هلااااااااااااااااااااااااااااااااااا ومرحبا
قسمت المسرحية إلى أربعة فصول دون أن يقسمهاالكاتب إلى مناظر ومشاهد، وهذه الفصول قائمة على التوازي والتقابل علىالمستوى الكمي، إذ الفصل الأول/ المقدمة/ يتوازى من حيث عدد الصفحات معالفصل الأخير/ الخاتمة/ أما الفصلان الثالث والرابع اللذان يشكلان حوارالعرض فيتماثلان معا من حيث الصفحات كذلك، ونخطط معمار المسرحية بهذهالكيفية:
الفصول الصفحات الشخصيات المكان الزمان الحدثالفصلالأول 33صفحة مشلينيا ومرنوش ويمليخا والناس. ومع أهل الكهف ال***قطميريحرسهم الكهف بالرقيم ظلام لا يتبين فيه غير الأطياف يقظة أهلالكهف من رقادهم الطويل وشرحهم للأسباب التي أودت بهم إلى هذا المكانالمظلمالفصل الثاني 57 صفحة الأميرة بريسكا-غالياس- الملك- مشلينيا – يمليخا- مرنوش القصر النهار وصول أهل الكهف إلى القصرواندهاش غالياس والملك وبريسكا من هؤلاء القديسين الثلاثةالفصلالثالث 57 صفحة مشلينيا- غالياس-مرنوش- الأميرة القصر الليل تغييرمشلينيا ومرنوش لمظهرهما الخارجي وفشلهما في العثور على بغيتهما بفعلعامل الزمنالفصل الرابع 34 صفحة مشلينيا-مرنوش- يمليخا- بريسكا – غالياس- الراهبان- الملك الكهف بالرقيم النهار عودة أهل الكهف إلىمرقدهم وتذكر مارأوه في طرسوس من تغيرات بفعل الزمن وعزم بريكسا الموتمع هؤلاء القديسين بسبب الحب الذي تكنه لميشلينيا عشيق جدتهامتن المسرحية: تستوحي مسرحية أهل الكهفالقصة القرآنية الواردة في سورة الكهف، والتي ذهب المفسرون في شرحهاوتأويلها عدة مذاهب وخاصة في عدد الهاربين إلى الكهف زمن الملك دقيانوسالمتغطرس الذي كان يقتل المسيحيين ويجبرهم على الضلال والكفر.
تبدأالمسرحية بتحرك الشخصيات مرنوش وميشلينا ويمليخا وال*** قطميرداخلالكهف بعد رقود هؤلاء لمدة طويلة تقدر بثلاثمائة سنة، بيد أنهم كانوايعتقدون أنهم ناموا يوما أو بعض يوم.وبعد ذلك بدأ يستحضر الكاتب في هذاالبرولوج الاستهلالي سبب وجودهم داخل الكهف الذي يتمثل في الهروب منملك دقيانوس عدو المسيحية بعد أن ترك ميشلينيا حبيبته بريكسا تنتظررجوعه ليلتئم شملهما، وخاصة أنها قديسة مسيحية طاهرة مثله تؤمن بالكتابالمقدس وتقرأه بنية وإخلاص. وما الصليب الذي أهداه مشلينيا إليها إلادليل على الإخلاص وحب الأميرة لهذا الوزير الذي كان في خدمة أبيهاالطاغية المتجبر. كما أن مرنوش هرب بعقيدته ودينه خوفا من وعيد الملكالمستبد وغطرسته وترك زوجته وابنه الصغير في عذاب القلق وسط هوجاءالمذبحة التي شنها الطاغية لإبادة أتباع المسيح.أما الراعي يمليخا فقدترك قطيعه من الأغنام ليلتحق بهذين الوزيرين قصد الاحتماء بالكهفللحفاظ على دينه .وقد قرر الثلاثة العودة إلى طرسوس لمتابعة حياتهم منجديد، ولكنهم خافوا من بطش دقيانوس وعزمه الشديد على الفتك بهم.
