كان هناك أرنب صغير إسمه نمر في يوم من الأيام إستئذن الأرنب الصغير أمه في أن يذهب إلى الخارج قد يستطيع أن يحصل على الطعام والشراب الخاص به بمفرده ، وافقت الأم على طلب إبنها ولكنها قالت له أنه لابد أن يستمع إلى نصيحتها وأن يأخذ الحاجات التي يحتاج إليها فقط وأن لا يعتدي على أحد وافق الأرنب الصغير وبدأ في الإستعداد للخروج .
وأثناء سير الأرنب نمر في الشارع بدأ في ترديد كلمات أمه ونصيحتها التي وعدها بأن ينفذها وأثناء سيره في الشارع وفق أمام مجموعة كبيرة من الأزهار والأشجار والنباتات المزروعة ذات المظهر الرائع الذي جعله يرغب في الوقوف من أجل الإستمتاع به ومشاهدته ونسى أن أمه قالت له أيضا أن لا يبتعد لأنه قد شعر بالأمان وبدأ يسير أكثر وأكثر إلى أن وصل إلى منطقة عالية
تحتوي على صخور جميلة يقف ورائها مجموعة كبيرة من الذئاب إقترب الأرنب نمر من الذئاب وهو لا يعرف ما الذي سوف يحدث له وفجأة سأل أحد الذئاب من القادم ، فقال له الأرنب كيف لا تعرفني رد عليه الذئب وقال له كيف يستطيع معرفته وهو لم يراه من قبل .
قال الأرنب وهو يتحدث بتلقائية أنا النمر قال رئيس الذئاب أنه لابد أنه هو النمر الشجاع وإلا لم يكن يستطع أن يتحدث بثقة هكذا وبالفعل إقترب الذئب من بقية الذئاب وأخبرهم أن هناك خطر كبير قد يلحق بهم وأنهم عليهم الهروب فورا فرح الأرنب كثيرا لأنه أصبح بمفرده في المكان الكبير الجميل وأخذ يلعب ويتناول الطعام الذي يلزمه ثم أنصرف ليسير في طريقه وأخذ أيضا يلعب كثيرا إلى أن خافت عليه أمه لأنه قد تأخر .
خرجت الأم من المنزل وهي قصص اطفال تشعر بالقلق الشديد على إبنها الصغير وكان الأرنب يسير في طريقه إلى أن وجد أمامه النمر الكبير شعر الأرنب بالخوف الكبير من شدة ضخامته وقال النمر أنه قد وجد الفريسة وأنه لابد أن يستدرج حتى لا يهرب ،
وبدأ النمر في الإقتراب من الأرنب وأخذ يسأله عن إسمه وكان يقول له أنه هو نمر ضحك النمر عندما سمع ذلك مما زاد من خوف الأرنب الصغير . وسمعت الأم صياح إبنها وأسرعت إليه وهي تشعر بالخوف الشديد وعندما وصلت وجدت إبنها في يد النمر خافت عليه أكثر وأخذت تترجى النمر أن يترك الأرنب الصغير ، قال لها النمر أنه يحاول أن ينتحل شخصيته وأن يأخذ إسمه قالت له الأم أن هذا غير صحيح
وأنها أطلقت على إبنها هذا الإسم لأنها تعلم أن النمر حيوان طيب وعطوف وأنه لا يؤذي أحد وأنها ترغب في أن يصبح إبنها مثله ، صدقها النمر وفرح لكلامها وترك الأرنب الصغير وأخذته الأم وأسرعت به إلى المنزل
قصة : إلماظة خوري حدّاد - لبنان -- رسوم : فتحي الرياني - ليبيا
هَكَذا قالَ طارِقٌ مُتَعَجِّبًا، عِنْدَما كانَ يَتَجَوَّلُ في حَديقَةِ مَنْزِلِهِ، في أَحَدِ أَيّامِ فَصْلِ الرَّبيعِ. كانَ يُريدُ أَنْ يَجْمَعَ باقَةً مِنَ الأَزْهارِ منْ عَطاءِ الطَّبيعَةِ لِيُقَدِّمَها لأُمِّهِ بِمُناسَبَةِ عيدِ الأُمَّهاتِ، عيدُ التَّضْحيةِ وَالحَنانِ وَالعَطاءِ وَالحُبِّ مِنْ دونِ حُدودٍ. فَجْأَةً، شاهَدَ مَشْهَدًا أَدْهَشَهُ. هِرَّةٌ تَرَكَتْ صِغارَها وَوَقَفَتْ تَحْتَ شَجَرَةٍ، تُحاوِلُ مُساعَدَةَ فَرْخِ عُصْفورٍ كانَ قَدْ سَقَطَ مِنْ عُشِّه لِتُعيدَهُ إلى مَكانِهِ. بَدَأَتْ تَتَسَلَّقُ الشَّجَرَةَ بِصُعوبَةٍ وَبِتَأَنٍ كَيْ لا يُفلِت الَفَرْخُ مِنْ فَمِها، وَراحتْ رُوَيْدًا رُوَيْدًا تَتَسَلَّقُ إِلى أَنْ وَصَلَتْ إلى العُشِّ وأَلْقَتْهُ بَيْنَ إخْوَتِهِ الفِراخِ بِهُدوءٍ وَبَقِيَتْ بِقُرْبِها إلى أَنْ عادَتْ أمُّها إِلَيْها مِن دونِ أَنْ تؤذِيَها.
