إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صبيحة الإيدز ـ طاعون العصر ـ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صبيحة الإيدز ـ طاعون العصر ـ


    صبيحة الإيدز ـ طاعون العصر ـ ذلك المرض المخادع يتحرك بسرعة مرعبة، يهجم كالثعبان ويلدغ كالحية، كلما حاصره العلماء وهاجمه الأطباء عاد فظهر لهم بشكل جديد يستعصي على أدويتهم، ويقهر علاجاتهم، هو أشرس الأمراض وأكثرها عنفاً، وأشدها بطشاً وأقساها وقعاً، هو المرض الذي لا يمكن مقارعته ولا مقاومته.
    والإيدز هو عقاب الله الدنيوي العاجل لمن يحارب الله ورسوله بفعل الفواحش وانتهاك المحرمات بمقارفة الزنا والسحاق واللواط وإدمان المخدرات، حيث يقول ـ سبحانه وتعالى ـ : " ... وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً " (الفرقان:87,86).
    كما يقول ـ سبحانه وتعالى ـ عن قوم لوط : " فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ . مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ " (هود:83,82).
    أما نبينا المعصوم ـ عليه أفضل الصلوات والتسليم ـ فقد تنبأ بهذه الكارثة الإنسانية حين قال: " ما ظهرت الفاحشة في قوم قط يعمل بها فيهم علانية، إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ".
    فما هو ذلك المرض ـ الطاعون ـ الذي تنبأ به نبينا الكريم، أو الإيدز ـ كما يسميه العلماء في هذا العصر ـ ؟، وما سببه ؟، ومن يحمله ؟، وأين يكمن فيه ؟، وكيف يخترق أجساد ضحاياه ؟، وماذا يفعل بهم ؟ وما المصير المحتوم لمن يقع بين أنيابه وتحت مخالبه ؟. ذلك ما نحاول بفضل الله ـ تعالى ـ أن نجيب عليه في هذا الملف.

    ما مرض الإيدز ؟:
    مرض الإيدز ـ أو طاعون العصر ـ هو أخطر الأمراض المنقولة جنسياً، بل يمكن القول إنه من أخطر الأمراض التي عرفتها البشرية على الإطلاق، مرض مصدره الشواذ واللوطيون، يسببه فيروس متناهٍ في الصغر والضعف يصيب جهاز المناعة في جسم الإنسان ويدمره فيجعله فريسة سهلة للإصابة بالجراثيم والميكروبات والأورام الخبيثة التي تنتهي به إلى الموت المحتوم.
    - والاسم الكامل للمرض هو (متلازمة نقص المناعة المكتسبة)، أو (Aquired Immune Deficiency .(Syndrome)، ويختصر إلى (AIDS).
    - أما الفيروس المسبب للمرض فيطلق عليه (فيروس نقص المناعة البشرية) أو (Human Immune .(deficiency Virus)، ويختصر إلى ((HIV.

    وتبدأ الإصابة بالإيدز عندما ينجح ذلك الفيروس في اختراق جسد الإنسان المصاب والوصول إلى مجرى الدم، حيث يبدأ في مهاجمة وتدمير نوع معين من كرات الدم البيضاء هي الجزء الأساسي في جهاز المناعة، أو القوة المقاتلة المخصصة للدفاع عن جسم الإنسان ضد أي هجوم أو غزو من الميكروبات والجراثيم والفيروسات المسببة للأمراض المختلفة أو الأورام الخبيثة.
    وبعد أن يهاجم فيروس الإيدز جهاز المناعة ويدمره يصبح المصاب ضعيفاً ومجرداً من أي قوة دفاعية تحميه، فيتحول إلى فريسة سهلة لأنواع خطيرة من الأمراض والأورام الخبيثة التي لا تنتهي إلا بموته والقضاء عليه، ونحن عندما نسمع عبارة (إنسان مات بالإيدز) فإننا يجب أن نعلم أن الموت لم يكن بسبب فيروس الإيدز، وإنما كان نتيجة الأمراض التي أصابته لضعف جسده وانهيار جهازه المناعي.

    وكيف اكتُشف ذلك المرض ؟ ومتى ؟:
    اكتُشف مرض الإيدز لأول مرة في عام 1981م في أمريكا في خمسة مرضى تبين أنهم جميعاً من الشواذ جنسياً ـ اللوطيين ـ وقد بدأت القصة عندما كان أحد الأطباء في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية يعالج عدداً من المرضى الشبان، فلاحظ أنهم جميعاً يعانون من التهابات رئوية ومعوية مزمنة سببها جراثيم ضعيفة جداً لا تسبب مرضاً للإنسان العادي، كذلك فقد كان هؤلاء المرضى يعانون من التهابات فطرية بالفم والمريء، وحمى مزمنة مع تضخم في الغدد الليمفاوية، ونقص شديد في الوزن مع هزال وضعف مستمر، كما لاحظ أن بعض المرضى مصاب بنوع نادر من سرطان الجلد يسمى (كابوس ساركوما) لا يصيب عادة من هم دون الستين من العمر، وكان الأمر الغريب أن كل هؤلاء المرضى الشبان كانوا من الشواذ جنسياً ـ اللوطيين ـ ولغرابة الحالات قام بالاتصال ببعض زملائه من الأطباء في عدة ولايات أخرى يسألهم عن وجود حالات مماثلة لديهم، فكانت المفاجأة هي وجود حالات أخرى مشابهة.
    وهكنا بدأ العلماء يفسرون سبب ذلك المرض، فكانت أولى النظريات أن السبب هو بعض المواد الكيميائية التي يستخدمها الشواذ لتنشيط الرغبة الجنسية عندهم وتسهيل عملية اللواط، في حين ركزت نظرية أخرى على أن السبب هو تعرض الشواذ لأنواع عديدة من السائل المنوي من أطراف متعددة، وأن هذه السوائل المنوية تدخل من خلال خدوش أو جروح وتهتكات في منطقة الشرج إلى الدورة الدموية للمصاب فتؤدي إلى فقدان المناعة، وأخيراً اكتشف العلماء فيروس الإيدز المسمى بفيروس نقص المناعة البشرية HIV))، وذلك في عام 1983م على يد البروفيسور الفرنسي ( لوك مونتنيه)، وفي العام الذي تلاه تم عزل ذلك الفيروس من مرضى الإيدز بالولايات المتحدة من قِبَل الدكتور (روبرت جالو).
    وفي نهاية عام 1992م انتشر المرض واكتُشف في العالم أجمع، حيث أعلنت حوالي 173 دولة عن وجود حالات إيدز بها، وبنهاية عام 2002 م، وصل عدد حاملي الفيروس في العالم إلى ما يقرب من أربعين مليوناً، وفي عام 2002 م فقط، توفى نحو ثلاثة ملايين مريض بالإيدز، وأصيب حوالي خمسة ملايين جدد.
    وقد اجتمع لذلك الفيروس خصائص عجيبة وصفات غريبة جعلته سيفاً مسلطاً على الأعناق، ورعباً يحلق فوق الرؤوس، وفزعاً وهلعاً يزلزل القلوب ويدمر النفوس، وعظة وعبرة للمعتبرين. ومن هذه الخصائص:
    1- اختياره العجيب لأهم وأخطر أجهزة الجسم الدفاعية ـ وهو جهاز المناعة ـ ليكون هدفه الذي يدمره، وفريسته التي يمزق أشلاءها.
    2- اختياره للسائل المنوي ليكون وسيلته في الانتشار بين هؤلاء الشواذ الذين يتمردون على ناموس الحياة، وينقلبون على فطرة الطبيعة، فيتحول سائلهم المنوي من مصدر الحياة ـ كما خلقه الله ـ إلى أداة لزرع الموت واستجلاب الدمار.
    3- تلك المفارقة العجيبة بين ضعف المفترس وقوة الفريسة؛ فالمفترس ـ وهو فيروس الإيدز ـ يعتبر من أصغر الكائنات وأضعفها على الإطلاق، حيث تحتوي الخلية منه على عشر وحدات وراثية فقط، بينما الخلية في أصغر أنواع البكتريا تحتوي على خمسمائة وحدة وراثية، أما الفريسة ـ وهو الإنسان ـ فإن الخلية فيه تحتوي على خمسين ألف وحدة وراثية. فسبحان من جعل أضعف وأصغر مخلوق قادراً على قتل وتدمير أعظم مخلوق، وصدق ربي في قوله ـ تعالى ـ : "ّمّا يّعًلّمٍ جٍنٍودّ رّبٌَكّ إلاَّ هٍوّ " (المدثر:31).
    4- إن هذا الفيروس له القدرة على تغيير شفرته الوراثية مما يمكنه من الهرب من وسائل الجسم الدفاعية، كما أن اختباءه داخل خلايا الدم وعدم وجوده خارجها إلا بأعداد ضئيلة يجعل من الصعب على الأجسام المضادة مهاجمته والقضاء عليه.