ويشير الديالوغ أو الحوار إلى بداية الصراع الدرامي حيث طلبمشلينيا ومرنوش من الراعي يمليخا أن يأتيهم بالطعام لأنهم أحسوا بالجوعينهش أمعاءهم، والتعب الشديد يمس ظهورهم بسبب كثرة الرقود والتمايليمنة ويسرة. ولما خرج يمليخا ليشتري الطعام صادف صيادا، فأراد أن يبتاعصيده ولكن الصياد اندهش لحال يمليخا وغرابته غير المعهودة بسبب لحيتهوأظافره الطويلة ونقوده الفضية التي تعود إلى عهد دقيانوس؛ حتى ظنالصياد أن الرجل حصل على كنز كبير. ولما عاد الراعي إلى الكهف وحكىلأصدقائه ما جرى بينه وبين الصياد حتى استغربوا وضعهم وشكلهم العجيب. وبعد ذلك، سمعوا ضجيج الناس عند مخرج الكهف يبحثون عن صاحب الكنز.
ولقد انتشر خبر أهل الكهف في مدينة طرسوس التي أصبحت مسيحية بفضلملك مؤمن معتنق لديانة المسيح يكثر من قراءة الكتاب المقدس ويحترمالرهبان والقديسين. وكانت بنته بريسكا الأميرة الجميلة الشابة مؤمنةمثل أبيها على دين المسيح. تتلقى دروسها من مؤدبها غالياس الحكيم الذيأخبرها عن جدتها القديسة بريسكا والقديسين الهاربين من سطوة دقيانوسالمتجبر.
ولقد اندهش الجميع في القصر وفي طرسوس لما شاهدواالقديسين الثلاثة، وأحسوا بالخوف والرعب والتقزز من منظرهم الغريب. ولما حاول الثلاثة التأقلم مع الوضع الجديد والبحث عن سعادتهم الدنيويةوماكان يسعون إليه وذلك بتغيير شكلهم ومنظرهم الخارجي، إلا أنهم وجدواعدة عقبات وحواجز وأهمها مشكلة الزمن. فلقد فقد مرنوش أهله منذ زمنطويل إذ توفي ابنه وقد تجاوز الستين بينما هو لم يتجاوز الأربعين، كماأن الراعي يمليخا لم يجد قطيعه في الغابة التي كان يرعى فيها كما أنمشلينيا اعتقد أن القصر هو قصردقيانوس وأن بريسكا بصليبها الذهبيوكتابها المقدس هي حبيبته التي تنتظره؛ لكنه سيصاب بخيبة أمل عندمايكتشف أنها ليست هي بريسكا بنت دقيانوس بل هي حفيدتها سميت باسمها بعدأن تنبأ لها العراف أن تكون مثل جدتها قديسة طاهرة. وفي الأخير، قررالثلاثة العودة إلى الكهف بعد أن فشلوا في إثبات وجودهم والحفاظ علىبقائهم بين الناس، وبعد أن صار الحب سرابا ووهما بفعل تباعد الزمن. وقدلحقت بريسكا بهؤلاء القديسين حبا لمشلينيا الذي بقي وفيا ومخلصالجدتها.
وينتهي الإيبيلوغ الختامي بقرار الملك أن يغلق الكهف مخافةمن عبث العابثين، وأن يترك المعاول داخل هذا القبر المقدس فإذا أرادالقديسون العودة من جديد في زمن ما يستطيعون بها أن يفتحوا باب الكهفالمسدود عليهم.
