[ لم أمضِ يوما واحدا دون أن أحبك، ولا ليلة واحدة دون أن أعانق طيفك]
.
.
كما لو أنّ لحظةَ الاصطدام تلك تتكرر بساديّة مفرطة ، لأصحو باحثةً عن وجهكَ
كما استفقتُ وقتها أبحث عنكَ في ما تبقى من حطام ٍ حولي !
حين يفارقني دفءُ الأمكنة ، ويباركني الشتاءُ
ليختمَ بتوقيعه على أطرافي الباردة ، التي ترتعش لا أعرف
أ عن بردٍ أم ارتباك ؟
وقتها .. أحتاجُ لوجهك حتى يخلع عني القرفصاء
ويُحاسِب الألم .. ما فعل بي ،
يجبُر أضلعي ، حتى تكتمل بتناسقِ القفص الذي
يحمل قلبك ً .. مكانا ً أخيراً في وطنٍ أخير
ها هو صوتك َ يأتي ، ليتعاركَ مع الكآبةِ المتوغّلةِ في غنائي
ويعاتب هذا الصمتَ إذ حطّ رحاله على صدري ليكسر منه ضلعين
ويبقيني بلا صوت .. حتى لا يكون لـ ألمي صوتُ الحزن!
حين تستوطنني الوحشة ، ويعانق الحزنُ مدني
حين تباغتني الفرحة ، وتمتلئ حنجرتي بالغناء
حين أصحو على صوتِ فيروز ، وأغفو في وسادةٍ تحمل عطرك
حين أفتحُ عينيّ متحدّيةً شمس الصباح ، وأغمضها حتى أغوي الحلم َ
فيرتبك بين عينيّ وجفني ..
حين أكون أنا في كل حالاتي الهلامية ، أحتاجُ وجهكَ حتى أستعيد الألوان
حتى أستعيد شهيّة الوقتِ ، ويكون لـ عينيّ لونُ الطينِ ، ولشفتي طعمُ السُكر
ولوجهي استدارةُ الكونُ .. ولحضوري قداسةُ الصلاة !
مَن قال أنّ الأبجدية ترتكزُ على ثمانية وعشرين حرفاً في حينِ أنها
لا تكتمل إلا بوجهك حين يُطِل عليّ كل صباحِ لأصحو كـ ملاكِ للتو اغتسل من الجنة
وارتدى حرائر الشوقِ من إستبرقها !
لازلتُ اذكر ما قالته ممرضتي حين رأتني لآخر مرة ، كانت تسألني عن سر تجمّد أصابعي
وارتعاش أطرافي ، كنتُ وقتها ألصق التهمةَ ببردٍ يعمّ المكان ، تعجبّت وهي تهزّ رأسها دهشةً
برد ؟.. في هذه الغرفة الدافئة ؟!!
ابتسمتْ بخبث لتقول أراهن أنه حبيبٌ يعبثُ بأوصالكِ ، توتّركِ كل خطوةٍ تمضينها للأمام بعيداً عن موطئ قدمه! ، وقتها بقيتُ مشدوهةً لحديثها ، أ يكون ما قالته مكتوبٌ حقاً في عينيّ كما ادّعت وهي تخرج من باب الغرفة ، لتبقيني أبحث كطفلةٍ عن مرآة ٍ أتأكد فيها من صحّة ما قالت !!
.
.
أذكر الآن ، أني كثيراً ما دعوتُ الله أن يحوّلني لـ ساحرة، أو امتلك تلك العصا القصيرة
التي بها أستطيعُ تحويل مشاعري لأشياء ألمسها ، اسقيها لتكبر أو أكسرها لتنتهي !
لكنني الآن في حيرة .. على أي شكلٍ سأحوّل شوقي إليكَ إذا ما استجاب الله لدعائي في ليلةِ القدر الآتية ..؟
صوتُ الطفلة بداخلي ينادي ، حوليه لـ قطعة سكاكر ، وذوبيه في أقرب بحرٍ وقتَ الفجر
و حينها لن أبالي إن أصبح بعدها ماءُ المحيطاتِ حلوا ً !!
صوتُ الأنثى ينادي أن أحيله لـ وردةٍ عصيّة على الذبول ، ليستحيل عطرها أوكسجينا ً أرفض تنفّس غيره
ويكون لـ حمرتها لوناً آخر للشوقِ ، و لـ شوكها لذّة الألم إذا ما ماتَ صريعاً كلما اقترب مني ، ووجدكَ
في رئتي تسكن !
.
.
حين يغدو البحر [ قارورة َ عطر ] ، يحمل في أمواجه بعضا ً من شوقي الذائب في جزيئاته
و على سطحه ِ يطفو وجهي ملتحماً بتقاسيمك ، يمتزِج عطري بأنفاسك َ ليغدو رائحةً لا تشبه
إلا الحب ولا يكون إلا طريقَ غِواية ٍ تحرسها ملائكةُ الله ِ كما تظللنا غمائمه !
أكون رغم أضلعي التي تؤلمني حتى اللحظة ، في حالةِ انتشاءٍ واضح ، لكأن صوتكَ مورفينا ً يكون لإدمانهِ
لغةُ الضرورةِ ، ضرورة ِ الحب ، إذ في حضرتي لابدّ منك ، وفي حضورك َ لا أكون بغيرِ وجهي !
لسنا كأي عاشقين ، يمر الحب من جوارهما ليتعطّرا بهِ ، وتضمّهما المقاهي لحظةَ سقوطِ المطر ،
نحنُ مَن يتعّطر بنا الحب حتى في أحلكِ لحظاتِ الخصام ، ويصنع من أنفاسنا عطره الذي يمشي مزهّوا به في أروقةِ السماءِ ، ليتباهى بنا كلما مرّ بهِ رجلٌ اشتاق حبيبته لحظةَ حنين إثرَ عِطر ممزوجٍ باسمنا !
نحنُ وحدنا مَن لا يهرب لحظةَ مطر ، ولا نبحث عن مقهى ً يكون كـ معطفٍ حتى لا يبللنا مطرُ اللهفة ، بل كنّا نستسقي السماء َ فتمطر ، ليبللنا فنكونُ مغموسين حتى أخمصَ الروحِ باللهفة ِ ، وخطيئة الحب الذي ما كنا نطلبُ من اللهِ إلا أن يزيدنا بها توغلا ً ، وأن لا يغفرها لنا .!
.
.
يا وجهَ الحلم ..
الأحلام كـ قافلة من وردٍ نحن ُ خطاها ، نمر بأرواحنا في طريقها المؤثث بالشوقِ ، والمعلّم بحبٍ يحمل بين طرفيه الحرف المتقاسم بين اسمينا .. ليحبنا الحب أكثر ، ويكون لوجههِ صوتُ شوقي ، ولأصابعهِ لذّة حنينك!
أنتَ مؤونةً فرح ، وظلالُ عشق ، وشوق ٌ ضاربٌ في عمقِ روحي ، وأنا طفلةُ الانتظار ، وأرض تستقي صوتك
كلما فاجأها الصمت !!

كـ تهجّد خاطِف /
أنت/ـمائي و انتمائي