    وكيف تتم تلك المعركة بين فيروس الإيدز والجهاز المناعي في الجسم ؟:
    إننا لا نستطيع أن نقول إنها معركة، وإنما إذا أردنا الإنصاف فإننا نقول إنها مذبحة، وهي مذبحة عجيبة؛ فالقاتل فيها لا يكتفي بذبح ضحيته، وإنما يمزقها، ثم يستخدم اشلاءها في عملية توالد عجيبة ينتج عنها ألوف الفيروسات الجديدة التي تخرج إلى مجرى الدم لتعيد مهاجمة الألوف من كرات الدم البيضاء لتفعل بها ما فعلته بسابقاتها، وهَلُمَّ جَرَّا.

    فكيف تتم تلك المذبحة ؟:
    تبدأ المعركة بين الفيروس وكرات الدم البيضاء المسئولة عن إعطاء الأوامر لإنتاج الأجسام المضادة للفيروس والتي تسمى باسم (CD4) بعد وصوله إلى الدم مباشرةً، حيث يبدأ الفيروس في غزو واختراق تلك الخلايا ليبدأ دورة حياته وتكاثره داخلها، وترجع خطورة فيروس الإيدز إلى ذكائه الشديد في اختيار الهدف، فهو يختار الخلية المحورية في جهاز المناعة والتي تنظم عمل ذلك الجهاز للتصدى للفيروسات ومهاجمتها، ويتم ذلك علي النحو التالي:
    - يقوم الفيروس من خلال زوائد موجودة على سطحه بالالتحام بخلية الدم البيضاء من خلال مستقبلات موجودة علي سطحها، ثم يبدأ جدارا كلٍ من الفيروس والخلية في الالتحام حتى يصبح الاثنان غلافاً واحداً تنفذ من خلاله محتويات ومكونات الفيروس ـ وأهمها الجينات حاملة الصفات الوراثية ـ إلى قلب الخلية البيضاء ليصبح الاثنان خلية واحدة.
    - يبدأ الفيروس في عملية تفكيك جيناته ـ حاملات الصفات الوراثية ـ وفي نفس الوقت تفكيك جينات الخلية الحية، ثم يبدأ في دمج جيناته بجيناتها ليعيد صياغتها علي صورته هو، وبذلك تتحول وظيفة جينات تلك الخلية من إنتاج خلايا جديدة من كرات الدم البيضاء إلى إنتاج نسخ جديدة من الفيروس الغازي لها، وبذلك تتحول الخلية إلى مَعِينٍ لا ينضب يزود الفيروس بكل ما يحتاجه من طاقة ومواد عضوية لصناعة المئات والألوف من نسخ ذلك الفيروس،. في نفس الوقت الذي تأخذ الخلية فيه في التآكل والتناقص حتى يتم استهلاكها بالكامل، فتموت بعد أن تكون قد أنتجت العشرات والمئات والألوف من نسخ الفيروس الوليدة التي تخرج منها لتهاجم خلايا جديدة من كرات الدم البيضاء لتعيد الكرَّة معها، وهكذا تأخذ تلك المعادلة الجهنمية في التصاعد، الفيروس يتكاثر بمئات الألوف والملايين، وخلايا الدم البيضاء المسئولة عن جهاز المناعة في جسم الإنسان تموت وتتناقص بعشرات ومئات الألوف، ويظل هذا التناقص حتى يصل عدد كرات الدم البيضاء إلى 200 خلية بدلاً من 1200 خلية في كل سنتيمتر مكعب من الدم، فيتحول مصاب الإيدز إلى مريض بالإيدز.

    وما أسباب ذلك الرعب القاتل من الإصابة بمرض الإيدز ؟:
    هناك عدة أسباب لذلك، منها:
    1- أن أي شخص من الممكن أن يصاب بذلك المرض حتى ذوو العفة والشرف.
    2- أن ذلك المرض لا يوجد له مصل أو لقاح للوقاية منه، ولا علاج لمن يصاب به.
    3- أن نهاية ذلك المرض هي الموت الحتمي.
    4- أن المصاب بالإيدز يظل على صورة ظاهرية سليمة لفترة قبل أن تظهر عليه أعراض المرض، وطوال هذه الفترة التي قد تمتد لسنين طوال يظل ذلك المصاب يتنقل بين الناس ناشراً الموت بينهم والجميع في غفلة عنه، وقد يكون هو أول الغافلين عن حاله.
    5- أن مريض الإيدز تنقلب حياته رأساً على عقب، فيعيش محكوماً عليه بالإعدام في انتظار تنفيذ الحكم بموت لا يعلم متى يأتي، ملفوظاً من المجتمع، منبوذاً من الناس، يعاني آلاماً جسدية مبرحة، ومعاناة نفسية عنيفة، تعصف بروحه وتمزق قلبه وتدمي مشاعره، وتحرمه من أحب أحبائه وأعز أعزائه.

    ولكن أين يوجد فيروس الإيدز في جسد المصاب أو المريض ؟:
    يوجد فيروس الإيدز في أغلب سوائل الجسم المصاب أو المريض بدرجات مختلفة، ولكن هناك ثلاثة سوائل تحتوي على الفيروس بكميات قادرة على نقل العدوي إلى الآخرين، هي:
    1- السوائل الجنسية: وهي السائل المنوي في الذكر، وإفرازات المهبل في الأنثى.
    2- الدم ومشتقاته.
    3- لبن الثدي.

    فكيف ينتقل الفيروس من الشخص المصاب أو المريض إلي السليم ؟:
    يحدث ذلك بالتعرض لأي من هذه السوائل، وذلك من خلال ثلاثة طرق رئيسية، هي:
    1- الاتصال الجنسي.
    2- نقل الدم ومشتقاته.
    3- الحمل والولادة والرضاعة.

