المشاركة الأصلية بواسطة كنــــــــ القانون ـــــف
مشاهدة المشاركة
المبحث الأول:"ماهية القرار الإداري"
المطلب الأول:"التعريف بالقرار الإداري
المطلب الأول:"التعريف بالقرار الإداري
إزاء تجنب المشرع تعريف القرارات الإدارية بالرغم من الإشارة إليها في العديد من المواد الدستورية والتشريعية بمناسبة تقرير سلطة الإدارة بصدد الكثير من المسائل والاختصاصات أو بمناسبة تقرير الرقابة القضائية بمختلف جهاته وقد استقر القضاء الإداري لفترة طويلة على تعريف القرار الإداري بأنه"إفصاح من جانب الإدارة العامة صراحة أو ضمنا في أثناء قيامها بأداء وظائفها المقررة لها قانونا في حدود المجال الإداري أي في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث اثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وكان عليه الباعث عليه ابتغاء المصلحة العامة".
يمكن تعريف القرار الإداري من زاوية القانون الإداري ما يلي:
استقر الفقه والقضاء على تعريف القرار الإداري بأنه":إعلان الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إنشاء أو تعديل احد المراكز القانونية يكون ممكنا وجائزا قانونا وكان الهدف منه تحقيق المصلحة العامة ويستوي أن يكون إعلان الإدارة لإرادتها صريحا أو ضمنا والقرار الضمني هو الذي يستنتج من سكوت الإدارة بالنسبة لموقف معين ومن هذا التعريف يتضح أن القرار الإداري:
أولا:عملا قانوني وبالتالي لا يدخل في إطاره الأعمال المادية لأنها لا تنشا ولا تعدل مركزا قانونيا:
فالأعمال المادية التي تقع من إحدى السلطات الإدارية إما أن تتم عن غير قصد من الموظف المختص نتيجة خطئه أو عدم تحريه الدقة كالمحافظين الذين يتخذون قرارا يتعلق بأحد الأمور التي تخص محافظة أخرى مجاورة أو قرارا يتعلق بشؤون إحدى الوحدات المحلية التي لا تتبع المحافظة التي يترأسها وأيضا مثل احد السائقين التابعين لجهة إدارية معينة حادثة ما نتيجة عدم إتباع الأصول الفنية للقيادة وإما أن تصدر هذه الأعمال من الإدارة عن قصد تنفيذا لقاعدة تشريعية كان يصدر قرار من إحدى السلطات المختصة قانونا بالاستيلاء مؤقتا على عقار مملوك لأحد الأفراد أو قيام الإدارة بتطبيق بعض قوانين الضبط الإداري بتنظيم المباني.
ويتضح أن الأعمال المادية للإدارة بذكر أهم هذه الأعمال وهي:
*الأعمال الفنية التي يقوم بها رجال الإدارة المختصون بحكم وظائفهم كالمهندسين(إعدادات الترميمات والرسومات الفنية للمشروعات الأشغال العامة.
*الأعمال التي تقوم بها الإدارة تنفيذا للقرارات والأوامر الإدارية(القبض على الافراد_الاستيلاء على ملك الافراد_هدم منزل آيل للسقوط).
*الأعمال الإدارية المشروعة التي يقوم بها رجال الإدارة وتحدث آثرا قانونيا ولكنها لا تعتبر أعمالا قانونية كالوفاء بالدين.
*المنشورات والتعليمات والقرارات التي تصدر من جانب الإدارة وحدها ولا تعتبر مع ذلك قرارات إدارية لأنها لا تحدث اثر قبل الأفراد ولا تمس مصالحهم أو بمعنى أدق لا يحتج بها عليهم مثل المنشورات والتعليمات التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للمرافق العامة.
*الأعمال القانونية غير المشروعة التي تبلغ درجة عدم مشروعيتها حدا يفقدها طبيعتها القانونية فتصبح أعمالا مادية.
*الأعمال غير القانونية التي يقع خطأ من جانب عمال الإدارة مثلا حوادث السيارات والسكك الحديدية.
ثانيا:يصدر القرار من جانب واحد متمثل في الجهة الإدارية مصدرة القرار:
الأعمال القانونية من جانبين والتي تستلزم توافق إرادتين كالعقود الإدارية كما يجب أن يصدر القرار من جهة الإدارة.
ولمعرفة طبيعة القرار الإداري الاستعانة بالاتي:
المعيار الشكلي:
ومفاده الرجوع إلى الجهة أو الهيئة التي أصدرت القرار والشكل الذي صدر فيه دون البحث في مضمون القرار أو محتواه وعلى ذلك يعتبر العمل تشريعيا إذا كان قد صدر من السلطة التشريعية ويعتبر العمل قضائيا إذا كان قد صدر من الجهات الإدارية التابعة للسلطة التنفيذية.
المعيار الموضوعي:
ومفاده البحث في جوهر العمل ذاته والنظر إلى مضمونه ومحتواه دون النظر إلى السلطة التي أصدرته أو الشكل الذي صدر فيه.
المطلب الثاني:"شروط انعقاد القرار الإداري":
القرار الإداري يولد بتوافر ركن الإرادة فيه وهو ما يعني أن وجود القرار الإداري أو انعدامه إنما يدور حول توافر النية والإرادة بغض النظر عن صحته ومشروعيته فإذا توفر ركن الرادة فيه تحقق وجوده حتى لو كان قابلا للإلغاء فإذا ثبت عدم توافر كافة شروط صحته قانونا إما إذا لم يستوفي ركن الإرادة فيه فانه يكون منعدما حتى وان كانت جميع عناصره الأخرى تبدو صحيحة ومتفقة مع القانون لذلك فان القرارالاداري يقوم بمجرد التعبير أو الإفصاح عن إرادة السلطة الإدارية ونيتها في إحداث اثر قانوني معين أيا كان أسلوب التعبير عن هذه الإرادة وسواء التزمت بما فرضه القانون من شروط لمشروعية القرار الإداري أساس هذه الإرادة أو لم تلتزم،فمن شروط انعقاد القرار الإداري بتوافر الإرادة فيما يلي:
*أولا*:أن يكون هناك تعبيرا عن إرادة منفردة للإرادة:
تشير المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الحالي في فقرتها الخامسة إلى القرارات الإدارية التي يمكن الطعن فيها بالإلغاء بأنها"القرارات الإدارية النهائية ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح".وبذلك يكون القرار الإداري بحكم تعريفه من التصرفات العمدية سواء تمثل القرار في التعبير الايجابي صراحة أو ضمنا عن إرادة الإرادة الملزمة بعمل شئ أو الامتناع عن عمله أم تمثل في التعبير السلبي في صورة رفض الإرادة أو امتناعها عن اتخاذ القرار الإداري وهو ما يطلق عليه"القرار السلبي"مما يدفع إلى اعتبار المشرع انه هناك قرارا مفترضا سواء بالرفض أو الموافقة على مضمون القرار بمعنى أن إفصاح الإدارة عن إرادتها الصريحة يتجلى في "الامتناع عن إصدار قرار كان يتعين على الإدارة إصداره".
ومقتضى ما تقدم أن الشرط الأول من شروط ركن الإرادة وهو أن يكون هناك تعبيرا أو إفصاحا عن إرادة منفردة للإرادة لا يستلزم أن يكون التعبير ايجابيا وإنما قد يكون كذلك سلبيا ففي كل الأحوال هناك إفصاح عن الإرادة المنفردة للإرادة وتتوافر فيه صفة العمد حيث أن انتفاء هذه الصفة عن التصرف ينفى عنه طبيعة القرار الإداري.
والتعبير عن الإرادة المنفردة لا يعني صدور القرار الإداري وفقا لإرادة شخص واحد ويلزم لملاحظة ذلك ما يلي:
*أن اشتراك عدة أفراد أو جهات إدارية في إصدار القرار الإداري لا يعني صدوره عن أكثر من إرادة فالعبرة ليست بعدد أعضاء السلطة الإرادية الذين يصدر عنهم القرار وإنما العبرة بالإرادة التي يمثلونها معا إذ أنهم جميعا يمثلون جميعا إرادة واحدة وهي إرادة السلطة الإرادية في مواجهة المخاطبين بإحكام هذا القرار وهي إرادة ملزمة لهم ولا تتوقف على قبولهم بأحكامه.
*إذا تطلب القانون اشتراك إرادة من تتجه إليه أحكام القرار الإداري قبل إصداره كما لو استلزم القانون تقديم الطلب للحصول على رخصة قيادة أو جنسية الدولة فان ذلك لا يعني اتفاق إرادتين سواء كان قرار الإدارة بالموافقة أم بالرفض إذ يعد هذا الطلب من قبيل الوقائع التي تدفع الإدارة لاتخاذ قرارها في صدده تعبيرا عن إرادتها المنفردة بالغض عن إرادة من تقدم بالطلب ومن ثم يدخل الطلب في عنصر السبب في القرار الإداري الصادر بشأنه.
*إذا اشترط القانون موافقة من شمله القرار الإداري بآثاره كما هو الحال في الوظائف العامة حيث يستلزم القانون الموافقة على قرار التعين على خلاف قرار التكليف أو التجنيد فان هذه الموافقة لا تعني بدورها اتفاق إرادتي من تم تعيينه والجهة الإدارية التي عينته إذ لا تتعدى هذه الموافقة على القرار بعد صدوره كونها شرطا لسريان قرار التعيين الذي يعد نافذا منذ صدوره ولكن سريانه معلق على موافقة من صدر القرار بتعيينه واستلامه للعمل ويظل قرار التعيين بالرغم من شرط الموافقة عمل قانوني من جانب الإدارة وحدها.
وقد تدق التفرقة أحيانا في تكييف موافقة الطرف الآخر على التصرف فإذا تشكك القضاء في النظام القانوني للتصرف وتبين له أن موافقة الطرف الآخر من الشروط الجوهرية لقيام التصرف كان له أن يعتبره من قبيل العقود الإدارية دون التقيد بظاهر الألفاظ وهو ما يقع بصدد التراخيص الصادرة عن الإدارة حيث انه يعد منها من القرارات الإدارية ومنها ما يأخذ طابع العقد الإداري.
*ثانيا*:أن يكون القرار تعبيرا عن سلطة إدارية:
يشترط في القرار الإداري أن يكون تعبيرا عن إرادة سلطة إدارية ومن شان هذا الشرط استبعاد كافة التصرفات الصادرة عن غير السلطة الإدارية حتى ولو سميت باصطلاح القرار بل استبعاد كافة تصرفات السلطة التنفيذية غير الإدارية حيث أننا لا نقصد باصطلاح السلطة الإدارية في هذا المجال معناها العضوي فحسب بل يشترط أيضا أن يعبر القرار عن إرادة تتصل بالسلطة الإدارية بمعناها الموضوعي إما من الناحية العضوية يشترط صدور القرار الإداري عن السلطة التنفيذية بوصفها إحدى السلطات العامة الدستورية في الدولة وهو ما يعني استبعاد كل ما لا يتصل بالسلطة التنفيذية عضويا أو شكليا من مجال الإدارة.
بيد انه لما كانت السلطة الإدارية تتطابق عضويا مع السلطة التنفيذية وكانت هذه الأخيرة تباشر إلى جانب الوظيفة الإدارية وظائف وأعمال أخرى لا علاقة لها بالإدارة فانه يشترط في القرارات الإدارية أن تكون صادرة استنادا إلى سلطة إدارية موضوعيا ولهذا الاصطلاح الموضوعي شقين:
*يصدر القرار الإداري باعتباره ممارسة لسلطة عامة لان سلطة إصدار القرارات الإدارية ما هي في الواقع إلا مظهر من مظاهر السلطة العامة وممارسة لها وذلك لان سلطة القرار بالإرادة المنفردة الممنوحة للإدارة تنشئ علاقة غير متوازنة بين الإدارة صانعة القرار وبين الموجه إليه هذا القرار ولكي تكون هذه العلاقة مشروعة فانه يجب أن يكون القرار صادرا ممن يملك إصداره بوصفه سلطة عامة فإذا لم تظهر الإدارة كذلك فان ما تصدره تعبيرا عن إرادتها لا يندرج في نطاق القرارات الإدارية كما أن التصرفات الخاصة لأعضاء الإدارة لا تدخل في دائرة القرارات الإدارية.
*يستلزم أن يكون القرار الإداري تعبيرا عن سلطة إدارية أي أن يتصل القرار الإدارية للسلطة التنفيذية فالمعلوم أن السلطة التنفيذية تتولى في معظم الدول وظيفتين أولاهما الوظيفة الإدارية والتي تتصل بتنفيذ القوانين وحماية النظام العام وإشباع الحاجات العامة وثانيهما الوظيفة الحكومية والتي ترتبط أما بعلاقة السلطة التنفيذية بغيرها من السلطات العامة كالسلطة التشريعية باعتبارها سلطتين متساويتين لاستطيع أن تفرض إحداهما إرادتها المنفردة على الأخرى ،ما لم ينص الدستور على خلاف ذلك ،وإما بعلاقة السلطة التنفيذية أي بالدول الأخرى والمنظمات الدولية سواء في وقت السلم أو الحرب ،حيث تظهر السلطة التنفيذية في هذه العلاقات بوصفها السلطة الممثلة للدولة ككل.وليس بوصفها سلطة تنفيذية فحسب ،وعلية تخرج الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية بصدد ممارستها للوظيفية من نطاق الأعمال الإدارية ،إ ذ تعد في هذه الحالة أعمال الحومة وذلك على النحو ما سبق دراسته والخلاصة أن القرارات هي تعبيرية عن إدارة سلطة إدارية ومن ثم يلزم صدورها من السلطة التنفيذية دون غيره.