وَعِنْدَما شاهَدَتْ أُمُّ الفِراخِ الهِرَّةَ، هَجَمَتْ عليها بِشراسَةٍ فَانْزَلَقَتِ الهِرَّةُ خائفَةً وَسَقَطَتْ عَلى الأَرْضِ سالِمَةً وَراحَتْ إِلى صِغارِها. أَمّا طارِقُ فَلَمْ يُصَدِّقْ عَمَلَ هذِهِ الهِرَّةِ الجَبّارَ الَّذي لا يُصَدِّقُهُ إِنْسانٌ لأِنَّ الهررةَ توصَفُ بِالغَدْرِ. هِيَ تُحِبُّ َصَيْدَ العَصافيرِ. حَمَلَ طارِقُ باقَةَ الأَزْهارِ وَعادَ إِلى البيتِ، وَقَدَّمَها إِلى أُمِّهِ مُعَيِّدًا إِيّاها فَشَكَرَتْهُ ثُمَّ أَخْبَرَها عمّا شاهدَهُ. فقالَتْ: ماذا؟ لا أُصَدِّقُ. فَقالَ: نَعَمْ يا أُمّي صَدِّقي لأَنّني شاهَدْتُ ما قامَتْ بهِ الهِرَّةُ عَنْ كَثَبٍ فَكُلُّ أُمٍّ تَتَمَتَّعُ بِالحنانِ وهُوَ منْ مُمَيّزاتِ الأُمومَةِ وَالدَّليلُ على ذلِكَ ما فَعَلَتْهُ تِلْكَ الهِرَّةُ الأُمُّ مَعَ ذاكَ الفرخِ القاصِر.
أَجابَتِ الأُمُّ: الحَقُّ مَعَكَ يا بُنيّ فيا ليتَ الإِنسانَ الغَدّار يَرْمي سِلاحَهُ كَما فَعَلَتْ تِلْكَ الهِرَّةُ مَعَ الفَرْخِ القاصِر لِيَسودَ السَّلامُ وَالحَنانُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَ النّاسِ بَدَلًا مِنَ الغَدْرِ وَالقَتْلِ.
قصة : نعيمة مبارك زكي - رسوم : مريم الشام
كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الَّزمَانِ ، فَارِسٌ مِغْوَارٌ لَايَخَافُ الْأَخْطَارَ، يَعْرِفُهُ الْجَمِيعُ بِالْخُلُقِ الرَّفِيعِ، وَكَانَ اسْمُهُ باسِل .
كَانَ باسِل شَابًّا يَتِيمَ اْلأَبَوَيْنِ فَقِيرًا، لَكِنَّهُ تَرَبَّى عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَعَدَمِ الْخِيَانَةِ.
فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، جَاءَ إِلَى قَرْيَةِ باسِل رَجُلٌ مُسِنٌّ وَمَعَهُ عَنْزَتُهُ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُهُ هُوَ وَعَنْزَتُهُ ، أَخَذَ يَتَوَسَّلُ الْمَارَّةَ أَنْ يُطْعِمُوهُ. لَكِنّ أَحَدًا لَمْ يَكْتَرِثْ لِأَمْرِهِ، وَلِطِيبَةِ قَلْبِ باسِل، أَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى كُوخِهِ الْمُتَوَاضِعِ وَسَمَحَ لَهُ بِالْمَبِيتِ عِنْدَهُ وَمُشَارَكَتَهُ طَعَامَهُ عَلَى قِلَّتِهِ..
مَا إِنْ حَلَّ الظَّلَامُ، حَتَّى لَاحَظَ باسِلُ أَمْرًا عَجِيبًا تَدْهَشُ لَهُ الْعُيُونُ وَتَفْزَعُ لَهُ الْقُلُوبُ، إِذْ بَدَأَتْ عَنْزَةُ الْعَجُوزُ تَصِيحُ صِيَاحًا غَرِيبًا يُشْبِهُ صِيَاحِ الْبَشَرِ، وَأَخَذَ جِسْمُهَا يَتَلَوَّى..وَمَا لَبِثَتْ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لَحْظَةً حَتَّى انْقَلَبَتْ شَابَّةً حَسْنَاءَ كَامِلَةٍ الْجَمَالِ يَخْرُجُ مِنْ ظَهْرِهَا جَنَاحَانِ كَبِيرَانِ رِيشَهُمَا مُخْتَلَفِ الْأَلْوَانِ.
