منطقة الوادي الكبير بمحافظة مسقط كباقي مناطق السلطنة عنوان للتعايش والسلام والامان والهدوء ، لقد عشت في هذه المنطقة لسنوات بحكم عملي السابق ولنا كما للعديد من المواطنين والمقيمين ذكريات في صناعيتها المعروفة على مستوى المحافظة وفي حديقتها وشوارعها وعمارتها القديمة والجديدة وفي مساجدها ومدارسها ولقد عايشنا تطور المنطقة بشوارعها ومرافقها وجسورها ومراكزها التجارية وفنادقها والشركات والمؤسسات التي تقدم اعمالها المختلفة انطلاقا من هذه المنطقة ، ولكن ماحدث الاسبوع الماضي جعل المجتمع العماني بكل اطيافة ومكوناته في حالة صدمة شديدة غير مصدقين ماحدث وكيف حدث ؟! ومن اجل من حدث ؟! ليس نحن من عايش لحظة الصدمة فقط وانما كل محب يعرف سلطنة عمان وطبيعة واخلاق شعبها وتركيبة مجتمعها انصدم بوقوع هذه الحادثة والتي لن ادخل في تفاصيلها لانها اصبحت معروفة للجميع وانما سأتحدث واركز في مقالي على الاهم من وجهة نظري فهناك رسائل ودروس يجب ان نقف امامها ونقيم ونحلل ماحدث حتى لايتكرر هذا المشهد المؤلم مرة اخرى لاقدر الله .
اولى هذه الرسائل المهمة موجه للاجهزة الامنية بمختلف تشكيلاتها وفي هذه الرسالة لن اتحدث او اشرح كثيرا فنحن كعمانيين وطوال نهضتنا العمانية المباركة تعززت فينا ثقة كبيرة بهذه الاجهزة وانها ستقوم بواجبها خلال المرحلة المقبلة كلا حسب اختصاصة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوداث او غيرها فعمان ارض الامان والسلام وستبقى كذلك للابد ، اما الرسالة الثانية فهي موجهة للمسؤولين في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية فعليهم القيام بمراجعة شاملة للخطاب الديني ومجالات التوعية الدينية وتوضيح الرسالة السامية العمانية فيما يخص مفهوم التعايش السلمي وتجديد التعريف بالقيم والمبادئ الاسلامية والعمانية من خلال الاستعانة باساتذة الفقة الاسلامي واهل الثقة ومراقبة كل مايتم طرحة في هذا الجانب والرد بالبينة والتوضيح السليم المبني بالادلة والبراهين الصحيحة والشرعية وان لاتترك الامور كما هو الحال حاليا مع اعطاء الاهمية لدور المساجد وتفعيل هذا الدور في المرحلة المقبلة باسلوب حضاري مبني على العلم والمعرفة وهذا لن يتحقق الا من خلال وجود كوادر مؤهلة تشرف على هذه المساجد لما لها من اهمية كبرى فعلى وزارة الاوقاف دور كبير واساسي خلال المرحلة المقبلة ومكمل ايضا لادوار المؤسسات الاخرى ، الرسالة الثالثة عبارة عن اسئلة موجه للقائمين على ادارة المؤسسات التعليمية من مدارس وكليات وجامعات ومعاهد متخصصة وغيرها من المؤسسات التعليمية اين انتم مما يحدث في المجتمع ؟ هل تقومون بواجبهم ومسؤولياتكم في تربية اولادنا واخواننا من الطلبة والطالبات ؟ ماذا قدمتم من برامج ومبادرات تهدف الى تربية جيل المستقبل وحمايته من الفيروسات الخارجية ؟ هل تقومون بدوركم في توعية وتثقيف طلبتكم من الافكار والتحديات المختلفة ؟ هل سيكون لكم ردة فعل لما حدث في الوادي الكبير او ان هذه الحادثة وتداعياتها لاتعنيكم في شي ؟ اترك اجابة هذه الاسئلة وغيرها للقائمين على هذا القطاع وعلى كل مسؤول في مؤسسة تعليمية ، اما الرسالة الرابعة للمسؤولين في وزارة الاعلام وكل من ينتسب لهذا القطاع من جهات حكومية وخاصة فعليهم ايضا دور كبير ومهم بحيث يتم تفعيل هذا الدور ليواكب التطورات الاعلامية الحديثة والتحديات المختلفة على كافة المستويات واستثمار الامكانيات الفكرية المبدعة التي لدى الشباب العماني لخدمة القضايا المجتمعية وتفعيل دور الفن بمختلف انواعه عبر وسائل الاعلام المختلفة حتى يقوم بدوره بالشكل الصحيح والايجابي وكذلك هناك دور مهم يقع على عاتق وزارة الاعلام في مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والتي للاسف تبث وتنشر العديد من الافكار والمشاهد السلبية عن مجتمعنا وتقوم بتسويق افكار ومعتقدات تؤجج المجتمع فالوزارة معنية بهذه الجوانب وعليها دور مهم وكبير للتصدي والحد من ماينشر من رسائل وافكار هادمة ولقد تابعنا في احداث مختلفة ومن بينها حادثة الوادي الكبير الاخيرة كيف كان لوسائل ومواقع التواصل الاجتماعي دور في نشر معلومات وافكار خاطئة دون ان يكون هناك اي تدخل من اي جهة لتصدي لهذا الفيروس الخطير ، ومن الرسائل المهمة التي يجب توجيها لافراد المجتمع العماني كافة وللاسرة العمانية خاصة بان عليهم مسؤولية كبرى فكلنا جنود لعمان ونحن الخط الاول للتصدي لمثل هذه الافكار فالاب والام عليهم مسؤولية في تربية ومتابعة اولادهم والحرص على تنشئتهم النشأة الصالحة المبنية على حب عمان وعلى المبادي والقيم الاسلامية وتقبل الاخر وتعزيز التعايش السلمي بين اطياف المجتمع والحرص على الجلوس مع اولادهم ومناقشتهم في امور الحياة ومعرفة توجاتهم وافكارهم بكل شفافية وحرية .
في الختام بلاشك هناك رسائل اخرى يمكن الوقوف امامها ولكن مانحب التأكيد عليه ان عمان ستبقى شامخة وخالدة ومتماسكة برجالها ونسائها وشبابها الاوفياء وستواصل عمان دورها البارز على مستوى العالم كدولة حب وسلام وامان ونموذج يحتذى به في التعايش السلمي و محفوظة برعاية الله عزوجل ودعاء المخلصين لها حفظ الله عمان وشعبها وسلطانها من كل مكروه .
عيسى المسعودي