ثالثا:"أن يكون القرار الإداري تعبيرا عن الإرادة الملزمة للإدارة بأثر قانوني محدد":
يتعين في القرار الإداري أن يكون من شانه إلزام المخاطبين بأحكامه بأثر قانوني معين فالقرار الإداري بطبيعته من الأعمال القانونية وهو ما يعني أن من شان هذا العمل إحداث اثر قانوني ما فانه يدخل في نطاق الأعمال المادية وليس من الأعمال القانونية حتى ولو كان العمل المادي جزء من العملية الإدارية التي تشمل بعض من الأعمال القانونية ومن ثم تخرج من دائرة القرارات الإدارية التصرفات التي يقصد بها إعلان وجهة نظر الإدارة في صورة آراء أو ادعاءات أو مزايا أو مقاصد أو رغبات أو توجيهات أو وعود فمثل هذه التصرفات ليس لها اثأر قانونية وبالتالي فهي غير ملزمة والأثر القانوني للقرار الإداري يتحقق بمجرد صدور القرار ولذلك يتجه القضاء الإداري في بعض أحكامه إلى وصف القرار الإداري بأنه قرار نهائي بمعنى أن إرادة الإدارة في إحداث اثر قانوني ولا يحتاج تصديق جهة أخرى تعلو الجهة الإدارية المختصة بإصدار القرار والواقع أن القرار الإداري لا يحتاج إلى وصفة بالنهاية وذلك لان القرار الإداري لا يقوم ولا يتحقق ما لم يولد بذاته اثأر قانونية دون توقف على أي إرادة أخرى وإلا كان على الأكثر من الإجراءات التمهيدية التي تسبق إصدار القرار واتخاذه من جانب كافة السلطات المشتركة في إصدار هذا القرار.
فان الأثر القانوني للقرار الإداري يتمثل في إنشاء مركز قانوني معين أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني قائم واصطلاح إحداث اثر قانوني يشمل كافة الحالات ولا يقتصر على حالة إنشاء المركز القانوني كما انه في كافة الأحوال فان التأثير على المراكز القانونية بالتعديل أو بالإلغاء سيؤدي حتما إلى إحداث مركز قانوني جديد.
المطلب الثالث:"شروط صحة ومشروعية القرار الإداري":
إذا كان تخلف ركن الإرادة في القرار الإداري بشروطه من شانه القول بانعدام القرار الإداري ومن ثم يفقد القرار الإداري طبيعته القانونية ويتحول شانه إلى شان العمل المادي المنعدم الأثر قانونا فلا يكون قابلا للتنفيذ المباشر باعتباره مجرد عقبة مادية لا تحول دون ممارسة ذوي الشأن لمقتضيات مراكزهم القانونية المشروعة وهناك شروطا يجب توافرها في القرارات الإدارية لتكون صحيحة قانونا أي مشروعة ومن ثم تكون نافذة في مواجهة الأفراد فإذا تخلفت الشروط فذلك لا يؤثر في وجود القرار الإداري وان كانت تؤدي إلى قابلية بطلان القرار الإداري نتيجة مخالفته للشروط التي يقررها القانون.
ويتولى القاضي الإداري فحص القرار الإداري للتحقق من سلامته من الناحية القانونية وذلك عندما ترفع أمامه دعوى الإلغاء لهذا القرار لعدم مشروعيته ويقتصر دور القاضي على المقابلة بين القرار المطعون فيه بالإلغاء والقواعد القانونية المشروعة والنافذة المتصلة به وصحة تطبيق القانون فلا يجوز له كأصل عام أن يعقب على جوانب النشاط الإداري الذي لا تخضع لقواعد قانونية تحكمه بمعنى أن النشاط الذي تتمتع به الإدارة بسلطة تقديرية حيث تنفرد الإدارة وحدها بمهمة التقدير إذا كانت ملائمة لجوانبه أو لا تلائمه وعلى ذلك فقد ظهرت ضرورة التمييز بين الاختصاص المقيد والاختصاص التقديري وهي لا تتأسس على التناقض بينهما لأنهما تكملان بعضهما البعض عند مباشرة سلطة اتخاذ القرار الإداري والتي ليست سوى وسيلة لوضع القانون موضع التنفيذ على أكمل وجه على حسب الظروف المختلفة.
فان دراسة شروط مشروعية القرار الإداري أو صحته قانونا تستلزم أولا عرض لمسالة الاختصاص المقيد والاختصاص التقديري للإدارة ثم شرح جوانب التقييد أو حرية التقدير للملائمة بصدد عناصر القرار الإداري المختلفة واثر الرقابة القضائية على مشروعيته.
الفصل الثاني:"تنفيذ القرار الإداري"
المبحث الاول:"أساليب تنفيذ القرار الإداري":
أساليب تنفيذ القرار الإداري أمر يختلف عن نفاذه في ذاته فالنفاذ عملية قانونية تتم بالشهر والإصدار فالتنفيذ عمل مادي لاحق لسريان ونفاذ القرار الإداري ويتم مباشرة وقد يتم بعد فترة لسبب معين فقرار التعيين هو قرار نافذ في مواجهة الإدارة منذ صدوره ومواجهة من تم تعيينه منذ علمه بالقرار والموافقة عليه ولكن تنفيذه يتوقف على استلام الموظف المعين للعمل ومباشرته لاختصاصاته والقرار الإداري بحسب الأصل واجب التنفيذ من جانب أطرافه سواء كان طوعا أو كرها لكي لا تثور مشكلة تنفيذ الإدارة لقرارها وعلى أصحاب المصلحة إجبار الإدارة على التنفيذ إذا امتنعت عنه لسبب أو لآخر عن طريق القضاء بالطعن في قرارها السلبي بعدم التنفيذ والامتناع عنه.
إما بالنسبة للأفراد الذين يرتب القرار عليهم التزامات معينة فإذا رفض احدهم عن تنفيذ هذه الالتزامات فان للإدارة أن تلجا للقضاء لإجباره على تنفيذ الالتزام ا والى أسلوب التنفيذ الجبري المباشر وفقا للقانون والالتجاء إلى القضاء هو الوسيلة الطبيعية لإجبار الأفراد على تنفيذ التزاماتهم وذلك عن طريق حصولهم على حكم قضائي بتنفيذ القرار الإداري بالقوة الجبرية وللإدارة أن تلجا لهذا الأسلوب إذا قدرت انه أكثر ملائمة للظروف ومع ذلك هو نادرا مما يمثل ضمانة لحقوق الأفراد ولحرياتهم من أسلوب التنفيذ الإداري المباشر.
التنفيذ المباشر هو من اخطر امتيازات السلطة الإدارية حيث يمكن للإدارة بمقتضاه تنفيذ القرار الإداري جبرا على الممتنعين عن تنفيذه دون الالتجاء إلى القضاء خلافا لأصل علاقات القانون الخاص والذي ينصب انه لا يجوز اقتضاء الحقوق من جانب من يدعونها بأنفسهم وإنما عليهم أن يلجئوا للقضاء أولا لتتقرر حقوقهم ون ثم إلى السلطات العامة لتنفذ لهم ما يحكم به القضاء ويستند حق الإدارة في التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية إلى القرينة القانونية التي تفرض سلامة القرارات الإدارية حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك ومن ثم ينبغي على الأفراد تنفيذه طواعية دون الحاجة إلى الحصول على حكم من القضاء للإدارة فإذا كان لصاحب الشأن أي اعتراض عليه الالتجاء إلى القضاء والطعن أمامه على عدم مشروعية القرار مما يؤدي إلى أن يقع عبء الإثبات على عاتقه تجاه الإدارة ومع ذلك حرص القضاء الإداري على تقييد حق الإدارة في الالتجاء إلى التنفيذ المباشر لخطورته على حقوق وحريات الأفراد وجعله أمرا استثنائيا لا يجوز للإدارة الالتجاء إليه إلا بشروط منها:
*أن يوجد نص قانوني يجيز التنفيذ المباشر صراحة لان التنفيذ المباشر من شانه المساس بالحريات العامة للأفراد فانه لا يجوز تقرير هذا الامتياز بنص لائحي حيث لا يجوز تقييد الحريات العامة إلا بنص القانون.
*إلا يكون أمام الإدارة أية وسيلة قانونية أخرى يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ القرار الإداري ففي هذه الحالة يحق لها الالتجاء إلى التنفيذ المباشر للقرار ولو لم يوجد نص تشريعي يبيح لها ذلك باعتبار ذلك مما تقتضيه ضرورة احترام القوانين والقرارات الإدارية التي تضعه موضع التنفيذ.
*إذا قامت حالة ضرورة نتيجة ظروف استثنائية تهدد بأخطار جسيمة وحالة مما يقتضي سرعة تدخل الإدارة لدرء هذا الخطر كما لو قامت مظاهر عدائية اتجهت إلى استخدام العنف وإتلاف الأموال العامة فلا يصح في هذه الحالة أن تقف الإدارة مسلوبة السلطة بحجة أنها تستطيع تقديم المتظاهرين للمحاكمة الجنائية وتوقيع عقوبات عليهم لذلك يجب الاعتراف للإدارة بتنفيذ قراراتها الإدارية اللازمة لمواجهة هذه الأحداث تنفيذا مباشرا تحت مسؤوليتها ورقابة القضاء التي يفرضها على الإدارة خوفا من احتمال تهديد حريات الأفراد وحرياتهم بطريقة تعسفية ويشترط القضاء على نحو ذلك ما يلي:
أ_قيام حالة الضرورة بشروطها المعروفة وذلك بوقوع ظروف استثنائية تهدد بإخطار جسيم حالة تخل النظام العام وعدم إمكانية درء هذه الإخطار بالوسائل القانونية العادية.
ب_أن يثبت امتناع الأفراد عن تنفيذ القرارات الإدارية وان الإدارة قد تركت لهم المهلة الزمنية المعقولة بعد مطالبتهم بالتنفيذ الاختياري وذلك قبل التجائها للتنفيذ المباشر.
ج_إلا تتجاوز الإدارة في استعمال امتياز التنفيذ الجبري المباشر الهدف المحدد من القرار الإداري المراد تنفيذه ومن ثم تجري إجراءات التنفيذ المباشر على الإجراءات الضرورية التي لا غنى عنها لتنفيذ القرار وإلا تتجاوز هذه الإجراءات.
المبحث الثاني:"وقف تنفيذ القرار الإداري":
الأصل أن القرار الإداري واجب التنفيذ بمجرد توافر شروط نفاذه وسريانه ما دام القرار قائما لم يسحب من قبل الإدارة أو يلغى من قبل القضاء ولذلك فان الطعن في القرار الإداري أمام القضاء بالإلغاء لعدم المشروعية لا اثر له على نفاذ وتنفيذ القرار الإداري وإلا أدت الطعون الكيدية إلى شل نشاط الإدارة غير انه قد تتوافر ظروف معينة تبرر الحكم بوقف التنفيذ لأحد القرارات الإدارية المطعون ضدها بالإلغاء إلى أن يتم الفصل في الدعوى ولذلك إذا كان سيترتب على تنفيذ القرار أضرار يصعب تداركها عند الحكم بإلغائه مستقبلا فجرى القضاء الإداري على ضرورة توافر شرطين للحكم بوقف التنفيذ وهما:
*شرط الاستعجال:بان تتوافر ضرورة معينة تبرر وقف التنفيذ للقرار لتفادي نتائج يتعذر تداركها لو لم يقض بوقف التنفيذ وبشرط إلا تتأذى المصلحة العامة بشدة من وقف التنفيذ في حين أن طالب وقف التنفيذ يتأذى بشدة في عمله وحياته الخاصة وليس في الإمكان دفع النتائج الضارة التي تترتب على استمرار تنفيذ القرار بالوسائل القانونية المقررة.
*شرط الجدية: إذ يشترط أن يكون طلب إلغاء القرار الإداري قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار وتقدير جدية أسباب الإلغاء تدخل في سلطة القاضي قبل الحكم في طلب وقف التنفيذ بحيث إذا اتضح له للوهلة الأولى عدم جدية طلب الإلغاء فلن يكون ثمة مبرر لقبول طلب وقف التنفيذ.
المبحث الثالث:"انقضاء القرار الإداري":
ينتهي القرار الإداري بإتمام تنفيذه واستنفاد مضمونه أو بانتهاء الأجل المحدد لسريانه وهي أسباب طبيعية لانقضاء القرار غير انه قد يتم انقضاؤه قبل إتمام تنفيذه إما بواسطة القضاء أو عن طريق الإدارة ويمكنها أن تنهي القرار الإداري إما بسحبه أو بإلغائه أو بتعديله ويقتصر كلا من السحب والإلغاء على القرارات الغير المشروعة.
المطلب الاول:"الإلغاء":
هو انتهاء اثأر القرار الإداري القانونية بالنسبة للمستقبل فقط وهذا الإلغاء يمكن أن يكون كليا يشمل القرار بكل محتوياته ويمكن أن يكون جزئيا وذلك بإلغاء بعض اثأر القرار مع الإبقاء على البعض الآخر منتجا لأثاره القانونية.
أولا:"أسباب إلغاء القرارات الإدارية":
للإدارة سلطة إلغاء القرارات الإدارية في حالات معينة ولكن هذه السلطة ليست مطلقة تلغي ما تشاء وفي أي وقت تريد ونوضح انه بالنسبة للقرارات التنظيمية التي تتضمن قواعد عامة مجردة ولا يتعلق بها حقوق مكتسبة للأفراد ويمكن أن يرد التعديل في أي وقت وفقا لمقتضيات سير المرفق العام بصفة منتظمة ودائمة الذي يترتب عليه قابلية المرفق للتغيير والتبديل بما يستلزمه من إعطاء الإدارة سلطة إلغاء القرارات بأسباب منها:
*تغير التشريع الذي صدر القرار في ظله وكان لهذا التشريع اثر رجعي:
القرار الإداري عرف على انه يخضع للتشريع المطبق وقت صدوره ولا يؤثر في القرارات الإدارية الصادرة في ظل نظام قانوني معين صدور قانون جديد ويظهر ذلك بوضوح النسبة للموظف العام الذي استقر الفقه والقضاء على انه في مركز تنظيمي لائحي فإذا عين الموظف أو رقي في ظل نظام قانوني معين فلا يضار بوضع نظام قانوني جديد إلا إذا تضمن هذا القانون الجديد آثرا رجعيا كما لو كان القانون السابق يجعل اختيار العمداء بالكليات بالتعيين ثم صدر قانون جديد يجعل الاختيار بالانتخاب وينص تطبيقه على جميع الحالات بأثر رجعي فهنا يلغى قرار كل العمداء المعينين تطبيقا للقانون ويتم إجراء الانتخاب في الكليات المختلفة.