اِرْتَعَدَ باسِلُ مِنْ هَوْلِ مَا رَآهُ، لَكِنَّ الْعَجُوزَ سَارِعَ إِلَى شَرْحِ مَا يَجْرِي:
" أَنَا يَا بُنَيَّ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ وَهَذِهِ ابْنَتِي الْوَحِيدَةُ شَمْسٌ، قَبْلَ أَشْهُرٍ فَقَطْ أَقَمْتُ احْتِفَالاً مَلَكِيًّا بِمُنَاسَبَةِ بُلُوغِهَا عَامِهَا الْعِشْرِينِ، وَكُنْتُ قَدْ دَعَوْتُ عَدِيدًا مِنَ الْمُلُوكِ وَالْأَعْيَانِ إِلَّا وَاحِدًا اسْمُهُ شَهْلُولُ، وَهُوَ سَاحِرٌ خَبِيثٌ يَسْعَى إِلَى الدَّمَارِ أَيْنَمَا حَلَّ. وَكَانَ شَهْلُولٌ قَدْ طَلَبَ يَدَ ابْنَتِي لِلزَّوَاجِ، لَكِنِّي رَفَضْتُ فَلَمَّا لَمْ أَدْعُهُ لِلْحَفْلِ ثَارَ وَعَرْبَدَ، وَجَاءَنَا مُتَخَفِّيًا وَأَلْقَى سِحْرًا عَلَى عَزِيزَتِي شَمْسٍ، الَّتِي صَارَتْ مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ تُمْسَخُ عَنْزَةً بِالَّنهَارِ وَشَابَّةً بِجَنَاحَيْنِ لَيْلًا. ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَى قَلْعَتِي وَمُلْكِي." ثُمَّ شَرَعَ الْعَجُوزَ وَابْنَتُهُ يَنْدُبَانِ حَظَّهُمَا بَاكِيَيْنِ..
اقْتَرَبَ باسِل مِنَ الْمَلِكِ الْعَجُوزِ، وَوَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّصَ ابْنَتَهُ مِنْ سِحْرِ شَهْلُول الْغَدَّارِ، ثُمَّ خَرَجَ لِيَنَامَ خَارِجَ الْكُوخِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ لَهُمْ جَمِيعًا.
اِسْتَعَدَّ باسِلُ بَاكِرًا وَجَهَّزَ سَيْفَهُ، وَأَقْسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ أَنْ يُنْقِذَ الْعَالَمَ مِنْ شَرِّ السَّاحِرِ شَهْلُول. وَدَّعَ الْأَمِيرَةَ شَمْس الَّتِي تَحَوَّلَتْ مِنْ جَدِيدٍ إِلَى عَنْزَةٍ، ثُمَّ سَأَلَ وَالِدَهَا الْمَلِكَ عَنْ مَكَانِ الْقَلْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْطَلِقَ فَوْقَ حِصَانِهِ مُسْرِعًا غَيْرَ آبِهٍ بِالْمَخَاطِرِ.
وَاجَهَ باسِل أَثْنَاءَ سَفَرِهِ كَثِيرًا مِنَ الصِّعَابِ، حَيْثُ وَاجَهَ الْوُحُوشَ وَاللُّصُوصَ وَقُطَّاعَ الطُّرُقِ، لَكِنَّ عَزِيمَتَهُ وَإِيمَانَهُ الْقَوِيَّ بِاللهِ سَاعَدَاهُ فِي مِحَنِهِ وَذَلَّلَا لَهُ كُلَّ الْعَقَبَاتِ..
بَعْدَ مُرُورِ أُسْبُوعٍ وَصَلَ باسِل إِلَى قَلْعَةِ السَّاحِرِ شَهْلُولٍ، وَمَا أَغْرَبَ مَا رَآهُ عِنْدَ بَوَّابَةِ الْقَلْعَةِ. لَقَدْ وَجَدَ حَارِسًا ضَخْمًا، قَدَمَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَرَأْسُهُ فَوْقَ السَّحَابِ. لَكِنَّ شَجَاعَةَ باسِل لَمْ تَهْتَزّْ وَقَلْبَهُ لَمْ يَفْزَعْ، إِذْ هَاجَمَ غَرِيمَهُ دُونَ تَرَدُّدٍ وَشَرَعَ يُقَاتِلُهُ وَقَلْبُهُ مَلِيءٌ بِالْإِيمَانِ وَالرَّغْبَةِ فِي تَحْقِيقِ النَّصْرِ. وَبَعْدَ صِرَاعٍ شَدِيدٍ تَمَكَّنَ باسِلُ مِنْ هَزِيمَةِ الْحَارِسِ الضَّخْمِ فَأَرْدَاهُ قَتِيلًا.