    أولاً: الاتصال الجنسي:
    بدايةً يجب أن نعرف أن العدوى بالإيدز لا تحدث إلا عندما يكون أحد الطرفين حاملاً للفيروس، فإذا كان الرجل هو المصاب كان الفيروس موجوداً في السائل المنوي، وإن كانت المرأة هي المصابة كان الفيروس موجوداً في إفرازات المهبل التي تكثر وتزداد أثناء الجماع، وفي هذه الحالة يكون الفيروس قادراً على الانتقال من الطرف المصاب إلى الطرف الآخر حتى في جماع طبيعي.

    فما العلاقة بين الشذوذ الجنسي والإصابة بالإيدز ؟:
    إن الشذوذ الجنسي ليس مُنْشِئَاً للمرض، بمعني أنه لو كان الطرفان خاليين من الفيروس فلا مجال لإصابة أحدهما بالمرض، ولكن في حالة إصابة أحدهما بالفيروس فإن الشذوذ يرفع احتمالات الإصابة إلى نسب عالية تكاد تصل إلى حد التأكيد.

    وما السبب في ذلك ؟:
    لمعرفة السبب في ذلك فإنه يجب علينا أن نعرف كيف ينتقل الفيروس من الطرف المصاب إلى الطرف السليم، وبدايةً فإننا يجب أن نعلم أن فيروس الإيدز لكي يغزو جسم المصاب لابد له من الوصول إلى مجرى الدم عن طريق اختراق الأوعية الدموية ـ أي الأوردة أو الشرايين أو الشعيرات الدموية ـ الدقيقة الموجودة تحت الطبقات السطحية للجلد والأغشية المخاطية المبطنة للفم والمهبل والشرج، ومعنى ذلك أن الفيروس إذا لامس جلداً أو غشاءً مخاطياً سليماً، فإنه لا يستطيع أن يخترقه، ويفسر لنا ذلك عدم انتقال عدوى الإيدز عن طريق مصافحة الشخص المصاب أو ملامسته من خلال التعامل اليومي المعتاد، ولكن إذا أصيب ذلك الجلد أو الغشاء المخاطي بأي خدوش أو سحجات مهما كانت دقيقة ولا ترى بالعين المجردة مع ما يصاحبها من تمزق للشعيرات الدموية الدقيقة، فإن الباب ينفتح أمام الفيروس لاختراق تلك الشعيرات الممزقة والوصول إلى مجرى الدم ليتحول ذلك الإنسان إلى مصاب بالإيدز، وذلك هو ما يحدث تماماً أثناء عملية الجماع أو الاتصال الجنسي، فعند الاتصال الجنسي الطبيعي بين ذكر وأنثى تحدث درجة من الاحتكاك بين الفرجين ينتج عنها تلك الخدوش والسحجات المجهرية (التي لا تُرَى بالعين المجردة) مع ما يصاحبها من تمزقات وتهتكات بالشعيرات الدموية الدقيقة، فيخترقها الفيروس ليصل إلى دم المصاب، وعلى قدر شدة هذه الاحتكاكات وعنفها وشدة السحجات والخدوش وتمزق الشعيرات الدموية عند الطرفين تكون احتمالات الإصابة بالمرض، وبالتالي تكون نسبة واحتمال غزو الفيروس للطرف السليم، وفي الجماع الطبيعي في علاقة مشروعة فإن هناك أمرين يتحكمان بشكل أو بآخر في معدل انتقال الفيروس من الطرف المصاب إلى الطرف السليم، هما:

    الأول: أن ذلك الاتصال الطبيعي والمشروع يتسم عادة بالاعتدال ويبتعد عن الشدة والعنف، مما يؤدي إلى قلة التهتكات والسحجات وتمزق الشعيرات الدموية في الفرجين، ومن ثم تقل فرص الفيروس في الانتقال من الطرف المصاب إلى الطرف السليم.

    الثاني: أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق المهبل في الأنثى ـ وهو موطن الجماع الطبيعي ـ مبطناً بغشاء يتكون من عدة طبقات من الخلايا لحماية الشعيرات الدموية الدقيقة، فإذا تمزقت الطبقة السطحية أو طبقتان أو ثلاث من تلك الخلايا ـ كما يحدث في الجماع الطبيعي ـ نتيجة الاحتكاك، ظلت هناك طبقات أخرى تحمي الشعيرات الدموية من التمزق، فتقل احتمالات انتقال الفيروس، يضاف إلى ذلك أنه في أثناء الجماع الطبيعي فإن المهبل والغدد الجنسية الملحقة به تقوم بإفراز كميات من السوائل والإفرازات التي تسهل عملية الجماع وتقلل من الاحتكاك، وبالتالي من احتمالات السحجات والخدوش وتمزق الشعيرات الدموية.
    أما في حالة الشذوذ الجنسي ـ اللواط ـ حيث يجامع الذكر ذكراً مثله، أو يجامع أنثى في دبرها، ومثل عملية ـ السحاق ـ حيث تجامع الأنثى أنثى مثلها، وتفعل معها كما يفعل الذكر بها من احتكاك الفرجين، أو في عملية (البغاء)، حيث تعرض المرأة نفسها للمعاشرة الجنسية مع رجال متعددين، فتزيد فرصة إصابتها بالإيدز، ثم تصبح هي بعد ذلك وعاءً متنقلاً لنشر الموت بذلك المرض، خاصةً أن هؤلاء البغايا دائماً ما يعانين من أمراض جنسية أخرى مثل الزهري والسيلان وتقرحات وسرطان عنق الرحم، وهذه الأمراض تزيد من فرص الإصابة بالإيدز بدرجة كبيرة؛ ففي هذه الحالات تتسم عملية الجماع بالعنف والشدة مع ازدياد احتمالات حدوث السحجات والخدوش، مما يرفع من فرصة فيروس الإيدز في الوصول إلى الدورة الدموية للطرف السليم وإصابته بالمرض.

    ثانيًا: عن طريق الدم:
    يحدث انتقال الفيروس عند ملامسة دم ملوث بالفيروس من شخص مصاب أو مريض لجلد إنسان أو أغشيته المخاطية بشرط أن تكون هناك جروح وتهتكات بها، ويتم ذلك في الحالات التالية:
    1- استخدام محاقن ـ سرنجات ـ مستخدمة من قبل شخص مصاب بالفيروس كما يحدث أثناء مشاركة الحقن في حالات تعاطي المخدرات بالوريد، أو كما يحدث في بعض المناطق الشعبية من استخدام بعض الممرضين والممرضات المحقن الواحد لأكثر من مريض توفيراً للنفقات.
    2- نقل دم ملوث بالفيروس إلى شخص سليم، كما يحدث أثناء العمليات الجراحية أو أثناء عمليات الولادة أو الحوادث.
    3- عمليات زرع الأعضاء عندما يكون المتبرع بالعضو المنقول مصاباً بالمرض.
    4- التعرض لدم ملوث بالفيروس بصورة مباشرة في المجال الطبي، مثل أن يتعرض الجراح أثناء إجرائه عملية جراحية لشخص مصاب بالإيدز للوخز بإبرة أو الجرح بمشرط جراحي، فينتقل الفيروس إلى دمه من خلال ذلك الجرح.
    5- تبادل الشباب استعمال شفرات الحلاقة أو المقصات، وأحياناً فرش الأسنان، كما يحدث في الرحلات والمعسكرات.
    6- بعض الأنشطة الطبية والاجتماعية الأخرى مثل خلع الأسنان، وثقب الأذن، والختان، والوشم، والحلاقة وغيرها.

