قد تتسأل عند رؤية عنوان المقال هل الضغوطات وهم أم حقيقة؟ وإن كانت وهم فكيف السبيل إلى الخلاص منها أو التخفيف من حدتها؟
دعني أطمئنك عزيزي القارئ أن الضغوطات هي حقيقة الوهم، وقد تتساءل كيف ذلك؟
نحن اليوم نعيش في زمن لا يكاد يخلوا من الضغوطات فهذه حقيقة، حيث أمتلئت حياتنا بالكثير من التحديات والكثير من المتطلبات والمسؤوليات والرغبات، حتى أن الأمر قد يتجاوز ذلك إلى الضغوطات التي تسببها الأخبار المتتاليه عن الأحداث حول العالم كالحروب والكوارث وارتفاع سعر برميل النفط أو انخفاض عملة الدولار وغيرها من الأمور التي لا حيلة لنا عليها، ولكن الوهم يكمن في تعاطينا مع حقيقة أن هذه الضغوطات هي المسيطرة على حياتنا وسعادتنا وراحتنا وطريقة عيشنا، فأصبحنا كالأسرى لهذه الضغوطات لا يُفرج عنا إلا بزوالها وهذا من المستحيلات، حيث أننا نعيش في أكثر وقت تعج فيه الضغوطات والتوتر في تاريخ البشرية ضغوطات لم يسبق أن شهدتها العصور السابقة.
قد تشعر أن الأمر ثقيلاً عليك ويجثم على صدرك حتى تكاد تنقطع أنفاسك، ولكن دعني أهون عليك الأمر. بالرغم من صعوبة فكرة السيطرة على الضغوطات إلا أنها ممكنة إذا ما اتبعنا بعض الاستراتيجيات والمهارات والكثير من الصبر والالتزام والاستمرار في التعلّم.
منذ اللحظة الأولى التي يقرر فيها الإنسان الساعة التي ينهض فيها من النوم، يتحدد شكل يومه وما الضغوطات التي قد تجابهه فيصبح عرضه للمعاناة منها…فلا تظن أن الضغوطات هي سبب في شعورك بالعجز أو فقد القدرة على التحكم بمجريات يومك أو حياتك، بل هي نتيجة لقرارات قمت باتخاذها، كقرار موعد نهوضك من النوم مثلاً أو تسويفك لمهمة عاجلة أو حتى تجاهلك للأمور البسيطة التي قد يسبب تراكمها فيما بعد ضغطاً كبيراً عليك، فتتجلى على هيئة نوبات غضب أو صراخ أو إرهاق جسدي ونفسي وربما تصل إلى أمراض.
نحن نعيش في زمن متسارع الوتيرة في كل يوم نسابق الزمن حتى نعمل و ننجز وننجح ونحقق أهدافنا لكي نعيش حياة كريمة، ففكرة أن نتخلص من الضغوطات فكرة غير واردة وغير حقيقية، ولكن بالوعي الكافي يمكننا أن نتكيف مع هذه الضغوطات ونقلل من حدة تأثيرها على صحتنا النفسية والعقلية و الجسدية.
هنا عزيزي القارئ دعني أرشدك إلى بعض الخطوات التي من شأنها أن تساعدك في التخفيف من معاناتك مع ضغوطات الحياة المحتلفة:
- إدارة الوقت: تعلّم مهارة إدارة الوقت فهي من أكثر المهارات التي سوف تساعدك في التخفيف من الضغوطات التي تمر بها خلال يومك.
- ترتيب الأولويات: رتب أولوياتك ولا تعمل بشكل عشوائي، استخدم مصفوفة الأولويات ستعينك على تكوين صورة واضحة عن المهام التي يجب عليك إنجازها أولاً.
- لا تبالغ في العطاء: حدد مسؤولياتك ولا تقدم أكثر مما تستطيع ولا تحمل نفسك فوق طاقتها، ولا تكن متاحاً في كل وقت ولكل مهمة.
- قل لا: اعتذر إذا لم يكن بمقدورك إنجاز مهمة ما ليست ضمن دائرة مهامك، أو تلبية دعوة لا تتناسب مع جدول مواعيدك.
- ابتعد عن المقارنة: لا تقارن نفسك مع أي شخص آخر فلكل شخص حياته وظروفه التي تختلف عنك كاختلاف الجينات، وقارن نفسك بنفسك لتكون أفضل في كل يوم
- عش اللحظة: التفكير في الماضي أو الخوف من المستقبل من أكثر مسببات الضغط النفسي، عش اللحظة وأجعلها من أجمل ما يكون، فبهذه الطريقة تكون قد كونت ذكريات جميلة، ومرنت نفسك على عدم التفكير والقلق على المستقبل.
- اعتنِ بنفسك: من الممارسات والعادات المهمة التي تخفف من حدة الضغوطات والتوتر هي الاعتناء بالصحة والاهتمام بالغذاء الصحي وممارسة الرياضة والحصول على القدر الكافي من النوم والتأمل والاسترخاء والتفكير الإيجابي وغيرها من الممارسات الصحية.
لا حياة تخلو من الضغوطات ولكن هناك حياة تحلو مع الضغوطات، فالبعض يتخذ من هذه الضغوطات فرصة للتحدي والتغيير وتجربة الجديد. فرصة للتطور والنمو وتعلم مهارات عدة حتى يتخطى هذه الضغوطات بسهولة و يسر مستمتعا بما يقوم به لا بالألم ، بالتحدي لا بالتصدي..
يمكنك جعل هذه الضغوطات سبباً للتقدم والتطور، ولا تجعلها سبباً للتوتر والتّحسر. جابهها كمشكلة لابد من التفكير بإيجاد حلول لها و التخطيط لتنفيذ تلك الحلول حتى تغدو من سماتك المرونة و التكيف و عدم الاستسلام . إجعلها حجارات صغيرة تتكئ عليها لمواصلة الحياة و الإحتفاء بها هبة فالصبر مفتاح الفرج.
نوف الغيلانية