*موافقة صاحب الشأن:
ولا يثور هذا السبب إلا في حالات نادرة وخارج الوظيفة العامة لان قبول الموظف على أن يعامل بالخلاف للقانون باطل ولا يعتد به ولا يؤثر على حقه في المطالبة بتصحيح وضعه طبقا للقانون وذلك تأسيسا على العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالإدارة.
*إلغاء القرار لدواعي المصلحة العامة:
يجوز للإدارة أن تلغي القرار الإداري لدواعي المصلحة العامة وأهمها المحافظة على النظام العام بجميع مدلولاته مثل:الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة وما يستجدها من اعتبارات فيجب حين إلغاء القرار الإداري مراعاة المصلحة العامة ودواعيها ليكون السبب متبينا.
*مدى سلطة الإدارة في إلغاء القرارات الإدارية:
يلزم التفرقة بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية لمعرفة مدى سلطة الإدارة في إلغاء القرارات الإدارية فبالنسبة للقرارات التنظيمية فان للإدارة الحق في تعديلها أو إلغائها في أي وقت وفقا لمقتضى الصالح العام لان القرارات التنظيمية تنشئ مراكز نظامية عامة وتتضمن قواعد عامة ومجردة تخضع للتغيير والتبديل إما بالنسبة للقرارات الفردية فهذه كقواعد عامة لا يجوز المساس بها طالما كانت سليمة وترتب عليها إكساب الشخص حقا شخصيا أو مركزا خاصا فان هذا الجمود ليس مؤبدا بل يمكن للإدارة المساس بالقرار عن طريق القرار المضاد وهو المخرج الذي تمارسه السلطة العامة من خلاله إنهاء تصرفها الذي انشأ حقوقا أخرى للآخرين وفقا للشروط والإجراءات التي نص عليه القانون وحددها.
المطلب الثاني:"السحب":
يقصد بسحب القرار إنهاء اثر القرار الرجعي ويقتصر السحب على القرارات غير المشروعة التي أصابها احد العيوب التي تصيب القرار الإداري ويعد السحب جزاء لعدم مشروعية القرار فتعتمد الإدارة على مبادئ عدة في سحب قراراتها منها:
*مبدأ المشروعية:
يقصد به أن تكون كل تصرفات السلطة العامة والأفراد في إطار القانون وبالتالي فان كل عمل صادر من إحدى السلطات العامة لا يعد صحيحا ومنتجا لأثاره إلا إذا كان مطابقا للقانون فإذا كان العمل مخالفا للقانون حق لكل ذي مصلحة أن يطلب إلغاءه أو التعويض عنه إذا كان هناك مقتضى لذلك وتعتبر الرقابة على تصرفات السلطة العامة الضمانة الحقيقية والفعالة لتطبيق هذا المبدأ وهكذا يسمح مبدأ المشروعية بتصحيح أي قرار إداري مخالف مما علق به ويكون السحب جزاء عدم المشروعية وان القضاء يراقب الإدارة في ذلك.
*مبدأ عدم المساس بالآثار الفردية للقرارات الإدارية:
القرار الفردي إذا صدر صحيحا لا يجوز المساس به أو إلغائه أو سحبه فعدم المساس بالآثار الفردية للقرارات الإدارية مبدأ أساسي ويلزم الإدارة باحترام الآثار الناتجة عن العمل القانوني والتي تتعلق بالأفراد الذين صدر بشأنهم القرار الإداري وهذا المبدأ يقوم على أساس أن ثمة حاجة ضرورية لوجود مبدأ تحقيق استقرار الأوضاع القانونية وعدم زعزعتها وتحمي المصالح الخاصة ويوفر الأمن القانوني وبالتالي يقف المبدأ عائقا أمام السلطة الإدارية في أن تسحب قراراتها السليمة.
*مبدأ رقابة الإدارة على أعمالها:
يقصد أن تقوم الإدارة بالرقابة على نفسها في جميع الأعمال التي تقوم بها وهذه الرقابة لا تقتصر فقط على التأكد من مشروعية التصرفات التي قامت بها إحدى الجهات الإدارية ولكن يمكن أن يشمل مدى ملائمة هذا التصرف ويكون ذلك واضحا في النظام المركزي لان من خصائص المركزية الإدارية والسلطة الرئاسية تندرج تحت وحدات الجهاز الإداري فبالتالي على الدرجات الدنيا أن تكون تابعة وخاضعة لتوجيهات وتعليمات الدرجات العليا مما يترتب على ذلك أن يكون للسلطات العليا حق إلغاء وتعديل القرارات الصادرة من الدرجات الدنيا سواء كانت مشروعة أو ملائمة وذلك لان السلطة الرئاسية تتضمن عنصرين هما:
1*سلطة إصدار القرارات والتعليمات التي لها طابع الإلزام بالنسبة للمرؤوس.
2*سلطة مراجعة أعمال المرؤوسين.
ويكون للسلطة الرئاسية حق الموافقة عليها وتعديلها واستبدالها أو إبطالها إما في ظل اللامركزية الإدارية حيث يوجد بجانب هيئات الإدارة المركزية هيئات أخرى تمارس نشاطها على جزء من إقليم الدولة وهذه الهيئات تتمتع بالاستقلال في مباشرة الاختصاصات التي قررها لها المشرع وبصفة استثنائية يمارس عليها رقابة من السلطة المركزية بقدر محدود وتقتصر المشروعية فقط ولا تمتد للملائمة.
*مبدأ تجنب دعوى الإلغاء:
يعد تفادي وتجنب دعوى الإلغاء احد الأسس التي تستند عليها فكرة سحب الإدارة لقراراتها الغير سليمة لان الإدارة بسحبها القرار تتجنب الإلغاء للقرار القضائي وتتفادى مشقة التجاء إلى القضاء كمدعي مما يجعلها تسحب قرارها فيدور وجودا وعما مع قابليته للطعن فيه بالإلغاء القضائي.
الفصل الثالث:"نفاذ وسريان القرار الإداري"
المبحث الاول:"نفاذ القرار الإداري":
ينفذ القرار الإداري من تاريخ صدوره وذلك بأثر مباشر ويجوز في حالات استثنائية أن يكون للقرار اثر رجعي.
المطلب الاول:"القاعدة العامة في نفاذ القرارات الإدارية":
بمجرد صدور القرار الإداري من السلطة المختصة التي تملك إصداره قانونا فان القرار يكون نافذا في حق الإدارة وتستطيع تطبيقه ويحق لمن له مصلحة الطعن فيه وذلك خلافا للقوانين التي لا يعتد بها ولا تطبق إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية لان هذه القرارات تتم وتنتج آثارها القانونية من يوم التوقيع عليها ممن يملك سلطة إصدارها ونتيجة لذلك فالنتائج التي تترتب عليها كالآتي:
1-يلزم للحكم على مشروعية القرار الإداري ومدى اتساقه مع القواعد القانونية الأعلى منها تطبيقا لمبدأ تدرج القواعد القانونية الرجوع لتاريخ إصدار القرار الإداري وخاصة بالنسبة لسببه وموضوعه ومصدر القرار.
2-تملك الإدارة بمجرد صدور القرار تطبيقه دون إعلان الأفراد به كما تملك الإدارة ارجاع تنفيذه لان التنفيذ رخصة مخولة للإدارة تترخص في إجرائه بحسب مقتضيات المصلحة العامة.
3-أن الإدارة إذا أرادت إلغاء وسحب القرار الإداري فإنها تتقيد في حساب المدة المنصوص عليها للإلغاء أو السحب بتاريخ الإصدار.
4-يجوز للأفراد بمجرد صدور القرار أن يتظلموا منه وان يطعنوا فيه ويطلبوا وقف تنفيذه أمام القضاء المختص مع وجوب توافر شروطه وهي:
*أن يبدي صاحب الشأن رغبته في وقف التنفيذ في صحيفة دعوى الإلغاء.
*أن لا يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه من القرارات التي تخضع لقاعدة التظلم الو جوبي.
*أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
*أن يكون الطعن الأصلي قائما على أسباب جدية.
المطلب الثاني:"التمييز في نفاذ القرارات الإدارية بين القرارات البسيطة والقرارات المعلقة على شرط":
يكون نفاذ القرار الإداري بمجرد صدوره يسري على القرارات البسيطة التي لا شرط فيها إما إذا كان القرار معلقا على شرط فان نفاذه وتحقيق آثاره يكون رهينا بتحقق الشرط الذي ذكره القرار.
كما انه يمكن لجهة الإدارة أن تؤجل اثأر قراراتها الإدارية بشرط أن تحكمها فكرة المصلحة العامة التي تهيمن على كل تصرفات الإدارة ومن الأمثلة على ذلك أن تصدر الإدارة احد القرارات ولكنها تقيد نفاذه بمصادقة جهة أخرى اعلي منها أو تعلق تنفيذ القرار على توافر الاعتماد المالي فهنا لا يكون للقرار أي اثر إلا بعد المصادقة عليه من الجهة الأخرى التي حددها القرار أو توافر الاعتماد المالي.
ومن الأمثلة العملية التي تجري في الحياة العملية أن يصدر قرار بتعيين احد الموظفين بشرط موافقة الجهات الأمنية على ذلك أو تعيين الموظف في إحدى الوظائف بشرط قضائه فترة الاختبار بنجاح ويلزم دائما في الشرط الذي سيعلق تنفيذ القرار عليه أن يكون مشروعا فإذا كان الشرط غير مشروع فيبقى القرار سليما مع بطلان الشرط الذي تضمنه القرار إلا إذا كان بطلان الشرط سيؤدي حتما إلى بطلان القرار الذي يقترن به وذلك في الحالات التي يثبت فيها أن الشرط كان هو الأساس في إصدار القرار بحيث لم يكن للإدارة حق إصدار القرار لولا هذا الشرط.
المطلب الثالث:"مدى جواز رجعية القرارات الإدارية":
القاعدة العامة أن القرارات الإدارية بكل أنواعها يجب أن تطبق بأثر مباشر ولا تتضمن اثر رجعي لان الحقوق المكتسبة لا يجوز المساس بها إلا بقانون يتضمن الأثر الرجعي وفقا لما نص عليه الدستور لان الأصل طبقا للقانون الطبيعي احترام الحقوق المكتسبة وهذا ما تقضي به العدالة الطبيعية ويستلزمه الصالح العام غذ ليس من العدل إهدار الحقوق وهذا لا يتفق مع المصلحة العامة أن يفقد الناس الثقة والاطمنان على استقرار حقوقهم وحقيقة الأمر فان عدم الرجعية يرجع إلى فكرة احترام الحقوق المكتسبة واستقرار المعاملات الذي يقتضي أن يكون التنظيم للمستقبل مع ترك الآثار التي تمت في الماضي وغني عن البيان أن جزاء الرجعية في القرارات الإدارية هو البطلان ولكي تتم الرجعية يلزم ما يلي:
*أن نكون بصدد مركز قانوني قد تكامل لأحد الأشخاص في ظل نظام قانوني معين.
*أن يكون من شان أعمال الرجعية المساس بالمراكز الشخصية التي تكاملت عناصرها قبل أن يصبح القرار نافذا.
غير أن قاعدة عدم الرجعية ليست مطلقة بل هي أصل عام يمكن أن يرد على الاستثناء فلا يخرج عن القاعدة وجوهرها أو يحول بينها وبين تحقيق هدفها وقد وضع القضاء بعض الاستثناءات على مبدأ عدم الرجعية وهي:
1-جواز رجعية القرارات الإدارية بنص تشريعي.
2-رجعية القرارات الإدارية تنفيذا لحكم قضائي بالإلغاء.
3-مدى تطبيق اللائحة الأصلح للمتهم بأثر رجعي.
4-ثمة قرارات إدارية تنظيمية تتضمن بالضرورة آثرا رجعيا مثل:القرار الصادر بسحب القرار الإداري الغير سليم والقرار الإداري بتصحيح قرار غير سليم والقرارات المؤكدة والمفسرة والرجعية بسبب طبيعة الاختصاص.
5-مدى جواز الرجعية إذا كانت اللائحة للأفراد وتتضمن لمخالفة معينة.
المبحث الثاني:"سريان القرار الإداري":
إذا كان القرار الإداري ينفذ في مواجهة الإدارة بمجرد صدوره من السلطة المختصة فان الأمر جد مختلف بالنسبة لسريان القرار الإداري في مواجهة الأفراد فلا يسري القرار ولا ينفذ في حقهم إلا بإحدى الوسائل المحددة قانونا ولقد نصت المادة من قانون مجلس الدولة على أن وسائل العلم بالكون قرار الإداري هي الإعلان والنشر والقضاء أضاف وسيلة أخرى وهي العلم اليقيني التام.