    ثالثًا: الحمل والولادة والرضاعة الطبيعية:
    - إذا كانت الأم حاملة للفيروس فإن العدوى من الممكن أن تنتقل منها إلى الجنين على النحو التالي:
    * أثناء الحمل عن طريق الحبل السري.
    * أثناء الولادة عن طريق اختلاط دم الوليد بإفرازات المهبل أو دم الأم النازف نتيجة الخدوش والرضوض الناتجة عن الاحتكاك في عملية الولادة.
    * بعد الولادة عن طريق رضاعة الطفل من ثدي أمه.

    فهل معنى ذلك أنه في الحالات التي لا يحدث فيها خدوش أو سحجات بجلد الإنسان أو أغشيته المخاطية لا خوف من انتقال فيروس الإيدز إليه ؟
    تماماً، ولذلك فإن المرض لا ينتقل من المصاب إلى السليم عن طريق الممارسات الحياتية الطبيعية، مثل مصافحة المريض أو الحديث معه، أو استخدام أدوات الطعام المشتركة مثل الملاعق والأطباق، أو الاستخدام المشترك لدورات المياه وحمامات السباحة، أو بالتنفس أو العطس والسعال، أو عن طريق الحشرات مثل الناموس والذباب.

    وما مراحل وأعراض العدوى بفيروس الإيدز ؟:
    يمكن تقسيم العدوى بالفيروس إلى مراحل لا يشترط أن توجد أو تتوالى في كل المرضى، وتشمل هذه المراحل: المرض الحاد - مرحلة الكمون - مرحلة تضخم الغدد الليمفاوية - مرحلة متلازمة الإيدز - مرحلة مرض الإيدز.
    1- المرض الحاد: يبدأ بعد أسبوعين، حيث يبدأ الجسم في تكوين الأجسام المضادة للفيروس، وتكون الأعراض عامة كالإنفلونزا، مثل ارتفاع درجة الحرارة والرعشة وآلام بعضلات الجسم والحلق وسعال وصداع، وتبقى هذه الأعراض لمدة أسبوع أو أسبوعين ثم تختفي، ويعود المصاب إلى حالته الطبيعية.
    2- مرحلة الكمون: وتبدأ بعد انتهاء المرض الحاد وتستمر ما بين عدة شهور إلى عدة سنوات قد تصل إلى عشر سنوات، ولا توجد فيها أي أعراض، وطوال هذه المدة يكون المصاب معدياً لغيره.
    3- مرحلة تضخم الغدد الليمفاوية: تبدأ الغدد الليمفاوية في مختلف أجزاء الجسم في التضخم بشكل منتشر ومستديم، وتستمر هذه المرحلة لمدة ثلاثة شهور على الأقل ثم تستقر على وضعها.
    4- مرحلة متلازمة الإيدز: قد تتطور الحالة إلى صورة تشمل واحداً أو أكثر من الأعراض التالية: نقص في الوزن لأكثر من 10% -الفتور والتعب والصداع - فقد الشهية وآلام بالبطن وإسهال - الحمى والعرق ليلاً- تضخم الطحال وانقطاع الطمث عند النساء.
    5- مرحلة مرض الإيدز: تصبح الأعراض السابقة أشد وأوضح، وتبدأ ظهور الأمراض الانتهازية التي لا تستطيع أن تصيب الإنسان العادي، والأورام السرطانية التي تفتك بالجسد وتغرقه في الآلام والأوجاع والتي تصيب المريض نتيجة الانهيار الكامل في جهازه المناعي، حيث يقل عدد كرات الدم البيضاء من 1200 إلى 200 أو أقل في كل سنتيمتر مكعب من الدم. ومن أكثر الأمراض الانتهازية شيوعاً في تلك المرحلة نوع من الالتهاب الرئوي تسببه جرثومة تسمى (نيومو سيستس كاريني)، ويصيب هذا المرض أكثر من 60% من مرضى الإيدز، ويؤدي بأغلبهم إلى الوفاة بالرغم من أن هذه الجرثومة ضعيفة جدًا لدرجة أنها لا تستطيع أن تصيب إنساناً عادياً يملك جهاز مناعة سليماً.
    كذلك فإنه في ثلث حالات مرضى الإيدز تقريباً يصاب المخ بأمراض واضطرابات عصبية تعرف باسم (خرف الإيدز)، وتشمل الشلل الرعاش وتباطؤ الحركة، ثم يصاب المريض بالخرف المبكر الشديد، وفي النهاية قد يحدث الخرس والسلس والشلل النصفي أو الكامل للمريض ثم ينتهي الأمر بالجنون أو الغيبوبة ثم الموت.

    كيف يتم تشخيص الإصابة بالإيدز ؟:
    عندما يصل الفيروس إلى الدم فإن جهاز المناعة يبدأ في إنتاج أجسام مضادة خاصة بذلك الفيروس، في نفس الوقت الذي يبدأ فيه الأخير في تدمير كرات الدم البيضاء لذلك، فإن هناك ثلاثة أنواع من الاختبارات المعملية التي تعتمد على رصد واحد من تلك العناصر الثلاث: الأجسام المضادة - الفيروس - كرات الدم البيضاء.
    وهذه الاختبارات هي:
    1- اختبار الأجسام المضادة: والأجسام المضادة هي نوع من البروتين تنتجه كرات الدم البيضاء عند دخول الفيروس إلى الدم للتصدي له والقضاء عليه، ويبدأ الجسم في إنتاجها خلال فترة تتراوح ما بين أسبوعين إلى شهرين من وقت الإصابة، ووجود هذه الأجسام في الدم يعني الإصابة بالفيروس، وهذا الاختبار دقيق بنسبة 99% وقليل التكاليف.
    2- اختبار الفيروس: ويجري عادة لمن تأكدت إصابتهم بالفيروس، والهدف منه هو رصد وجود الفيروس وقياس سرعة توالده وانتشاره في الدم، وهذا الاختبار أقل دقة من سابقه وأكثر كلفة.
    3- اختبار جهاز المناعة: ويقيس مدي التدمير الذي حدث بجهاز المناعة وعدد كرات الدم البيضاء التي دمرها الفيروس.

    ومتى يجب على المريض إجراء هذه الاختبارات ؟:
    إذا اعتقد شخص أنه تعرض للإصابة بفيروس الإيدز فإنه يجب عليه أن ينتظر شهرين على الأقل قبل أن يجري اختبار الأجسام المضادة، وفي هذه الفترة يكون المصاب معدياً للآخرين بالرغم من أن نتيجة الاختبار تكون سلبية.
    - أما إذا كان المريض متعجلاً لمعرفة إصابته بالفيروس من عدمها فيمكن له إجراء الاختبار الخاص بالفيروس والذي يستطيع أن يرصد وجود الفيروس وعدده بالدم منذ اللحظة الأولى للإصابة.

    وماذا يعني أن نتيجة الاختبارات إيجابية ؟:
    إذا كانت نتيجة الاختبارات إيجابية فإن ذلك يعني الإصابة بالفيروس، وهذا ليس معناه أن ذلك الشخص مريض بالإيدز، فقد يظل مدة طويلة قد تصل إلى عشر سنوات قبل أن يتحول من مصاب إلى مريض، وتبدأ أعراض المرض في الظهور عليه.