تَسَلَّلَ باسِل بِهُدُوءٍ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَحَاوَلَ أَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ لَكِنَّهُ فُوجِيءَ بِرَجُلٍ يَحْمِلُ سَيْفًا يَنْتَظِرُهُ فِي بَهْوِ الْقَلْعَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ فِي وَجْهِهِ:" جِئْتَ إِلَى حَتْفِكَ مُسْرِعًا يَا فَتًى !". فَرَدَّ باسِل مُتَسَائِلًا: " مَنْ أَنْتَ؟ وَكَيْفَ عَرَفْتَ أَنِّي آتٍ؟"
رَدَّ الرَّجُلُ سَاخِرًا:" أَنَا شَهْلُولُ أَيُّهَا الْبَطَلُ، أَنَا مَنْ سَيُنْهِي حَيَاتَكَ الْآنَ..". ثُمَّ رَفَعَ سَيْفَهُ عَالِيًا وَهَمَّ يَضْرِبُ باسِل ..لَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ كَانَ مُتَيَقِّظًا، إِذْ انْحَنَى نَحْوَ الْخَلْفِ ثُمَّ انْتَفَضَ بِسُرْعَةٍ مُبَاغِتًا عَدُوَّهُ بِضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ. وَقَدْ ظَلَّ الْاِثْنَانُ عَلَى هَذَا الْحَالِ فَتْرَةً قَبْلَ أَنْ تَخُورَ قِوَى السَّاحِرِ لِيَقَعَ أَرْضًا. لَكِنَّهُ سَارَعَ إِلَى إِخْرَاجِ قِطْعَةِ وَرَقٍ مِنْ ثَوْبِهِ وَمَدَّهَا نَحْوَ باسِل مُتَوَسِّلًا:"اُعْفُ عَنِّي يَا بُنَيَّ، وَابْقِ عَلَى حَيَاتِي أُعْطِيكَ هَذِهِ.."سَأَلَهُ باسِل بِحَزْمٍ:" وَمَا هَذِهِ؟"
رَدَّ السَّاحِرُ :" تِلْكَ الْكَلِمَاتُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الْوَرَقَةِ هِيَ الَّتِي سَتُشْفِي الْأَمِيرَةَ شَمْس وَتُعٍيدُ إِلَيْهَا هَيْأَتَهَا الْبَشَرِيَّةَ، يَكْفِي أَنْ تَقْرَأَهَا أَمَامَهَا. إِنّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنِّي عَاهَدْتُكَ عَهْدَ اللهِ أَلَّا أَمَسَّكَ أَوْ أَمَسَّ الْمَلِكَ أًوْ اِبْنَتَهُ بِسُوءٍ."
لَمَّا اطْمَأَنَّ باسِل إِلَى صِدْقِ قَوْلِهِ، أَخْلَى سَبِيلَهُ وَأَسْرَعَ عَائِدًا إِلَى الْأَمِيرَةِ وَأَبِيهَا الْمَلِكِ.
مَرَّتْ أَيَّامٌ وَ لَيَالٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ باسِل إِلَى قَرْيَتِهِ، وَمَا إِنْ وَصَلَ حَتَّى سَارَعَ إِلَى كُوخِهِ الْمُتَوَاضِعِ، فَوَجَدَ الْمَلِكَ وَابْنَتَهُ فَرِحَيْنِ جِدًّا بِقُدُومِهِ. وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَسْئِلَةِ الْمَلِكِ، بَادَرَ إِلَى قِرَاءَةِ الْكَلِمَاتِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى وَرَقَةِ السَّاحِرِ شَهْلُولٍ..وَيَا لَلْمُفَاجَأَةِ ! لَقَدِ اِنْتَفَضَتِ الْعَنْزَةُ لِتَصِيرَ شَابَّةً بَالِغَةَ الْجَمَالِ ! عَجَزَ الْمَلِكُ عَنْ شُكْرِ باسِل، فَانْحَنَى تَحْتَ قَدَمَيْهِ كَتَعْبِيرٍ مِنْهُ عَنِ امْتِنَانَهِ، أَمَّا الْأَمِيرَةُ فَقَدْ كَانَتْ تَبْكِي مُنْدَهِشَةَ مِنْ تَحَقُّقِ حُلْمِهَا أَخِيرًا.
بَقِيَ الْمَلِكُ وَابْنَتُهُ فِي ضِيَافَةِ باسِل بِضْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَكَمْ فَرِحَ الْمَلِكُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ السَّاحِرَ شَهْلُول غَادَرَ قَلْعَتَهُ بَلْ غَادَرَ الْبَلَدَ كُلَّهُ. وَلَقَدْ أَصَرَّ كُلٌّ مِنَ الْمَلِكِ وَابْنَتِهِ عَلَى مُرَافَقَةِ باسِل لَهُمَا، إِذْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمَلِكِ أَنْ يُصْبِحَ مُسْتَشَارَهُ وَأَمِينَ سِرِّهِ. لَكِنَّ باسِل اسْتَأْذَنَهُمَا فِي الْبَقَاءِ فِي الْقَرْيَةِ بَعْضَ الْوَقْتِ، قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِقَ بِمَمْلَكَتِهِمَا.