أولا:الإعلان:
ويتم عن طريق إعلان القرار للشخص المعني بالأمر وقد أوضحت المحكمة الإدارية العليا العديد من أحكامها بان المقصود بالإعلان وهو أن تنقل جهة الإدارة القرار الإداري إلى فرد معين أو مجموعة من الأفراد المحددين بذواتهم وليس للإعلان شكل معين ولا تلتزم الإدارة بإتباع وسيلة معينة لكي تبلغ القرار للأفراد فقد تسلم الإدارة القرار للمعني بالأمر والخطاب مسجل بالعلم بالوصول بحيث يكون إشعار البريد المتعلق باستلام الخطاب الموصى عليه قرنية على الإعلان حتى ويقع عب الإثبات على الموظف وقد أثير موضوع الخطاب المسجل بعلم الوصول في دعوى طريقة أمام مجلس الدولة الفرنسي فقد كان المجلس الخطاب المسجل فقد كان المجلس القومي للأطباء اتخذ قرار بشان احد الأطباء وأرسل المجلس الخطاب المسجل بعلم الوصول للمعنى بالامرثم طعن في الفرار بعد فوات المدة المحددة قانون للطعن وعندما اثأر المجلس القومي.
موضوع فوات مدة الطعن وعدم قبول الدعوى وإظهار شعار البريد المتضمن توقيع زوجته بتسلم الخطاب إلا أن المعنى بالأمر ذكر في دفاعه أن المظروف المسجل بعلم الوصول كان حاليا ولم يجد بت شيئا إلا أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذا الدفاع واضح انه إذا كان المظروف خاليا بالفعل فكان يجب على المعنى بالأمر المبادرة لجهة الإدارة مرسلة الخطاب ويعلم حقيقة ما كان في الخطاب وبالتالي لم يأخذ يوجهه نظر الموظف لان لم يثبت عكس ما ادعته جهة الإدارة.
وقد يتم الإعلان على يد محضر وذلك وفقا للإجراءات المتعلقة في الإعلانات الفضائية وعلى ذلك فليس للإعلان كما أوضحنا شكل معين المهم هو المضمون كان يكون العلم بالقرار حقيقيا وهذا لا يحدث إلا إذا كانت ترتيبا على ذلك فان أرسل القرار بالفاكس للمعنى بالأمر لا يعد وسيلة للعلم لان الفاكس قد يتسلمه شخص أخر وقد يصل غير واضح وبالتالي لا توجد وسيلة بالعلم.
ثانيا:"النشر":
المقصود بالنشر هو قيام الإدارة بإعلان الكافة ومنهم صاحب الشأن بمحتويات القرار الذي تصدره الإدارة حتى يكونوا على بينة منه واختلفت الإجابة على التساؤل عما إذا كان القرار الإداري تنظيميا أو فرديا فإذا كان القرار تنظيميا فان وسيلة العلم به هي النشر في الجريدة الرسمية كالقوانين ويعد النشر في الجريدة الرسمية قرينة على العلم بمجرد النشر أما إذا كان القرار فرديا فيمكن ما يسمى بالنشرات المصلحة.
ثالثا:"العلم اليقيني التام":
بجانب الإعلان توجد وسيلة ثالثة وهي العلم اليقيني بالقرار وعلة إضافة العلم اليقيني إلى الإعلان واضحة لان الغرض من الإعلان هو علم صاحب الشأن بالقرار الصادر ليتصرف على أساسه وعما إذا كان يتظلم أم لا فإذا توافر العلم بطريق يقيني آخر فان المنطق يستلزم بدء الميعاد المحدد قانون دون الحاجة للنشر أو الإعلان ويجب لكي يقوم العلم اليقيني مقام الإعلان أو النشر أن يكون العلم متعلقا بأخذ القرارات التنظيمية بطبيعتها لا يتحقق بها العلم إلا بالنشر في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية ويجب لكي يمكن القول بتوافر علم يقيني تام والذي أوضحت معالم الأحكام القضائية الآتية:
*أن توجد وقائع مادية ملموسة أو قرائن قاطعة الدلالة تفيد علم الشخص بالقرار دون التقيد بوسيلة معينة.
*أن يكون العلم يقينيا لا ضنيا ولا افتراضيا.
*أن يكون العلم بالقرار شاملا لجميع عناصر القرار.
الفصل الرابع:"أركان القرار الإداري":
يقوم القرار الإداري باعتباره تصرفا قانونيا على أركان أساسية إذا فقد احدهما شابه البطلان أو الانعدام وهذه الأركان هي:
المبحث الاول:"السبب":
سبب القرار هو الحالة القانونية أو الواقعية التي توجد لدى متخذ القرار فتحركه أو تلزمه باتخاذه وتتمثل الأسباب القانونية للقرارات في الواقعة القانونية التي تلزم متخذ القرار أو تجيز له اتخاذ قرارات محددة فسبب القرار الصادر بتوقيع العقوبة التأديبية على موظف هو المخالفة التي تقع منه وسبب القرار الصادر بإنهاء خدمة موظف هو العجز الصحي عن العمل بصورة قاطعة أما الأسباب الواقعية للقرارات فتتمثل في أعمال أو طلبات من جانب الأفراد أو بظروف محيطة أو أشياء مادية تستدعي اتخاذ قرار ومن الأمور الهامة التي يجب على متخذ القرار التنبه لها هي ملاحظة عدم الخلط بين سبب القرار والغرض التي تدفع متخذ القرار لاتخاذه وان التفرقة بين العنصرين تقوم على النظر لسبب القرار على انه يمثل الجانب المادي في القرار الإداري بينما يمثل الغرض الجانب الشخصي في القرار.
المبحث الثاني:"المحل":
يعني محل القرار الأثر القانوني الذي يترتب على القرار فالقرار الذي يصدر بفصل موظف محله هو قطع العلاقة بين الإدارة والموظف والقرار الصادر بإبعاد أجنبي عن البلاد لمخالفة الأنظمة محله مغادرة الشخص المبعد للبلاد وهكذا لكل قرار إداري محل هو الأثر القانوني الذي يترتب عليه والذي تريده الجهة التي أصدرته من إصداره ولا يكون القرار الإداري سليما في محله إلا إذا كان محل القرار مشروعا وجائزا من الناحية القانونية ويمكن أيضا من الناحية العملية.
الناحية القانونية:لا يكون محل القرار مشروعا وجائزا متى كان الأثر القانوني الذي يترتب على اتخاذه مخالفا لقاعدة قانونية فالقرار الصادر بفصل موظف في غير الحالات التي يجيزها النظام أو بحرمانه من إجازته العادية يعتبر معيبا في محله لان النظام لا يجيز الفصل في غير الحالات المنصوص عليها كما انه لا يجيز الحرمان من الإجازة كجزاء تأديبي.
الناحية العملية:لا يكون محل القرار جائزا إذا كان هذا المحل غير ممكن تحقيقه أو انجازه من الناحية العملية حتى لا يستحيل تنفيذ القرار فالقرار الصادر بإلزام احد الموظفين بالعمل طوال اليوم ليلا ونهارا وبشكل متواصل يعتبر قرارا معيبا في محله لصعوبة تطبيقه من الناحية العملية خاصة إذا كان العمل مرهقا ويستلزم قسطا من الراحة.
المبحث الثالث:"الشكل":
المقصود بها الصورة التي يتخذ فيها القرار سواء كانت كتابية أو شفوية و صريحة أو ضمنية والأصل العام في القانون الإداري هو عدم وجود صيغة أو شكل معين لاتخاذ القرار إلا إذا كان هناك نص في القانون أو إذا جرى العرف على أن يكون اتخاذ القرار كتابة وفي هذه الحالة يجب أن يحمل القرار تاريخ اتخاذه وتوقيع من اتخذه.
وتتعدد صور اتخاذ القرارات تبعا للظروف والمواضيع التي تتناولها القرارات فبالإضافة للصورة الكتابية هناك صور أخرى لاتخاذ القرارات وتتعدد أيضا أشكال اتخاذ القرارات في الفقه الإداري تبعا لطبيعة النظام السياسي والأنظمة المعمول بها فقد تتخذ القرارات الإدارية على شكل مراسيم أو قرارات من الهيئات التي تملك سلطة اتخاذ القرارات وفقا لقوانين الدولة.
المبحث الرابع:"الاختصاص"
القاعدة في القانون الإداري أن تحديد الجهة التي تكون مختصة باتخاذ القرار يتولاها المشرع العادي والدستوري وذلك بتوزيع الاختصاصات مراعيا في ذلك المسؤوليات الوظيفية وتأهيلها وطبيعة الاختصاص وترتبط سلامة القرار من حيث الاختصاص بتوف عناصر أساسية هي:
العنصر الموضوعي:
يتمثل في تحديد الموضوعات التي يجوز لجهة معينة اتخاذ القرار بشأنها وعلى الجهة المكلف إليها باتخاذ القرار سواء كانت هيئة إدارية أو المدير أن تلتزم حدود الاختصاص المرسوم لها ولا يجوز لها أن تتجاوزه فالاختصاصات الممنوحة لوكيل الوزارة مثلا يجوز له تجاوزها لاتخاذ قرارات في مسائل تدخل في اختصاص الوزير إلا إذا وجد نص نظامي يجيز للوزير تفويض اختصاصاته للوكيل واستخدم الوكيل سلطته في التفويض.
العنصر الشخصي:
يتمثل في تحديد الأشخاص الذين يملك متخذ القرار مخاطبتهم ويظهر هذا العنصر بشكل واضح في القرارات الإدارية التي تتخذ في المجالات الأمنية فوكيل وزارة معينة مثلا لا تملك اتخاذ القرارات الخاصة بالنقل أو مجازاة أو ترقية موظف في وزارة أخرى لان اختصاصه يقتصر على العاملين بوزارته أيا كان مقر عملهم.
العنصر الزمني:
يتمثل في تحديد الفترة الزمنية التي يجوز خلالها اتخاذ القرار الإداري وحتى يكون القرار سليما من حيث الاختصاص الزمني لابد أن يكون اتخاذه خلال الفترة التي تنحصر بين بداية تعيين متخذ القرار في وظيفته وتاريخ انتهاء اختصاصه وقد يحدث أحيانا أن يسقط الاختصاص الزمني لمتخذ القرار خلال هذه الفترة كما في حالة كف يد الموظف عن العمل إذ يعتبر القرار الذي يتخذه الموظف خلال فترة كف اليد مشوبا بعيب عدم الاختصاص الزمني.
العنصر المكاني:
ويتمثل في تحديد الحدود المكانية لاختصاص متخذ القرار فرئيس إحدى البلديات لا يجوز له مثلا أن يتخذ القرار في موضوع يدخل موضوعيا ضمن اختصاص رئيس بلدية أخرى ولا يعني بلديته وكذلك مثل مدير التربية في إحدى المناطق لا يجوز له اتخاذ قرار في موضوع يدخل موضوعيا ضمن اختصاصات مديريات التربية الأخرى ولا يعني المديرية التابعة له.
المبحث الخامس:"الغاية"
وهي الهدف الذي يسعى متخذ القرار إلى تحقيقه من اتخاذ قراره فالغاية من القرار الصادر بتوقيع عقوبة الإنذار بسبب مخالفة ارتكبها موظف معين هي ردعه عن معاودة وتكرار العمل أي المخالفة وضرب المثل لغيره من الموظفين الذين قد تسول لهم أنفسهم ارتكابها ويرجع متخذ القرار تقدير استهداف القرار لتحقيق المصلحة العامة أو حتى مصلحة العمل التي ينظمها المشرع عند تحديد أهداف معينة لقرارات معينة.
والهدف من تحقيق الغرض أو الغاية من اتخاذ القرار هو حماية الأفراد والجماعات من احتمالات إساءة رجال الإدارة لاستعمال سلطاتهم أو تعسفهم في استخدامها أو محاولتهم لاستغلالها لتحقيق بعض المنافع الشخصية ويطلق فقهاء القانون الإداري على القرارات التي تفتقر إلى توفر هذا الركن بأنها مشوبة بعيب الانحراف وهو عيب داخلي يتصل بنية متخذ القرار وغرضه وغالبا ما يتم إثباته عن طريق الاعتراف الصحيح أو من خلال سلوك متخذ القرار وسوابقه.
المبحث السادس:"الإجراءات"
تعني الإجراءات الخطوات التمهيدية التي يجب أن يمر بها القرار قبل اتخاذه ويختلف مدى هذه الإجراءات ضيقا واتساعا تبعا لاختلاف المواضيع التي تتناولها القرارات فالإجراءات اللازمة لاتخاذ القرار الخاص بحسب الجنسية مثلا قد تختلف عن الإجراءات اللازمة للاتخاذ القرار من الوزير المعين لمجازاة احد الموظفين من موظفي وزارته.
ويجب على متخذ القرار عدم الخلط بين الإجراءات والتي يترتب على عدم الالتزام بها عدم صحة القرار وبين الخطوات المكتبية التي يمر بها القرار قبل اتخاذه فمثل هذه الخطوات لا علاقة لها بصحة القرار بل هي تنظيم مكتبي داخلي تمهد بدورها لاتخاذ القرار ولكن تجاوزها لا يؤثر في مشروعية القرار وإذا كان الهدف من تطلب هذه الإجراءات قبل اتخاذ القرار هو تحقيق مصلحة الإدارة باتخاذ قرار سليم من الناحية النظامية وتمكين صاحب الشأن من الكشف عن وجهة نظره والدفاع عنها قبل اتخاذ القرار إلا أن ذلك يجب إلا يؤدي إلى المغالاة في هذه الإجراءات بالشكل الذي يعوق حرية متخذ القرار ويمنعه من اتخاذ القرار الرشيد في الوقت المناسب.
المراجع:
*انس جعفر-استاذ القانون العام-القرارات الادارية-دار النهضة العربية-شارع عبدالخالق ثروت-الطبعة الثانية-عام 2005م.
*الدكتور سامي جمال الدين-استاذ القانون العام-كلية الحقوق-جامعة الاسكندرية-اصول القانون الاداري-عام 1993م.
