تعتبر حقوق العمال جزءاً أساسياً من المنظومة القانونية في أي دولة، حيث تهدف القوانين إلى حماية هذه الحقوق وضمان العدالة في علاقات العمل، ومن بين تلك الحقوق، يأتي حق الحصول على الأجور الإضافية كأحد الحقوق الحيوية التي يسعى العديد من العمال إلى المطالبة بها، إلا أن هذه المطالبات تخضع لشروط معينة، بما في ذلك فترات التقادم التي تحدد المدة الزمنية التي يحق للعامل خلالها المطالبة بمستحقاته. وبموجب قانون الإثبات الكويتي، تحدد المادة (22) فترة التقادم لسنة واحدة، مما يعني أن العمال يجب عليهم أن يكونوا على دراية بحقوقهم وضرورة المطالبة بها خلال هذه المدة.
بالتالي، إن فهم هذه الجوانب القانونية يعتبر أمراً ضرورياً لحماية مصالح العمال وضمان حصولهم على مستحقاتهم المالية دون إغفال أو إهمال.
ووفقاً لقانون العمل، تم تحديد الحد الأقصى لساعات العمل اليومي للعامل بما لا يزيد عن ثماني ساعات في اليوم أو 48 ساعة في الأسبوع، يتم توزيع ساعات العمل الأسبوعية على ستة أيام عمل متتالية يتبعها يوم راحة بأجر كامل، وذلك كما ورد في المادة (71) من قانون العمل.
وفي حالة تجاوز صاحب العمل هذا الحد وتشغيل العامل لساعات إضافية تزيد عن الثماني ساعات المقررة قانونياً، يحق للعامل الحصول على أجر إضافي كتعويض عن تلك الساعات الإضافية، حتى وإن تم الاتفاق بين العامل وصاحب العمل على ساعات عمل تتجاوز ما نص عليه القانون، يبقى العامل مستحقاً للأجر الإضافي وفقاً لما جاء في القانون.
هذا المبدأ القانوني تم تأكيده في حكم صدر عن المحكمة المدنية العليا، حيث قررت المحكمة أن العامل يستحق الأجر الإضافي عن الساعات التي عمل فيها خارج نطاق الدوام الرسمي، بما في ذلك أيام العطل الرسمية والأعياد التي تم العمل خلالها، وقد أكدت المحكمة أن الأجر الإضافي يجب أن يُدفع وفقاً للأجر المتفق عليه للساعة الواحدة مضاعفاً بواقع ساعتين لكل ساعة عمل إضافية.
وفيما يتعلق بالمطالبة بالأجر الإضافي عن سنوات العمل السابقة، فقد قضت المحكمة بعدم استحقاق العامل لهذا الأجر إذا لم يُطالب به أثناء فترة العمل لدى المؤسسة، حيث تم إسقاط هذا الحق بناءً على عدم المطالبة في حينه، وبالرغم من ذلك، حكمت المحكمة بأحقية العامل في المطالبة بالأجر الإضافي عن السنة الأخيرة من خدمته، وفي هذا السياق، تم تأييد حكم اللجنة التحكيمية العمالية من قبل المحكمة الاستئنافية، وبعد ذلك أقرت المحكمة المدنية الحكم الاستئنافي.
بالتالي، إن ساعات العمل الرسمية تمثل عنصراً جوهرياً في قانون العمل الكويتي، حيث تندرج تحت طائلة النظام العام، مما يعني أنه لا يمكن الاتفاق على خلاف ما ورد في النصوص القانونية المتعلقة بها، ووفقاً للمادتين (6 و7) من قانون العمل، تُعتبر الأحكام المتعلقة بساعات العمل غير قابلة للتعديل من قبل صاحب العمل أو العامل، ولا يحق للعامل التنازل عن حقوقه أو إبراء ذمة صاحب العمل منها.
وقد حدد قانون العمل الحد الأقصى لساعات العمل اليومية في المادة (71)، حيث نصت على عدم جواز تجاوز ساعات العمل الرسمية ثماني ساعات في اليوم أو ثمانية وأربعين ساعة في الأسبوع، كما يتطلب القانون توزيع ساعات العمل على ستة أيام عمل، يليها يوم راحة مدفوع الأجر، ويشدد القانون أيضاً على أنه يجب ألا تتجاوز فترات العمل المتواصلة خمس ساعات، ويجب أن تتخللها فترة راحة لا تتجاوز ساعة واحدة، ولا يتم احتسابها ضمن ساعات العمل.
يستند هذا التحديد القانوني إلى أهمية حماية صحة العامل وطاقته، إذ يُعتبر العمل لأكثر من ثماني ساعات في اليوم مرهقاً جسدياً ونفسياً، وبالتالي، فإن أي اتفاق بين العامل وصاحب العمل يتجاوز هذه الساعات المحددة يكون باطلاً لمخالفته لأحكام القانون، ويحق للعامل المطالبة بدفع أجور الساعات الإضافية.
وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى حكم قضائي متعلق بمثل هذه القضايا، حيث اتفق العامل وصاحب العمل على ساعات عمل تمتد من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وقد اعتبرت المحكمة أن الساعات الزائدة عن الثماني ساعات المحددة هي ساعات عمل إضافية، وألزمت صاحب العمل بدفع أجورها، مما يعكس التزام القانون بحماية حقوق العمال وعدم السماح بالتحايل عليها عبر اتفاقات غير قانونية.