صَارَ باسِل مُسْتَشَارَ الْمَلِكِ وَزَوْجَ ابْنَتِهِ، ثُمَّ صَارَ مَلِكًا بَعْدَهُ، عُرِفَ بِصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَاهْتِمَامِهِ بِرَعِيَّتِهِ، فَأَحَبَّهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَتَذَكَّرَهُ الَّناسُ بِشِجَاعَتِهِ وَحِلْمِهِ.
وأثناء سير الأرنب نمر في الشارع بدأ في ترديد كلمات أمه ونصيحتها التي وعدها بأن ينفذها وأثناء سيره في الشارع وفق أمام مجموعة كبيرة من الأزهار والأشجار والنباتات المزروعة ذات المظهر الرائع الذي جعله يرغب في الوقوف من أجل الإستمتاع به ومشاهدته ونسى أن أمه قالت له أيضا أن لا يبتعد لأنه قد شعر بالأمان وبدأ يسير أكثر وأكثر إلى أن وصل إلى منطقة عالية
تحتوي على صخور جميلة يقف ورائها مجموعة كبيرة من الذئاب إقترب الأرنب نمر من الذئاب وهو لا يعرف ما الذي سوف يحدث له وفجأة سأل أحد الذئاب من القادم ، فقال له الأرنب كيف لا تعرفني رد عليه الذئب وقال له كيف يستطيع معرفته وهو لم يراه من قبل .
قال الأرنب وهو يتحدث بتلقائية أنا النمر قال رئيس الذئاب أنه لابد أنه هو النمر الشجاع وإلا لم يكن يستطع أن يتحدث بثقة هكذا وبالفعل إقترب الذئب من بقية الذئاب وأخبرهم أن هناك خطر كبير قد يلحق بهم وأنهم عليهم الهروب فورا فرح الأرنب كثيرا لأنه أصبح بمفرده في المكان الكبير الجميل وأخذ يلعب ويتناول الطعام الذي يلزمه ثم أنصرف ليسير في طريقه وأخذ أيضا يلعب كثيرا إلى أن خافت عليه أمه لأنه قد تأخر .
خرجت الأم من المنزل وهي قصص اطفال تشعر بالقلق الشديد على إبنها الصغير وكان الأرنب يسير في طريقه إلى أن وجد أمامه النمر الكبير شعر الأرنب بالخوف الكبير من شدة ضخامته وقال النمر أنه قد وجد الفريسة وأنه لابد أن يستدرج حتى لا يهرب ،
وبدأ النمر في الإقتراب من الأرنب وأخذ يسأله عن إسمه وكان يقول له أنه هو نمر ضحك النمر عندما سمع ذلك مما زاد من خوف الأرنب الصغير . وسمعت الأم صياح إبنها وأسرعت إليه وهي تشعر بالخوف الشديد وعندما وصلت وجدت إبنها في يد النمر خافت عليه أكثر وأخذت تترجى النمر أن يترك الأرنب الصغير ، قال لها النمر أنه يحاول أن ينتحل شخصيته وأن يأخذ إسمه قالت له الأم أن هذا غير صحيح
وأنها أطلقت على إبنها هذا الإسم لأنها تعلم أن النمر حيوان طيب وعطوف وأنه لا يؤذي أحد وأنها ترغب في أن يصبح إبنها مثله ، صدقها النمر وفرح لكلامها وترك الأرنب الصغير وأخذته الأم وأسرعت به إلى المنزل
قصة : إلماظة خوري حدّاد - لبنان -- رسوم : فتحي الرياني - ليبيا
هَكَذا قالَ طارِقٌ مُتَعَجِّبًا، عِنْدَما كانَ يَتَجَوَّلُ في حَديقَةِ مَنْزِلِهِ، في أَحَدِ أَيّامِ فَصْلِ الرَّبيعِ. كانَ يُريدُ أَنْ يَجْمَعَ باقَةً مِنَ الأَزْهارِ منْ عَطاءِ الطَّبيعَةِ لِيُقَدِّمَها لأُمِّهِ بِمُناسَبَةِ عيدِ الأُمَّهاتِ، عيدُ التَّضْحيةِ وَالحَنانِ وَالعَطاءِ وَالحُبِّ مِنْ دونِ حُدودٍ. فَجْأَةً، شاهَدَ مَشْهَدًا أَدْهَشَهُ. هِرَّةٌ تَرَكَتْ صِغارَها وَوَقَفَتْ تَحْتَ شَجَرَةٍ، تُحاوِلُ مُساعَدَةَ فَرْخِ عُصْفورٍ كانَ قَدْ سَقَطَ مِنْ عُشِّه لِتُعيدَهُ إلى مَكانِهِ. بَدَأَتْ تَتَسَلَّقُ الشَّجَرَةَ بِصُعوبَةٍ وَبِتَأَنٍ كَيْ لا يُفلِت الَفَرْخُ مِنْ فَمِها، وَراحتْ رُوَيْدًا رُوَيْدًا تَتَسَلَّقُ إِلى أَنْ وَصَلَتْ إلى العُشِّ وأَلْقَتْهُ بَيْنَ إخْوَتِهِ الفِراخِ بِهُدوءٍ وَبَقِيَتْ بِقُرْبِها إلى أَنْ عادَتْ أمُّها إِلَيْها مِن دونِ أَنْ تؤذِيَها.
