في يوم من الأيام حيث لم يكن على سطح الأرض أحد من البشر ، إجتمعت الفضائل والرذائل مع بعضها البعض ، وكحل ٍ لمشكلة الملل والفراغ ، إقترح الإبداع لعبة أسماها " لعبة التخفي " .
أحب الجميع الفكرة .
و راح الجنون يصرخ بأعلى صوته ، أنا من سيبدأ العد .. أنا من سيبدأ العد .
وافق الجميع على أن يبدأ الجنون العد ، وأستعد الجميع لبدأ اللعبة .
وراح الجنون واستند بذراعية على جذع شجرة ، وبدأ بالعد .. واحد .. أثنان ... ثلاثة ... اربعة . ..
حينها أخذ الجميع بالتخفي . حيث وجدت الرقة لها مكانا في القمر . والخوف ذهب راكضا ليختبي في غرفة قديمة مظلمة بعض الشيء ، أما الفرح فحلق في الجو مع الطيور . الكذب قال بصوت ٍ عال ٍ : أنا سأختبي وراء الشجرة ، لكنه قفز في البحيرة .
بينما كان الجنون مستمرا ً في العد .. ثلاثون .. واحد وثلاثون ... إثنان وثلاثون .. ثلاثة وثلاثون ....
في هذه الأحيان ، وجد الجميع له مكانا للإختباء ، ما عدا الحب لم يستطع الإختباء ، لأنه لا يحب الإختباء ، ولأنه حتى لو إختبى سوف يكون ظاهرا للعيان ..حيث أنه لا يمكنه إخفاء نفسه ، فهو لا يحب الغموض والظلمة ، بل يحب دائما الوضوح والظهور .
وبينما كان الجنون مواصلا في عملية العد ... تسعون ، واحد وتسعون ..
في هذه الأحيان وقبيل أن ينتهي الجنون من العد .. قفز الحب في كومة من الورود
الجنون .. تسعة وتسعون .. مائة ..
بعدها أخذ بالصراخ .. جئتكم أيها الأصدقاء ، سوف أجدكم جميعا ً ،
كان الكسل أول من وجده الجنون ، حيث أنه لم يسعى كثيرا في إختيار مكان مناسب للإختباء ، وإنما إختبى وراء شجرة صغيرة ، بجوار الجنون وكان واضح جدا فكان من السهل إيجاده .
خرج بعدها الكذب مختنقا من قاع البحيرة ، وظهرت الرقة من القمر ، وحط الفرح من السماء حيث أن الجنون راءه .. بدأ الجنون يجدهم واحدا ً تلو الأخر .. وما تبقى غير الحب الذي تعب كثيرا في البحث عنه .
وبينما كان الجنون مستمرا في عملية البحث عن الحب ، وبينما كان مارا بجنب كومة الورود ، أحس بحركة غريبة فيها ، فقام وأخذ حزمة من الأشواك ، وأخذ يضرب بها الورود ويقطعها . وكأثر ٍ لذلك سمع بكاءً يقطع القلب وترتعش النفس من سماعه ، فذهب خائفا ليتعرف على مصدر هذا البكاء ، فإذا به الحب ، يبكي وتهطل من عيناه الدماء بغزارة .
الجنون : يا إلهي أنه الحب ، لقد أفقدك عيناك يا عزيزي .. سامحني يا صديقي لم يكن قصدي ذلك .. لم أكن أقصد .. لم أكن اقصد ..
سامحني يا أغلى من عرفته في هذا الوجود .. ليتني لم أكن أنا من يبدأ هذه اللعبة ..
فأجابه الحب ، وقد كان قوي الإيمان ، قريبا من الله تعالى ، راضيا بقضاء الله وقدره : لا عليك يا صديقي ، فأنا سوف أسامحك ، ولكن أطلب منك طلبا ً بأن تكون دليلي في هذه الحياة ، إن لم تمانع ..
فمن ذلك الوقت ، يمشي الحب أعمى ... يقووووده الجنون .