كل عام وأنتم بخير بقدوم شهر رمضان المبارك جعله الله سبحانه وتعالي شهر نور وبركة وخيرورحمات علينا أجمعين .. ويأتي رمضان هذا العام علّي شخصيا وقد فقدت شخصا عزيزا على قلبي هي والدتي الغالية – رحمها الله – التي أخذت مني بهجة كنت أتحلى بها في أحلك اللحظات، لإني كنت أستجير بدعائها ، فيدفع عني الله الابتلاءات ويبدلني رضا وقناعة ويريح قلبي ، ولكني علي أي حال راض بقضاء المولي سبحانه وتعالي وألتحف بالصبر الجميل في إطمئنان وحسن ظن بالله على مصير أمي ..ولكني أمضي على طريق الحياة مستكملا مشواري الذي قدره لي الله محاولا أن أحمل مشعل نور لابنائي وأهلي وأهل وطني العربي الكبير .

ومن هنا ومع بداية شهر الصيام ،أهنيء أبطال منتخبي مصر والسعودية للشباب الذين يتألقون ويرفعون رأس الكرة العربية في سماء كأس العالم للشباب في كرة القدم المقامة في كولومبيا.. أبطال شباب الفراعنة وأبطال الاخضر السعودي حققا بداية نموذجية في البطولة ، فقد استطاع المنتخب المصري ان يقترب بنسبة تتجاوز ال90% من وجهة نظري من التأهل لدور ال16 عن المجموعة الخامسة بعد أن جمع أربع نقاط من مباراتين، الاولي حقق فيها تعادلا بطعم الفوز مع المنتخب البرازيلي الشهيرالمرشح للمنافسة علي اللقب بهدف لكل فريق وكان الاقرب لإحراز الفوز لولا التفريط في بعض الفرص الثمنية ، وكانت مباراة للشهرة لقي فيها الفريق المصري كل الثناء والاستحسان من الجميع وخاصة مدرب ولاعبي الفريق البرازيلي ، وفي المباراة الثانية انتزع المنتخب المصري فوزا عسيرا امام منتخب بنما بعد مباراة معقدة ظلت معلقة حتي صافرة النهاية وكان وراء ذلك اسباب سأعود اليها سريعا !
اما المنتخب السعودي فقد حقق فوزا مبهرا على منتخب كرواتيا بهدفين نظيفين في المجموعة الرابعة وعبر عن امكانياته وبراعة لاعبيه وصار مرشحا بنسبة كبيرة هو الآخر للتأهل لدور ال16 لان مباراته الثانية ستكون امام منتخب جواتيمالا الذي تعرض للتحطيم المعنوي والفني بعد هزيمته بخمسة أهداف امام نيجيريا في مباراته الاولي ، وإن كنت أخشى علي الاخضر السعودي وسأعود لذلك أيضا بالتفصيل !

وأعود إلي نقطتي المهمة التي لابد من اثارتها سواء حول صعوبة وتعسر الفوز المصري علي بنما الاضعف بالتأكيد من المنتخب البرازيلي ، أوحول خوفي المبرر علي المنتخب السعودي في مباراته القادمة امام جواتيمالا الضعيفة بعد منتصف ليل الخميس ، وهذه النقطة هي اضطرار لاعبينا المصريين او السعوديين إلي اللعب وهم صائمين بل وفي اخر ساعات الصيام ، كما ظهر لاعبو المنتخب المصري وهم يشربون لكسر صيامهم قبل دقائق قليلة من نهاية المباراة بعد حان آذان المغرب بتوقيت كولومبيا ، وهو نفس التوقيت الذي سيلعب فيه المنتخب السعودي .. ومن المعروف والثابت علميا مخاطر الصيام علي لاعب الكرة وخاصة فقدانه للسوائل والجلوكوز والسعرات الحرارية، وللاسف يواصل الفيفا تخاذله بشأن احترام مناسك المسلمين بتأجيل مبارياتهم في شهر رمضان لما بعد الافطار في المباريات الدولية ، والاسوأ هو تقاعس وإهمال اتحادات الكرة في البلاد الاسلامية عن المطالبة بذلك لوقاية لاعبي منتخباتها من مخاطر الموت المفاجيء الذي يهددهم وهم يلعبون مبارياتهم وهم صائمين .. وهذه بكل أسف قضية أثيرها سنويا وبإلحاح ووصلت لاكبر مسئولي الفيفا والاتحادات القارية والاهلية دون استجابة رغم أنهم يعرفون صحة كلامي وبعضهم للاسف من المسلمين !.

