نصبح ونمسي، ونعيش الحياة اليومية التي لا تخلو من الحديث والنقاش وتبادل الأفكار والآراء ووجهات النظر التي لا تنتهي لكوننا نعيش في بيئة ومجتمعات تتطلب منا المجارات والحوارات في كل مكان نلتقي فيه مع بعضنا البعض.
ومن ضمن الكلمات والعبارات التي أسمعها دائمًا هي عبارة ” نحنُ أمةٌ لا تقرأ” حتى أصبحت كأنها مما هو مسلم به من القول، وأتساءل هل نحنُ كذلك، أم إننا عكس هذا الواقع؟ وهل نحنُ في الصواب حين نقول هذهِ العبارة؟
في إعتقادي إننا لا نستطيع القول بالتعميم على الجميع، فهناك رغم ترديد وتداول هذا القول الكثيرون من القراء والمثقفين والكتّاب والشعراء والأدباء والباحثين بل والناس العاديين يمارسون القراءة.. إذًا حقًا الأمر يتطلب إلى بحث علمي دقيق في هذا الجانب، لأننا ليس لدينا إحصائيات عن أعداد من يقرأون ومن لا يقرأون وإنما نعتقد فقط ذلك لما نعرفه عن انشغال أغلب الناس عن القراءة بالبحث عن مصادر الرزق وممارسة أعمالهم ومتابعة حياتهم اليومية وظروفهم الدنيوية، إضافة إلى تأثير وسائل التواصل المجتمعي في العزوف عن قراءة الكتب والمصادر الورقية إلى قراءة المحتوى الالكتروني عبر أكثر من وسيلة من القنوات والتي ينبغي ملاحظة أنها في جميع الأحوال خاصة مع تحول الكثير من الصحف المحلية والعربية والعالمية إلى الإصدارات الإلكترونية بديلًا للصحف والمجلات الورقية، وكذلك وجود الكتب والمؤلفات ضمن المحتوى الالكتروني، مما يمكن هواة القراءة من أن يمارسوا خلالها هواياتهم دون الحاجة إلى الكتاب الورقي على اختلاف الرأي بين مؤيدي القراءة الورقية الذين يفضلونها على القراءة عبر الوسائل الالكترونية.
في فترة قصيرة مضت تحاورت مع أحد الأصدقاء ألفَ كتابًا عن حياة البادية، وكان سؤالي عن الكتاب أين سأجده؟ فقال أنا اكتفيت بنشره من خلال منصات التواصل الإلكتروني بديلًا للمطبوعات الورقية التقليدية، والسبب وفر عليه من وجهة نظره تكاليف الطباعة والنشر والتوزيع، فقلت له صحيح غير أن ذلك لا يغني عن وجود الكتاب على رفوف مكتباتنا سواء كانت العامة أو الخاصة، وبصراحة لا أتمنى أن تختفي مؤلفات الكتّاب عن المعارض الأدبية، “وخير جليس في الزمان كتابُ”
خلاصة القول نحنُ بحاجة إلى جهود أكبر لزيادة أعداد القراء، ويجب علينا تشجيع الأبناء على القراءة منذُ الصغر لتكون عادة لديهم في المستقبل، وهذا ما أعتقد أنه دور هام لابد أن تعتني به الأسرة والمدرسة ومنابر المساجد، وتدعو إليه وتحث عليه كافة الوسائل الإعلامية والمؤسسات التربوية حتى يمكننا أن نعود لنقول إننا أمة تقرأ، بل تقرأ وتعي وتفهم وتتطور وتعود لتكون بجدارة أمة (إقرأ). قال تعالى ” مخاطبًا رسوله الكريم: ٱقۡرَأۡ باسمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ؛ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ؛ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ؛ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ؛ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ (صدق الله العظيم).
الكاتب/ خليفة البلوشي