    وهل هناك احتمال أن تكون نتائج الاختبارات مخالفة للواقع ؟:
    نعم، ويحدث ذلك في حالتين :
    الأولى: طفل مولود لأم مصابة بالإيدز، حيث تنتقل الأجسام المضادة من دم الأم إلى دم الجنين عن طريق الحبل السري، وهنا تكون نتيجة التحاليل إيجابية للأجسام المضادة حتى لو كان الطفل غير مصاب بالفيروس.
    الثانية: الإصابة الحديثة قبل ظهور الأجسام المضادة في الدم، فإن تحاليل الأجسام المضادة تكون سالبة بالرغم من وجود الفيروس في الدم.

    ما الأمراض التي تصيب مريض الإيدز وتؤدي إلى وفاته ؟:
    هناك عدة أمراض تسمى الأمراض الانتهازية؛ لأنها تنتهز فرصة انهيار جهاز المناعة في مريض الإيدز لمهاجمته والإجهاز عليه، ومن هذه الأمراض:
    1- السل الرئوي: يأتي مرض السل على رأس أسباب وفاة مرضى الإيدز في العالم، ويتسبب هذا المرض عن نوع من الجراثيم التي يحملها كثير من الناس الأصحاء، لكنها لا تصيب إلا قليلاً منهم بالمرض، أما في مرضى الإيدز، فإن احتمالات الإصابة بذلك المرض تزيد بنحو ثلاثين ضعفاً مقارنة بالأفراد الأصِحَّاء.
    2-سرطانات جهاز المناعة: تزداد احتمالات الإصابة بين حاملي فيروس الإيدز بسرطانات جهاز المناعة التي يمكن أن تصيب أي عضو في جسد الإنسان بما في ذلك النخاع الشوكي والمخ، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة خلال عام واحد من ظهورها، وقد تظهر تلك الأورام السرطانية في المراحل المبكرة للإصابة بفيروس الإيدز.
    3- القرح الخبيثة: هي مرض شبيه بالسرطان ينتشر بين المصابين بفيروس الإيدز، ويسبب قًُرِحَاً بالجلد من الممكن أن تصيب الفم أو الغدد الليمفاوية أو الجهاز الهضمي أو الرئتين، ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة
    4- الالتهاب الرئوي: هذا النوع من الالتهاب الرئوي لا يصيب إلا المرضى الذين انهارت (أجهزتهم المناعية)، ويهاجم ذلك المرض الرئتين في العادة، لكنه من الممكن أن يصيب الغدد الليمفاوية أو الطحال أو الكبد أو النخاع العظمي، وقد كان في السابق يؤدي إلى وفاة أعداد كبيرة من مرضي الإيدز، إلا أنه توجد الآن أدوية وعلاجات تقلل من أخطاره على المريض.
    5- الأمراض المخية الشوكية: يعد حاملو فيروس الإيدز أكثر عرضة لنوعين من الأمراض التي تصيب الدماغ: أحدهما تسببه طفيليات تعيش في بعض أنواع الحيوانات ويؤدي إلى قروح بالمخ، والثاني نوع من أنواع الحمى المخية الشوكية يسببها نوع من الفطريات التي تعيش في التربة. والحمى المخية الشوكية هي التهاب يصيب أغشية النخاع الشوكي والمخ، ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالغيبوبة والوفاة.
    6- الفيروس الذي يؤدي للعمي: ويتسبب ذلك الفيروس في تدمير خلايا الشبكية في العين، مما يؤدي إلى فقد البصر.

    هل هناك علاج للإيدز؟
    حتى الآن ليس هناك علاج قادر على التصدي لفيروس الإيدز والقضاء عليه، لكن هناك بعض الأدوية التي تم انتاجها بغرض الحد من قدرة الفيروس على التكاثر، وهذه الأدوية لا تعد علاجاً؛ لأنها لا تقتل الفيروس وإنما تعطله فقط، وهناك أربعة أنواع رئيسية من تلك الأدوية، هي:

    النوع الأول: يعمل على عدم التصاق البروزات الموجودة على سطح الفيروس بالمستقبلات الموجودة على سطح الخلية البيضاء، وبالتالي يمنع عملية الالتحام بينهما.
    النوع الثاني: يمنع الفيروس من عمل نسخ من جيناته ونقلها إلى جينات الخلية البيضاء.
    النوع الثالث: ويعمل على منع الفيروس من نسخ جيناته عن طريق تعطيل الإنزيم الذي يتحكم في عملية النسخ.
    النوع الرابع: يعطل الإنزيم المسئول عن تجميع مكونات جسيمات الفيروس الجديدة داخل خلايا الدم البيضاء.
    وللأسف الشديد فإن هذه الأدوية غير فعالة لعدة أسباب، منها:
    1- أنها مكلفة جداً ولا يمكن لعامة الناس شراؤها، حيث تبلغ تكلفة العلاج الشهري للمريض الواحد ما يقرب من ألف دولار أو خمسة آلاف جنيه مصري شهرياً.
    2- أن هذه الأدوية يجب أن يستمر المريض في تعاطيها ما بقي له من العمر، ففي اللحظة التي يتوقف فيها عن العلاج يبدأ الفيروس فوراً في استعادة نشاطه في غزو وتدمير خلايا الدم البيضاء.
    3- أن هذه الأدوية لها أعراض جانبية بعضها في منتهى الخطورة على المريض، منها التهاب وتليف البنكرياس، وتليف الكبد ،وفقر الدم وتدمير خلايا الدم الحمراء والبيضاء.
    4- أن هذه الفيروسات قادرة على التطور وتغيير خصائصها ومواصفاتها، وبين كل فترة وأخرى تظهر أجيال جديدة قادرة على مقاومة تلك الأدوية.

