التوأمان


في قديم الزمان عاش راع فقير مع زوجته وذات يوم أنجبا طفلين أحدهما في النهار وأسموه نور والآخر في الليل وأسموه ظلام ..

وكان كل من نور وظلام يحب الوقت الذي ولد فيه فكان نور لا يحب الليل وظلام لا يحب النهار..
فكان نور يذهب للمدرسة يوميا وله العديد من الأصدقاء ويرجع للبيت باكرا ويجلس مع والديه ويحكي لهم قصصه ومغامراته التي تحصل معه بالمدرسة وبعدها يتجه لكتبه ليبدأ بالمذاكرة...

أما ظلام فقد حاولا أبواه معه كثيرا من أجل الذهاب إلى المدرسة ولكنهم لم يفلحوا في ذلك
فهو يقضي وقته في النهار في النوم وفي الليل في التجوال وحراسة الأغنام...

وذات يوم وأثناء تجوال ظلام في ساعة متاخرة من الليل رأى جماعة مجتمعين في مكان يدعى (المسكن) وكانوا يبدون بأجسام غريبة ومخيفة, ولكن ظلام لم يخاف لأنه تعود على الليل ومخاوفه..
وعندما اقترب منهم سألوه : من أنت؟
فأجاب:ظلام
فردوا عليه:وما ذا تفعل في هذا الوقت؟
فأجاب: أنا ولدت في الليل (وسرد لهم قصته)
وبعد انتهائه سألهم:من أنتم ؟
فأجابوا: نحن سكان الليل (الجن) ففي منتصفه نجتمع عندما يغط البشر في نوم عميق، وبما أنك من البشر فإنك ستتعرض لعقوبة، فأنت أتيت في وقت ليس من حقك ولا نقبل أي أعذار منك..

ظلام :سأنفذ أي شيء تطلبوه مني على ألا تؤذونني .
الجن:حسنا سننظر في أمرك
وبعد فترة وجيزة قرر الجن وقالوا:إذا وافقت على تعليم أطفالنا القراءة والكتابة سنعفو عنك
ظلام: ولكنني لا أعرف القراءة والكتابة
الجن:لسنا مسئولين عنك ..إذا لم توافق فإنك ستعاقب
ظلام: حسنا..أعطوني مهلة شهر حتى أتعلم فيه وسأعود بعدها لتنفيذ ما طلبتموه مني
الجن: سنسمح لك بهذا..ولكن احذر من أن تخلف بوعدك فنحن لن نتركك وشأنك.
ظلام:إسمحولي لي بالذهاب الآن.
الجن: انصرف

وقبيل الفجر وصل ظلام للبيت وهو لايدري ماذا يفعل ويتساءل فيما بينه وبين نفسه كيف يتعلم القراءة والكتابة وهو ينام بالنهار ولا يوجد في الليل من يعلمه..
وبعد تفكير طويل أخذ ينظر حوله فإذا به يبصر نورا من أمامه. فشده فضوله لأن يتبعه ومشى طويلا حتى دخل به مكان كله يتوهج..فلم يستطع فتح عينيه من شدة النور وهو لايحب النور أساسا..
فجأة سمع صوتا خافتا يناديه ويسأله : أتحب النور؟ وأخذ يردد هذا السؤال مرارا ولكن ظلام لم يستطع الكلام ..بعدها استجمع قواه وقال بصوت عال :لا
فرد عليه:إذا كنت تحب النور فسأدلك على طريقة تعلمك القراءة والكتابة
فأجاب ظلام:لا أحبه لأنني ولدت بالظلمة ولا أحب النور ...ولكن من أنت؟؟
فرد عليه:: أنا النور ،،،فكيف إذن ستتعلم القراءة والكتابة وأنت لا تحب النور
ظلام: وما علاقة النور بالقراءة والكتابة
النور (وبدهشة): ياله من سؤال غريب ..ألا تعلم بأن القراءة والكتابة هي مفتاح النور وتخطي الظلمة
ظلام: وكيف أستطيع أن أتعلم القراءة والكتابة وأنا لا أحب النور
النور: عندي حل لهذا..إذا سمعت كلامي ونفذته حرفيا فإنك ستنجح

ظلام:حسنا أنا موافق..

النور: أولا عليك ألا تنام بالنهار ولأجل أن تتعلم القراءة والكتابة قم بوضع حزام على عينيك بحيث لا ترى شيئا وأخبر والديك وأخوك نور برغبتك في التعلم وسيساعدوك في هذا..
ظلام: حسنا ولكن كيف الطريق لرجوعي للمنزل ؟
النور: لا تخاف ...بعد فترة ستجد نفسك بالمنزل

بعدة فترة وجيزة وجد ظلام نفسه في المنزل .... بعد انذهاله بما رأى رجع إلى وعيه وأخبر عائلته برغبته بالتعلم...
فرح أهله بهذا الخبر وحكى لهم سبب رغبته..

فأخذ نور يعلم أخيه القراءة بالنهار وبداية الليل يعلمه الكتابة ....
واستمر على هذه الحال لمدة أسبوع فأحب التعلم وتمنى لو أنه يستطيع أن يفتح عينيه ليرى النهار وأحب أخاهالذي يصف له كل شيء يحدث عنده بالنهار...

وذات يوم وفي أحد الليالي سمع الصوت الذي سمعه من قبل إنه صوت النور فسأله ظلام: هل أستطيع أن أخلع الحزام من عينيي..

النور: إذا كنت قد أحببت العلم والنهار فاخلعه
فأجاب ظلام: نعم أحببته
فخلع ظلام الحزام وأبصر حوله وجاء النهار والفرح يبدو على ظلام فرأى بزوغ الشمس ....
فرأى كل شيء جميل يحمله النهار في طياته فتحسف ظلام على حياته السابقة المظلمة التي منعته من رؤية هذه الأشياء الجميلة,,
فرح الأهل بفرح ظلام وقرر ظلام أن يذهب للمدرسة..وهناك تعرف على أصدقاء فأحبهم وأحبوه ويوما بعد يوم والحياة تبتسم لظلام...

...ولكن ظلام نسي أمرا وهو وعده لجماعة من الجن بأن يذهب إليهم بعد انقضاء شهر لتعليم أطفالهم القراءة والكتابة ...
وفي أحد الليالي وهو جالس ليذاكر دروسه أخذ يفكر في حياته الجديدة وكيف تغيرت وبهذا تذكر الجن الذين كانوا السبب في ذلك..
وقبل أن يطلع الفجر ذهب مسرعا وقبل فوات الأوان استطاع أن يصل في الوقت المحدد
فاندهش الجن عندما رأوه لأنهم ظنوا أنه سيخلف وعده...
وعندما وصل قال لهم:: أنا جاهز لتعليم صغاركم ....
فقال كبير الجماعة: لقد نفذت وعدك ولم تخلفه..وهذا هو الأهم
وكنا لا نريدك لتعليم صغارنا بل كنا نريد اختبارك فقط فنجحت في الإمتحان..

وفرح ظلام ووعدهم بأن لا يتجول في ساعات متأخرة من الليل ..

وكافأ كبير الجماعة ظلام وأعطاه بلورة يستطيع من خلالها التواصل معهم والإستغاثة بهم عند حدوث أي طارئ,,,

وعاد ظلام للبيت وهو يكاد يطير فرحا بما حققه..
ومنذ ذلك اليوم والسعادة تغمر البيت...

تأليف: عبّّّكونانّّّير