كيف تنظر في عينيّ الحزين ولا تحزن؟! كيف تحدق في عينيّ الخائف ولا تستبد بك الشفقة؟! من جفف ينابيع الخير في النفس الإنسانية؟! أية مادية قاسية قد جعلت القلوب الإنسانية حجارة أو أشد قسوة؟!
هذا الألم الطاغي الذي يلف الحياة الإنسانية: استعباد وإذلال وتشريد وتجويع وإفقـار ومرض كل هذه العوامل تشكل مأساة الإنسان في عصر العولمة والتحرر وحقوق الإنسان..
احمل جواز سفرك وانطلق في مطارات العالم لتجد كيف يقسم الناس إلى نبلاء ورعاع.. تابع صادرات المواد الغذائية لتعلم كيف أن ما يصدر إلى عالم البسطاء قد لا يرضى السادة أن يقدموه لحيواناتهم..
ومع كل أشكال الحرمان القاسي والمتحجر يأتي الحرمان الأقسى في تجريد الإنسان من إيمانه بأن ثمة يداً علوية حانية تمسح عنه آلام الجرح كلما أمضّته.
الحزن في عيون الآخرين.. والخوف في عيون الآخرين.. تلك هي قنوات التواصل الإنساني التي يضرب وليم بليك معوله لتفجيرها في هذه القصيدة.
حزن الآخر
هل أستطيع رؤية حزنه
ولا أكون حزيناً مثله؟!
هل أستطيع أن ألامس أساه
ولا أواسيه؟!
هل أستطيع مواجهة دمعة تستهل
ولا آخذ سهمي من الألم..
هل يمكن لأب أن يسمع بكاء طفله
ولا يستبد به الحزن؟!
هل يمكن لأم أن تسمع أنين وليد
من ألم أو من خوف..
ولا تألم أو لا تخاف؟!
لا يمكن ذلك أبداً
أبداً لا يمكن ذلك..
هل يمكن لمن يحمل الحب للجميع
أن يسمع هديل الفراخ الحزين
ولا يغشى العش بسابغ الحنان..
هل يمكن لمن يسمع تنهدات طفل
ألا يجلس بجانب المهد
يخلط دمعه بدمع الوليد..
(الرحمن الرحيم)
يبسط يده في الليل والنهار
يكفكف الدموع.. ويواري الأحزان
بملاءة النسيان
(الرحمن الرحيم)
يهدي السعادة للأطفال..
ويبدد برفق أحزان الرجال..
ولا تظن أنك قد تطلق حسرة
ولا يكون بارئك منك قريباً
لا تظن أنك قد ترسل دمعة
ولا تقع في كف الرحمن..
هو دائماً يسبغ علينا الرضى والرضوان
ويزيل عنا الأسى والأحزان
(فمتى يشعر إخوان الكرد المسلمون من حكام العرب والترك والفرس تجاه إخوانهم الكرد المسلمين بما شعر به وليم بليك غير المسلم، فيمسحوا عنهم الدموع التي تسببوا بها لهم؟).