بدون أن يعرف السبب المباشر، عرفت المنطقة العربية طاعوناً غريباً، يبدأ بقتل الفتيات أو العذارى أو الجواري، وسمي لذلك، طاعون الفتيات. ولم يحدد الإخباريون العرب الذين تحدثوا عنه، سبب اختيار هذا الطاعون، للعذارى، أولاً، ثم تحوله، لاحقاً، لحصد أرواح الآخرين.
وحدّد المؤرخون والرواة العرب، ضحايا هذا الطاعون، بالفتيات، أو العذارى، دون أن يشتمل ذلك على الذكور، ليبقى الأمر لغزاً إخبارياً، من ساعة تفشي طاعون الفتيات، سنة 86 للهجرة، في الشام والعراق. ولو كان قصد بالعذارى، صغر السن، فقط، لكان شمل صغار الذكور أيضا. إلا أن المؤرخين العرب، أكدوا على صفته المحددة بأنه طاعون يطيح بالفتيات أو العذارى، حصراً، ومنهن اكتسب هذا الاسم.
لهذا سمّي بالعذارى والفتيات والنساء
وقال الحافظ إسماعيل ابن كثير، 701-774 للهجرة، في تاريخه الكبير (البداية والنهاية) في وفيات سنة 86 هـ: “وفيها كان طاعون بالشام والبصرة وواسط، يسمى طاعون الفتيات، لأنه أول ما بدأ بالنساء، فسمّي بذلك”.
وكان ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، 213-276 هـ، في مصنفه المشهور (المعارف) قد قال: “طاعون الفتيات، لأنه بدأ في العذارى، والجواري، بالبصرة والشام والكوفة”.
ويشار إلى أن ثمة اختلافاً بين الإخباريين العرب، حول تحديد سنة طاعون الفتيات هذا، ففيما أكد ابن كثير، إنه في سنة 86 هـ، وضعه آخرون في سنة 87، كما في (الفتوحات الربانية على الأذكار النووية” لمحمد بن علان البكري الشافعي المتوفى سنة 1057 هـ، فيضعه في سنة 87 ويقول: “وسمّي طاعون الفتيات، لأنه بدأ في العذارى، في البصرة وواسط والكوفة والشام”.
ويأتي تفصيل آخر في المصدر السابق، حول لغز الطاعون الذي أطاح أولا بالنساء، نقلاً من السيوطي: “سمّي طاعون الفتيات لكثرة من مات فيه من النساء والعذارى”.
وكذلك فعل الحافظ ابن حجر العسقلاني 773-852 هـ، في (بذل الماعون في فضل الطاعون) فقال: “وفي سنة سبع وثمانين، كان طاعون الفتيات، لكثرة من مات به من النساء الشواب”. مع الإشارة إلى أن العسقلاني، كان فقد ثلاثاً من بناته، بوباء الطاعون، والكبيرة منهن، وتدعى زين خاتون، ماتت بالطاعون سنة 833هـ وهي حامل.
ويؤكد (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام) للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المتوفى سنة 748 هـ، تاريخ طاعون الفتيات بسنة 86، وعنها يقول: “وفيها كان طاعون الفتيات، لأنه بدأ في النساء”.
واكتسب طاعون الفتيات صفة (الجارف) بحسب محققين معاصرين، وهي الصفة التي تقال عن الوباء الذي يفتك بعدد هائل من البشر، فيجرفهم كما يجرف السيل الأرض. مع الإشارة إلى أن الخلط بتحديد سنة طاعون الفتيات، استمر حتى لدى محققين عرب معاصرين، فقالوا إنه سنة 87، فيما كبار المؤرخين العرب، وضعوه في أحداث سنة 86.
بالإضافة إلى طاعون الفتيات، فثمة طاعون آخر، كان يستهدف (الشرفاء) وسمّي بهم، حيث حصد منهم الكثير، بحسب الأخبار العربية من تلك المرحلة ما بين سنتي 86 و87 للهجرة، وبين هذين العامين وقع إخباريون كثر بخطأ تحديد سنة طاعون الفتيات الذي لم تنقل المصادر سبب سقوطهن، حصراً، ضحايا لذلك الطاعون العنيف.
ومن أشهر الطواعين العربية، إضافة إلى طاعون عمواس سنة 18 هـ، هناك عدة طواعين وصف كل واحد منها بالجارف، طاعون سنة 69 هـ وسنة 79 وسنة 119 وسنة 127 المسمى طاعون غراب، وطاعون سنة 131.
وجدير بالذكر أن العرب تركوا في الطاعون أكثر من ثلاثين مصنفا أساسيا، بالإضافة إلى ما تركوه في أقسام منفصلة في مصنفاتهم، عن الطاعون، وهي تكاد لا تحصى.
المصدر: العربية.نت – عهد فاضل
#عاشق_عمان