ويلاحظ على هذه المسرحية، أنها تتضمن عقدتيندراميتين على غرار روايات جورجي زيدان، وهما: العقدة التاريخية ذاتالطابع الديني التي تتمثل في هروب مجموعة من القديسين المسيحيين إلىالكهف من الطاغية دقيانوس الذي كان يتتبع المتدينين بالقتل والذبح،وطرح مشكلة البعث والنشور بعد الموت، ولاسيما أن هذه القصة الدراميةمعجزة حقيقية ودليل قاطع على قدرة الله عز وجل على الخلق والموت والبعثمن جديد على غرار قصة عزير نبي الله. لكن توفيق الحكيم حور هذه القصةالدينية وأضاف إليها العقدة الدرامية التي تتمثل في الغرام والتجربةالرومانسية الطاهرة والحب العفيف بين مشلينيا والأميرة بريسكا التيتنتهي بالوداع والموت بسبب عائق الزمن وحتمية القدر واستحالة البقاء فيالحياة لوجود غرابة كينونية ووجودية.وتضفي العقدة الغرامية طابعا فنياوتشويقا جميلا على حبكة المسرحية وتثير وجدان المتلقي وعقله. كما تتضمنالمسرحية قصة غرامية وهي قصة مشابهة لتجربة الحب بين مشلينيا وبريسكاوهي قصة الياباني أوراشيما الذي وجد صعوبة في التكيف مع واقعه الذي عادإليه بسبب مشكلة الزمن.
ومما يؤخذ على الكاتب، أنه جعل يمليخا أكثرتدينا من مشلينيا ومرنوش الذين ارتبطا بزينة الدنيا والبقاء من أجلالحب والحياة، مما جعل حواراتهما داخل الكهف تنم عن عقيدة مضطربة فيهاالشك والتذبذب والتقلب، وهذا يتناقض مع فحوى السورة القرآنية التيوصفتهم بقوة الإيمان والتوحيد:"إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى،وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو مندونه إلها لقد قلنا إذا شططا" .
الصراعالدرامي: يتمثل الصراع الدرامي في هذه المسرحية في صراعأهل الكهف ضد الزمن من أجل الحياة والحب، كما يحيل النص على صراع دينيألا وهو صراع الإيمان" أهل الكهف" مع الكفر والوثنية" دقيانوس". كما أنهناك صراعا رمزيا تعكسه الشخصيات وهو تقابل العقل" مرنوش" مع القلب" مشلينيا" والحواس" يمليخا". ولكن يبقى الصراع ضد الزمن هو المحكالدرامي لهذه المسرحية. بقول يمليخا:
"إلي يامرنوش... يايمليخا.... إنا لا نصلح للحياة.... إنا لا نصلح للزمن.... ليست لناعقول.... لا نصلح للحياة....!"
ويبدو هذا المشكل واضحا عندما يطرحالحب والغرام بين مشلينيا وبريسكا ويصير وهما مستحيلا وسرابا قاتلابسبب عائق الزمن الوجودي، وهذا ما يؤكده مشلينيا لبريسكا:
" نعم... نعم...الوداع! يا... يا...لست أجسر!الآن أرى مصيبتي وأحس عظيم ما نزلبي. لامرنوش ولايمليخا رزئا بمثل هذا... عن بيني وبينك خطوة... بينيوبينك شبه ليلة... فإذا الخطوة بحار لانهاية لها. وإذا الليلة أجيال... أجيال... وأمد يدي إليك وأنا أراك حية جميلة أمامي فيحول بيننا كائنهائل جبار: هو التاريخ. نعم، صدق مرنوش...لقد فات زماننا ونحن الآن ملكالتاريخ... ولقد أردنا العودة إلى الزمن ولكن التاريخ ينتقم... الوداع!" .
وإذا كان الخطاب القرآني قد طرح قصة أهل الكهف ليؤكدفكرة البعث والنشور فإن توفيق الحكيم صاغها فنيا ليؤكد صراع الإنسان ضدالزمن من أجل الحب والحياة.
وقد نندهش عندما يلحق الكاتب بريسكابالقديسين الموتى لا رغبة في القداسة بل رغبة في الحب والحياة على غرارقصة روميو وجولييت مما يعطي لهذا العمل طابعا مثاليا غير معقول:
بريسكا: ومهمة أخرى يا غالياس، إذا علمت الناس قصتي وتاريخي فاذكرلهم كما أوصيتك...
