قرار محكمة العدلِ الدوليَّة، الَّذي يأمر الكيان الصهيوني المُجرِم بالوقفِ الفوريِّ لعمليَّاته في رفح، قابلَه تمرُّدٌ صهيوني وعدم الانصياع للقانونِ الدولي والاستمرار في مجازره ضدَّ المدَنيِّين الأبرياء العُزَّل في قِطاع غزَّة وفي عموم الأراضي الفلسطينيَّة، وليست المرَّة الأولى الَّتي تصدر المؤسَّسات الدوليَّة قرارات لا يكترث بها هذا الكيان الشيطاني المُتمادي على الأُسرة الدوليَّة وعلى القوانين الإنسانيَّة الدوليَّة. قَبل أيَّام أصدرت المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة أوامرها باعتقال مُجرِمي الحرب الصَّهاينة والَّتي قوبلت باستهزاءٍ وتمرُّد وتنمُّر من قِبل كيان الاحتلال على المنظَّمة الدوليَّة واصفةً هذه القرارات الدوليَّة بأوصاف مسيئة، ولا غرابة في سلوكيَّات الصَّهاينة. فالتَّاريخ الإجرامي لبني «إسرائيل» منذُ خرجوا من مصر وانحرافهم عن الحقِّ، وجرائمهم طوال التاريخ ومكائدهم في مختلف الأرجاء الَّتي وجدوا فيها، وأخيرًا مشاهد الإجرام والمذابح الَّتي ارتكبت في فلسطين منذ عام 1948م وحتَّى اليوم وعمليَّات التَّعذيب والاحتلال والاغتيال والفساد في الأرض كُلِّها تؤكِّد مستوى الجحود والطغيان والعدوان الَّتي تجذَّرت في هذه الفئة من البَشر، فلينتظروا ما هُمْ منتظرون، فالوعد الإلهي يقترب كما جاء في مُحكم آيات القرآن الكريم: «فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوَّل مرَّة وليتبِّروا ما علَوا تتبيرا» صدق الله العظيم. ومعركة طوفان الأقصى وقَبلها سيف القدس وكُلُّ المواجهات الأخيرة مع العدوِّ الصهيوني تُثبت فشل العدوان، وتؤكِّد حقائق النَّصر والتَّمكين، وما النَّصر إلَّا من عند الله القوي العزيز.
كم من القرارات الدوليَّة وأبرزها القرار (242) الَّذي تجاهل تنفيذه الكيان الصهيوني، وكذلك في العدوان الأخير رفعت أميركا الفيتو معترضةً على مشاريع قرارات وقف لإطلاق النَّار، ثمَّ القرار الأخير بوقفِ إطلاق النَّار والَّذي لم يُنفَّذ ولم يمتلك الآليَّة لتنفيذِه، وهكذا كان قرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المُتَّحدة، وكأنَّ ما يُسمَّى «إسرائيل» فوق القانون ورغم أنف العالَم يؤكِّد أنَّ القانون الدولي لا ينطبق عليه، وبالتَّالي هي تعيث في الأرض الفساد؟! فلا يُمكِن أن يسُودَ هذا النَّمط الفاشي للنِّظام العالَمي، وهنا لم يتبقَّ لمنظَّمة الأُمم المُتَّحدة أيُّ دَوْر أو ضرورة للبقاء، وعلى العالَم الحُر البحث عن نظام عالَمي يستطيع حماية الأمن والسِّلم الدوليَّين. في ظلِّ هذا التمرُّد والانفلات الصهيوني والتَّمادي على الشرعيَّة الدوليَّة والقانون الدولي، وعدم قدرة المؤسَّسة الدوليَّة على إحلال الأمن والسِّلم الدوليَّين، وهما أبرز ركيزتيْنِ يقوم عليهما النِّظام الدولي، ينبغي أن يحدثَ تحرُّك دولي فاعل لإيجاد مظلَّة دوليَّة غير خاضعة للإرادة الأميركيَّة، وتأسيس تكتُّل عالَمي رافض لهذا التمرُّد الصهيوني الهمجي المدعوم من قِبل قوى تقدِّم نَفْسَها أنَّها المعنيَّة بالقانون وتطبيق العدالة، وهناك دوَل كبرى ما زالت تدعم الكيان المُجرِم فيما لا تملك الشَّجاعة الذاتيَّة والقِيَم الأخلاقيَّة لمنعِ ما يتعرض له الأبرباء في فلسطين، وفي قِطاع غزَّة على وَجْه الخصوص؟! فلا يُمكِن أن يتابعَ العالَم هذا التَّمادي الصهيوني وانتهاكاته الخطيرة ضدَّ الإنسانيَّة في ظلَّ صمْتِ دولي يزيد من حجمِ المعاناة ودُونَ أيِّ تغيير، وبالتَّالي طالما لم يتمكَّن القانون الدولي من لجْمِ هذا الطاغوت الصهيوـ أميركي فهذا يُعَدُّ أكبر فشل تتعرض له المنظَّمة الدوليَّة، وهو كفيل بتفكير دوَل العالَم الحُر للبحثِ عن حلول وآليَّات تضْمَن السَّلام والأمن الدوليَّين.
خميس بن عبيد القطيفي