إن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعد أعظم المعجزات الخالدة عبر الزمن، ويتميز القرآن الكريم بإعجازه المتعدد الأوجه، سواء على المستوى العلمي أو اللغوي، مما يجعله مصدراً للإلهام والدراسة لكل من العلماء والمفكرين.
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم هو الجانب الذي يتجلى من خلال توافق النصوص القرآنية مع الحقائق العلمية الحديثة. على مر العصور، فقد اكتشف العلماء العديد من الحقائق العلمية التي تتوافق بشكل مذهل مع ما ورد في القرآن الكريم قبل أكثر من 1400 سنة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك قول الله تبارك وتعالى في سورة الأنبياء:
“أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” (الأنبياء: 30)، هذه الآية تتحدث عن نشأة الكون بطريقة تتوافق مع نظرية الانفجار العظيم، والتي تفترض أن الكون كان في حالة كثافة وحرارة عالية جداً قبل أن ينفجر ويتوسع.
الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم
أما الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم، فهو يتجلى في البلاغة والفصاحة والبيان الذي يعجز البشر عن محاكاته، وقد تحدى القرآن الكريم العرب بفصاحتهم وبلاغتهم في أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، بل حتى بسورة واحدة، كما جاء في قوله تبارك وتعالى: “قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا” (الإسراء: 88).
وقد أثنى العديد من العلماء والمفكرين المسلمين على الإعجاز القرآني، ومنهم الإمام الشافعي الذي قال: “ما من أحدٍ خَلّفَ كتاباً في العلم إلا واحتاج إلى كتاب سواه، والقرآن لا يُحتاج إلى غيره”، وكذلك قال الإمام الزمخشري في تفسيره “الكشاف” عن الإعجاز اللغوي: “القرآن معجز بأسلوبه، معجز ببلاغته، معجز بفصاحته، ومعجز بنظمه”.
بالتالي، إن التأمل في الإعجاز العلمي واللغوي في القرآن الكريم يفتح آفاقاً واسعة للفهم والإيمان، فكلما تقدم العلم، زادت الأدلة على أن هذا الكتاب العظيم هو من عند الله تبارك وتعالى، والقرآن الكريم، بتنوع إعجازاته، يبقى مصدراً لا ينضب للإلهام والدراسة، يدعو البشرية إلى التفكر والتدبر في آياته الباهرة، وانطلاقاً من ذلك، نستكمل تفسير ما تيسر من سورة النمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ.
في الآية 55 “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ”، في هذه الآية، يرى الطبري أن هذه الآية تتحدث عن إنكار لوط عليه السلام لفعل قومه الذين كانوا يأتون الرجال بشهوة دون النساء، وهو فعل منكر وجاهل يدل على فساد الأخلاق، أما ابن كثير فيفسر الآية بأنها تعبير عن استنكار لوط عليه السلام لهذا الفعل القبيح والشنيع الذي يخالف الفطرة السليمة والتوجيهات الإلهية. ويشير إلى أن هذا الفعل كان من أبرز صفات قوم لوط، في حين أن تفسير المعاني لـ الآلوسي فيشرح أن هذه الآية تأتي لتوبيخ قوم لوط على فعلهم المشين، ويصفهم بالجهل لأنهم استبدلوا الفطرة السليمة والشهوة الحلال بالباطل والمنكر، أما الشيخ محمد متولي الشعراوي يركز على أن هذه الآية تبين مدى انحراف قوم لوط عن الفطرة السليمة التي خلقها الله، حيث فضلوا الشهوة المحرمة على العلاقات الطبيعية التي شرعها الله، و سيد قطب يفسر الآية بأنها تعبير عن فساد الأخلاق والانحراف عن الفطرة السليمة، ويعتبر هذا الفعل بمثابة خروج عن حدود الله وتعدي على شرعه.
وفي الآية 56 “فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”، يفسرها الإمام الطبري بأن قوم لوط لم يكن لديهم رد منطقي على تحذيرات لوط عليه السلام، فقرروا إخراجه ومن معه من القرية بحجة أنهم يتطهرون من الفساد الذي كانوا فيه، أما ابن كثير فيوضح أن قوم لوط لجأوا إلى التهديد بالطرد بدلاً من التصحيح، ويبرز أنهم اتهموا آل لوط بالتطهر كأنها جريمة، وهو قلب للحقائق، أما الآلوسي يفسر الآية بأن قوم لوط اعتبروا الطهر والاستقامة أموراً مزعجة وغير مقبولة، ولذلك أرادوا إخراج آل لوط من القري، والشعراوي: يرى أن قوم لوط استخدموا التهديد بالطرد كوسيلة للتخلص من الدعوة للحق، ويشير إلى أن هذا هو حال كل من يتحدى الفساد والطغيان، في حين أن سيد قطب يفسر الآية بأنها تعبير عن صراع بين الطهر والفساد، حيث لجأ أهل الفساد إلى استخدام القوة والتهديد للتخلص من صوت الحق.