غالياس: ( وهو يهم بالخروج) أنك قديسة...
بريسكا: كلا...كلا...أيها الأحمق الطيب. ليس هذا ما أوصيتك...
غالياس: أنك امرأة أحبت...
بريسكا: نعم ... وكفى.
( يخرجغالياس وتبقى وحدها ويغلق الكهف عليها وعلى الموتى)."
وكان علىالكاتب أن يستبقي مشلينيا في الحياة إلى جانب بريكسا أو يطول الفصلوالحوار مادام الحب قد بدأ يتخلل وجدانهما ويدخل قلبهما الطاهرين.وقدلاحظ محمد مندور بدوره ما لاحظناه:" والحوار الذي يجري على أساس هذااللبس بين مشلينيا وبريسكا الجديدة وانكشاف هذا اللبس شيئا فشيئا، ثمانبثاق الحب في قلب الطرفين شيئا فشيئا يعتبر من أروع ما كتب الحكيم منحوار وإن كنا لا ندري كما أوضحنا من قبل لماذا عاد الحكيم ثانيةبمشلينيا إلى كهفه على الرغم من تجدد أقوى صلة تربطه يالحياة وهي صلةالحب، بل وجعل بريسكا الجديدة تلحق به في الكهف، وإن يكن مشلينيا قدكان بالضرورة آخر من عاد إلى الموت باعتبار الأمل في الحب قد أمسكه بعضالوقت في رحاب حياته الجديدة."
وقد تنبه محمود أمين العالم بدورهإلى هذا الرجوع غير المبرر بقوله:" فمنطق العودة إلى الكهف منطق مفروضعلى المسرحية، وليس مستمدا من ضرورة حية كامنة فيها، ومنطق العلاقاتالداخلية، فيه من التأمل الفكري المجرد أكثر مما فيه من الصدقالإنساني. ولاشك أن مصدر هذا العجز الفني، أن فلسفة المسرحية مستمدةلامن نبض الواقع الحقيقي، وإنما من فلسفة فئة تتأمل الواقع دون أنتتحرك معه، ودون أن تشترك فيه، ودون أن تضيف إليه...ولكن للمسرحيةوحدتها الفكرية المتماسكة وحوارها المتسلسل، وهذا هو مصدر ما فيها منجمال، ولكنه جمال شاحب...مريض"11.
وتحيل المسرحية على مصرالثلاثينيات وهي قابعة في تخلفها وموتها وسكونها تحت الاحتلال الأجنبيوالنظام الملكي المطلق المستبد الذي قمع الحريات وأسكت الفكر والأصواتالداعية إلى التحرر وقتل الحياة وقوة الشباب. و تزكي المسرحية هذاالطرح فتندد بموت مصر وتقاعسها الأشيب الذي أودى بها إلى الهلاكوالخمول. ويعتبر محمود أمين العالم في تحليله الاجتماعي أن عودةالشخصيات إلى الكهف يعني الموت والعدم ودفن الحياة وإقبار لكل تطلعوكفاح وتحرر مصري من الأنظمة المطلقة الحاكمة:"إن مسرحية أهل الكهفمأساة مصرية بحق ولكنها مأساة مصر من جانبها المهزوم الذليل، مصر التيترى الزمن عدما أسود لا حركة للتطور والنمو والنضوج، مصر التي ترىالزمن ثقلا وقيدا لا تيارا دافقا خلاقا وعملية نامية، مصر التي تؤمنبالبعث الخاوي من حركة الحياة، لامصر التي تؤمن بالواقع الحي المتطور،مصر التي تؤمن بمفهوم للزمن جاف أعجف، لامصر التي تؤمن بحركة الواقعالحي، وتكافح من أجل تثبيت سيطرة أبنائها على حياتهم.
لهذا كانتهذه المسرحية من الأدب الرجعي، الذي وإن عكس جانبا من الحياة المصرية،إلا أنه لا يشارك في حركتها الصاعدة، بل يقبع عند علاقاتها وقواهاالخائرة المهزومة."