ووبعيدا عن سوء الفهم او التفسير الخاطيء لكلامي ، فإنني لا أدعو إلى استصدار فتاوي تجيز للاعبين الافطار، رغم بعض الاراء الفقهية التي تبيح ذلك ، ولكني أوضح مخاطر اللعب لابنائنا وهم صائمين مؤكدا بحقائق علمية أن هذه الاخطار قائمة ولكن الفيفا يتقاعس ولا يدرس الامر بطريقة جادة ومخلصة والمؤسف اننا المسئولون المسلمون في اتحادات الكرة نتخاذل ونتقوقع ونهمل في أداء واجبنا بحماية ابنائنا وإجبار الفيفا على احترام تكاليف ديننا الاسلامي والمشاعر والواجبات الدينية للمسلمين .. واستأذنكم في إعادة نشر مقال سابق لي بمجلة "سوبر الاماراتية" طيب الله ثراها، وقد نشرته في رمضان قبل الماضي منذ عامين عن نفس هذا الموضوع ويعرض قضية مخاطر الصيام وتخاذل الفيفا واهمال اتحاداتنا الكروية في الدول الاسلامية:

والمقال كان عنوانه ( الموت المفاجيء للاعب صائم ) .. ونصه ما يلي:
’’ كل عام وأنتم بخير، بدأ شهر رمضان الكريم بنفحاته وبركاته وسعادة المسلمين به وأملهم أن يكون شهراً للتوبة والاستغفار وتعويض ما فات والتقرب إلى الله طلباً لمغفرته ورحمته ورضوانه.. وأدعو الله العلي الجليل أن يتقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا وأن يجعلنا جميعاً في زمرة عباده الصالحين المقبولين الذين كتب لهم الجنة وأعتقهم من النار.
وانطلاقاً من فهمي لدوري ورسالتي الإعلامية حتى لو كررت نفسي أحياناً، أعيد اليوم فتح ملف الصوم وممارسة الرياضة، وبالذات كرة القدم، مشدداً على ضرورة تغيير مواعيد المباريات المحلية والدولية لتقام بعد الإفطار لتجنيب لاعبينا المسلمين المخاطر الكبيرة لمشاركتهم في مباريات وهم صائمون، لأن الحقائق العلمية والطبية تؤكد أن اللاعب الصائم يواجه خلال المباراة نقصاً شديداً في الماء والأملاح المعدنية، خاصة الكالسيوم وانخفاض مستوى الجلوكوز في الدم، ومع الجري لعدة كيلومترات وبذل مجهود كبير في اللعب يتعرض اللاعب إلى الجفاف والإرهاق والإجهاد الكبير والنتائج الصحية المترتبة على ذلك تتراوح بين سهولة التعرض للإصابات المختلفة، خاصة الشد والتشنجات العضلية والتهاب الأربطة، وصولاً إلى إجهاد عضلة القلب وإمكانية فقدان الوعي والإصابة بنوبات قلبية، وما قد يلي ذلك من تهديد حياة اللاعب وتعرضه للموت المفاجئ!

الحمد لله أنه لم يسقط لاعب صائم ضحية الموت المفاجئ حتى الآن، لكن هل ننتظر حتى تحدث الكارثة، ونحن نتجادل حول فتاوى تحرم إفطار اللاعب المسلم في رمضان أو تجيزه وفقاً لاجتهادات فقهية يشوبها عدم الدقة بكل أسف لأنها لا تعرف ولم تدرس الآثار والمخاطر الصحية التي يتعرض لها اللاعب الذي يشارك في المباريات سواء رسمية أو ودية، وهنا أستغرب تجاهل علماء الدين والفقهاء لرأي الأطباء كما يحدث في فتوى إباحة الإفطار للمريض بناءً على استشارة ورأي طبيب مسلم.. وهذا ما حدث مثلاً في فتوى دار الإفتاء المصرية التي يقول نصها: "اتفق العلماء على أنه يجوز الفطر للأجير - العامل بأجر - أو صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يضعفه عن عمل".. الفتوى أشارت إلى تضرر الأجير من الصوم وإلى شعوره بالإجهاد، لكنها تجاهلت المشكلات والمخاطر الصحية التي قد تودي بحياة لاعب الكرة خلال عمله ( لعبه ) في المباريات وهو صائم . وأستغرب أكثر من قصور الاجتهادات والمعالجات الإعلامية، خاصة التليفزيونية لرأي العلم والطب في هذا الموضوع الحيوي.

