تعتبر عقود بيع الإقالة العرفية، والمعروفة ببيع الوفاء، من العقود التي تثير العديد من الإشكاليات القانونية والشرعية، ففي هذا النوع من البيوع، يتم الاتفاق بين البائع والمشتري على إرجاع المبيع للبائع إذا رد الثمن خلال فترة زمنية محددة، وبالرغم من تنظيم القانون المدني الكويتي لأحكام بيع الإقالة، فإن هناك تحديات مرتبطة بتوثيق نفاذ البيع عند انتهاء المدة، مما يستوجب التطرق إلى بعض الجوانب القانونية والشرعية لضمان حماية حقوق الأطراف المتعاقدة وتفادي وقوع النزاعات.
وفي إطار القانون الكويتي، يعتبر “بيع الوفاء” أو “بيع الإقالة” عقداً مشروطاً يمكن فيه للبائع فسخ العقد وإعادة العين المبيعة عند سداد الثمن المتفق عليه. إذا تضمن العقد شرطاً يقضي بأن يستلم المشتري إيجارات العين المبيعة خلال فترة الإقالة، فإن هذا الشرط يُعد باطلاً بموجب المبادئ العامة للعقود في القانون الكويتي، حيث أن هذا الشرط يخالف مقتضى البيع ويترتب عليه بطلان العقد ذاته.
ومع ذلك، إذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يستلم المشتري إيجارات العين بعد إتمام عقد الإقالة وخارج الإيجاب والقبول الخاص بالعقد، وذلك بقصد سداد جزء من الثمن المدفوع، فإن هذا الاتفاق يُعتبر صحيحاً ولا يؤدي إلى بطلان العقد. ففي هذه الحالة، لا يشكل قبض الإيجارات شرطاً أساسياً في عقد الإقالة نفسه، وإنما يُعتبر اتفاقاً لاحقاً لا يؤثر على صحة العقد الأصلي.
وهذا المبدأ يتماشى مع ما تم توضيحه في بعض الأحكام القضائية الكويتية التي أكدت على أن مثل هذه الاتفاقات اللاحقة التي لا ترتبط بشرط جوهري في العقد لا تؤثر على صحته، فإذا انتهت مدة الإقالة دون أن يقوم البائع برد الثمن للمشتري، يُعتبر البيع نهائياً ونافذاً.
من هذا المنطلق، يمكن اعتبار مثل هذه الاتفاقات المتعلقة بالإيجارات مسموحاً بها طالما أنها لا تشكل جزءاً من شروط البيع الأساسية ولا تتعارض مع المبادئ العامة للعقود في القانون الكويتي.
كما يعتبر عقد بيع الوفاء (الإقالة) من العقود التي تتضمن إمكانية فسخ العقد وإعادة العين المبيعة إلى البائع عند رد الثمن المتفق عليه، وإذا تضمن عقد الإقالة شرطاً ينص على أن المشتري يتقاضى إيجارات العين المبيعة خلال فترة الإقالة، فإن هذا الشرط يكون باطلاً، ويؤدي إلى بطلان العقد بأكمله، ويستند هذا المبدأ إلى القواعد العامة في القانون الكويتي التي تقضي ببطلان العقود إذا شابها شرط يخالف مقتضى العقد أو يتعارض مع النظام العام، فإذا تضمن العقد شرطاً ينص على استلام المشتري لإيجارات العين خلال فترة الإقالة، فإن هذا يعد تجاوزاً للغرض الأساسي من عقد الإقالة، الذي يقوم على إعادة العين إلى البائع بعد استرداد الثمن، دون أن يكون للمشتري حق الانتفاع بالعين خلال تلك الفترة.
أما إذا تم الاتفاق بين الطرفين بعد إبرام عقد الإقالة على أن يستلم المشتري الإيجارات بغرض سداد جزء من الثمن المدفوع، ولم يكن هذا الاتفاق جزءاً من شروط العقد الأصلية (الإيجاب والقبول)، فإن هذا الاتفاق يعتبر صحيحاً ولا يؤثر على صحة العقد، وهذا يتوافق مع مبدأ استقلالية الشروط المتفق عليها بعد إبرام العقد، حيث لا تؤثر تلك الاتفاقات اللاحقة على صحة العقد إذا كانت منفصلة عن شروط الإقالة الأصلية.
بالتالي، فإن استلام المشتري لإيجارات العين المبيعة في عقد الإقالة (بيع الوفاء) لا يؤدي إلى بطلان العقد إذا تم الاتفاق على ذلك لاحقاً، ولم يكن هذا الشرط مقروناً بالعقد الأصلي، ويُعتبر هذا الاتفاق اللاحق صحيحاً ما دام لم يقترن بالتواطؤ بين البائع والمشتري قبل إبرام العقد، وفي هذا السياق، إذا تم إبرام عقد الإقالة دون أي شرط يتضمن استلام المشتري للإيجارات، ثم تم الاتفاق بعد ذلك بين الطرفين على أن يقوم المشتري باستلام الإيجارات أثناء فترة الإقالة، فإن هذا الاتفاق لا يبطل العقد، ويُعتبر هذا الترتيب بين الطرفين منفصلاً عن شروط الإقالة الأصلية، ولا يُعتبر شرطاً مدمجاً في العقد الأساسي.
