في إطار التنظيم القانوني للملكية الشائعة في القانون الكويتي، يبرز التحدي في إدارة الأملاك المشتركة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعقارات المؤجرة التي يمتلكها ورثة أو شركاء بنسب متفاوتة، خاصة وأن التوازن بين حقوق الأقلية وقرارات الأغلبية يُعد حجر الزاوية في الحفاظ على مصلحة الجميع.
ومع تنوع الحالات التي تعرض على المحاكم، يتضح أن القانون يميل إلى إعطاء الأولوية للأغلبية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المال المشترك، وخاصة فيما يتعلق بدعاوى إخلاء العين المؤجرة، من هنا، تأتي أهمية فهم هذه النصوص القانونية بشكل دقيق لضمان حماية حقوق جميع الشركاء، وتجنب اتخاذ قرارات فردية قد تتعارض مع المصلحة الجماعية للأطراف المعنية.
ففي القانون الكويتي، تُعتبر الملكية الشائعة هي تلك التي يمتلك فيها عدد من الأشخاص، سواء كانوا ورثة أو شركاء، حصصاً غير مفرزة في عين معينة، وهذه الملكية تتطلب تنظيماً خاصاً لإدارة المال المشترك، بما في ذلك إدارة العين المؤجرة، وفقاً للقانون المدني الكويتي، فإن أعمال الإدارة المعتادة، مثل تأجير العين، يجب أن تُدار بموافقة الأغلبية وفقاً لنصيب كل شريك، وليس بعدد الشركاء.
شروط قبول دعوى الإخلاء
عند تقديم دعوى إخلاء العين المؤجرة من قبل بعض الورثة، فإن قبول هذه الدعوى يتوقف على نسبة الأنصبة التي يمتلكها هؤلاء الورثة في العين. إذا كان الورثة المطالبون بالإخلاء يمتلكون غالبية الأنصبة، فإن دعواهم تكون مقبولة وفقاً للقانون، حيث يمكن للأغلبية اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة العقار المشترك. أما إذا كان الورثة المطالبون بالإخلاء يمتلكون حصة أقلية، فلا تكون دعواهم مقبولة، وذلك وفقاً للمبدأ الذي ينص على أن الأغلبية هي من تدير المال المشترك.
ينظم القانون المدني الكويتي مسألة الإدارة المشتركة للأملاك الشائعة في المواد المتعلقة بالملكية الشائعة. تنص المادة 818 من القانون المدني الكويتي على أن: “أعمال الإدارة المعتادة المتعلقة بصيانة المال الشائع وحفظه واستغلاله تكون بموافقة أغلبية الشركاء، وتُحسب الأغلبية على أساس الأنصبة لا عدد الشركاء”
كما تنص المادة 819 من القانون المدني على أن: “لأغلبية الشركاء أن تعيّن مديرًا للمال المشترك من بينهم أو من غيرهم، ويكون هذا المدير مسؤولًا عن استغلال المال بطريقة تعود بالنفع على جميع الشركاء، وتُطبق قرارات الأغلبية على كافة الشركاء”.
وفي قضايا مشابهة، قد أصدرت المحاكم الكويتية أحكامًا تتفق مع هذا المبدأ. فإذا قدم أحد الورثة الذين يملكون نسبة أقلية في الملكية الشائعة دعوى إخلاء العين المؤجرة، فإن المحكمة قد ترفض الدعوى إذا لم يتفق معه بقية الشركاء الذين يمتلكون الأغلبية. ذلك لأن تأجير العين يعتبر من أعمال الإدارة المعتادة، وبالتالي يجب أن يتم بقرار من الأغلبية.
بالتالي، إن القانون الكويتي يهدف إلى حماية حقوق الأغلبية في إدارة العقار المشترك بما يحقق مصلحة الجميع. فالملكية الشائعة تفرض تنظيمًا دقيقًا يوازن بين حقوق الأقلية وقرارات الأغلبية، وعليه، لا يمكن لورثة يمتلكون نصيبًا أقل من الأغلبية أن يتخذوا قرارات منفردة تتعلق بإدارة العين المؤجرة، مثل تقديم دعوى إخلاء، دون موافقة بقية الشركاء الذين يمثلون الأغلبية.
أما عند وقوع ملكية العين المؤجرة على الشيوع بين الورثة أو الشركاء، قد ينشأ خلاف حول إدارة هذه العين أو طلب إخلائها. وفقًا للقانون المدني الكويتي، وخاصة الأحكام المتعلقة بالملكية الشائعة، فإن أي دعوى لإخلاء العين المؤجرة المقدمة من قبل بعض الورثة تخضع لشروط معينة لضمان حقوق جميع الشركاء.