    إذا لم يكن لمرض الإيدز وسائل طبية للوقاية ولا للعلاج، فكيف نحارب ذلك المرض القاتل ونتخلص منه ؟:
    لقد عجز الطب عن العلاج وعجز عن الوقاية، وأخذ أعداؤنا يستغلون سذاجتنا بالترويج لاتباع وسائل وقاية هي السم بعينه واللعنة بذاتها، وذلك باستخدام الواقي الذكري ونشر ما يسمى بالثقافة الجنسية بمفهومها القبيح عند المراهقين والمراهقات.
    والحقيقة الساطعة التي لا يجهلها إلا من قال فيهم ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ : " صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ .. " (البقرة:171) هي أن الوسيلة الوحيدة فقط للوقاية من ذلك المرض، هي الالتزام بمنهج الله والتمسك بسنة نبيه. ويتمثل ذلك فيما يلي:
    أولاً: التمسك بالعفة والفضيلة في العلاقات الجنسية من خلال العلاقة الزوجية المشروعة مصداقاً لقوله ـ تعالى ـ : " الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ " (المؤمنون 5، 6).
    ثانياً: إنكار المنكر والتصدي لأهل الفاحشة من الزناة واللوطيين ومدمني المخدرات وتجريم تلك الكبائر، وتطبيق شرع الله فيمن يرتكبها، والضرب بيد من حديد على كل عابث وماجن.
    ثالثاً: سد الذرائع المؤدية للفاحشة بمراقبة كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وتطهيرها من كل الفواحش وصور التحلل والخلاعة ومناظر العري والفجور، والتصدي لكل العادات والأخلاق الوافدة علينا والتي لا تتفق مع شرعنا وديننا.
    رابعاً: التأكيد على قدسية نظام الأسرة الشرعية بين رجل وامرأة في زواج شرعي وإنجابهم ذرية صالحة يربونها على عقيدة التوحيد ودين الإسلام، والتصدي بكل الوسائل وبكل قوة لتلك الأفكار الفاجرة والماجنة للمفهوم الغربي للأسرة الشاذة التي تتكون من اللوطيين أو السحاقيات، حيث يتزوج الرجل برجل مثله أو المرأة بامرأة مثلها ثم يقومون بتبني أطفال من الملاجئ جاءوا هم أيضاً عن طريق الزنا والفاحشة.
    وللأسف الشديد فإن العالم يشهد اليوم هجمة شرسة وجهوداً مكثفة من أجل نشر هذه الأفكار المدمرة والدعوة إلى قبول ظاهرة الشذوذ الجنسي في بلادنا والإقرار بحق اللوطيين والسحاقيات في الإعلان عن فحشهم ونجاستهم بين جنبات مجتمعاتنا، وللأسف الشديد أيضاً، فإن تلك الهجمة الشرسة على العفة والشرف والفضيلة تبنتها وكرستها بعض المؤتمرات الدولية العملاقة، كمؤتمر السكان في القاهرة ـ بلد الأزهر الشريف وعاصمة الإسلام وحاضرة المسلمين ـ عام 1994، ثم مؤتمر المرأة في بكين عام 1996م وغيرهما.
    خامساً: تسهيل وتيسير سبل الزواج المشروع؛ فالزواج هو الوسيلة الوحيدة التي تحقق الإشباع الكامل للإنسان اجتماعياً ونفسياً وبدنياً.
    - فالإشباع الاجتماعي يتمثل في إقامة بنيان الأسرة الصحيحة التي هي عماد المجتمع.
    - والإشباع النفسي يتمثل فيما يحققه الزواج من سكينة ومودة ورحمة بين الزوجين مصداقاً لقوله ـ تعالى ـ : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (الروم 21).
    - والإشباع البدني يتمثل في تلبية تلك الرغبة الجنسية التي أودعها الله في كلٍ من الزوجين.
    لذلك يجب على المجتمع أن ييسر الزواج بتخفيض المهور وتخفيض سن الزواج وتوفير أماكن للسكن والإقامة وغيرها من التيسيرات.

    الخدعة الشيطانية :
    إن حديث العالم الغربي اليهودي الصليبي إلى الأمة الإسلامية عن الإيدز، وادعاء النصح والتعريف بطرق الوقاية منه يتضمن بين ثناياه خدعة شيطانية أرادوا بها خداع المسلمين السذج الذين يتقبلون كل ما يأتي به الغرب دون روية أو تمحيص.
    ثم تلك الأبواق الخبيثة التي تردد كل ما يقوله أعداء الإسلام كالببغاوات ـ إن أحسنا الظن بهم ـ أو كالخونة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين، هذه الخدعة هي ادعاء أن أهم طريق للوقاية من الإصابة بالإيدز ليس هو التعفف والتمسك بأهداب الشرف والفضيلة والاعتصام بطاعة الله ـ سبحانه وتعالى ـ والالتزام بسنة نبيه الكريم، وإنما ذلك الطريق هو استعمال ما يسمي بالواقي الذكري عند ممارسة الفاحشة والزنا واللواط كجزء من برنامج وضعته الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز، وتتمثل في ثلاث ركائز يرمز لها اختصاراً بـ(A B C)، وهي علي النحو التالي:
    (A) اختصار (Absistence) أي الامتناع.
    (B) اختصار (Be faithful) أي كن مخلصاً للشريك ـ حتى ولو كان في شذوذ ـ.
    (C) اختصار (Condom) أي الواقي الذكري.
    هذه الخدعة لها هدفان خبيثان شيطانيان، هما:
    1- الهدف الأول: هو إشاعة الفاحشة وتشجيع الزناة والمنحرفين والشواذ على المضيّ في فحشهم، وطمأنة عامة الناس من ضعاف النفوس بعدم الخوف من الزنا أو الممارسات الجنسية العابرة، وزيادة جرأتهم على عدم اعتبار التطهر والتعفف والالتزام بالفضيلة هو الطريق الآمن والوحيد للوقاية من تلك اللعنة.
    2- الهدف الثاني: نشر المرض بين المسلمين بأقصى قدر يمكن لهم مع كل ما يتلوه من دمار للمجتمعات وخراب للأمم وتفكك في العلاقات الأسرية والإنسانية وانهيار للاقتصاد حتى ينفتح لهم الطريق لتحقيق أحلامهم وتنفيذ مخططاتهم.
    فقد روج اليهود والصليبيون بكل جد واجتهاد لمقولة أن الواقي الذكري هو الحصن الحصين لوقاية الشواذ والزناة والمنحرفين من مرض الإيدز، حتى كادت هذه المقولة أن تصبح في عقول الناس حقيقة مؤكدة، ولم يتوقف عاقل أو أريب ليسأل نفسه: " هل هذه خدعة دعائية؟، أم حقيقة علمية؟.
    والحقيقة أننا عندما توقفنا في هذا الأمر وبحثناه فوجئنا بحقائق مرعبة تثبت كذب هذا الادعاء وتبرهن على أن هذا الواقي الذكري من الممكن أن يكون هو الأداة الأولى والأخطر لنشر الإيدز، وذلك من خلال الحقائق التالية:
    1- أن الواقي الذكري شأنه شأن كل ما يصنعه الإنسان من الممكن أن تكون به عيوب، مثل أن يكون مقطوعاً أو مثقوباً بشكل لا يرى بالعين المجردة، فتكون النتيجة أن يتسرب السائل المنوي منه إلى الأنثى أو العكس.
    2- أن فتح الواقي بغير الطريقة الموصوفة له، أو بطريقة سريعة، أو بالأظافر أو الأسنان أو أشياء حادة يؤدي إلى قطعه.
    3- عدم التأكد من تاريخ الصلاحية الذي قد يكون منتهياً مما يؤدي إلى عدم الكفاءة في أداء وظيفته مع احتمال انتقال العدوى بين الطرفين.
    4- بعد الانتهاء من عملية الاتصال الجنسي فإن الواقي الذكري الذي تلوث بإفرازات المهبل بيديه يخلع، فلو كان فيهما أي خدوش مهما كانت لا ترى بالعين المجردة أصيب بالفيروس.
    5- صغر حجم الواقي يؤدي إلى تلفه أو قطعه أثناء الاتصال الجنسي، وكبر حجمه أكثر من اللازم يؤدي إلى عدم ثباته وإحكامه، وبالتالي يسيل السائل المنوي منه إلى المهبل أو تتسرب إفرازات المهبل إليه.
    6- لاستخدام الواقي الذكري لابد من استخدام المراهم والمزلّقات والإكثار من هذه المزلِّقات يساعد علي عدم ثباته مع احتمال انزلاقه أثناء الممارسة، ومن جانب آخر فإن عدم استخدام تلك المزلِّقات يمكن أن يؤدي إلى قطعه أثناء عملية الممارسة.
    7- الانسحاب بعد إتمام العملية الجنسية قبل التأكد من ثبات الواقي قد يؤدي إلى تسرب السائل المنوي داخل المهبل، كذلك فإنه معروف أن من الأمور الطبيعية أن يحدث انكماش للعضو الذكري عقب القذف، وبالتالي فاحتمال انزلاق الواقي كبير عند الانسحاب.
    والجانب الشيطاني في تلك الخدعة ليس ما ذكرناه؛ لأن السلبيات في كل ما ينتجه الإنسان أمر قائم، وإنما هو أن أعداءنا يعملون على التعمية علينا بعدم ذكرها أو الإشارة إليها من قريب أو بعيد، مما يمنح المستخدم لذلك الواقي الثقة والطمأنينة في فعاليته الأكيدة وقدرته الكاملة على الوقاية من العدوى، فيتمادى في غيه جامحاً في فحشه وانحرافه ناشراً المرض بين الناس أو متلقيه منهم وهو غافل مطمئن، حتي يصحو ذات يوم على الكارثة وقد حلت به أو بأحب أحبائه أو أعز أعزائه.
    ثم كانت الفضيحة الكبرى التي فضحت أعداءنا ومعهم أبناء جلدتنا من الأبواق التي تروج لمخططاتهم جهلاً وغباءً، أو عمداً وقصداً، ويتمثل ذلك فيما على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) على موقع (CNN) بأن الإدارة الأمريكية تدرس وضع ملصقات تحذيرية في عبوات الواقي الذكري تشير إلى أن المنتج لا يضمن حماية مستخدميه من عدوى الأمراض المنتقلة عبر الممارسات الجنسية.
    كذلك فإن دائرة الدواء والغذاء الأمريكية تستعد لوضع ارشادات جديدة على ملصقات الواقي الذكري التي تذكر بأن استخدامه بالطريقة الصحيحة تقلل من مخاطر الإصابة بالإيدز والأمراض المنتقلة عبر الممارسات الجنسية تقلل فقط، لكنها لا تحمي ولا تمنع.
    وبالإضافة إلى ذلك سيضاعف البيت الأبيض الميزانية الفيدرالية إلى 270 مليون دولار تخصص للترويج لبرامج تعليمية لإقناع الشباب الأمريكي بأن الامتناع عن الممارسات الجنسية الخاطئة هو السبيل الوحيد لمنع انتشار ذلك المرض الخبيث.
    فيا سبحان الله، عندما يتعلق الأمر بشبابهم ومواطنيهم لا يملكون معهم إلى الصدق والمصارحة والعمل على حمايتهم، فلا يجدون أمامهم إلى ما دعا إليه دين الإسلام، فيتقبلونه ويدعون إليه، أما عندما يتعلق الأمر بشباب المسلمين وأبنائهم، فإنهم يعمدون إلى خداعنا والزعم بأن تمسكنا بأصول ديننا تخلف ورجعية، وأن الأخذ بأسباب العلم من استخدام للواقي الذكري ونشر للثقافة الجنسية بين المراهقين والمراهقات هو الأسلوب الأمثل للوقاية من العدوى، ثم تأتي المصيبة الكبرى عندما ينبري من بين أبناء بلادنا وأوطاننا ـ ومن بين إخواننا وبني جلدتنا ـ من يروج لهم مزاعمهم ويدعو لها وينحاز إليها.

