تكذبني و تصدق حماري

كان لجحا جار ثقيل، يكثر من الطلبات، فمرة يطلب من جحا أن يعيره طنجرة، ومرة يستلف منه نقوداً ثم يماطل في إعادتها إليه، ومرة يستخدمه في قضاء بعض الحاجات.

أما اليوم، فقد جاء ليستعير حمار جحا.
قرع الباب، وخرج إليه جحا، ورحب به، وسأله عن حاجته، فقال له جاره:
أنت تعرف- يا جاري العزيز يا جحا- حق الجار على الجار.
قال جحا:نعم.. أعرف.
قال الجار:وتعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى حتى سابع جار.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني رجل كبير السن.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني أشكو الألم في مفاصلي .
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أني لا أملك حماراً أركبه لقضاء حاجاتي.
قال جحا:أعرف.
قال الجار:وتعرف أن للجار على الجار وحماره.
قال جحا:الشق الثاني أهم من الشق الأول.
سأل جحا: لماذا؟
قال الجار:لأني أريد الذهاب إلى السوق، وأرجو أن تعيرني حمارك.
عندها أدرك جحا أن كل هذا اللف والدوران من أجل الحمار.
تلفت جحا حوله، وتنحنح، ورسم ابتسامة باهتة على شفتيه، ثم قال:
ولكن حماري ليس هنا يا صديقي.
سأل الجار:أين هو يا جاري العزيز؟
أجاب جحا:في البستان.. أخدته زوجتي أم الورد إلى البستان.
في هذه اللحظة، نهق الحمار، فقال الجار:
حمارك في البيت يا جحا، فلماذا تكذب عليّ؟!!
فعبس جحا وهو يقول:
ويحك يا جاري تكذبني وتصدق حماري..!!


في يوم من الأيام كان جحا لوحده في بيته بعد أن ذهبت زوجته لزيارة أختها في بلدة قريبة.. وقالت له إنها سوف تقضي الليل عند أختها وتعود في اليوم التالي..
وكان جحا في تلك الليلة حائراً حزيناً مهموماً لأنه لوحده في البيت وزوجته بعيدة عنه..
فأطفأ كل أنوار المنزل.. وذهب إلى فراشه لينام باكراً..
وكان هناك لص يراقب المنزل... فرأى الأنوار مطفأة في وقت مبكر..
فاعتقد أنّ أهل البيت كلهم غير موجودين فيه.. خاصة أنه رأى زوجة جحا تخرج من المنزل في الصباح ومعها حقيبة ملابسها..
ففرح اللص وظنّ أنها فرصة مناسبة للسطو على منزل جحا معتقداً أنه مليء بالمال والجواهر..

ودخل اللص البيت بهدوء.. لكن جحا لم يكن قد نام بعد.. فاختبأ في صندوق صغير في غرفته وتكوّر جحا داخل الصندوق بسهولة تامة وذلك لصغر حجمه...
وراح اللص يبحث هنا وهناك عن كنز مزعوم دون أن يجد شيئاً..
ثم راح يبحث عن شيء أقل قيمة ليسرقه فلم يجد شيئاً يستحق السرقة..
وبعد بحث طويل.. رأى الصندوق في زاوية الغرفة ولم يكن قد لاحظه من قبل، فقال في نفسه: لعل فيه شيئاً له قيمه..
ففتحه اللص وكانت مفاجأة عجيبة..
وإذا بجحا متجمّع في داخله..
فتراجع اللص من هول المفاجأة. قصة جحا . وصاح قائلاً: ماذا تفعل هنا يا جحا؟
فقال جحا: لا تؤاخذني يا سيدي فإني كنت عارفاً أنك لن تجد ما تسرقه، ولهذا خجلت منك، واختبأت في هذا الصندوق..
فدهش اللص من صنيع جحا وفر هارباً.. ناعياً سوء حظه..