*الدكتور محمد فؤاد عبدالباسط-استاذ القانون العام-كلية الحقوق-جامعة الاسكندرية-القرار الاداري-دار الجامعة الجديدة للنشر-شارع سوتير-الاسكندرية –عام 2005م.
*الدكتور نواف كنعان-اتخاذ القرارات الادارية-كلية الحقوق-الجامعة الاردنية-مكتبة دار الثقافة-الطبعة الخامسة-عمان 1998م.
بريشة : كنــــــ القانون ـــــــــــف
يمكن تعريف القرار الإداري من زاوية القانون الإداري ما يلي:
استقر الفقه والقضاء على تعريف القرار الإداري بأنه":إعلان الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إنشاء أو تعديل احد المراكز القانونية يكون ممكنا وجائزا قانونا وكان الهدف منه تحقيق المصلحة العامة ويستوي أن يكون إعلان الإدارة لإرادتها صريحا أو ضمنا والقرار الضمني هو الذي يستنتج من سكوت الإدارة بالنسبة لموقف معين ومن هذا التعريف يتضح أن القرار الإداري:
أولا:عملا قانوني وبالتالي لا يدخل في إطاره الأعمال المادية لأنها لا تنشا ولا تعدل مركزا قانونيا:
فالأعمال المادية التي تقع من إحدى السلطات الإدارية إما أن تتم عن غير قصد من الموظف المختص نتيجة خطئه أو عدم تحريه الدقة كالمحافظين الذين يتخذون قرارا يتعلق بأحد الأمور التي تخص محافظة أخرى مجاورة أو قرارا يتعلق بشؤون إحدى الوحدات المحلية التي لا تتبع المحافظة التي يترأسها وأيضا مثل احد السائقين التابعين لجهة إدارية معينة حادثة ما نتيجة عدم إتباع الأصول الفنية للقيادة وإما أن تصدر هذه الأعمال من الإدارة عن قصد تنفيذا لقاعدة تشريعية كان يصدر قرار من إحدى السلطات المختصة قانونا بالاستيلاء مؤقتا على عقار مملوك لأحد الأفراد أو قيام الإدارة بتطبيق بعض قوانين الضبط الإداري بتنظيم المباني.
ويتضح أن الأعمال المادية للإدارة بذكر أهم هذه الأعمال وهي:
*الأعمال الفنية التي يقوم بها رجال الإدارة المختصون بحكم وظائفهم كالمهندسين(إعدادات الترميمات والرسومات الفنية للمشروعات الأشغال العامة.
*الأعمال التي تقوم بها الإدارة تنفيذا للقرارات والأوامر الإدارية(القبض على الافراد_الاستيلاء على ملك الافراد_هدم منزل آيل للسقوط).
*الأعمال الإدارية المشروعة التي يقوم بها رجال الإدارة وتحدث آثرا قانونيا ولكنها لا تعتبر أعمالا قانونية كالوفاء بالدين.
*المنشورات والتعليمات والقرارات التي تصدر من جانب الإدارة وحدها ولا تعتبر مع ذلك قرارات إدارية لأنها لا تحدث اثر قبل الأفراد ولا تمس مصالحهم أو بمعنى أدق لا يحتج بها عليهم مثل المنشورات والتعليمات التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للمرافق العامة.
*الأعمال القانونية غير المشروعة التي تبلغ درجة عدم مشروعيتها حدا يفقدها طبيعتها القانونية فتصبح أعمالا مادية.
*الأعمال غير القانونية التي يقع خطأ من جانب عمال الإدارة مثلا حوادث السيارات والسكك الحديدية.
ثانيا:يصدر القرار من جانب واحد متمثل في الجهة الإدارية مصدرة القرار:
الأعمال القانونية من جانبين والتي تستلزم توافق إرادتين كالعقود الإدارية كما يجب أن يصدر القرار من جهة الإدارة.
ولمعرفة طبيعة القرار الإداري الاستعانة بالاتي:
المعيار الشكلي:
ومفاده الرجوع إلى الجهة أو الهيئة التي أصدرت القرار والشكل الذي صدر فيه دون البحث في مضمون القرار أو محتواه وعلى ذلك يعتبر العمل تشريعيا إذا كان قد صدر من السلطة التشريعية ويعتبر العمل قضائيا إذا كان قد صدر من الجهات الإدارية التابعة للسلطة التنفيذية.
المعيار الموضوعي:
ومفاده البحث في جوهر العمل ذاته والنظر إلى مضمونه ومحتواه دون النظر إلى السلطة التي أصدرته أو الشكل الذي صدر فيه.
المطلب الثاني:"شروط انعقاد القرار الإداري":
القرار الإداري يولد بتوافر ركن الإرادة فيه وهو ما يعني أن وجود القرار الإداري أو انعدامه إنما يدور حول توافر النية والإرادة بغض النظر عن صحته ومشروعيته فإذا توفر ركن الرادة فيه تحقق وجوده حتى لو كان قابلا للإلغاء فإذا ثبت عدم توافر كافة شروط صحته قانونا إما إذا لم يستوفي ركن الإرادة فيه فانه يكون منعدما حتى وان كانت جميع عناصره الأخرى تبدو صحيحة ومتفقة مع القانون لذلك فان القرارالاداري يقوم بمجرد التعبير أو الإفصاح عن إرادة السلطة الإدارية ونيتها في إحداث اثر قانوني معين أيا كان أسلوب التعبير عن هذه الإرادة وسواء التزمت بما فرضه القانون من شروط لمشروعية القرار الإداري أساس هذه الإرادة أو لم تلتزم،فمن شروط انعقاد القرار الإداري بتوافر الإرادة فيما يلي:
*أولا*:أن يكون هناك تعبيرا عن إرادة منفردة للإرادة:
تشير المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الحالي في فقرتها الخامسة إلى القرارات الإدارية التي يمكن الطعن فيها بالإلغاء بأنها"القرارات الإدارية النهائية ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح".وبذلك يكون القرار الإداري بحكم تعريفه من التصرفات العمدية سواء تمثل القرار في التعبير الايجابي صراحة أو ضمنا عن إرادة الإرادة الملزمة بعمل شئ أو الامتناع عن عمله أم تمثل في التعبير السلبي في صورة رفض الإرادة أو امتناعها عن اتخاذ القرار الإداري وهو ما يطلق عليه"القرار السلبي"مما يدفع إلى اعتبار المشرع انه هناك قرارا مفترضا سواء بالرفض أو الموافقة على مضمون القرار بمعنى أن إفصاح الإدارة عن إرادتها الصريحة يتجلى في "الامتناع عن إصدار قرار كان يتعين على الإدارة إصداره".
ومقتضى ما تقدم أن الشرط الأول من شروط ركن الإرادة وهو أن يكون هناك تعبيرا أو إفصاحا عن إرادة منفردة للإرادة لا يستلزم أن يكون التعبير ايجابيا وإنما قد يكون كذلك سلبيا ففي كل الأحوال هناك إفصاح عن الإرادة المنفردة للإرادة وتتوافر فيه صفة العمد حيث أن انتفاء هذه الصفة عن التصرف ينفى عنه طبيعة القرار الإداري.
والتعبير عن الإرادة المنفردة لا يعني صدور القرار الإداري وفقا لإرادة شخص واحد ويلزم لملاحظة ذلك ما يلي:
*أن اشتراك عدة أفراد أو جهات إدارية في إصدار القرار الإداري لا يعني صدوره عن أكثر من إرادة فالعبرة ليست بعدد أعضاء السلطة الإرادية الذين يصدر عنهم القرار وإنما العبرة بالإرادة التي يمثلونها معا إذ أنهم جميعا يمثلون جميعا إرادة واحدة وهي إرادة السلطة الإرادية في مواجهة المخاطبين بإحكام هذا القرار وهي إرادة ملزمة لهم ولا تتوقف على قبولهم بأحكامه.
*إذا تطلب القانون اشتراك إرادة من تتجه إليه أحكام القرار الإداري قبل إصداره كما لو استلزم القانون تقديم الطلب للحصول على رخصة قيادة أو جنسية الدولة فان ذلك لا يعني اتفاق إرادتين سواء كان قرار الإدارة بالموافقة أم بالرفض إذ يعد هذا الطلب من قبيل الوقائع التي تدفع الإدارة لاتخاذ قرارها في صدده تعبيرا عن إرادتها المنفردة بالغض عن إرادة من تقدم بالطلب ومن ثم يدخل الطلب في عنصر السبب في القرار الإداري الصادر بشأنه.
*إذا اشترط القانون موافقة من شمله القرار الإداري بآثاره كما هو الحال في الوظائف العامة حيث يستلزم القانون الموافقة على قرار التعين على خلاف قرار التكليف أو التجنيد فان هذه الموافقة لا تعني بدورها اتفاق إرادتي من تم تعيينه والجهة الإدارية التي عينته إذ لا تتعدى هذه الموافقة على القرار بعد صدوره كونها شرطا لسريان قرار التعيين الذي يعد نافذا منذ صدوره ولكن سريانه معلق على موافقة من صدر القرار بتعيينه واستلامه للعمل ويظل قرار التعيين بالرغم من شرط الموافقة عمل قانوني من جانب الإدارة وحدها.
وقد تدق التفرقة أحيانا في تكييف موافقة الطرف الآخر على التصرف فإذا تشكك القضاء في النظام القانوني للتصرف وتبين له أن موافقة الطرف الآخر من الشروط الجوهرية لقيام التصرف كان له أن يعتبره من قبيل العقود الإدارية دون التقيد بظاهر الألفاظ وهو ما يقع بصدد التراخيص الصادرة عن الإدارة حيث انه يعد منها من القرارات الإدارية ومنها ما يأخذ طابع العقد الإداري.
*ثانيا*:أن يكون القرار تعبيرا عن سلطة إدارية:
يشترط في القرار الإداري أن يكون تعبيرا عن إرادة سلطة إدارية ومن شان هذا الشرط استبعاد كافة التصرفات الصادرة عن غير السلطة الإدارية حتى ولو سميت باصطلاح القرار بل استبعاد كافة تصرفات السلطة التنفيذية غير الإدارية حيث أننا لا نقصد باصطلاح السلطة الإدارية في هذا المجال معناها العضوي فحسب بل يشترط أيضا أن يعبر القرار عن إرادة تتصل بالسلطة الإدارية بمعناها الموضوعي إما من الناحية العضوية يشترط صدور القرار الإداري عن السلطة التنفيذية بوصفها إحدى السلطات العامة الدستورية في الدولة وهو ما يعني استبعاد كل ما لا يتصل بالسلطة التنفيذية عضويا أو شكليا من مجال الإدارة.
بيد انه لما كانت السلطة الإدارية تتطابق عضويا مع السلطة التنفيذية وكانت هذه الأخيرة تباشر إلى جانب الوظيفة الإدارية وظائف وأعمال أخرى لا علاقة لها بالإدارة فانه يشترط في القرارات الإدارية أن تكون صادرة استنادا إلى سلطة إدارية موضوعيا ولهذا الاصطلاح الموضوعي شقين:
*يصدر القرار الإداري باعتباره ممارسة لسلطة عامة لان سلطة إصدار القرارات الإدارية ما هي في الواقع إلا مظهر من مظاهر السلطة العامة وممارسة لها وذلك لان سلطة القرار بالإرادة المنفردة الممنوحة للإدارة تنشئ علاقة غير متوازنة بين الإدارة صانعة القرار وبين الموجه إليه هذا القرار ولكي تكون هذه العلاقة مشروعة فانه يجب أن يكون القرار صادرا ممن يملك إصداره بوصفه سلطة عامة فإذا لم تظهر الإدارة كذلك فان ما تصدره تعبيرا عن إرادتها لا يندرج في نطاق القرارات الإدارية كما أن التصرفات الخاصة لأعضاء الإدارة لا تدخل في دائرة القرارات الإدارية.
*يستلزم أن يكون القرار الإداري تعبيرا عن سلطة إدارية أي أن يتصل القرار الإدارية للسلطة التنفيذية فالمعلوم أن السلطة التنفيذية تتولى في معظم الدول وظيفتين أولاهما الوظيفة الإدارية والتي تتصل بتنفيذ القوانين وحماية النظام العام وإشباع الحاجات العامة وثانيهما الوظيفة الحكومية والتي ترتبط أما بعلاقة السلطة التنفيذية بغيرها من السلطات العامة كالسلطة التشريعية باعتبارها سلطتين متساويتين لاستطيع أن تفرض إحداهما إرادتها المنفردة على الأخرى ،ما لم ينص الدستور على خلاف ذلك ،وإما بعلاقة السلطة التنفيذية أي بالدول الأخرى والمنظمات الدولية سواء في وقت السلم أو الحرب ،حيث تظهر السلطة التنفيذية في هذه العلاقات بوصفها السلطة الممثلة للدولة ككل.وليس بوصفها سلطة تنفيذية فحسب ،وعلية تخرج الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية بصدد ممارستها للوظيفية من نطاق الأعمال الإدارية ،إ ذ تعد في هذه الحالة أعمال الحومة وذلك على النحو ما سبق دراسته والخلاصة أن القرارات هي تعبيرية عن إدارة سلطة إدارية ومن ثم يلزم صدورها من السلطة التنفيذية دون غيره.