    ما مضار الفواحش والفوضي الجنسية ؟:
    هناك عدة أضرار مدمرة على الفرد والمجتمع نتيجة الانفلات والشذوذ في العلاقات الجنسية، منها:
    1- الفواحش هي السبب الوحيد تقريباً للإصابة بالأمراض الجنسية مثل الزهري والسيلان ثم ذلك المرض القاتل (الإيدز).
    2- اللواط يزيد على الزنا بمضار شديدة، فالفاعل المعتاد على اللواط تنحرف عنده الميول الجنسية فلا يميل لمعاشرة زوجته، وقد يقدم على ممارسة الشذوذ الجنسي معها بإتيانها في الدبر، أما المفعول به فيتعرض لاتساع الشرج وارتخاء العضلة القابضة له مما يؤدي إلى سلس الغائط، فيعيش ليلاً ونهاراً بنجاسته وقذارته ورائحة كريهة ينفر منها الحيوان، كما أنه ينتكس نفسياً فيصبح من المخنثين.
    3- إن شيوع الزنا والتمتع باللذة الجنسية عن طريق الحرام وتيسير الوصول إليها يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج الشرعي وتهربهم من مسئولية بناء الأسرة التي هي لبنة المجتمع، مما يفكك عُرَى المجتمع ويحوله إلى أفراد لا يجمع بينهم أي روابط أسرية أو علاقات إنسانية.
    4-إن شيوع الفاحشة والانحراف الجنسي يدمر في الشباب رجولتهم وكرامتهم، ويزرع فيهم التخنث والوهن واللامبالاة، ولا يشبع فيهم عواطفهم، فيجنحون إلى إدمان المخدرات، فيغيبون عن قضايا أمتهم وهموم أوطانهم ومقدساتهم.
    5-كذلك فإنه يدمر النساء اللواتي ينصرف أزواجهن عنهن إلى رجال أمثالهم فيقصِّرون فيما يجب عليهم من إحصانهن، فتنجرف النساء إلى طريق الانحراف والشذوذ بين بعضهن البعض، أو يرتمين في أحضان رجال غرباء يلبون لهن حاجاتهن ويشبعون فيهن غرائزهن، فتشيع الفاحشة في المجتمع ويعم الفساد والانحلال.

    هل تقتصر الخسائر في مرض الإيدز على الأرواح فقط ؟:
    بالتأكيد لا، فبالإضافة إلى الخسائر المادية الهائلة الناتجة عن عجز مرضى الإيدز عن أداء أعمالهم في مختلف الأنشطة الاقتصادية، فإن تكلفة التعامل مع ذلك المرض علىمستوى العالم تبلغ البلايين من الدولارات التي تنفق عليه سنوياً.
    فعلى سبيل المثال بلغت تكلفة الأبحاث والتشخيص والعناية بأول 300 حالة إصابة بالإيدز في أمريكا لحوالي 18 مليون دولار، أي ما يقرب من نصف مليون جنيه مصري لكل مريض، ومع ذلك فقد مات كل هؤلاء المرضى.
    وهذا هو ما يحدث حالياً، حيث يبلغ متوسط تكلفة الرعاية الطبية لمريض الإيدز في الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 50 إلى 100 ألف دولار سنوياً، أما في الدول الفقيرة فإن ثمن الدواء الذي يجب أن يتناوله المريض يقرب من ألف دولار، أي ما يقرب من ستة آلاف جنيه مصري شهرياً.
    فلو علمنا أن قارة أفريقيا التي تضم نحو 10% من عدد سكان العالم يوجد بها نحو 90% من إصابات الإيدز الجديدة التي تظهر في العالم، ولو علمنا أن في الهند وحدها يوجد أربعة ملايين مصاب بفيروس الإيدز، فلنا أن نتصور حجم المبالغ الهائلة المطلوبة لرعاية هؤلاء المرضى وليس لعلاجهم، والتي لا تستطيع دولة مهما بلغت من الثراء أن توفرها لأبنائها المرضى بذلك المرض القاتل.