وَعِنْدَما شاهَدَتْ أُمُّ الفِراخِ الهِرَّةَ، هَجَمَتْ عليها بِشراسَةٍ فَانْزَلَقَتِ الهِرَّةُ خائفَةً وَسَقَطَتْ عَلى الأَرْضِ سالِمَةً وَراحَتْ إِلى صِغارِها. أَمّا طارِقُ فَلَمْ يُصَدِّقْ عَمَلَ هذِهِ الهِرَّةِ الجَبّارَ الَّذي لا يُصَدِّقُهُ إِنْسانٌ لأِنَّ الهررةَ توصَفُ بِالغَدْرِ. هِيَ تُحِبُّ َصَيْدَ العَصافيرِ. حَمَلَ طارِقُ باقَةَ الأَزْهارِ وَعادَ إِلى البيتِ، وَقَدَّمَها إِلى أُمِّهِ مُعَيِّدًا إِيّاها فَشَكَرَتْهُ ثُمَّ أَخْبَرَها عمّا شاهدَهُ. فقالَتْ: ماذا؟ لا أُصَدِّقُ. فَقالَ: نَعَمْ يا أُمّي صَدِّقي لأَنّني شاهَدْتُ ما قامَتْ بهِ الهِرَّةُ عَنْ كَثَبٍ فَكُلُّ أُمٍّ تَتَمَتَّعُ بِالحنانِ وهُوَ منْ مُمَيّزاتِ الأُمومَةِ وَالدَّليلُ على ذلِكَ ما فَعَلَتْهُ تِلْكَ الهِرَّةُ الأُمُّ مَعَ ذاكَ الفرخِ القاصِر.
أَجابَتِ الأُمُّ: الحَقُّ مَعَكَ يا بُنيّ فيا ليتَ الإِنسانَ الغَدّار يَرْمي سِلاحَهُ كَما فَعَلَتْ تِلْكَ الهِرَّةُ مَعَ الفَرْخِ القاصِر لِيَسودَ السَّلامُ وَالحَنانُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَ النّاسِ بَدَلًا مِنَ الغَدْرِ وَالقَتْلِ.
قصة : نعيمة مبارك زكي - رسوم : مريم الشام
كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الَّزمَانِ ، فَارِسٌ مِغْوَارٌ لَايَخَافُ الْأَخْطَارَ، يَعْرِفُهُ الْجَمِيعُ بِالْخُلُقِ الرَّفِيعِ، وَكَانَ اسْمُهُ باسِل .
كَانَ باسِل شَابًّا يَتِيمَ اْلأَبَوَيْنِ فَقِيرًا، لَكِنَّهُ تَرَبَّى عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَعَدَمِ الْخِيَانَةِ.
فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ، جَاءَ إِلَى قَرْيَةِ باسِل رَجُلٌ مُسِنٌّ وَمَعَهُ عَنْزَتُهُ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُهُ هُوَ وَعَنْزَتُهُ ، أَخَذَ يَتَوَسَّلُ الْمَارَّةَ أَنْ يُطْعِمُوهُ. لَكِنّ أَحَدًا لَمْ يَكْتَرِثْ لِأَمْرِهِ، وَلِطِيبَةِ قَلْبِ باسِل، أَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى كُوخِهِ الْمُتَوَاضِعِ وَسَمَحَ لَهُ بِالْمَبِيتِ عِنْدَهُ وَمُشَارَكَتَهُ طَعَامَهُ عَلَى قِلَّتِهِ..
مَا إِنْ حَلَّ الظَّلَامُ، حَتَّى لَاحَظَ باسِلُ أَمْرًا عَجِيبًا تَدْهَشُ لَهُ الْعُيُونُ وَتَفْزَعُ لَهُ الْقُلُوبُ، إِذْ بَدَأَتْ عَنْزَةُ الْعَجُوزُ تَصِيحُ صِيَاحًا غَرِيبًا يُشْبِهُ صِيَاحِ الْبَشَرِ، وَأَخَذَ جِسْمُهَا يَتَلَوَّى..وَمَا لَبِثَتْ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لَحْظَةً حَتَّى انْقَلَبَتْ شَابَّةً حَسْنَاءَ كَامِلَةٍ الْجَمَالِ يَخْرُجُ مِنْ ظَهْرِهَا جَنَاحَانِ كَبِيرَانِ رِيشَهُمَا مُخْتَلَفِ الْأَلْوَانِ.