ثالثا:"أن يكون القرار الإداري تعبيرا عن الإرادة الملزمة للإدارة بأثر قانوني محدد":
يتعين في القرار الإداري أن يكون من شانه إلزام المخاطبين بأحكامه بأثر قانوني معين فالقرار الإداري بطبيعته من الأعمال القانونية وهو ما يعني أن من شان هذا العمل إحداث اثر قانوني ما فانه يدخل في نطاق الأعمال المادية وليس من الأعمال القانونية حتى ولو كان العمل المادي جزء من العملية الإدارية التي تشمل بعض من الأعمال القانونية ومن ثم تخرج من دائرة القرارات الإدارية التصرفات التي يقصد بها إعلان وجهة نظر الإدارة في صورة آراء أو ادعاءات أو مزايا أو مقاصد أو رغبات أو توجيهات أو وعود فمثل هذه التصرفات ليس لها اثأر قانونية وبالتالي فهي غير ملزمة والأثر القانوني للقرار الإداري يتحقق بمجرد صدور القرار ولذلك يتجه القضاء الإداري في بعض أحكامه إلى وصف القرار الإداري بأنه قرار نهائي بمعنى أن إرادة الإدارة في إحداث اثر قانوني ولا يحتاج تصديق جهة أخرى تعلو الجهة الإدارية المختصة بإصدار القرار والواقع أن القرار الإداري لا يحتاج إلى وصفة بالنهاية وذلك لان القرار الإداري لا يقوم ولا يتحقق ما لم يولد بذاته اثأر قانونية دون توقف على أي إرادة أخرى وإلا كان على الأكثر من الإجراءات التمهيدية التي تسبق إصدار القرار واتخاذه من جانب كافة السلطات المشتركة في إصدار هذا القرار.
فان الأثر القانوني للقرار الإداري يتمثل في إنشاء مركز قانوني معين أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني قائم واصطلاح إحداث اثر قانوني يشمل كافة الحالات ولا يقتصر على حالة إنشاء المركز القانوني كما انه في كافة الأحوال فان التأثير على المراكز القانونية بالتعديل أو بالإلغاء سيؤدي حتما إلى إحداث مركز قانوني جديد.
المطلب الثالث:"شروط صحة ومشروعية القرار الإداري":
إذا كان تخلف ركن الإرادة في القرار الإداري بشروطه من شانه القول بانعدام القرار الإداري ومن ثم يفقد القرار الإداري طبيعته القانونية ويتحول شانه إلى شان العمل المادي المنعدم الأثر قانونا فلا يكون قابلا للتنفيذ المباشر باعتباره مجرد عقبة مادية لا تحول دون ممارسة ذوي الشأن لمقتضيات مراكزهم القانونية المشروعة وهناك شروطا يجب توافرها في القرارات الإدارية لتكون صحيحة قانونا أي مشروعة ومن ثم تكون نافذة في مواجهة الأفراد فإذا تخلفت الشروط فذلك لا يؤثر في وجود القرار الإداري وان كانت تؤدي إلى قابلية بطلان القرار الإداري نتيجة مخالفته للشروط التي يقررها القانون.
ويتولى القاضي الإداري فحص القرار الإداري للتحقق من سلامته من الناحية القانونية وذلك عندما ترفع أمامه دعوى الإلغاء لهذا القرار لعدم مشروعيته ويقتصر دور القاضي على المقابلة بين القرار المطعون فيه بالإلغاء والقواعد القانونية المشروعة والنافذة المتصلة به وصحة تطبيق القانون فلا يجوز له كأصل عام أن يعقب على جوانب النشاط الإداري الذي لا تخضع لقواعد قانونية تحكمه بمعنى أن النشاط الذي تتمتع به الإدارة بسلطة تقديرية حيث تنفرد الإدارة وحدها بمهمة التقدير إذا كانت ملائمة لجوانبه أو لا تلائمه وعلى ذلك فقد ظهرت ضرورة التمييز بين الاختصاص المقيد والاختصاص التقديري وهي لا تتأسس على التناقض بينهما لأنهما تكملان بعضهما البعض عند مباشرة سلطة اتخاذ القرار الإداري والتي ليست سوى وسيلة لوضع القانون موضع التنفيذ على أكمل وجه على حسب الظروف المختلفة.
فان دراسة شروط مشروعية القرار الإداري أو صحته قانونا تستلزم أولا عرض لمسالة الاختصاص المقيد والاختصاص التقديري للإدارة ثم شرح جوانب التقييد أو حرية التقدير للملائمة بصدد عناصر القرار الإداري المختلفة واثر الرقابة القضائية على مشروعيته.
الفصل الثاني:"تنفيذ القرار الإداري"
المبحث الاول:"أساليب تنفيذ القرار الإداري":
أساليب تنفيذ القرار الإداري أمر يختلف عن نفاذه في ذاته فالنفاذ عملية قانونية تتم بالشهر والإصدار فالتنفيذ عمل مادي لاحق لسريان ونفاذ القرار الإداري ويتم مباشرة وقد يتم بعد فترة لسبب معين فقرار التعيين هو قرار نافذ في مواجهة الإدارة منذ صدوره ومواجهة من تم تعيينه منذ علمه بالقرار والموافقة عليه ولكن تنفيذه يتوقف على استلام الموظف المعين للعمل ومباشرته لاختصاصاته والقرار الإداري بحسب الأصل واجب التنفيذ من جانب أطرافه سواء كان طوعا أو كرها لكي لا تثور مشكلة تنفيذ الإدارة لقرارها وعلى أصحاب المصلحة إجبار الإدارة على التنفيذ إذا امتنعت عنه لسبب أو لآخر عن طريق القضاء بالطعن في قرارها السلبي بعدم التنفيذ والامتناع عنه.
إما بالنسبة للأفراد الذين يرتب القرار عليهم التزامات معينة فإذا رفض احدهم عن تنفيذ هذه الالتزامات فان للإدارة أن تلجا للقضاء لإجباره على تنفيذ الالتزام ا والى أسلوب التنفيذ الجبري المباشر وفقا للقانون والالتجاء إلى القضاء هو الوسيلة الطبيعية لإجبار الأفراد على تنفيذ التزاماتهم وذلك عن طريق حصولهم على حكم قضائي بتنفيذ القرار الإداري بالقوة الجبرية وللإدارة أن تلجا لهذا الأسلوب إذا قدرت انه أكثر ملائمة للظروف ومع ذلك هو نادرا مما يمثل ضمانة لحقوق الأفراد ولحرياتهم من أسلوب التنفيذ الإداري المباشر.
التنفيذ المباشر هو من اخطر امتيازات السلطة الإدارية حيث يمكن للإدارة بمقتضاه تنفيذ القرار الإداري جبرا على الممتنعين عن تنفيذه دون الالتجاء إلى القضاء خلافا لأصل علاقات القانون الخاص والذي ينصب انه لا يجوز اقتضاء الحقوق من جانب من يدعونها بأنفسهم وإنما عليهم أن يلجئوا للقضاء أولا لتتقرر حقوقهم ون ثم إلى السلطات العامة لتنفذ لهم ما يحكم به القضاء ويستند حق الإدارة في التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية إلى القرينة القانونية التي تفرض سلامة القرارات الإدارية حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك ومن ثم ينبغي على الأفراد تنفيذه طواعية دون الحاجة إلى الحصول على حكم من القضاء للإدارة فإذا كان لصاحب الشأن أي اعتراض عليه الالتجاء إلى القضاء والطعن أمامه على عدم مشروعية القرار مما يؤدي إلى أن يقع عبء الإثبات على عاتقه تجاه الإدارة ومع ذلك حرص القضاء الإداري على تقييد حق الإدارة في الالتجاء إلى التنفيذ المباشر لخطورته على حقوق وحريات الأفراد وجعله أمرا استثنائيا لا يجوز للإدارة الالتجاء إليه إلا بشروط منها:
*أن يوجد نص قانوني يجيز التنفيذ المباشر صراحة لان التنفيذ المباشر من شانه المساس بالحريات العامة للأفراد فانه لا يجوز تقرير هذا الامتياز بنص لائحي حيث لا يجوز تقييد الحريات العامة إلا بنص القانون.
*إلا يكون أمام الإدارة أية وسيلة قانونية أخرى يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ القرار الإداري ففي هذه الحالة يحق لها الالتجاء إلى التنفيذ المباشر للقرار ولو لم يوجد نص تشريعي يبيح لها ذلك باعتبار ذلك مما تقتضيه ضرورة احترام القوانين والقرارات الإدارية التي تضعه موضع التنفيذ.
*إذا قامت حالة ضرورة نتيجة ظروف استثنائية تهدد بأخطار جسيمة وحالة مما يقتضي سرعة تدخل الإدارة لدرء هذا الخطر كما لو قامت مظاهر عدائية اتجهت إلى استخدام العنف وإتلاف الأموال العامة فلا يصح في هذه الحالة أن تقف الإدارة مسلوبة السلطة بحجة أنها تستطيع تقديم المتظاهرين للمحاكمة الجنائية وتوقيع عقوبات عليهم لذلك يجب الاعتراف للإدارة بتنفيذ قراراتها الإدارية اللازمة لمواجهة هذه الأحداث تنفيذا مباشرا تحت مسؤوليتها ورقابة القضاء التي يفرضها على الإدارة خوفا من احتمال تهديد حريات الأفراد وحرياتهم بطريقة تعسفية ويشترط القضاء على نحو ذلك ما يلي:
أ_قيام حالة الضرورة بشروطها المعروفة وذلك بوقوع ظروف استثنائية تهدد بإخطار جسيم حالة تخل النظام العام وعدم إمكانية درء هذه الإخطار بالوسائل القانونية العادية.
ب_أن يثبت امتناع الأفراد عن تنفيذ القرارات الإدارية وان الإدارة قد تركت لهم المهلة الزمنية المعقولة بعد مطالبتهم بالتنفيذ الاختياري وذلك قبل التجائها للتنفيذ المباشر.
ج_إلا تتجاوز الإدارة في استعمال امتياز التنفيذ الجبري المباشر الهدف المحدد من القرار الإداري المراد تنفيذه ومن ثم تجري إجراءات التنفيذ المباشر على الإجراءات الضرورية التي لا غنى عنها لتنفيذ القرار وإلا تتجاوز هذه الإجراءات.
المبحث الثاني:"وقف تنفيذ القرار الإداري":
الأصل أن القرار الإداري واجب التنفيذ بمجرد توافر شروط نفاذه وسريانه ما دام القرار قائما لم يسحب من قبل الإدارة أو يلغى من قبل القضاء ولذلك فان الطعن في القرار الإداري أمام القضاء بالإلغاء لعدم المشروعية لا اثر له على نفاذ وتنفيذ القرار الإداري وإلا أدت الطعون الكيدية إلى شل نشاط الإدارة غير انه قد تتوافر ظروف معينة تبرر الحكم بوقف التنفيذ لأحد القرارات الإدارية المطعون ضدها بالإلغاء إلى أن يتم الفصل في الدعوى ولذلك إذا كان سيترتب على تنفيذ القرار أضرار يصعب تداركها عند الحكم بإلغائه مستقبلا فجرى القضاء الإداري على ضرورة توافر شرطين للحكم بوقف التنفيذ وهما:
*شرط الاستعجال:بان تتوافر ضرورة معينة تبرر وقف التنفيذ للقرار لتفادي نتائج يتعذر تداركها لو لم يقض بوقف التنفيذ وبشرط إلا تتأذى المصلحة العامة بشدة من وقف التنفيذ في حين أن طالب وقف التنفيذ يتأذى بشدة في عمله وحياته الخاصة وليس في الإمكان دفع النتائج الضارة التي تترتب على استمرار تنفيذ القرار بالوسائل القانونية المقررة.
*شرط الجدية: إذ يشترط أن يكون طلب إلغاء القرار الإداري قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار وتقدير جدية أسباب الإلغاء تدخل في سلطة القاضي قبل الحكم في طلب وقف التنفيذ بحيث إذا اتضح له للوهلة الأولى عدم جدية طلب الإلغاء فلن يكون ثمة مبرر لقبول طلب وقف التنفيذ.
المبحث الثالث:"انقضاء القرار الإداري":
ينتهي القرار الإداري بإتمام تنفيذه واستنفاد مضمونه أو بانتهاء الأجل المحدد لسريانه وهي أسباب طبيعية لانقضاء القرار غير انه قد يتم انقضاؤه قبل إتمام تنفيذه إما بواسطة القضاء أو عن طريق الإدارة ويمكنها أن تنهي القرار الإداري إما بسحبه أو بإلغائه أو بتعديله ويقتصر كلا من السحب والإلغاء على القرارات الغير المشروعة.
المطلب الاول:"الإلغاء":
هو انتهاء اثأر القرار الإداري القانونية بالنسبة للمستقبل فقط وهذا الإلغاء يمكن أن يكون كليا يشمل القرار بكل محتوياته ويمكن أن يكون جزئيا وذلك بإلغاء بعض اثأر القرار مع الإبقاء على البعض الآخر منتجا لأثاره القانونية.
أولا:"أسباب إلغاء القرارات الإدارية":
للإدارة سلطة إلغاء القرارات الإدارية في حالات معينة ولكن هذه السلطة ليست مطلقة تلغي ما تشاء وفي أي وقت تريد ونوضح انه بالنسبة للقرارات التنظيمية التي تتضمن قواعد عامة مجردة ولا يتعلق بها حقوق مكتسبة للأفراد ويمكن أن يرد التعديل في أي وقت وفقا لمقتضيات سير المرفق العام بصفة منتظمة ودائمة الذي يترتب عليه قابلية المرفق للتغيير والتبديل بما يستلزمه من إعطاء الإدارة سلطة إلغاء القرارات بأسباب منها:
*تغير التشريع الذي صدر القرار في ظله وكان لهذا التشريع اثر رجعي:
القرار الإداري عرف على انه يخضع للتشريع المطبق وقت صدوره ولا يؤثر في القرارات الإدارية الصادرة في ظل نظام قانوني معين صدور قانون جديد ويظهر ذلك بوضوح النسبة للموظف العام الذي استقر الفقه والقضاء على انه في مركز تنظيمي لائحي فإذا عين الموظف أو رقي في ظل نظام قانوني معين فلا يضار بوضع نظام قانوني جديد إلا إذا تضمن هذا القانون الجديد آثرا رجعيا كما لو كان القانون السابق يجعل اختيار العمداء بالكليات بالتعيين ثم صدر قانون جديد يجعل الاختيار بالانتخاب وينص تطبيقه على جميع الحالات بأثر رجعي فهنا يلغى قرار كل العمداء المعينين تطبيقا للقانون ويتم إجراء الانتخاب في الكليات المختلفة.
