاحتياطي من النقد الأجنبي، مع اعتبار أن الدين العام مصدرًا من مصادر الإيراد العام الذي تلجأ إليه الدول لتمويل نفقاتها العامة عندما تعجز عن توفير إيرادات أخرى ولا سيما من الضرائب، فتقترض من أفراد أو من هيئات محلية أو دولية أو دول أجنبية.
وإذا كان الواقع يشير إلى أن أغلب دول العالم تلجأ اليوم وعلى نطاق واسع إلى الدين العام من أجل تغطية عجز موازناتها العامة، فينبغي أن نلجأ إليه بما يحقق الآثار الحميدة على توزيع الدخل القومي، ذك أن الدين العام هو مال يُقترض من الأفراد أو المؤسسات المالية الخاصة أو العامة الوطنية منها أو الدولية أو من الدول الأخرى، بموجب اتفاق يستند في أساس مشروعيته إلى قاعدة قانونية صادرة عن السلطة التشريعية يضمن رده بفائدة وفقًا لشروط الاتفاق.
وتعاني مصر في واقعنا المعاصر، من إفراط ملحوظ في الاقتراض المحلي والخارجي، في ظل أزمة اقتصادية ملحوظة، من ضعف في المدخرات والاستثمارات، وارتفاع سعر الدولار، وعجز متنامي في الموازنة، وعجز في ميزان المدفوعات بصفة عامة، وعجز متنامي في الميزان التجاري بصفة خاصة، مما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة وساهم في ضعف الإنتاج في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
لقد تحولت قضية الدين العام في مصر من مشكلة إلى أزمة مزمنة، ومع ذلك لم تزداد أزمة الدين العام المصري إلا اشتعالًا وتنامي هذا الدين بصورة تنذر بالخطر، وقد لا يسلم من لهيبها أحد، لذلك كان لابد من البحث عن وسيلة من أجل إنقاذ الموقف الراهن ومحاولة سداد الديون وبخاصةً الديون الخارجية نظرًا لما تلقيه من أعباء على الموازنة العامة للدولة من أقساط لسداد القروض وأعباء أخرى إضافية متمثلة في سداد فوائد القروض لذلك اقترح شهادات أو وثيقة في حب مصر فما هي؟!
شهادات أو وثيقة في حب مصر:
يتم إصدارها بالتعاون والتنسيق بين البنك المركزي المصري ووزارة المالية المصرية وهي عبارة عن وثيقة أو شهادة يتم إصدارها في مقابل ديون مصر الخارجية دون استرداد لقيمتها وهي بمثابة تبرع لسداد الديون وهي شهادات طوعية وليست إلزامية، لمساعدة مصر في تجاوز أزمة الديون وفي المقابل تقديرًا من جانب مصر وعرفانًا برد الجميل للأفراد الذين قاموا بشرائها يتم الحصول على بعض المزايا فعلى سبيل المثال وليس الحصر يتم الدخول في سحب على جائزة نقدية أو عينية أو كالإعفاءات من سداد بعض الرسوم الخاصة بالخدمات وغيرها. إلخ، ويمكن إنشاء منصة أو بوابة الكترونية أو تطبيق تكون مهمته اظهار القيمة الاجمالية للدين ويتيح إمكانية الشراء، وقيمة الشراء الفعلية، والقيمة المتبقية من الدين حتى يتم الشراء ويتم تحقيق الهدف الأساسي من هذه الشهادات وهي سداد ديون مصر الخارجية.
أهمية شهادات أو وثيقة في حب مصر:
تعتبر شهادة أو وثيقة في حب مصر بمثابة قناة تمويلية للدولة المصرية من خلال تعبئة وحشد المدخرات من المواطنين المصريين والدول الصديقة المحبة لمصر ويتم شراءها من خلال البنوك الحكومية أو الخاصة وتيسيرًا على المواطنين يقترح بعمل بوابة الكترونية للشراء أونلاين عن طريق خدمة الانترنت بحيث يكون تركيزها الرئيسي منصب على سداد ديون مصر الخارجية وتصب في صالح الاقتصاد الوطني، ويتم اللجوء إلى هذه الشهادة لسداد الدين الخارجي الذي يمثل عبء كبير على موازنة الدولة المصرية والتي دائمًا بها نسبة خلل كبير في جانب المصروفات في مقابلة جانب الإيرادات، حيث دائمًا يكون جانب المصروفات مرتفع بسبب تكلفة سداد القروض وفوائد القروض، من ناحية أخرى تشجع هذه الوثيقة أو الشهادة على تفعيل وتحفيز الحس الوطني لدى المواطنين، من خلال حثهم على الشراء مقابل الحصول على بعض المزايا عرفانًا وتقديرًا لدورهم في الوقوف إلى جانب بلدهم، بالتالي فهي فرصة جيدة لحشد التمويل اللازم بقيم متفاوتة تتناسب مع أحجام المدخرات المختلفة.
من هم المستهدفين لشراء شهادة أو وثيقة في حب مصر:
المواطنين المصريين- المصريين العاملين في الخارج – الأجانب العاملين في مصر – السائحين المحبين لمصر – الدول العربية أو الأجنبية الصديقة.
وفي نهاية الأمر فإني أوجه الدعوة إلى جميع المصريين للمشاركة في هذا التصور المقترح من خلال دعم فكرة طرح شهادات ” في حب مصر”، حيث إن شهادات ” في حب مصر” تمثل فرصة حقيقية للمشاركة في دعم الاقتصاد الوطني المصري وتخفيف أعباء الدين العام.
د. إسلام جمال الدين شوقي – عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي