ما أن تطالع الجريدة أو تشاهد أو تستمع إلى وسائل اﻹعلام إلا وترى عناوين براقة مثل اﻹعلان عن اﻹستراتيجية الوطنية الفلانية أو إجتماع أو إقامة مؤتمر أو ندوة إقليمية للتدارس حول موضوع معين أو رفع توصيات أو تنفيذ خطة ، فأصحبت هذه الكلمات على سبيل المثال “إستراتيجية ، دراسة ، توصيات ، أو إستعراض الخطط ، اﻹستعانة ببيت خبرة ، دراسة قانون ” أو ما شأبهها من مصطلحات تزيد من إحباط المواطن بسبب كثرة تداولها في وسائل الإعلام ، ويتزايد ملل المتابع في التجاذب الطويل حول المشاريع المرتقبة والمامؤلة والتي نقاشها تداولها يستمر بالسنوات في اروقة مجالس الشورى و الدولة و باقي المجالس المختلفة .
وهذه الدراسات او الاستراتيجيات في كثير من الاحيان لا تتأخر وحسب بل تختفي ولا ترى النور إلا اليسير من المشاريع التنموية التي يطمح إليها المواطن .
فهل تشائم بعض المواطنيين في محله ، علما بأن المسؤولين المعنيين بالتنفيذ يرددون بأن العمل جاري على قدم وساق وحسب الخطط الموضوعة ، ويستمر كلامهم على النحو التالي : مهما علمنا وأجتهدنا فإن المواطن لن يرضيه أي عمل مهما كان ، حيث يرى المسؤول أنه من غير المنصف جلد الذات وأن يقارن المواطن الوضع في عمان مع بقية دول الخليج أو الدول المتقدمة ، فكما يلاحظ الجميع تزايد حدة نقد السياسات الحكومية عندما تنتشر بين وسائل التواصل اﻹجتماعي إنجازات تخص دول الخليج كمثال
ترى ما سبب ضعف تنفيذ إلاستراتجيات والخطط التنفيذية في الواقع وبشكل دينامكي متسارع يتناسب مع سرعة العصر ويتوافق مع تطلعات المواطن المحاط بوسائل تجعله يقارن بين مدرسته ومجتمعه وقريته وجامعته باﻷخرين ، هل سبب البطء أو فشل بعض اﻹستراتيجيات في بعض اﻷحيان يكمن في إرتباط هذه اﻹستراتيجيات بوزير معين وعندما يعين وزير أخر ينسف أعمال من سبقه ، أما البيروقراطية القاتلة لكل تطلع وطموح ، أم وجود طاقم تنفيذي في المؤسسات الحكومية التي تؤمن بنظام معين لا يمكن تغيره المؤمن بمبداء “هذا ما وجدنا عليه أبائنا وأجدادنا ونحن على خطاهم ماضون” ولا مجال لتمكين الشباب في الوقت الراهن ، أم أن هذا الطاقم التنفيذي منهك بأعمال إدارية روتينية وعضويات لمجالس ولجان لا تعد ولا تحصى ، أم تداخل اﻹختصاصات بين التشريع والتنفيذ والمتابعة ، أم قلة اﻹمكانيات البشرية التي تفوق ما هو مكتوب في هذه الخطط والدراسات واﻹستراتيجيات ، أم قلة اﻹمكانيات المالية التي عادة من يرددها المسؤول ، أم إنعدام الرؤية والتكامل والتنسيق بين أجهزة الحكومة المختلفة وكل جهة تتصرف كأنها اﻷقوى والمالك الوحيد للقرار ، أم عدم وجود مصلحة للبعض في تنفيذ هذه اﻹستراتيجيات التي ربما ستضره بشكل أو بأخر ، أم تصرف بعض المسؤولين حسب أمزجتهم وتكون القرارات عشوائية وإرتجالية لا تتوافق مع المنهج العلمي ، أم عدم كفاءة مسؤولينا في بعض الجهات ، أم عدم وجود أدوات ومعايير للمتابعة والتقييم والمحاسبة.
مهما تعددت اﻷسباب ، تبقى النتيجة واحدة وهو بطء تنفيذ المشاريع وإتساع الفجوة والثقة بين المواطن بالجهاز التنفيذي للدولة ، وإنتشار ظاهرة خطيرة وهي تشأم وتذمر الكثير من المواطنين ، ولكي نكون جزء من الحل ، دعنا نفكر بصوت مرتفع ولنتسأل هل توجد حلول للمعالجة بشكل جذري يمكن للحكومة أن تتبعها للإسراع لمواكبة تطلعات “مواطن” القرن الحالي ، أرى أن الحلول موجودة والجميع ينادي بها في دراساته وخططه التي قدمها مرارا وتكررا لمسؤوله اﻷكبر ، لكننا في هذا المقام يمكن طرح بعض الأفكار ربما تكون صائبة
أهم هذه اﻷفكار إقامة مؤتمر وطني موسع ليس لمناقشة اﻷفكار ، فقد تعدينا هذه المرحلة منذ زمن طويل ، إنما مؤتمر يحضره كل المشرعين والتنفيذين والمفكرين والمختصين ليجاوبوا على هذا السؤال “لماذا الخلل” ، بدون وجود هؤلاء جمعيا تحت سقف واحد ، وبدون أجندة واضحة لكل مسؤول حكومي وجدول تنفيذي واضح محدد بالنتائج والوقت ، وكما يطالب البعض بإنشاء وزراة للأشغال ، وإلا فإن مسلسل الخلل سيستمر لا محاله ، وسنعود لمسلسل الإستراتجيات الوطنية والنقاش المكرر والمربع المريح وهو المربع اﻷول.
بقلم : خلفان الطوقي