وجاء في الآية 57 “فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ”، يوضح الطبري أن الله أنجى لوطاً وأهله المؤمنين إلا امرأته التي كانت من الغابرين، أي الباقين في العذاب، أما ابن كثير يفسر الآية بأن الله أنجى لوطاً وأهله إلا امرأته التي كانت متواطئة مع قومها في الفساد، فاستحقت العقاب معهم، والآلوسي يشرح أن الله أنجى لوطاً وأهله بفضل إيمانهم، واستثنى امرأته لأنها كانت على نفس الفساد الذي كان عليه قومها، في حين أن الشيخ الشعراوي يركز على أن الله يميز بين المؤمنين والفاسدين حتى ضمن العائلة الواحدة، وأن العقاب نزل على من يستحقه، وسيد قطب يفسر الآية بأنها تبين عدالة الله في الإنقاذ والعقاب، حيث أنجى المؤمنين وعاقب الفاسدين حتى لو كانوا من نفس العائلة.
والآية 58 “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ” الطبري يوضح أن الله أمطر على قوم لوط حجارة من سجيل، وكان ذلك عذاباً مروعاً للمذنبين، وابن كثير يفسر الآية بأن الله أمطر حجارة من سجيل على قوم لوط، وكان ذلك عذاباً عظيماً لمن أنذرهم لوط ولم يستجيبوا، أما الآلوسي يشرح أن هذا المطر كان عبارة عن حجارة من طين محروق، وكانت عقوبة إلهية شديدة على قوم لوط، والشعراوي يركز على أن هذا المطر كان عقاباً إلهياً نزل على المذنبين بشكل مفاجئ ومدمر، وسيد قطب يفسر الآية بأنها تعبير عن العذاب الشديد الذي أصاب المذنبين، وكان عقوبة مستحقة لمن أصروا على الفساد.
وفي الآية 59 “قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ”، الطبري يفسر الآية بأنها دعوة لحمد الله على نعمته وهدايته، وتحية لعباده الصالحين الذين اصطفاهم، وتأكيد على أن الله خير من كل ما يشركون به، أما ابن كثير يوضح أن الآية تأمر بحمد الله والسلام على رسله وعباده الصالحين، وأن الله أفضل من كل ما يعبدونه من دونه، والآلوسي يشرح أن الحمد لله على نعمائه، والسلام على عباده المصطفين، وأن الله هو الخير الحقيقي وليس ما يشركون به، أما الشعراوي يركز على أن حمد الله والسلام على المصطفين تعبير عن الشكر لله واعتراف بفضل أنبيائه، وأن الله خير من كل ما يُشرك به، أما سيد قطب يفسر الآية بأنها دعوة لحمد الله وشكر نعمته، وتحية للأنبياء والصالحين، وتأكيد على أن الله هو الخير المطلق.
وفي الآية 60 “أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ”، الطبري يوضح أن الله يسأل مستنكراً: من خلق السماوات والأرض وأنزل الماء من السماء لينبت الحدائق؟ أيوجد إله مع الله؟ بل هم قوم يعدلون عن الحق، وابن كثير يفسر الآية بأنها تساؤل استنكاري، حيث يُذكِّر الله بقدرته العظيمة على خلق السماوات والأرض وإنزال الماء وإنبات الحدائق، وأنه لا يوجد إله مع الله، لكنهم يعدلون عن الإيمان به، أما الآلوسي يشرح أن الآية تبيّن قدرة الله في الخلق والإنزال والإنبات، وتستفهم إن كان هناك إله آخر مع الله، وتؤكد أنهم يعدلون عن التوحيد إلى الشرك، في حين أن الشيخ الشعراوي يركز على أن الآية تظهر بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض وإنزال الماء وإنبات الحدائق، وتستنكر وجود إله آخر مع الله، مشيراً إلى أنهم يميلون عن التوحيد، وسيد قطب يفسر الآية بأنها تبرز عظمة خلق الله للسماوات والأرض وإنزال الماء وإنبات الحدائق، وتستنكر الشرك بالله، وتؤكد أن هؤلاء القوم يعدلون عن التوحيد إلى الشرك.