    واجبات المريض والمجتمع:
    ما واجبات مريض الإيدز تجاه المجتمع ؟:
    في حالة الإصابة بالإيدز، فإن الواجب على المصاب أن يخبر زوجته حتى لا ينقل المرض إليها دون أن تدري، وإذا أراد فله أن يخبر أقرب المقربين إليه كأبيه وأمه، ويجب عليه أن يتجنب كل ما يمكن أن ينقل العدوى إلى الآخرين، فلا يتبرع بدمه على الإطلاق، ولا يطالب زوجته بمعاشرتها جنسياً إذا قبلت أن تعيش معه، وإذا اضطر إلى إجراء عملية جراحية أو الذهاب إلى طبيب الأسنان فيجب عليه أن يصارح الجرَّاح أو الطبيب بحقيقة إصابته حتى يأخذ الاحتياطات الواجبة، وإن كان من الأفضل لهؤلاء الأطباء أن يطلبوا من كل مريض يتعاملون معه إجراء تحليل للإيدز قبل أي تدخل جراحي.
    ويجب على المصاب ألا يستخدم محقناً ـ سرنجة ـ يستخدمها الآخرون، وألا يشارك غيره استخدام شفرات الحلاقة وفرشاة الأسنان. كذلك على الزوجة المصابة إذا قبِل زوجها البقاء معها بعد علمه بإصابتها ألا تطالبه بالمعاشرة الجنسية، وأن تستخدم أي وسيلة لمنع أي حمل مستقبلي.
    وإذا كان عندها طفل رضيع فيجب عليها ألا ترضعه، كذلك على المصاب أن يقلل قدر الإمكان من التعامل اليومي مع الآخرين، فيكتفي بالتعاملات الضرورية، وأن يحرص على عدم التعرض للجروح أو الخدوش، وأن يداوم على استخدام المطهرات الشخصية، كذلك فإنه من الواجب على الشباب المقبل على الزواج أن يجري الاختبارات التي تبين أي إصابة بالفيروس حتى يكون الطرف الآخر على بينة من الأمر.

    وما واجبات المجتمع تجاه المريض أو المصاب بالإيدز ؟:
    بدايةً، فإن أهم واجب على الدولة تجاه المريض والمصابين بالإيدز هو أن تنتزع من عقول الناس تلك المفاهيم السلبية الخطيرة عن مرض الإيدز والتي من بينها أن السبب الوحيد للإصابة بذلك المرض هو الشذوذ الجنسي وارتكاب الفاحشة وإدمان المخدرات، وأن يبين الإعلام للناس أن هناك طرقاً أخرى للإصابة بالفيروس لا تمس الشرف والعفة والفضيلة، وبالتالي فليس كل من أصيب بالفيروس من الشواذ والمنحرفين، وإنما قد يكون من أهل الشرف والعفاف؛ وذلك لأنه ما لم تتغير تلك المفاهيم السلبية عن المرض، فسيظل مريض الإيدز يشعر بالخجل والعار حتى وإن كان من المتعففين الشرفاء، وسيحاول أن يخفي مرضه وأن يستر إصابته عن الآخرين بكل ما يستتبعه ذلك من انفلات المرض واحتمال انتشاره بين الآخرين في غفلة منهم.
    وبعد ذلك فإن على الدولة أن توفر للمريض المشافي التي يقيم بها ليحصل على أكبر قدر من الرعاية الطبية والحماية من الأمراض الانتهازية، حيث إن المريض في هذه المرحلة لا يستطيع أن يعيش في بيته حياته العادية، وذلك لشدة ضعفه وتكرار إصابته بالأمراض الخطيرة، واحتياجه المستمر للأدوية والتحاليل والفحوص التي لا تتوافر له في بيته.
    أما في حالة المصاب، فالواجب على الدولة أن ترعاه بانتظام من حيث توفير الأدوية المثبطة للفيروس والتحاليل والفحوص الضرورية لمتابعة حالته وتقييمها حتى تقلل قدر طاقتها من شراسة ذلك الفيروس وتطور الإصابة.
    كذلك يجب على المسئولين أن يشرحوا للمصاب طبيعة المرض، وأن يبينوا له كل ما من شأنه أن ينقل العدوى إلى الآخرين حتى يحذرها ويتجنبها، وكل ذلك ـ طبعاً ـ في حدود إمكانيات الدولة المادية والمالية.

    هناك سؤال يطرح نفسه: ما ذنب ضحايا الإيدز الأبرياء ؟:
    لاشك أن هناك ضحايا أبرياء للإيدز، على سبيل المثال:
    - الجنين الذي يلتقط الفيروس من أمه أثناء الحمل أو الولادة.
    - الزوجة العفيفة التي تلتقط العدوى من زوجها المصاب أو العكس.
    - المريض الذي يلتقط المرض من دم ملوث نقل له أثناء عملية جراحية.
    والإجابة علي ذلك تتضح في تلك الآية الكريمة البليغة التي يقول فيها ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ : " وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً " (الأنفال :25).
    ومعنى ذلك أن الفاحشة إذا ظهرت وأُعلنت في المجتمع وانتشرت ولم يتصدَّ لها أهل الصلاح والتقوى بمحاربتها والقضاء عليها، فإن اللعنة سوف تقع وتشمل الجميع.

    خاتمة:
    لقد انتشر الشذوذ الجنسي في المجتمعات الغربية، فوجد الحماية الدستورية والاعتراف والإقرار به في قوانين بعض البلاد التي تدعي ـ زوراً وبهتاناً ـ أنها تحافظ على حقوق الإنسان وشرفه وكرامته، فإذا بها تقوده إلى مستنقعات الدنس والرذيلة، وإلى مواطن تترفع عنها وتأباها البهائم العجماوات.
    كذلك فقد أنشأت تلك البلاد التي تدعي التحضر لهؤلاء الشواذ والمنحرفين اتحادات ونوادٍ وجمعيات يجتمعون فيها ويقيمون الندوات والمؤتمرات التي تدعو لفكرهم وانحرافهم، وحين يصل المجتمع في سقوطه إلى درجة يقبل فيها الشذوذ والانحراف كبديل للوضع الطبيعي والفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، فإن الفوضى البهيمية تحل محل الناموس الكوني، وتنتكس الفطرة، وتنغمس في حمأة القذارة، وفي هذا إفساد للرجولة، وجناية على حق الأنوثة، وتدمير وتخريب لروح الأسرة في المجتمع الإنساني الكريم، وفيه معصية فاجرة وجرأة على حدود الله ومحارمه وعلى سنة نبيه الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثم ها هم يريدون أن ينقلوا إلينا انحرافهم وشذوذهم حتى يشيع في بلادنا فنسقط كما سقطوا في مستنقعات الرذيلة، وهاهم يغزوننا ويحاربوننا بالإعلام الفاجر والماجن ويشيعون بيننا أسباب ومفاهيم الفاحشة بادعاء أنها أسباب التطور والتحضر.
    وها هم يضغطون على حكوماتنا بالمؤتمرات الخبيثة والمشبوهة لكي تفرض علينا ذلك الشذوذ والانحراف فرضاً، فالحذر الحذر يا أمة الإسلام.، الحذر الحذر يا شباب الإسلام، الحذر الحذر يا فتيات الإسلام، تمسكوا بشرع ربكم وسنة نبيكم، واعتصموا بأسباب الشرف والعفة والفضيلة تعز بكم أمتكم وتقوى " وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ " (البقرة:181).

    :



    م
    ن
    ق
    و
    ل

    للفائده
    http://www.omanlover.org/vb/uploaded...1164972443.jpg
يعمل...
X