المشاركة الأصلية بواسطة محب الإعلامية مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم


منذ أن خطوت الخطوة الأولى نحو كلية العلوم التطبيقة بصحار بداية بالسكن والبيئة التي ستحتضنني على مدار ثلاث سنوات من عمري
وأنا أسبح في بحر متلاطم الأمواج

خرجت مع والدي ذات مرة والذي لطالما كان معلمي وأسوتي في الحياة

فقلت له : لقد صدمت حقا بواقعي وكأن سمائي الصافية قد لبدت بالغيوم وحجب عني نور شمسها ودفئها
قال لي : هدئ من روعك يا بني
قلت له : يا والدي أتعلم ما أبصرت منذ اول ليلة بسكني ومأواي هناك

لقد أبصرت شبابا في مقتبل أعمارهم لم يتجاوزا الثامنة عشرة يسكرون ويدخنون وينفقون ساعاتهم في اللهو
والجدل ولم أرى للعلم والعمل في حياتهم مكانا فضاق صدري وقلت همتي

أتبعها أحدى الأيام وأنا بين مختلف جنبات الكلية
لقد وجدت انحطاطا بالأخلاق لم أتوقع مشاهدته في بلادنا بهذه البشاعة واقع مرير نشهده

أخلاقيات مدرسيها أدهى وأمر من اخلاقيات طلابها
" ليس الجميع بالطبع فبعضهم تجعله على رأسك من الإحترام "

فإذا كانت مدرسة أجنبية تواعد طالبا في مكتبها فما بالك من طالب يواعد طالبة في فصل دراسي وصرح علمي
يفترض أن يكون مصنع الرجال والعلماء والأمهات المتعلمات المثقفات المربيات

لقد وجدت يا أبتي ذئابا تسعى خلف الشياه
فمنها من أستسلمت لذاك الذئب وأضاعت عرضها وعرض أهلها
ومنها من أدهشتني بما قالت وسأسرد لك الحكاية

قال الذئب للشاة : ثقي بي فسأقودك إلى مرتع خصب
فقالت الشاة : إني أرى بعينك عظام زميلاتي
قال الذئب : لم آكلها أنا بل أكلها ذئب غيري
قالت الشاة : وهل انسلخت من طبيعتك حتى لا تفعل ما فعلوا ؟

ارتاح بالي وهدأ فكري قليلا وأخذت اقول في نفسي : الحمدلله ولا يزال الوعي يسير عقول البعض فأكملت يومي
وذهبت لأروي ضمأي

فجلست قليلا في المطعم هناك وإذا بالشباب من حولي

فلان : أرأيت ما فعلت فلانة
علان : أرأيت ذلك الطالب الذي يدعي الاجتهاد
فلان : أولم ترى الإنجذاب من فلانة لعلان

أحاديث مفادها النهش والغيبة واللمز والنميمة في أخلاق وأعراض ونوايا زملائهم
ضاقت علي الدنيا بما رحبت لم أعلم ما اقول أأنصح وأرشد أم أترك المكان بهدوء وسلام
فققرت الانسحاب حتى لا أقول كلمة غير موزونة قد تثيرهم علي

أما العلم يا أبتي فليس له من يومهم نصيب إلا إذا اقتربت الامتحانات فالبعض تلاحقهم أشباحها
فتصحى ضمائرهم لحظتها ويحاولون جاهدين احتواء أكبر قدر من المقرر
في حين أن البعض الآخر لا يلقي لذلك أي اهتمام ولا بال وكثيرون ممن طردوا وأضاعوا مستقبلهم بسبب ذلك

نعم يا والدي كل ذلك في كليتي فأرشدني ماذا عساي أفعل ؟


قال : أوصيك يا بني بصحبة الصالحين
فيكفيك قول الرسول صلى الله عليه وسلم "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"
وإن كان ولابد فاستبدل هذا السكن بسكن أخير وأطيب وعليك يا بني بالكلمة الطيبة وحسن المعاملة
فالأفعال أثرها أعمق من كثرة الأقوال

وابتعد عن المبالغة في النقد والإلحاح حتى لا يبغضك زملاؤك

وأما من يختبئون من الناس وينسون العليم الخبير فما هم إلا ضعاف الإيمان وقد تجدهم في بعض
الأحيان وقعوا في شباك أبليس وما يلبثوا إلا أن يعودوا ويتوبوا وكما ان هناك أيضا من يتمادى
إذا ما ترك دون رقابة أو تأديب


أما الفئة الثالثة الذين مررت بهم يا بني
فلن اطيل القول فمتى ما صحت ضمائرهم ووعوا لعبارة كما تدين تدان فسيتوقفوا عن ذلك بأنفسهم

حافظ على صلاتك يا بني فإذا صلحت صلح سائر العمل وإذا فسدت فسد سائره

في حياتي خلال الثلاث سنوات المنصرمة وتجربتي بين أحضان هذه الكلية
أخطأت في كثير من الأحيان بتصرفي ولكني تعلمت الكثير



محب الإعلامية