*موافقة صاحب الشأن:
ولا يثور هذا السبب إلا في حالات نادرة وخارج الوظيفة العامة لان قبول الموظف على أن يعامل بالخلاف للقانون باطل ولا يعتد به ولا يؤثر على حقه في المطالبة بتصحيح وضعه طبقا للقانون وذلك تأسيسا على العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالإدارة.
*إلغاء القرار لدواعي المصلحة العامة:
يجوز للإدارة أن تلغي القرار الإداري لدواعي المصلحة العامة وأهمها المحافظة على النظام العام بجميع مدلولاته مثل:الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة وما يستجدها من اعتبارات فيجب حين إلغاء القرار الإداري مراعاة المصلحة العامة ودواعيها ليكون السبب متبينا.
*مدى سلطة الإدارة في إلغاء القرارات الإدارية:
يلزم التفرقة بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية لمعرفة مدى سلطة الإدارة في إلغاء القرارات الإدارية فبالنسبة للقرارات التنظيمية فان للإدارة الحق في تعديلها أو إلغائها في أي وقت وفقا لمقتضى الصالح العام لان القرارات التنظيمية تنشئ مراكز نظامية عامة وتتضمن قواعد عامة ومجردة تخضع للتغيير والتبديل إما بالنسبة للقرارات الفردية فهذه كقواعد عامة لا يجوز المساس بها طالما كانت سليمة وترتب عليها إكساب الشخص حقا شخصيا أو مركزا خاصا فان هذا الجمود ليس مؤبدا بل يمكن للإدارة المساس بالقرار عن طريق القرار المضاد وهو المخرج الذي تمارسه السلطة العامة من خلاله إنهاء تصرفها الذي انشأ حقوقا أخرى للآخرين وفقا للشروط والإجراءات التي نص عليه القانون وحددها.
المطلب الثاني:"السحب":
يقصد بسحب القرار إنهاء اثر القرار الرجعي ويقتصر السحب على القرارات غير المشروعة التي أصابها احد العيوب التي تصيب القرار الإداري ويعد السحب جزاء لعدم مشروعية القرار فتعتمد الإدارة على مبادئ عدة في سحب قراراتها منها:
*مبدأ المشروعية:
يقصد به أن تكون كل تصرفات السلطة العامة والأفراد في إطار القانون وبالتالي فان كل عمل صادر من إحدى السلطات العامة لا يعد صحيحا ومنتجا لأثاره إلا إذا كان مطابقا للقانون فإذا كان العمل مخالفا للقانون حق لكل ذي مصلحة أن يطلب إلغاءه أو التعويض عنه إذا كان هناك مقتضى لذلك وتعتبر الرقابة على تصرفات السلطة العامة الضمانة الحقيقية والفعالة لتطبيق هذا المبدأ وهكذا يسمح مبدأ المشروعية بتصحيح أي قرار إداري مخالف مما علق به ويكون السحب جزاء عدم المشروعية وان القضاء يراقب الإدارة في ذلك.
*مبدأ عدم المساس بالآثار الفردية للقرارات الإدارية:
القرار الفردي إذا صدر صحيحا لا يجوز المساس به أو إلغائه أو سحبه فعدم المساس بالآثار الفردية للقرارات الإدارية مبدأ أساسي ويلزم الإدارة باحترام الآثار الناتجة عن العمل القانوني والتي تتعلق بالأفراد الذين صدر بشأنهم القرار الإداري وهذا المبدأ يقوم على أساس أن ثمة حاجة ضرورية لوجود مبدأ تحقيق استقرار الأوضاع القانونية وعدم زعزعتها وتحمي المصالح الخاصة ويوفر الأمن القانوني وبالتالي يقف المبدأ عائقا أمام السلطة الإدارية في أن تسحب قراراتها السليمة.
*مبدأ رقابة الإدارة على أعمالها:
يقصد أن تقوم الإدارة بالرقابة على نفسها في جميع الأعمال التي تقوم بها وهذه الرقابة لا تقتصر فقط على التأكد من مشروعية التصرفات التي قامت بها إحدى الجهات الإدارية ولكن يمكن أن يشمل مدى ملائمة هذا التصرف ويكون ذلك واضحا في النظام المركزي لان من خصائص المركزية الإدارية والسلطة الرئاسية تندرج تحت وحدات الجهاز الإداري فبالتالي على الدرجات الدنيا أن تكون تابعة وخاضعة لتوجيهات وتعليمات الدرجات العليا مما يترتب على ذلك أن يكون للسلطات العليا حق إلغاء وتعديل القرارات الصادرة من الدرجات الدنيا سواء كانت مشروعة أو ملائمة وذلك لان السلطة الرئاسية تتضمن عنصرين هما:
1*سلطة إصدار القرارات والتعليمات التي لها طابع الإلزام بالنسبة للمرؤوس.
2*سلطة مراجعة أعمال المرؤوسين.
ويكون للسلطة الرئاسية حق الموافقة عليها وتعديلها واستبدالها أو إبطالها إما في ظل اللامركزية الإدارية حيث يوجد بجانب هيئات الإدارة المركزية هيئات أخرى تمارس نشاطها على جزء من إقليم الدولة وهذه الهيئات تتمتع بالاستقلال في مباشرة الاختصاصات التي قررها لها المشرع وبصفة استثنائية يمارس عليها رقابة من السلطة المركزية بقدر محدود وتقتصر المشروعية فقط ولا تمتد للملائمة.
*مبدأ تجنب دعوى الإلغاء:
يعد تفادي وتجنب دعوى الإلغاء احد الأسس التي تستند عليها فكرة سحب الإدارة لقراراتها الغير سليمة لان الإدارة بسحبها القرار تتجنب الإلغاء للقرار القضائي وتتفادى مشقة التجاء إلى القضاء كمدعي مما يجعلها تسحب قرارها فيدور وجودا وعما مع قابليته للطعن فيه بالإلغاء القضائي.
الفصل الثالث:"نفاذ وسريان القرار الإداري"
المبحث الاول:"نفاذ القرار الإداري":
ينفذ القرار الإداري من تاريخ صدوره وذلك بأثر مباشر ويجوز في حالات استثنائية أن يكون للقرار اثر رجعي.
المطلب الاول:"القاعدة العامة في نفاذ القرارات الإدارية":
بمجرد صدور القرار الإداري من السلطة المختصة التي تملك إصداره قانونا فان القرار يكون نافذا في حق الإدارة وتستطيع تطبيقه ويحق لمن له مصلحة الطعن فيه وذلك خلافا للقوانين التي لا يعتد بها ولا تطبق إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية لان هذه القرارات تتم وتنتج آثارها القانونية من يوم التوقيع عليها ممن يملك سلطة إصدارها ونتيجة لذلك فالنتائج التي تترتب عليها كالآتي:
1-يلزم للحكم على مشروعية القرار الإداري ومدى اتساقه مع القواعد القانونية الأعلى منها تطبيقا لمبدأ تدرج القواعد القانونية الرجوع لتاريخ إصدار القرار الإداري وخاصة بالنسبة لسببه وموضوعه ومصدر القرار.
2-تملك الإدارة بمجرد صدور القرار تطبيقه دون إعلان الأفراد به كما تملك الإدارة ارجاع تنفيذه لان التنفيذ رخصة مخولة للإدارة تترخص في إجرائه بحسب مقتضيات المصلحة العامة.
3-أن الإدارة إذا أرادت إلغاء وسحب القرار الإداري فإنها تتقيد في حساب المدة المنصوص عليها للإلغاء أو السحب بتاريخ الإصدار.
4-يجوز للأفراد بمجرد صدور القرار أن يتظلموا منه وان يطعنوا فيه ويطلبوا وقف تنفيذه أمام القضاء المختص مع وجوب توافر شروطه وهي:
*أن يبدي صاحب الشأن رغبته في وقف التنفيذ في صحيفة دعوى الإلغاء.
*أن لا يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه من القرارات التي تخضع لقاعدة التظلم الو جوبي.
*أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
*أن يكون الطعن الأصلي قائما على أسباب جدية.
المطلب الثاني:"التمييز في نفاذ القرارات الإدارية بين القرارات البسيطة والقرارات المعلقة على شرط":
يكون نفاذ القرار الإداري بمجرد صدوره يسري على القرارات البسيطة التي لا شرط فيها إما إذا كان القرار معلقا على شرط فان نفاذه وتحقيق آثاره يكون رهينا بتحقق الشرط الذي ذكره القرار.
كما انه يمكن لجهة الإدارة أن تؤجل اثأر قراراتها الإدارية بشرط أن تحكمها فكرة المصلحة العامة التي تهيمن على كل تصرفات الإدارة ومن الأمثلة على ذلك أن تصدر الإدارة احد القرارات ولكنها تقيد نفاذه بمصادقة جهة أخرى اعلي منها أو تعلق تنفيذ القرار على توافر الاعتماد المالي فهنا لا يكون للقرار أي اثر إلا بعد المصادقة عليه من الجهة الأخرى التي حددها القرار أو توافر الاعتماد المالي.
ومن الأمثلة العملية التي تجري في الحياة العملية أن يصدر قرار بتعيين احد الموظفين بشرط موافقة الجهات الأمنية على ذلك أو تعيين الموظف في إحدى الوظائف بشرط قضائه فترة الاختبار بنجاح ويلزم دائما في الشرط الذي سيعلق تنفيذ القرار عليه أن يكون مشروعا فإذا كان الشرط غير مشروع فيبقى القرار سليما مع بطلان الشرط الذي تضمنه القرار إلا إذا كان بطلان الشرط سيؤدي حتما إلى بطلان القرار الذي يقترن به وذلك في الحالات التي يثبت فيها أن الشرط كان هو الأساس في إصدار القرار بحيث لم يكن للإدارة حق إصدار القرار لولا هذا الشرط.
المطلب الثالث:"مدى جواز رجعية القرارات الإدارية":
القاعدة العامة أن القرارات الإدارية بكل أنواعها يجب أن تطبق بأثر مباشر ولا تتضمن اثر رجعي لان الحقوق المكتسبة لا يجوز المساس بها إلا بقانون يتضمن الأثر الرجعي وفقا لما نص عليه الدستور لان الأصل طبقا للقانون الطبيعي احترام الحقوق المكتسبة وهذا ما تقضي به العدالة الطبيعية ويستلزمه الصالح العام غذ ليس من العدل إهدار الحقوق وهذا لا يتفق مع المصلحة العامة أن يفقد الناس الثقة والاطمنان على استقرار حقوقهم وحقيقة الأمر فان عدم الرجعية يرجع إلى فكرة احترام الحقوق المكتسبة واستقرار المعاملات الذي يقتضي أن يكون التنظيم للمستقبل مع ترك الآثار التي تمت في الماضي وغني عن البيان أن جزاء الرجعية في القرارات الإدارية هو البطلان ولكي تتم الرجعية يلزم ما يلي:
*أن نكون بصدد مركز قانوني قد تكامل لأحد الأشخاص في ظل نظام قانوني معين.
*أن يكون من شان أعمال الرجعية المساس بالمراكز الشخصية التي تكاملت عناصرها قبل أن يصبح القرار نافذا.
غير أن قاعدة عدم الرجعية ليست مطلقة بل هي أصل عام يمكن أن يرد على الاستثناء فلا يخرج عن القاعدة وجوهرها أو يحول بينها وبين تحقيق هدفها وقد وضع القضاء بعض الاستثناءات على مبدأ عدم الرجعية وهي:
1-جواز رجعية القرارات الإدارية بنص تشريعي.
2-رجعية القرارات الإدارية تنفيذا لحكم قضائي بالإلغاء.
3-مدى تطبيق اللائحة الأصلح للمتهم بأثر رجعي.
4-ثمة قرارات إدارية تنظيمية تتضمن بالضرورة آثرا رجعيا مثل:القرار الصادر بسحب القرار الإداري الغير سليم والقرار الإداري بتصحيح قرار غير سليم والقرارات المؤكدة والمفسرة والرجعية بسبب طبيعة الاختصاص.
5-مدى جواز الرجعية إذا كانت اللائحة للأفراد وتتضمن لمخالفة معينة.
المبحث الثاني:"سريان القرار الإداري":
إذا كان القرار الإداري ينفذ في مواجهة الإدارة بمجرد صدوره من السلطة المختصة فان الأمر جد مختلف بالنسبة لسريان القرار الإداري في مواجهة الأفراد فلا يسري القرار ولا ينفذ في حقهم إلا بإحدى الوسائل المحددة قانونا ولقد نصت المادة من قانون مجلس الدولة على أن وسائل العلم بالكون قرار الإداري هي الإعلان والنشر والقضاء أضاف وسيلة أخرى وهي العلم اليقيني التام.
أولا:الإعلان:
ويتم عن طريق إعلان القرار للشخص المعني بالأمر وقد أوضحت المحكمة الإدارية العليا العديد من أحكامها بان المقصود بالإعلان وهو أن تنقل جهة الإدارة القرار الإداري إلى فرد معين أو مجموعة من الأفراد المحددين بذواتهم وليس للإعلان شكل معين ولا تلتزم الإدارة بإتباع وسيلة معينة لكي تبلغ القرار للأفراد فقد تسلم الإدارة القرار للمعني بالأمر والخطاب مسجل بالعلم بالوصول بحيث يكون إشعار البريد المتعلق باستلام الخطاب الموصى عليه قرنية على الإعلان حتى ويقع عب الإثبات على الموظف وقد أثير موضوع الخطاب المسجل بعلم الوصول في دعوى طريقة أمام مجلس الدولة الفرنسي فقد كان المجلس الخطاب المسجل فقد كان المجلس القومي للأطباء اتخذ قرار بشان احد الأطباء وأرسل المجلس الخطاب المسجل بعلم الوصول للمعنى بالامرثم طعن في الفرار بعد فوات المدة المحددة قانون للطعن وعندما اثأر المجلس القومي.
