لقد أتيحت لي فرصة استثنائية لحضور دورة تدريبية خارج البلاد، حلم طالما راودني وأمل سعيت لتحقيقه منذ فترة طويلة. بدأت القصة عندما تلقيت اتصالاً هاتفياً وبريداً إلكترونياً من قسم التدريب يبلغني بقبولي في دورة ستعقد في الخارج. لم تكن هذه الدورة مجرد حدث عادي، بل كانت بمثابة نقلة نوعية في مساري المهني، مما جعلني أشعر بمزيج من الحماس والتوتر في آن واحد. فالسفر إلى بلد جديد يعني مواجهة تحديات غير مألوفة والابتعاد عن الأهل والأصدقاء.
بدأت تحضيراتي لهذه الرحلة بالتأكد من صلاحية جواز السفر والحصول على التأشيرة المطلوبة. فعندما جاء يوم المغادرة، كنت مشحونة بمشاعر متضاربة، وعند وصولي إلى المطار، شعرت بموجة من القلق الذي سرعان ما تحول إلى حماس عند صعودي إلى الطائرة وبدء الرحلة، إذ كانت الوجهة بلداً معروفاً بثقافته ومعالمه السياحية الرائعة.
وصلت إلى مطار ميلان في الصباح الباكر، واستقبلتني الأجواء الممطرة ودرجة حرارة تتراوح بين 13 و23 درجة مئوية، ومن بين المواقف الطريفة التي واجهتها كانت عند التوجه إلى السكن، حيث توقفت الحافلة في محطة غير محطتي المقصودة بسبب قلة معرفتي باللغة الإيطالية، وكان السائق يتذمر بين الحين والآخر بلغته الأم.
في البداية، واجهت صعوبات في فهم التعليمات والتوجيهات، ولكن مع مرور الوقت بدأت أتعرف على زملائي من مختلف الفروع. رغم أن تواصلي معهم كان في البداية عبر الهاتف فقط، إلا أنني وجدت فيهم نعم الزملاء في الغربة. كنا كفريق واحد، ولفت انتباهي تواضعهم واهتمامهم رغم مناصبهم الإدارية الرفيعة، مما جعلني لا أشعر بالوحدة أو الغربة.
خلال الفترة التي قضيتها في إيطاليا، تعرفت على أشخاص من مختلف الجنسيات. كانت هذه التجربة من أروع التجارب التي مررت بها، ليس فقط على الصعيد المهني بل على الصعيد الشخصي أيضاً. اكتشفت ثقافة إيطاليا وجمالها، تذوقت بعض المأكولات واستكشفت المعالم السياحية الرائعة. إيطاليا كانت من أجمل الوجهات بفضل طبيعتها الخلابة وتاريخها العريق وثقافتها الغنية وشوارعها النظيفة المعبدة بالحجارة القديمة. إنها تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ والثقافة، مما يجعلها من الوجهات الأكثر روعة.
كذلك تحديت العديد من الصعوبات، أبرزها اللغة الإيطالية، إذ كان من الصعب التفاهم مع أصحاب سيارات الأجرة الذين لا يتحدثون الإنجليزية. كنت أمارس الإنجليزية فقط أثناء الدورة التدريبية. وعند تقديمي للعرض، تخوفت من النقاشات التي ستلي عرضي بسبب اعتقادي أن لغتي الإنجليزية لن تكون بمستوى الآخرين، ولكنني كنت مخطئة. كانت هذه التجربة فريدة من نوعها وساعدتني على اكتساب مهارات جديدة. يرجع الفضل إلى الله ثم إلى شخص كان يساندني ويدعمني طوال أيام سفري، وكان يقول لي دائماً إنني قادرة على مواجهة هذا التحدي.
ومن الفوائد المكتسبة، كانت الدورة مثيرة وطورت مهاراتي مثل القدرة على التكيف والتعلم من التحديات، وكيفية التواصل والتعاون مع أشخاص مختلفين. في النهاية، أتمنى من أي شخص تأتيه فرصة كهذه ألا يتردد، فالفرص لا تتكرر إلا لأننا نستحقها. توقيتها مقدر لاكتشاف الذات وتطوير المهارات الشخصية والثقافية والإبداعية. ستبقى هذه التجربة والذكريات خالدة في ذاكرتي إلى الأبد.
إن الحياة مليئة بالفرص التي قد تغير مسارنا بالكامل، وكل ما نحتاج إليه هو الشجاعة لاقتناصها والثقة في قدراتنا. كانت تجربتي في إيطاليا بمثابة رحلة لاكتشاف الذات وتطوير المهارات، ودرساً في كيفية التكيف مع التحديات والتواصل مع ثقافات متنوعة. هذه الذكريات ستظل محفورة في ذاكرتي، تلهمني وتدفعني نحو مزيد من الإنجازات والنجاحات المستقبلية.
عائشة بنت محمد الكندية