ونصل من كل هذا، إلى أن مسرحية أهل الكف يتقاطعفيها جانبان: جانب تاريخي ديني وجانب غرامي فني. كما أنها مسرحية ذهنيةورمزية تشير إلى صراع الإنسان ضد الزمن من أجل البقاء والحب والحياة.
- المكونات الفنية: تضم المسرحيةمجموعة من الشخصيات الدرامية أو العوامل الممثلة من بينها: مشلينياالذي كان رومانسيا يؤمن بالقلب والعاطفة والوجدان يحب بريسكا سواءأكانت بنت دقيانوس أم كانت الأميرة الحفيدة لوجود تشابه كبيربينهما.وقد كان مشلينيا أكثر الشخصيات إقبالا على الحياة وزينة الدنيامتمسكا بالحب والوفاء والإخلاص لحبيبته. بينما مرنوش كان وفيا لأسرتهالمسيحية ولاسيما زوجته وولده الصغير الذين تركهما في بيت سري في طرسوسمخافة من مذابح دقيانوس وبطشه الشديد. وأصبح مرنوش متعلقا بهذه الأسرةالصغيرة ينتظر اليوم الذي يقدم فيه الهدية إلى ابنه. وكذلك الراعييمليخا كان ينتظر اليوم الذي يعود إلى قطيعه من الغنم الذي كان يرعاهفي الغابة بحثا عن العشب والكلإ. لكن هذه الشخصيات ستجد نفسها أمامعائق الزمن الذي غير كثيرا من طرسوس وأضفى الغرابة والاندهاش على كلالعلاقات الإنسانية والبشرية والمكانية، وحتى ال*** قطمير كانتالحيوانات الأخرى تشم غرابته وشذوذ وجوده. إنه الضياع والفقد والموتومشكلة الزمن وخيبة الأمل والسراب الواهم. وقد جعل كل هذا الشخصياتتعود إلى مرقدها من جديد لعدم قدرتها على التكيف والتأقلم مع الواقعالجديد.
ويمكن أن نصنف شخصيات المسرحية إلى شخصيات دينية تتسمبالقداسة والغرابة( مرنوش- مشلينيا- يمليخا- بريسكا) وشخصيات سلطوية (دقيانوس- الملك- الجنود...) وشخصيات الحكمة والاستشارة (غالياس- الراهبان...).
ويتمثل الفضاء الدرامي العام في مدينة طرسوسبفضاءيها المتناقضين:فضاء الموت والفقدان " الكهف أو القبر المقدس" وفضاء الحياة والسلطة والحب" القصر".
وقد أرفق الكاتب مسرحيتهبإرشادات مسرحية موجهة من الكاتب إلى الممثل والقارئ والمخرج وهي عبارةعن إرشادات إخراجية وسينوغرافية تحدد الشخصيات ومواصفاتها ووظائفهاوحالاتها أو عنصر الحركة أو المكان الدرامي أو زمن التوتر الدرامي أوالإضاءة والإكسسوارات. وقد وضعها المؤلف بين قوسين بخط ذي سمك غليظوبارز ليتميز عن الحوار.ومن أمثلتها:
- الكهف بالرقيم... ظلام لايتبين فيه غير الأطياف؛ طيف رجلين قاعدين القرفصاء، وعلى مقربة منهما*** باسط ذراعيه بالوصيد
- مشلينياصائحا متذمرا
- يمليخا: ( مستنكراوسينوغرافيا، تستعين المسرحية بمجموعة من الإكسسوارات وهيالأشياء التي توظف في المسرحية والتي يمكن أن تكون لها دلالة رمزية مثلالصليب المسيحي الذي كانت بيرسكا متعلقة به وهو هدية من مشلينيالحبيبته وهو رمز الوفاء والإخلاص، والكتاب المقدس الدال على العقيدةالمسيحية والمعاول الدالة على البعث والنشور والنقود الفضية التي تؤشرعلى عهد دقيانوس الذي حارب المسيحيين.
