::
::
أكثر ما يجعلني حانقة على المجتمع هو هذا الفصام المجتمعيّ الذي يعاني منه البشر المحيطون ، ربما أوعز هذا الفصام لـ النقلة الإقتصادية ، والتكنولوجية التي تعرّض لها المجتمع العُمـاني خاصة ً دون أن يُتاح للمواطنين فرصة الإنتقال التدريجي من مستنقع الفقر المفرط للجميع إلى مستنقعٍ آخر يحوي الطبقية ، والسماء المفتوحة عن بكرة ِ أبيها !
بالنظر لما حدث خلال العقود الثلاث الماضية سنلاحظ أن الإنفتاح الاقتصادي ، والتداخل الحضاري ، والانحدار الاجتماعي وتنوّعه أثرّ سلباً على موروثات المواطن العُمـاني ومعتقداته سواء ً تلك المجتمعية أو الدينية أو حتى الأخلاقية مما يجعل الفرد منا يتعرّض لتيارات متضادّة بين الحفاظ على الموروث الأخلاقي في ظل العتمة والعزلة التي كان أجدادنا يعيشونها وبين الانفتاح اللافت للنظر الذي نعيشه ، ونتعايش معه !
الكثير لا ينجوا من هذه التيارات ْ فنجده يعاني ذلك الفصام الأخلاقي والديني ، فنراه صباحا ً يدعي الفضيلة ، و يسابق الناس لفعل الخير ْ ، ويكره الرذيلة ويستعيذ بالله منها .. وفي المساء يمارس شغبه ورغباته بطريقة فاضحة للغاية ْ ..!
وفي مجمل حياتنا اليومية سنجد الكثير من المشاهد التي لو أمعنّا النظر فيها لوجدنا كم هي مقززة ، وتدعو للألم !!
في السابق كانت علاقة الجنسين محصورة في نطاق صلة الدم أو الزواج ، وكان الفصل بين الجنسين يطبق في أوساط كثيرة إلى حدٍ مريض أنتج ولا زال ينتج، حيثما وجد، نماذج بشرية مريضة، و فاشلة في التواصل الطبيعي مع الجنس الآخر.
لكن بعد الطفرة الاقتصادية والمعرفية والتعليمية.. خرجت النساء إلى سوق العمل وبقوة وأصبحن زميلات عملٍ ودراسة ، ولم يعد تواجد المرأة في الأماكن العامة مقيداً كما كان، فهي في الأسواق والمجمعات التجارية والمقاهي والمطاعم ودور السينما، وحدها أو مع عائلاتها. ولم يعد التواصل بين المرأة والرجل من خلف حجب وجدر وأسوار، بل أصبح للمرأة خط هاتف معروف لا يفارق يدها وبريداً الكترونيا ومكتباً معروفا.فكان من الطبيعي أن تتغير علاقة المرأة بالرجل وتتخذ أشكالاً جديدة لم تكن منتشرة من قبل.
لكن بدل من أن يكون هذا أمراً صحياً طبيعياً، صار معضلةً جديدة ومرآة أخرى تعكس فصامنا وأمراضنا.
ظروف الحياة الآن تفرض على المرأة أن تعمل قرب الرجل، لكن الاثنان لا يعرفان كيف يتعاملان بشكل طبيعي وصحي مع بعضهما .. فإما الحياء والانغلاق الزائد إلى حد الجفاء، وإما التقارب الزائد إلى حد السماجة وقلة الأدب.
طبعاً هناك نماذج أخرى لعلاقات صحية ، لكن الأغلب هم من النماذج أعلاه.
الشكل الآخر من أشكال العلاقة بين الجنسين في مجتمعنا هو الحب الذي لا يعرف من الحب إلا اسمه، حيث نماذج الحب الصادق والحقيقي قليلة، والأغلب هو أقرب إلى البوي فريند والجيرل فريند. لكن كل شيء في بلادنا مختلط ببعضه وكل شيء صار اسمه حب!
.
.
وهنا قد تجد فتاة مرتبطة بعلاقة مع شاب، لكنها تسب وتشتم كل فتاةٍ غيرها تكلم شاباً. طيب لماذا ماتفعلينه أنتِ صحيح وما تفعله هي خطأ؟!
وعندما تسألها: هل أنتي مع العلاقة بين الجنسين؟
تجيبك بكل حماس وحرارة: لا وألف لا ، هذا عيب وحرام.
.

.
هل تؤمن بالحب؟
نعم
هل تحب؟
أموت في فلانة
طيب متى ستتزوجان؟
امممممم..إن شاء الله لما أتخرج وأشتغل وأكون نفسي وأتزوج وحده غيرها من أهلي وأجيب أولاد وأولادي يكبروا ويكونوا نفسهم!
طيب أختك تحب فلان؟
ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لعنة الله عليها أين الخيزران ؟



.
.
طيب يا فلان ويا فلانة يامن تحبان بعضكما وتتكلمان بالهاتف 10 ساعات من كل 24 ساعة، وتلتقيان كل يومين مرة ويدور بينكما ما يدور : ما رأيكما في الصداقة العادية البريئة بين الرجل وزميلته في العمل؟

معاً وفي صوتٍ واحد: أستغفر الله العلي العظيم !!!!!!!! مايجوز الاختلاط!
طيب ما رأيكما في أن تصافح المرأة أخو زوجها؟
معاً وفي صوت واحد: أعوذ بالله هي الفتنة بعينها ..الحمو الموت..الحمو الموت..ولا يجوز أن تلمس المرأة يد رجل أجنبي!
هذه نماذج حقيقية ومنتشرة تعكس حجم الفصام المصابين به نحن. ولن أزيد بعدها تعليقاً.