وأيضاً في إطار قانو العمل، يُعتبر احتساب أجور الساعات الإضافية من المسائل المهمة التي تخضع لرقابة قانونية صارمة، فقد حدد القانون ساعات العمل اليومية والأسبوعية القصوى بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات في اليوم أو ثمانية وأربعين ساعة في الأسبوع، إلا أن القانون يتيح لصاحب العمل تشغيل العامل في أوقات الراحة أو العطل الرسمية إذا اقتضت الضرورة، وفقاً لما نصت عليه المادة (74) من قانون العمل.
وتستدعي هذه المادة ضرورة عدم تجاوز إجمالي ساعات العمل، بما في ذلك الساعات الإضافية، اثني عشر ساعة في اليوم، ومن ثم، يُسمح بتشغيل العامل لأربع ساعات إضافية كحد أقصى، سواء كانت هذه الساعات في أيام العمل العادية أو في أوقات الراحة والعطل، ويعتبر هذا النص تأكيداً على حق العامل في الراحة، كما يعزز الالتزام بسلامته البدنية والنفسية.
وعند تشغيل العامل في ظروف تتطلب زيادة ساعات العمل، فإن القانون يُلزم صاحب العمل بتعويض العامل عن تلك الساعات الإضافية، حيث يُقسم التعويض إلى نوعين:
أولاً، التعويض النقدي، حيث يتلقى العامل ساعة ونصف من الأجر الأساسي عن كل ساعة عمل إضافية في أيام العمل العادية، بينما تُحتسب ساعات العمل الإضافية التي تتم ليلاً أو في أيام الراحة أو العطل الرسمية بواقع ساعتين من الأجر الأساسي عن كل ساعة عمل.
ثانياً، التعويض العيني، الذي يُقدم للعامل في شكل ساعات راحة، فإذا تم تشغيل العامل خلال ساعات العمل العادية، يُمنح ساعة ونصف من الوقت المستحق كتعويض، بينما يتلقى العامل ساعتين من الوقت المستحق إذا كانت ساعات العمل الإضافية خلال الليل.
بالإضافة إلى ذلك، تُوجب المادة (77) من قانون العمل تعويض العامل بيوم كامل عن كل يوم راحة أو إجازة يتم تشغيله فيه، وتؤكد هذه المواد على أهمية حماية حقوق العامل، وضمان عدم استغلاله، وتوفير بيئة عمل عادلة ومتوازنة.
كما تنص قوانين العمل الكويتية على أن حقوق العمال، بما في ذلك الأجور الإضافية، تخضع لفترة تقادم معينة، حسب ما ورد في المادة (22) من قانون الإثبات، فإن حقوق العمال تسقط إذا لم يتم المطالبة بها خلال سنة من تاريخ استحقاقها، وهذا يعني أنه في حال لم يقدم العامل مطالبته بالأجور الإضافية في نهاية كل سنة، فإن حقه في استرداد تلك الأجور يتقادم، وبالتالي لا يمكن له المطالبة بها لاحقاً.
في الحكم الذي نحن بصدد التعليق عليه، تم التأكيد على أن المدعيين، وهما عاملان رفعا دعوى لاسترداد أجور إضافية، لا يحق لهما المطالبة بهذه الأجور عن السنوات السابقة، بل فقط عن السنة الأخيرة التي تم فيها تقديم الدعوى. وقد تم اعتبار أن حقهما في الأجور الإضافية عن السنوات السابقة قد سقط بالتقادم، نظراً لعدم تقديمهما أي مطالبات قبل انقضاء السنة من تاريخ استحقاق تلك الأجور.
بالتالي، تسلط هذه القضية الضوء على أهمية أن يكون العامل على دراية بحقوقه وضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية في الوقت المناسب، لأن عدم الالتزام بموعد المطالبة قد يؤدي إلى فقدان الحق في الحصول على الأجور المستحقة، يُظهر هذا الجانب من القانون الكويتي كيف تساهم القواعد المحددة بشأن التقادم في حماية حقوق العمال من التهاون أو الإهمال في المطالبة بحقوقهم، لذا، يتعين على العمال في الكويت الحرص على تقديم مطالباتهم بالحقوق المالية في الوقت المناسب لتفادي فقدانها.
في الختام، يتضح أن حقوق العمال في الحصول على الأجور الإضافية تحظى بحماية قانونية قوية ضمن التشريعات الكويتية، إلا أن تلك الحقوق ليست مطلقة، بل ترتبط بفترات تقادم يجب على العمال الالتزام بها لضمان عدم ضياع مستحقاتهم، بالتالي إن عدم المطالبة بالأجور الإضافية خلال المدة المحددة وفقاً للمادة (22) من قانون الإثبات يعرض هذه الحقوق للسقوط القانوني، مما يعزز ضرورة الوعي القانوني لدى العاملين وأصحاب العمل على حد سواء.
بالإضافة إلى ذلك، إن التطبيق الصحيح لهذه الأحكام يسهم في تعزيز العدالة في سوق العمل وضمان التوازن بين حقوق الأطراف المتعاقدة، لذلك، فإن الالتزام بالقواعد القانونية الخاصة بتقادم الحقوق والمطالبة بها في الوقت المناسب يمثل حماية فعلية لمصالح العمال وصونًا لحقوقهم المالية.
عبد العزيز بدر عبد الله القطان / مستشار قانوني – الكويت.