"لازلتُ أشعر بمرارة ٍ في حلقي يا أناي "،
هكذا كانت تردد كلما ذهبتْ إليه في موعد ٍ مؤجّل لا يأتي فيه ،
كانت تنتظره ناحية الظل المسكون ِ بالصمت ،
وببضع ِ ذكريات ٍ قديمة عن فتية ٍ سرقوا رغيف الخبز من بائع ٍ أعمى !
كانت تدرك أن اختياره لهذا المكان ِ بالذات له الدلالة نفسها ،
حينما تسرقه من وحله ، لتجعل منه رجلاً قابلاً للحياة ،
بعد أن لامسه الموت ولطّخ وجهه بخيانات ٍ لا تنتهي !
لم يكن أكثر من تمثال ٍ يحمل في عينيه بريقاً مختلفا ً ،
وفي أصابعه كذبة ُ إبريل !
ولأنها لا تملك إلا إيمانها الذي اعتنقته ساعةَ غفلةْ ،
آمنتْ به معتقدة ً أنه طريق الحب القديم !
ولم يكن ْ !
في كل موعد ٍ كان يهرب كـ ريح ٍ لا تخلّف خلفها إلا أعذارا ً
تتناثر كبقع الغبار على أرصفةِ الشوارع ،
يتركها للصمت ِ الذي يحتلّ منها مدخل التنفّس وللصمت ِ طعم العلقم
حينما يتخالط مع دقّات الانتظار وشهيق طويل يتواتر مع ارتجاف الأصابع !
لم يكن يدرك حينها أنها وسيلته الوحيدة للجنة ،
ولم تدرك حينها أنه يقودها للهيب ٍ لن تخرج منه إلا معطوبة الحواس !
خرج هو من الجنة ِ على أقدام إحداهن ،
و بقيت هي تستحيل اللهيب لـ جنة ٍ تُسكِن فيها مَن يستحق جنتها لـ يكون دعاءهما فيها /
رب ّ إنا لطريقك َ سائرون ، فنجّنا من ذكريات الخائنين !
وأستجيب لهم .. كما يتمنون ْ !