وفي حال إذا ما تقدم بالأمر ورثة يمتلكون غالبية الحصص في العين المؤجرة، فإن طلبهم للإخلاء قد يُعتبر مقبولًا بشرط أن تكون الأغلبية تمثل أكثر من نصف الحصص الكلية. وفقًا للقانون المدني الكويتي، تُعتبر إدارة العين المشتركة من أعمال الإدارة المعتادة التي يجب أن تُتخذ برأي الأغلبية، كما تنص المادة (828) من القانون المدني الكويتي التي تحدد أن الأغلبية تُحسب على أساس الحصص المملوكة وليس على أساس عدد الشركاء.
أما إذا كان الطلب مقدماً من الورثة الذين يمتلكون أقلية الحصص في العين، فلا يُعتد بطلب الإخلاء إلا بموافقة الأغلبية أو من خلال حكم قضائي. وهذا المبدأ يأتي في إطار حماية حقوق جميع الشركاء وتجنب الإضرار بحقوق الأقلية.
جدير بالذكر أنه في الكويت، جرى العمل على أن تأجير العين أو طلب إخلائها يُعد من أعمال الإدارة المعتادة، التي يجب أن تتخذ فيها القرارات بموافقة الأغلبية. وقد جاء في العديد من أحكام المحاكم الكويتية أن أي إجراء يتعلق بإخلاء العين المؤجرة يستوجب موافقة الأغلبية من الشركاء، ويجب أن يتم حساب هذه الأغلبية بناءً على الحصص المملوكة، وليس على عدد الورثة أو الشركاء.
ووفقاً للمادة (829) من القانون المدني الكويتي، للأغلبية الحق في تعيين مدير للعقار المشترك، ويكون له سلطة إدارة العين وتأجيرها، وبالتالي فإن الأغلبية هي التي تمتلك سلطة اتخاذ قرار إخلاء العقار.
بالتالي، وبناءً على النصوص القانونية الكويتية، فإن طلب إخلاء العين المؤجرة يتطلب موافقة الأغلبية التي تمتلك غالبية الحصص في العقار المشترك. وفي حالة عدم توفر الأغلبية، لا يجوز للورثة الذين يمتلكون الحصص الأقل تقديم طلب إخلاء منفرد.
وبناءً على النصوص القانونية المستمدة من القانون الكويتي حول الملكية الشائعة، يتضح أن دعوى إخلاء العين المؤجرة لا تُقبل إلا إذا كانت مقدمة من أغلبية الشركاء أو الورثة الذين يمتلكون النصيب الأكبر في العقار. وفقاً للمادة (1185) من القانون المدني الكويتي، يتم اتخاذ القرارات المتعلقة بأعمال الإدارة المعتادة – مثل تأجير أو إخلاء العين المؤجرة – بناءً على رأي الأغلبية من الشركاء، والتي تُحسب على أساس الأنصبة وليس عدد الشركاء. وبالتالي، إذا تقدمت الأقلية بدعوى إخلاء دون موافقة الأغلبية، فإن هذه الدعوى تكون غير مقبولة قانونًا.
وفي ختام هذا الموضوع، يتبين بوضوح أن القانون الكويتي يعزز مبدأ الإدارة المشتركة في حالة الملكية الشائعة، ويمنح الأغلبية من الشركاء أو الورثة سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المال المشترك، بما في ذلك الإخلاء أو التأجير. هذا التوجه يهدف إلى حماية حقوق الجميع وضمان استغلال المال المشترك بشكل يحقق مصلحة الأغلبية، ويمنع الأقلية من اتخاذ قرارات منفردة قد تكون على حساب الآخرين.
ومن وجهة نظري القانونية كمحامٍ يزاول المهنة، يبدو هذا النظام القانوني منصفاً؛ إذ أنه يوازن بين مصالح الشركاء ويحمي استقرار العقود المبرمة، خاصة في حالات التأجير، غير أن هذا النظام قد يكون مصدر تعقيد إذا ما اختلفت المصالح بين الشركاء أو الورثة، مما قد يؤدي إلى نزاعات قضائية تتعلق بإدارة العقار، لذا، من المهم للأطراف المعنية أن تسعى دائماً إلى التعاون والتفاهم فيما بينها لتجنب النزاعات، والاستفادة من النصوص القانونية الواضحة التي تنظم عملية الإدارة المشتركة بما يضمن حقوق الجميع.
عبد العزيز بن بدر القطان / مستشار قانوني – الكويت.