...


السلام عليكم


أعود إليكم مرة أخرى لأتصفح معكم أرشيف ذاكرتي



:||:-:||:-:||:-:||:-:||:



توفي والدي رحمه الله وعمري لم يتجاوز الأربع أو الخمس سنوات
لذلك لا أملك الكثير من الذكريات عنه .. لكن أحيانا تمر بي مواقف في حياتي اليومية
تعيد شريط ذكرياتي إلى الوراء، لتظهر لي لمحة بسيطة عن أيام طفولتي..



الأيام الباردة التي نعيشها هذه الأيام تذكرني بالغرفة الشتوية
التي بناها والدي في بيتنا الكبير، البيت الذي كنا نطلق عليه اسم "البيت الأوطي".
(كلمة وطى ، أو حادر تعني بالدارج المحلي "الشمال") كنا نطلق عليه هذا المسمى لأنه
يقع شمال بيوتنا الأخرى وبيوت اخوتي الكبار..
كان يوجد في هذه الغرفة موقدٌ حجري نشعل فيه الحطب ، وكانت تعلو
الموقد على الحائط فتحة مربعة الشكل يخرج منها الدخان ، كنا نتجمع
حول النار نتمتع بالدفئ في هذا الجو العائلي البديع جدا..
أذكر بأننا لم نكن نشعل المصابيح في الغرفة ، لأن الإضاءة التي تعطيها النار تعطي المكان لمسة مليئة بالدفئ.. يالها من أيام.




مما أذكره أيضا في هذا البيت.. أن والدتي رعاها الله كانت في ليلة
العيد تجهز الحنـّـاء ، وتجمعني أنا واخوتي وأخواتي في إحدى صالات البيت
وتضع الحنـّـاء على أيدينا وأرجلنا، ثم تغطيها بقطعة قماش
ونتركها حتى الصباح، لازلت أذكر الملمس البارد للحنـّـاء عندما كان يوضع على قدمي
خصوصا وأن عيد الأضحى أو العيد الكبير كما كنا نسميه كان يأتي في أيام الشتاء
البارده.



كان والدي رحمه الله دائما يحمل في يده حقيبة جلدية صغيرة
كان لونها بنيا حسب ما أذكر، لم تكن أبعادها تتجاوز العشرين سنتيمترا في كل اتجاه..
كان يضع في داخلها حزما من النقود من فئات مختلفة.. يُخرج منها كلما دعت الحاجه ..
كنا نفرح كثيرا عندما يناولنا والدي النقود فنهرع بها سريعا لنشتري
ما نشتهيه من الحلويات وغيرها، ومحظوظ من كان يمر من أمام منزلنا تلك الأيام
حيث أنه رحمه الله كان يوزع النقود فئة المائة بيسة على الأطفال في بعض
الأيام خصوصا أيام الجمعة ، هذه العادة التي أخذها عنه أحد اخوتي الكبار
بعد وفاته وظل يعمل بها لمدة ليست بقصيرة لكنه توقف عنها الآن.




لم نكن نحن الأخوة كلنا أشقاء ، حيث أننا أخوة من أب واحد
ولكن أمهاتنا مختلفة.. وهذا شيء جميل جدا والحمدلله ، حيث أن اخوتي الكبار
كانوا بمثابة الأب ، وأبنائهم بمثابة الأخوة لنا ..
لدي من أبناء اخوتي من هم أصغر مني ولدي من هم أكبر مني
حتى أن بعض أبناء اخوتي متزوجون ولديهم أبناء والحمدلله ..
كل واحد تقريبا من أشقائي وشقيقاتي يقابله في العمر أحد أبناء أو بنات اخواني
هذه القرابة في العمر فيما بيننا جعلتنا مقربين جدا من بعضنا، فكنا ولازلنا نتشارك في
كثير من الأمور ، وكأننا جميعا أخوة.




بعد وفاة والدي رحمه الله ظل "البيت الأوطي" مهجورا لما
يقارب العشر سنوات، لكننا كنا نتخذه مكانا للعب ، ندخل إليه
بشكل يومي تقريبا نحن الصغار، نلعب في غرفه ونركض فوق جدرانه،نتنقل من
سطح إلى سطح .. ولا أخفي عليكم أننا أصبحنا لاحقا نخاف جدا
أن ندخل إليه لأنه كما ذكرت ظل مهجورا لفترة طويلة، وأصبحت
الإشاعات تتردد هنا وهناك من أن البيت أصبح مسكونا بالجن..!!



لم تعد ملامح "البيت الأوطي" الآن كما كانت عليه في الماضي
فقد ورثه أحد اخواني وقسمه قسمين وقام بتأجيره..
أما مجلس البيت والذي كان المكان المفضل لوالدي رحمه الله
لأنه كان يضم مكتبته ويستقبل فيه من كان يأتيه من الناس والزوار ويا لكثرة زواره ..
كان بمثابة بيت مستقل بذاته، فقد كان يتكون من غرفتين وصالة
وقد ورثه أيضا أحد اخوتي وأضاف إليه بعض الملحقات وقام بتأجيره أيضا.



|انتظروا صفحة أخرى من صفحات ارشيف ذاكرتي|



ودي واحترامي
The Majestic
...