كما ينص القانون الكويتي على أن أي تواطؤ بين الطرفين قبل إبرام عقد الإقالة يمكن أن يبطل العقد إذا كان الغرض منه هو الالتفاف على أحكام القانون، كما ورد في المادة التي تتناول هذه المسألة، لذلك، إذا كان الاتفاق على استلام المشتري للإيجارات نتيجة تفاهم لاحق على العقد ولم يكن بناءً على تواطؤ مسبق، فإنه لا يؤثر على صحة العقد.
ووفقاً للقانون المستمد من الفقه الإسلامي، يُعتبر بيع الوفاء أو الإقالة العرفية عقداً خاصاً حيث يتم إبرامه مع شرط أن البائع يملك حق استرداد المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري خلال مدة معينة، ويظل العقد معلقاً خلال فترة الإقالة، مما يعني أن العين المبيعة ومنافعها لا تنتقل إلى المشتري بشكل نهائي إلا بعد انقضاء هذه الفترة وعدم قيام البائع برد الثمن.
في هذا الإطار، يشترط أن تبقى منافع العين، مثل الإيجارات أو العوائد الأخرى، تحت تصرف البائع خلال فترة الإقالة، وليس المشتري، فالأصل في بيع الوفاء أو الإقالة العرفية هو أن تبقى العين المبيعة تحت سيطرة البائع حتى يتم التأكد من أن فترة الإقالة قد انقضت دون استرداد المبيع، ويعتبر أي شرط يُضاف إلى العقد يسمح للمشتري بتقاضي إيجارات العين أثناء فترة الإقالة مخالفاً لأحكام القانون، ما يؤدي إلى بطلان العقد ذاته.
وتنص المادة (577) من القانون المدني الكويتي على هذا المبدأ، حيث تقرر أن بيع الوفاء هو عقد يتم فيه اشتراط استرداد البائع للمبيع إذا أعاد الثمن إلى المشتري، وتكون منافع المبيع خلال فترة الإقالة حقاً للبائع وحده. بمعنى أن أي محاولة لتغيير هذا الترتيب، سواء عن طريق شروط إضافية في العقد أو اتفاقات لاحقة، تُعتبر غير قانونية إذا كان من شأنها تمكين المشتري من استلام منافع العين خلال فترة الإقالة.
كما يعد بيع الإقالة العرفية (المعروف ببيع الوفاء) عقداً يتم بموجبه السماح للبائع باسترداد المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري خلال فترة محددة، وإذا انتهت تلك الفترة دون أن يرد البائع الثمن، يصبح البيع نافذاً والمبيع ينتقل إلى ملكية المشتري، وفي هذه الحالة، يحق للمشتري التصرف في العين المبيعة كيفما يشاء، بما في ذلك قبض إيجاراتها.
أما إحدى الإشكاليات القانونية تتمثل في توثيق نفاذ بيع الإقالة بمجرد انتهاء المدة دون رد الثمن، في الكويت، يُنصح بأن يقوم المشتري عند انقضاء المدة بالطلب من الجهة المعنية (مثل كاتب العدل) بتوثيق أن البيع أصبح نافذاً، قد يقوم بعض كتّاب العدل بكتابة ذلك على ظهر عقد البيع الأصلي، أو تحرير عقد جديد يثبت أن البيع قد أصبح نافذاً، ومن الأفضل اتباع الطريقة الأولى لضمان توحيد الإجراءات.
أما من الناحية الشرعية والقانونية، فإن نفاذ بيع الإقالة بعد انتهاء المدة يعتبر نوعاً من التمليك الجبري، وهو أمر قد يثير تساؤلات حول توافقه مع مبدأ “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه”، خاصة إذا كان البائع قد لجأ إلى هذا النوع من البيع لسد حاجة مالية عاجلة، وليس بنيّة بيع ماله فعلياً، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى القول بعدم جواز بيع الوفاء لهذا السبب، لذلك، يُوصى بإعادة النظر في تنظيم بيع الإقالة العرفية في القانون الكويتي، وربما استبدال أحكامه بأحكام الرهن المعمول بها في القانون المدني، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية ويضمن حماية حقوق الأطراف.
وفي ختام هذا الموضوع، يتضح أن بيع الإقالة العرفية (بيع الوفاء) ينطوي على تعقيدات قانونية وشرعية تتطلب مراعاة دقيقة للإجراءات والتنظيمات القانونية، كما من الضروري توحيد ممارسات التوثيق لضمان نفاذ البيع بمضي المدة بشكل سليم، مع التأكيد على احترام المبادئ الشرعية التي تضمن حقوق الأطراف وتجنب الإشكاليات المتعلقة بالملكية الجبرية، وبناءً على ذلك، يُوصى بإعادة النظر في بعض النصوص القانونية لضمان توافقها مع روح القانون والشريعة، بما يحقق العدالة ويحمي حقوق الجميع.
عبد العزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.