موضوع فوات مدة الطعن وعدم قبول الدعوى وإظهار شعار البريد المتضمن توقيع زوجته بتسلم الخطاب إلا أن المعنى بالأمر ذكر في دفاعه أن المظروف المسجل بعلم الوصول كان حاليا ولم يجد بت شيئا إلا أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذا الدفاع واضح انه إذا كان المظروف خاليا بالفعل فكان يجب على المعنى بالأمر المبادرة لجهة الإدارة مرسلة الخطاب ويعلم حقيقة ما كان في الخطاب وبالتالي لم يأخذ يوجهه نظر الموظف لان لم يثبت عكس ما ادعته جهة الإدارة.
وقد يتم الإعلان على يد محضر وذلك وفقا للإجراءات المتعلقة في الإعلانات الفضائية وعلى ذلك فليس للإعلان كما أوضحنا شكل معين المهم هو المضمون كان يكون العلم بالقرار حقيقيا وهذا لا يحدث إلا إذا كانت ترتيبا على ذلك فان أرسل القرار بالفاكس للمعنى بالأمر لا يعد وسيلة للعلم لان الفاكس قد يتسلمه شخص أخر وقد يصل غير واضح وبالتالي لا توجد وسيلة بالعلم.
ثانيا:"النشر":
المقصود بالنشر هو قيام الإدارة بإعلان الكافة ومنهم صاحب الشأن بمحتويات القرار الذي تصدره الإدارة حتى يكونوا على بينة منه واختلفت الإجابة على التساؤل عما إذا كان القرار الإداري تنظيميا أو فرديا فإذا كان القرار تنظيميا فان وسيلة العلم به هي النشر في الجريدة الرسمية كالقوانين ويعد النشر في الجريدة الرسمية قرينة على العلم بمجرد النشر أما إذا كان القرار فرديا فيمكن ما يسمى بالنشرات المصلحة.
ثالثا:"العلم اليقيني التام":
بجانب الإعلان توجد وسيلة ثالثة وهي العلم اليقيني بالقرار وعلة إضافة العلم اليقيني إلى الإعلان واضحة لان الغرض من الإعلان هو علم صاحب الشأن بالقرار الصادر ليتصرف على أساسه وعما إذا كان يتظلم أم لا فإذا توافر العلم بطريق يقيني آخر فان المنطق يستلزم بدء الميعاد المحدد قانون دون الحاجة للنشر أو الإعلان ويجب لكي يقوم العلم اليقيني مقام الإعلان أو النشر أن يكون العلم متعلقا بأخذ القرارات التنظيمية بطبيعتها لا يتحقق بها العلم إلا بالنشر في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية ويجب لكي يمكن القول بتوافر علم يقيني تام والذي أوضحت معالم الأحكام القضائية الآتية:
*أن توجد وقائع مادية ملموسة أو قرائن قاطعة الدلالة تفيد علم الشخص بالقرار دون التقيد بوسيلة معينة.
*أن يكون العلم يقينيا لا ضنيا ولا افتراضيا.
*أن يكون العلم بالقرار شاملا لجميع عناصر القرار.
الفصل الرابع:"أركان القرار الإداري":
يقوم القرار الإداري باعتباره تصرفا قانونيا على أركان أساسية إذا فقد احدهما شابه البطلان أو الانعدام وهذه الأركان هي:
المبحث الاول:"السبب":
سبب القرار هو الحالة القانونية أو الواقعية التي توجد لدى متخذ القرار فتحركه أو تلزمه باتخاذه وتتمثل الأسباب القانونية للقرارات في الواقعة القانونية التي تلزم متخذ القرار أو تجيز له اتخاذ قرارات محددة فسبب القرار الصادر بتوقيع العقوبة التأديبية على موظف هو المخالفة التي تقع منه وسبب القرار الصادر بإنهاء خدمة موظف هو العجز الصحي عن العمل بصورة قاطعة أما الأسباب الواقعية للقرارات فتتمثل في أعمال أو طلبات من جانب الأفراد أو بظروف محيطة أو أشياء مادية تستدعي اتخاذ قرار ومن الأمور الهامة التي يجب على متخذ القرار التنبه لها هي ملاحظة عدم الخلط بين سبب القرار والغرض التي تدفع متخذ القرار لاتخاذه وان التفرقة بين العنصرين تقوم على النظر لسبب القرار على انه يمثل الجانب المادي في القرار الإداري بينما يمثل الغرض الجانب الشخصي في القرار.
المبحث الثاني:"المحل":
يعني محل القرار الأثر القانوني الذي يترتب على القرار فالقرار الذي يصدر بفصل موظف محله هو قطع العلاقة بين الإدارة والموظف والقرار الصادر بإبعاد أجنبي عن البلاد لمخالفة الأنظمة محله مغادرة الشخص المبعد للبلاد وهكذا لكل قرار إداري محل هو الأثر القانوني الذي يترتب عليه والذي تريده الجهة التي أصدرته من إصداره ولا يكون القرار الإداري سليما في محله إلا إذا كان محل القرار مشروعا وجائزا من الناحية القانونية ويمكن أيضا من الناحية العملية.
الناحية القانونية:لا يكون محل القرار مشروعا وجائزا متى كان الأثر القانوني الذي يترتب على اتخاذه مخالفا لقاعدة قانونية فالقرار الصادر بفصل موظف في غير الحالات التي يجيزها النظام أو بحرمانه من إجازته العادية يعتبر معيبا في محله لان النظام لا يجيز الفصل في غير الحالات المنصوص عليها كما انه لا يجيز الحرمان من الإجازة كجزاء تأديبي.
الناحية العملية:لا يكون محل القرار جائزا إذا كان هذا المحل غير ممكن تحقيقه أو انجازه من الناحية العملية حتى لا يستحيل تنفيذ القرار فالقرار الصادر بإلزام احد الموظفين بالعمل طوال اليوم ليلا ونهارا وبشكل متواصل يعتبر قرارا معيبا في محله لصعوبة تطبيقه من الناحية العملية خاصة إذا كان العمل مرهقا ويستلزم قسطا من الراحة.
المبحث الثالث:"الشكل":
المقصود بها الصورة التي يتخذ فيها القرار سواء كانت كتابية أو شفوية و صريحة أو ضمنية والأصل العام في القانون الإداري هو عدم وجود صيغة أو شكل معين لاتخاذ القرار إلا إذا كان هناك نص في القانون أو إذا جرى العرف على أن يكون اتخاذ القرار كتابة وفي هذه الحالة يجب أن يحمل القرار تاريخ اتخاذه وتوقيع من اتخذه.
وتتعدد صور اتخاذ القرارات تبعا للظروف والمواضيع التي تتناولها القرارات فبالإضافة للصورة الكتابية هناك صور أخرى لاتخاذ القرارات وتتعدد أيضا أشكال اتخاذ القرارات في الفقه الإداري تبعا لطبيعة النظام السياسي والأنظمة المعمول بها فقد تتخذ القرارات الإدارية على شكل مراسيم أو قرارات من الهيئات التي تملك سلطة اتخاذ القرارات وفقا لقوانين الدولة.
المبحث الرابع:"الاختصاص"
القاعدة في القانون الإداري أن تحديد الجهة التي تكون مختصة باتخاذ القرار يتولاها المشرع العادي والدستوري وذلك بتوزيع الاختصاصات مراعيا في ذلك المسؤوليات الوظيفية وتأهيلها وطبيعة الاختصاص وترتبط سلامة القرار من حيث الاختصاص بتوف عناصر أساسية هي:
العنصر الموضوعي:
يتمثل في تحديد الموضوعات التي يجوز لجهة معينة اتخاذ القرار بشأنها وعلى الجهة المكلف إليها باتخاذ القرار سواء كانت هيئة إدارية أو المدير أن تلتزم حدود الاختصاص المرسوم لها ولا يجوز لها أن تتجاوزه فالاختصاصات الممنوحة لوكيل الوزارة مثلا يجوز له تجاوزها لاتخاذ قرارات في مسائل تدخل في اختصاص الوزير إلا إذا وجد نص نظامي يجيز للوزير تفويض اختصاصاته للوكيل واستخدم الوكيل سلطته في التفويض.
العنصر الشخصي:
يتمثل في تحديد الأشخاص الذين يملك متخذ القرار مخاطبتهم ويظهر هذا العنصر بشكل واضح في القرارات الإدارية التي تتخذ في المجالات الأمنية فوكيل وزارة معينة مثلا لا تملك اتخاذ القرارات الخاصة بالنقل أو مجازاة أو ترقية موظف في وزارة أخرى لان اختصاصه يقتصر على العاملين بوزارته أيا كان مقر عملهم.
العنصر الزمني:
يتمثل في تحديد الفترة الزمنية التي يجوز خلالها اتخاذ القرار الإداري وحتى يكون القرار سليما من حيث الاختصاص الزمني لابد أن يكون اتخاذه خلال الفترة التي تنحصر بين بداية تعيين متخذ القرار في وظيفته وتاريخ انتهاء اختصاصه وقد يحدث أحيانا أن يسقط الاختصاص الزمني لمتخذ القرار خلال هذه الفترة كما في حالة كف يد الموظف عن العمل إذ يعتبر القرار الذي يتخذه الموظف خلال فترة كف اليد مشوبا بعيب عدم الاختصاص الزمني.
العنصر المكاني:
ويتمثل في تحديد الحدود المكانية لاختصاص متخذ القرار فرئيس إحدى البلديات لا يجوز له مثلا أن يتخذ القرار في موضوع يدخل موضوعيا ضمن اختصاص رئيس بلدية أخرى ولا يعني بلديته وكذلك مثل مدير التربية في إحدى المناطق لا يجوز له اتخاذ قرار في موضوع يدخل موضوعيا ضمن اختصاصات مديريات التربية الأخرى ولا يعني المديرية التابعة له.
المبحث الخامس:"الغاية"
وهي الهدف الذي يسعى متخذ القرار إلى تحقيقه من اتخاذ قراره فالغاية من القرار الصادر بتوقيع عقوبة الإنذار بسبب مخالفة ارتكبها موظف معين هي ردعه عن معاودة وتكرار العمل أي المخالفة وضرب المثل لغيره من الموظفين الذين قد تسول لهم أنفسهم ارتكابها ويرجع متخذ القرار تقدير استهداف القرار لتحقيق المصلحة العامة أو حتى مصلحة العمل التي ينظمها المشرع عند تحديد أهداف معينة لقرارات معينة.
والهدف من تحقيق الغرض أو الغاية من اتخاذ القرار هو حماية الأفراد والجماعات من احتمالات إساءة رجال الإدارة لاستعمال سلطاتهم أو تعسفهم في استخدامها أو محاولتهم لاستغلالها لتحقيق بعض المنافع الشخصية ويطلق فقهاء القانون الإداري على القرارات التي تفتقر إلى توفر هذا الركن بأنها مشوبة بعيب الانحراف وهو عيب داخلي يتصل بنية متخذ القرار وغرضه وغالبا ما يتم إثباته عن طريق الاعتراف الصحيح أو من خلال سلوك متخذ القرار وسوابقه.
المبحث السادس:"الإجراءات"
تعني الإجراءات الخطوات التمهيدية التي يجب أن يمر بها القرار قبل اتخاذه ويختلف مدى هذه الإجراءات ضيقا واتساعا تبعا لاختلاف المواضيع التي تتناولها القرارات فالإجراءات اللازمة لاتخاذ القرار الخاص بحسب الجنسية مثلا قد تختلف عن الإجراءات اللازمة للاتخاذ القرار من الوزير المعين لمجازاة احد الموظفين من موظفي وزارته.
ويجب على متخذ القرار عدم الخلط بين الإجراءات والتي يترتب على عدم الالتزام بها عدم صحة القرار وبين الخطوات المكتبية التي يمر بها القرار قبل اتخاذه فمثل هذه الخطوات لا علاقة لها بصحة القرار بل هي تنظيم مكتبي داخلي تمهد بدورها لاتخاذ القرار ولكن تجاوزها لا يؤثر في مشروعية القرار وإذا كان الهدف من تطلب هذه الإجراءات قبل اتخاذ القرار هو تحقيق مصلحة الإدارة باتخاذ قرار سليم من الناحية النظامية وتمكين صاحب الشأن من الكشف عن وجهة نظره والدفاع عنها قبل اتخاذ القرار إلا أن ذلك يجب إلا يؤدي إلى المغالاة في هذه الإجراءات بالشكل الذي يعوق حرية متخذ القرار ويمنعه من اتخاذ القرار الرشيد في الوقت المناسب.
المراجع:
*انس جعفر-استاذ القانون العام-القرارات الادارية-دار النهضة العربية-شارع عبدالخالق ثروت-الطبعة الثانية-عام 2005م.
*الدكتور سامي جمال الدين-استاذ القانون العام-كلية الحقوق-جامعة الاسكندرية-اصول القانون الاداري-عام 1993م.
*الدكتور محمد فؤاد عبدالباسط-استاذ القانون العام-كلية الحقوق-جامعة الاسكندرية-القرار الاداري-دار الجامعة الجديدة للنشر-شارع سوتير-الاسكندرية –عام 2005م.
*الدكتور نواف كنعان-اتخاذ القرارات الادارية-كلية الحقوق-الجامعة الاردنية-مكتبة دار الثقافة-الطبعة الخامسة-عمان 1998م.
بريشة : كنــــــ القانون ـــــــــــف