اِرْتَعَدَ باسِلُ مِنْ هَوْلِ مَا رَآهُ، لَكِنَّ الْعَجُوزَ سَارِعَ إِلَى شَرْحِ مَا يَجْرِي:
" أَنَا يَا بُنَيَّ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ وَهَذِهِ ابْنَتِي الْوَحِيدَةُ شَمْسٌ، قَبْلَ أَشْهُرٍ فَقَطْ أَقَمْتُ احْتِفَالاً مَلَكِيًّا بِمُنَاسَبَةِ بُلُوغِهَا عَامِهَا الْعِشْرِينِ، وَكُنْتُ قَدْ دَعَوْتُ عَدِيدًا مِنَ الْمُلُوكِ وَالْأَعْيَانِ إِلَّا وَاحِدًا اسْمُهُ شَهْلُولُ، وَهُوَ سَاحِرٌ خَبِيثٌ يَسْعَى إِلَى الدَّمَارِ أَيْنَمَا حَلَّ. وَكَانَ شَهْلُولٌ قَدْ طَلَبَ يَدَ ابْنَتِي لِلزَّوَاجِ، لَكِنِّي رَفَضْتُ فَلَمَّا لَمْ أَدْعُهُ لِلْحَفْلِ ثَارَ وَعَرْبَدَ، وَجَاءَنَا مُتَخَفِّيًا وَأَلْقَى سِحْرًا عَلَى عَزِيزَتِي شَمْسٍ، الَّتِي صَارَتْ مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ تُمْسَخُ عَنْزَةً بِالَّنهَارِ وَشَابَّةً بِجَنَاحَيْنِ لَيْلًا. ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَى قَلْعَتِي وَمُلْكِي." ثُمَّ شَرَعَ الْعَجُوزَ وَابْنَتُهُ يَنْدُبَانِ حَظَّهُمَا بَاكِيَيْنِ..
اقْتَرَبَ باسِل مِنَ الْمَلِكِ الْعَجُوزِ، وَوَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّصَ ابْنَتَهُ مِنْ سِحْرِ شَهْلُول الْغَدَّارِ، ثُمَّ خَرَجَ لِيَنَامَ خَارِجَ الْكُوخِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ لَهُمْ جَمِيعًا.
اِسْتَعَدَّ باسِلُ بَاكِرًا وَجَهَّزَ سَيْفَهُ، وَأَقْسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ أَنْ يُنْقِذَ الْعَالَمَ مِنْ شَرِّ السَّاحِرِ شَهْلُول. وَدَّعَ الْأَمِيرَةَ شَمْس الَّتِي تَحَوَّلَتْ مِنْ جَدِيدٍ إِلَى عَنْزَةٍ، ثُمَّ سَأَلَ وَالِدَهَا الْمَلِكَ عَنْ مَكَانِ الْقَلْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْطَلِقَ فَوْقَ حِصَانِهِ مُسْرِعًا غَيْرَ آبِهٍ بِالْمَخَاطِرِ.
وَاجَهَ باسِل أَثْنَاءَ سَفَرِهِ كَثِيرًا مِنَ الصِّعَابِ، حَيْثُ وَاجَهَ الْوُحُوشَ وَاللُّصُوصَ وَقُطَّاعَ الطُّرُقِ، لَكِنَّ عَزِيمَتَهُ وَإِيمَانَهُ الْقَوِيَّ بِاللهِ سَاعَدَاهُ فِي مِحَنِهِ وَذَلَّلَا لَهُ كُلَّ الْعَقَبَاتِ..
بَعْدَ مُرُورِ أُسْبُوعٍ وَصَلَ باسِل إِلَى قَلْعَةِ السَّاحِرِ شَهْلُولٍ، وَمَا أَغْرَبَ مَا رَآهُ عِنْدَ بَوَّابَةِ الْقَلْعَةِ. لَقَدْ وَجَدَ حَارِسًا ضَخْمًا، قَدَمَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَرَأْسُهُ فَوْقَ السَّحَابِ. لَكِنَّ شَجَاعَةَ باسِل لَمْ تَهْتَزّْ وَقَلْبَهُ لَمْ يَفْزَعْ، إِذْ هَاجَمَ غَرِيمَهُ دُونَ تَرَدُّدٍ وَشَرَعَ يُقَاتِلُهُ وَقَلْبُهُ مَلِيءٌ بِالْإِيمَانِ وَالرَّغْبَةِ فِي تَحْقِيقِ النَّصْرِ. وَبَعْدَ صِرَاعٍ شَدِيدٍ تَمَكَّنَ باسِلُ مِنْ هَزِيمَةِ الْحَارِسِ الضَّخْمِ فَأَرْدَاهُ قَتِيلًا.
