مع اقتراب موعد الاختبارات النهائية ، تبدأ معه قصص النجاح والشغف، كما تبدأ معه حكايات متواترة تنضح منها هواجس الشكوى والتذمر…
لا زلت أتذكر تلك الليالي التي كنت أحتسي فيها دلة شاي بأكملها من أجل أن أسلب النوم من عيني حتى أبقى يقظة وأحافظ على نشاطي وتركيزي حتى بعد منتصف الليل، للمذاكرة و الإستعداد للإختبار في اليوم التالي. أتذكر جيداً كيف كنت أجلس على الأرض تُحيطني الكتب والأوراق والملخصات في حالة إستنفار لا اغبط عليها، أحاول أن أسابق الوقت حتى أحفظ أكبر قدر من المعلومات واسترجع كل المعلومات التي درستها طوال العام.
لعل البعض ناله ما نالني فقد كنت أحلم بصفحات الاختبار حتى في المنام ، لا أنكر أن تلك الأيام كانت لها ميزة خاصة… كنت أشعر أني أخوض حرباً لا خيار للهزيمة فيها، فإما أن أنجح أو أنجح، وليس أي نجاح عادي إنما نجاح مشّرف ومميز.
توارت تلك الأيام بلياليها الطوال ، بحلوها ومرها وتعبها ، لكن قيمتها لازالت باقية. وبالرغم أن الزمن تغير و أصبح الطلبه يستفيدون من إيجابيات التطور التقني من حولهم و لكن الصراع النفسي الذي يعيشه الطلاب وبالأخص طلبة الثانوية العامةً يشبه ما شهدناه من الناحية النفسيةً و ما يصاحبها من قلق و أرق و توتر ليس للطلبة فحسب بل تمتد وتيرة ذلك القلق فتنتشر في ارجاء البيت فالكل يصيبه نصيب من حالة الإستنفار تلك.
ترى لماذا هذا القلق و التوتر؟ إن الفكرة لا تكمن في ان السنة تصبح أصعب أو أكثر تعقيداً، بل في كونها سنة مفصلية تعد بمثابة الحدّ الفاصل بين الحياة والموت، بنظر معظم الأهالي، لذلك يشعر الطلاب بضغط نفسي كبير بسبب الدراسة.
لكن الواقع يشير إلى ان هذه السنة في حقيقة الأمر لا تختلف عن السنوات السابقة، وأن المستوى التحصيلي لهؤلاء الطلبة و الطالبات لن يرتقي إلى القمة خلال سنة واحدة، بل هو أمر تراكمي ، فما كنت عليه خلال السنوات الماضية من جدٍ واجتهاد سوف تحصده في هذه السنة.
نعم قد تكون هذه السنة أكثر صعوبة فقط لأن الشعور بالمسؤولية قد زاد وبدأت تأخذ الدراسة على محمل الجد أكثر من أي سنة مضت.
عزيزي الطالب ، عزيزتي الطالبة دعوني فقط أخبركم هوّنوا على أنفسكم !!
اجعل ذكريات هذه السنة ذكريات جميلة لا تُنسى ، تحكيها بحب وشغف لمن هم بعدك، لا تعش هذه السنة في قلق وتوتر يحرمك لذة الاستمتاع بها.
دعوني أهمس لكم ببعض النصائح الإرشادية التي ستساعدكم حتما لتخفيف حدة ضغط الدراسة و ما تشعر به من توترات و قلق مصاحب لها:
- كُن مع الله، ثق تماما أن حياتك كُلها بيد الله ومتى استشعرت هذا الأمر هان عليك ما أنت فيه فلا تدع القلق والخوف يسيطران عليك
- إحرص كل الحرص على إدارة الوقت، فالوقت بمثابة الملك في هذه الحرب، إذا لم تحافظ عليه ستنهار مملكتك بالكامل، وهناك العديد من الطرق التي تُعينك على إدارة وقتك بكفاءة عالية حتى تحصل على أقصى استفادة، مثل مبدأ باريتو 20\80، و مصفوفة الأولويات، وغيرها الكثير من التطبيقات الموجودة على شبكات الانترنت التي سيمكنك إتباعها من جودة التعلم و الإستفادة القصوى من التحضير الجيد و تغطية المنهج .
- خصص وقتاً للراحة، بعد كل مجهود تقوم به ، كافئ نفسك وخصص وقتاً لتقوم بعمل تحبه، حتى تعود للمذاكرة وأنت في قمة النشاط والتركيز دون أن تشعر بالذنب أو التعب
وأخيراً، كلمة أوجهها للأهالي، الثانوية ليست مقياس لمدى حُسن تربيتك لأبنائك أو حتى مقياس لشكل مستقبلهم، بل هي نهاية مرحلة لبداية مرحلة جديدة، المهم في هذه المرحلة أن تكون سندا لابنك أو إبنتك مهما كانت نتائجهم أو أدائهم، صحتهم النفسية هي التي تجعل منه او منها إنسان سوي قادر على اتخاذ قرارات أهم من النتائج التي سيحققها، فلا تكن أنت والزمن عليه، لا تضغط عليه بالشكل الذي ينفره منك حتى لا تخسر ابنك ويخسر هو مستقبله، فتكون أنت الخاسر في الحالتين. كن محفزا لهم بكلماتك الإيجابية و متابعا لهم لمساندتهم فيما يحتاجون اليه و داعيا لهم بالتوفيق فالله لا يخيب أمل من يلجأ اليه.
إيها الطالب و الطالبة وصلتم إلى مفترق طرق فإجعل النهايات السعيدة تقدك إلى بدايات أسعد. خطط جيدا فالفشل في التخطيط هو بحد ذاته تخطيطا للفشل و تذكر دائما أن تجعل افكارك و مشاعرك إيجابية يحدوها الأمل لتحلق بك إلى عوالم تجعلك تلاحق أحلامك ، فالمستقبل يملكه أولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم.
نوف الغيلانية