الإعجاز اللغوي
في الآية 55 ” أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ”
التكرار والاستفهام الاستنكاري: استخدام “أَئِنَّكُمْ” يجمع بين الاستفهام والإنكار ليعطي جملة قوية تعبر عن دهشة واستنكار لوط عليه السلام، والتكرار في “لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً” يعمق المعنى ويبرز شدة الاستنكار.
الترتيب البلاغي: تقديم “الرجال” وتأخير “النساء” يعطي وضوحاً في تبيان المفارقة في الأفعال، مما يعزز الإحساس بالغرابة والإنكار.
التحقير بالتجهيل: استخدام “بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ” يلخص كل ذلك الفعل في كلمة “تجهلون”، وهو تعبير يحتقر فعلهم ويصفهم بالجهل.
الآية 56 “فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”
المفارقة اللغوية: “إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ” تظهر المفارقة بأن ردهم على الدعوة للإصلاح كان بالطرد، مما يعبر عن انحرافهم.
السخرية المباشرة: “إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” يستخدم التهكم والسخرية كوسيلة لغوية لاحتقار الطهارة، مما يعكس فساد قلوبهم.
الآية 57 “فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ”
التخصيص والاستثناء: “إِلَّا امْرَأَتَهُ” يظهر دقة النص القرآني في تخصيص الناجين واستثناء من لم ينقذ، مما يعكس عدالة الله.
القدر والمصير: “قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ” تعبير يجمع بين القدر والمصير المحتوم، مما يعطي عمقاً لمفهوم العدل الإلهي.
الآية 58 “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ”
التعبير المكثف: استخدام كلمة “مَّطَرًا” في سياق العذاب يعكس استخداماً غير مألوف للمطر الذي عادة ما يكون رحمة، مما يبرز شدة العذاب.
الجناس اللفظي: “مَطَرُ الْمُنذَرِينَ” يظهر تلاعباً لفظياً يجذب الانتباه ويعزز الإيقاع الموسيقي للنص القرآني.
الآية 59 “قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ”
الجملة الخبرية والإنشائية: جمع بين الخبر “الْحَمْدُ لِلَّهِ” والإنشاء “قُلِ” مما يعطي تنوعاً بلاغياً يعزز الفهم.
المقارنة البلاغية: “آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ” استخدام الاستفهام الإنكاري للمقارنة بين الله وما يُشرك به.
الآية 60 “أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ”
الاستفهام الإنكاري: “أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ” و”أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ” استخدام الاستفهام الإنكاري يعزز التأكيد على وحدانية الله.
التكرار البلاغي: تكرار “فَأَنبَتْنَا” يعزز أهمية النعمة الإلهية، ويزيد من الإيقاع اللغوي للنص.
التقابل: التقابل بين قدرة الله وعجز البشر في “مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا” يعزز فكرة التوحيد والإيمان بقدرة الله.
وفي نهاية هذا التأمل في آيات القرآن الكريم، يتجلى لنا عظمة الإعجاز اللغوي والعلمي في هذا الكتاب الخالد. فالقرآن ليس مجرد نص ديني، بل هو معجزة إلهية تتحدى العقول وتثير الدهشة، بأسلوبه البليغ وبيانه الفريد الذي لم ولن يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، كل حرف وكل كلمة تحمل في طياتها معنى عميقاً وتنسج بحكمة إلهية نسيجاً لغوياً بديعاً يتسم بالبلاغة والإيجاز والجمال.
وقد رأينا كيف أن الكلمات والعبارات القرآنية تعبر عن معانٍ ضخمة بأبسط الأساليب، تارة بالاستفهام الاستنكاري، وتارة بالمفارقة والتقابل، مما يثبت أن هذا الكتاب هو وحي من الله عز وجل، وليس من كلام البشر. هذا الإعجاز الذي لا يتوقف عند حدود اللغة فقط، بل يمتد ليشمل كل جوانب الحياة والعلوم، يؤكد أن القرآن الكريم هو الرسالة الأخيرة للبشرية، والهداية الحقيقية التي يجب أن يتبعها الإنسان ليصل إلى بر الأمان في الدنيا والآخرة.
وإن دراسة هذه الجوانب العظيمة من القرآن الكريم تدعونا إلى التعمق أكثر في فهم هذا الكتاب العظيم، والتمسك بتعاليمه التي لا تنفد مع مرور الزمن، بل تتجدد وتتجلى حقائقها كلما تقدم العلم وزاد الفهم. فلنكن من الذين “يتدبرون القرآن” ليكون لنا نوراً في حياتنا، وهدايةً لأرواحنا، وسلاماً لقلوبنا.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.