تَسَلَّلَ باسِل بِهُدُوءٍ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَحَاوَلَ أَلَّا يَرَاهُ أَحَدٌ لَكِنَّهُ فُوجِيءَ بِرَجُلٍ يَحْمِلُ سَيْفًا يَنْتَظِرُهُ فِي بَهْوِ الْقَلْعَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ فِي وَجْهِهِ:" جِئْتَ إِلَى حَتْفِكَ مُسْرِعًا يَا فَتًى !". فَرَدَّ باسِل مُتَسَائِلًا: " مَنْ أَنْتَ؟ وَكَيْفَ عَرَفْتَ أَنِّي آتٍ؟"
رَدَّ الرَّجُلُ سَاخِرًا:" أَنَا شَهْلُولُ أَيُّهَا الْبَطَلُ، أَنَا مَنْ سَيُنْهِي حَيَاتَكَ الْآنَ..". ثُمَّ رَفَعَ سَيْفَهُ عَالِيًا وَهَمَّ يَضْرِبُ باسِل ..لَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ كَانَ مُتَيَقِّظًا، إِذْ انْحَنَى نَحْوَ الْخَلْفِ ثُمَّ انْتَفَضَ بِسُرْعَةٍ مُبَاغِتًا عَدُوَّهُ بِضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ. وَقَدْ ظَلَّ الْاِثْنَانُ عَلَى هَذَا الْحَالِ فَتْرَةً قَبْلَ أَنْ تَخُورَ قِوَى السَّاحِرِ لِيَقَعَ أَرْضًا. لَكِنَّهُ سَارَعَ إِلَى إِخْرَاجِ قِطْعَةِ وَرَقٍ مِنْ ثَوْبِهِ وَمَدَّهَا نَحْوَ باسِل مُتَوَسِّلًا:"اُعْفُ عَنِّي يَا بُنَيَّ، وَابْقِ عَلَى حَيَاتِي أُعْطِيكَ هَذِهِ.."سَأَلَهُ باسِل بِحَزْمٍ:" وَمَا هَذِهِ؟"
رَدَّ السَّاحِرُ :" تِلْكَ الْكَلِمَاتُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الْوَرَقَةِ هِيَ الَّتِي سَتُشْفِي الْأَمِيرَةَ شَمْس وَتُعٍيدُ إِلَيْهَا هَيْأَتَهَا الْبَشَرِيَّةَ، يَكْفِي أَنْ تَقْرَأَهَا أَمَامَهَا. إِنّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنِّي عَاهَدْتُكَ عَهْدَ اللهِ أَلَّا أَمَسَّكَ أَوْ أَمَسَّ الْمَلِكَ أًوْ اِبْنَتَهُ بِسُوءٍ."
لَمَّا اطْمَأَنَّ باسِل إِلَى صِدْقِ قَوْلِهِ، أَخْلَى سَبِيلَهُ وَأَسْرَعَ عَائِدًا إِلَى الْأَمِيرَةِ وَأَبِيهَا الْمَلِكِ.
مَرَّتْ أَيَّامٌ وَ لَيَالٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ باسِل إِلَى قَرْيَتِهِ، وَمَا إِنْ وَصَلَ حَتَّى سَارَعَ إِلَى كُوخِهِ الْمُتَوَاضِعِ، فَوَجَدَ الْمَلِكَ وَابْنَتَهُ فَرِحَيْنِ جِدًّا بِقُدُومِهِ. وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَسْئِلَةِ الْمَلِكِ، بَادَرَ إِلَى قِرَاءَةِ الْكَلِمَاتِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى وَرَقَةِ السَّاحِرِ شَهْلُولٍ..وَيَا لَلْمُفَاجَأَةِ ! لَقَدِ اِنْتَفَضَتِ الْعَنْزَةُ لِتَصِيرَ شَابَّةً بَالِغَةَ الْجَمَالِ ! عَجَزَ الْمَلِكُ عَنْ شُكْرِ باسِل، فَانْحَنَى تَحْتَ قَدَمَيْهِ كَتَعْبِيرٍ مِنْهُ عَنِ امْتِنَانَهِ، أَمَّا الْأَمِيرَةُ فَقَدْ كَانَتْ تَبْكِي مُنْدَهِشَةَ مِنْ تَحَقُّقِ حُلْمِهَا أَخِيرًا.
بَقِيَ الْمَلِكُ وَابْنَتُهُ فِي ضِيَافَةِ باسِل بِضْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَكَمْ فَرِحَ الْمَلِكُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ السَّاحِرَ شَهْلُول غَادَرَ قَلْعَتَهُ بَلْ غَادَرَ الْبَلَدَ كُلَّهُ. وَلَقَدْ أَصَرَّ كُلٌّ مِنَ الْمَلِكِ وَابْنَتِهِ عَلَى مُرَافَقَةِ باسِل لَهُمَا، إِذْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمَلِكِ أَنْ يُصْبِحَ مُسْتَشَارَهُ وَأَمِينَ سِرِّهِ. لَكِنَّ باسِل اسْتَأْذَنَهُمَا فِي الْبَقَاءِ فِي الْقَرْيَةِ بَعْضَ الْوَقْتِ، قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِقَ بِمَمْلَكَتِهِمَا.
صَارَ باسِل مُسْتَشَارَ الْمَلِكِ وَزَوْجَ ابْنَتِهِ، ثُمَّ صَارَ مَلِكًا بَعْدَهُ، عُرِفَ بِصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَاهْتِمَامِهِ بِرَعِيَّتِهِ، فَأَحَبَّهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَتَذَكَّرَهُ الَّناسُ بِشِجَاعَتِهِ وَحِلْمِهِ.