ولأنني أهتم بهذا الموضوع منذ سنوات وأنبه باستمرار إلى متابعة الدراسات والابحاث الخاصة بأخطار الصيام على اللاعبين وأطالب الاتحادات الكروية والهيئات والاندية الرياضية بإقامة المباريات والتدريبات بعد الإفطار، فقد تابعت مقالاتي واجتهاداتي في رمضان الماضي وكتبت مقالتين ووجهت نداء وتحذيراً إلى الفيفا والاتحادين الآسيوي والأفريقي ورئيسيهما المسلمين محمد بن همام وعيسي حياتو، لاحترام صيام اللاعبين المسلمين والالتزام بإقامة المباريات بعد الإفطار، وكان من حسن حظي دعوتي إلى حضور حفل افتتاح مستشفى اسبيتار الدولي للطب الرياضي في العاصمة القطرية الدوحة الحاصل على اعتماد الفيفا كمركز أبحاث وعلاج دولي، وهناك قابلت أكبر شخصيتين عالميتين في الطب الرياضي الكروي وهما البلجيكي د. ميشيل هوج عضو اللجنة التنفيذية للفيفا ورئيس اللجنة الطبية والسويسري د. جيري دفوراك رئيس مركز الأبحاث والتقييم الطبي في الفيفا والمشرف على المراكز والمستشفيات العشرة المعتمدة من الفيفا عالمياً وآخرها مستشفي اسبيتار.. وكانت فرصة للتحاور معهما، خاصة د. دفوراك الذي أشرف على دراستين علميتين ميدانيتين عن تأثير ومخاطر الصيام على اللاعبين المسلمين لم تسفرا عن نتائج قاطعة أو حاسمة ، وأوضحت للرجل عدم كفاية الدراستين وقد وافقني علي هذا الرأي وكذلك على ضرورة إجراء دراسات جديدة ترصد ذلك، وأكدت في حضوره على ضرورة إقناع الفيفا بحماية اللاعبين المسلمين من المخاطر وتوفير تكافؤ الفرص في المباريات بين فريقين يكون أحدهما صائماً والآخر في حالته الطبيعية وضرورة تدخل الفيفا لتغيير مواعيد المباريات لتقام بعد الإفطار.. والمؤسف أنني نبهت قبل ثلاثة أشهر تقريباً على ضرورة تبني مبادرة من اتحادات الكرة في الدول الإسلامية وعددها يزيد على 50 اتحاداً من الاتحادات القارية التابعة لها، بطلب تغيير مواعيد المباريات لأنديتها ومنتخباتها، لكنها نست أو تجاهلت الأمر، وأصبح الأمر الواقع أن يلعب لاعبونا صائمين مبارياتهم الدولية، بينما يثار ويتصاعد الجدل عن فتاوى ورخص الإفطار وليس حول مخاطر مشاركة لاعبينا في المباريات وهم صائمين، وإدانة إهمال الاتحادات وتقاعسها عن حماية لاعبيه،ا ومطالبة الفيفا والاتحادات القارية، باحترام شعائر وخصوصية الدين الإسلامي.. يؤسفني أننا لن نستيقظ إلا متأخرين إذا وقعت الكارثة وسقط أحد الضحايا صائماً في الملاعب!! ,,


انتهت مقالتي القديمة المتجددة التي مازالت اسبابها قائمة ، ومازلت أدعو وأحذر كل المسئولين في الاتحادين المصري والسعودي للمسارعة بالطلب من الفيفا بمراعاة تكافؤ الفرص بين الفرق المتنافسة ، بتأخير مباريات منتخبي مصر والسعودية في المونديال الكولومبي ، إلى مابعد الافطار مراعاة لمشاعر اللاعبين الذين يتمسكون بالصيام وتعاليم ديننا الحنيف وكذلك لتوخي الحذر حول مخاطر اللعب خلال الصيام وآثاره الجسيمة على صحة لاعبينا وحتي على فرصهم في المنافسة العادلة .. وقد رأينا آثار الصيام - صحيا وبدنيا وذهنيا - على لاعبي مصر وهذا ما أخشاه على لاعبي السعودية .. وأرجو من كافة المسئولين وخاصة سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم والامير نواف بن فيصل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم .. أرجو أن يأخذوا كلامي علي محمل الجد .. لست أهدف إلى شهرة أوإثارة، ولكنه الضميروالواجب والشعور بالمسئولية.. ألا هل بلغت .. اللهم فأشهد .