وتساهم الإضاءة في تأثيثالفضاء وتحبيك الأحداث الدرامية، إذ تتراوح الإضاءة في المسرحية بينالظلمة التي تحيل على الكهف والموت والحزن والخوف والفقدان وخيبةالأمل، وقد تتحول الظلمة إلى ظلمة الليل لنسمع خطابا رومانسيا وغراميابين مشلينيا وبريسكا، وقد تتحول الظلمة إلى نور النهار لتدل على الحركةوالحياة.
ويبقى الفضاء الديكوري للمسرحية فقيرا ومنغلقا يحيلان علىالسلطة الرسمية / القصر بأعمدته/ والموت / الكهف أو القبر المقدس/.
ويتنوع الحوار في هذه المسرحية، فمن حوار مباشر" ديالوغ" وهوالأكثر استخداما من الكاتب، ويعبر عن مواقف الشخصيات وآرائهمومنظوراتهم الفكرية والصراعات الإيديولوجية؛ ولكن الحوار في المسرحيةيقوم بعدة أدوار ووظائف، ويمكن حصرها في النقط التالية:
- التمهيدوتقديم الحدث الدرامي أو العقدة الدرامية؛
- تقديم الشخصياتوالتعريف بها؛
- طرح الصراع الدرامي وتطوره من خلال تنامي الأحداثوالحوار بين الشخصيات؛
- الكشف عن مواقف الشخصيات ونفسياتهاوأفكارها ومشاعرها وأحاسيسها ومعتقداتها؛ويمتاز الحوار المباشرعند الكاتب بالتوتر والتأزم والروعة الدرامية وخاصة أثناء التجاذبالرومانسي بين بريسكا ومشلينا، كما أن لغة الحوار لغة عربية فصحى ناصعةالبيان بأسلوب مشرق جذاب يستلهم الوجدان ومشاعر المتلقي.
وإلى جانبالحوار المباشر، نجد الحوار الصامت الذي يدل على الموت وانقطاع الكلاموالحوار والحياة. كما نجد الكاتب يستعين بالمنولوج أو المناجاةالداخلية الدالة على الصراع الداخلي والتمزق النفسي والتوتر الباطنيوالكلام النفسي اللدني.ولكن هذا الحوار الداخلي قليل في المسرحية، وقديكون طويلا كما لدى مشلينيا في آخر المسرحية عندما كان ينادي علىأصدقائه الميتين بلا جدوى، ويتذكر عشيقته بريسكا.
خاتمة:
وخلاصة القول: إن مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم مسرحية كلاسيكيةمن حيث البناء الدرامي وتركيب الفصول المتسلسلة سببيا وكرونولوجياودراميا، كما أنها مسرحية ذهنية وتجريدية وتجريبية تطرح صراعا فكريايتمثل في صراع الإنسان ضد الزمن من أجل البقاء والحياة والحب
00منقول00 للإستفادة
تحياتي ... ود عمان...
قسمت المسرحية إلى أربعة فصول دون أن يقسمهاالكاتب إلى مناظر ومشاهد، وهذه الفصول قائمة على التوازي والتقابل علىالمستوى الكمي، إذ الفصل الأول/ المقدمة/ يتوازى من حيث عدد الصفحات معالفصل الأخير/ الخاتمة/ أما الفصلان الثالث والرابع اللذان يشكلان حوارالعرض فيتماثلان معا من حيث الصفحات كذلك، ونخطط معمار المسرحية بهذهالكيفية:
الفصول الصفحات الشخصيات المكان الزمان الحدثالفصلالأول 33صفحة مشلينيا ومرنوش ويمليخا والناس. ومع أهل الكهف ال***قطميريحرسهم الكهف بالرقيم ظلام لا يتبين فيه غير الأطياف يقظة أهلالكهف من رقادهم الطويل وشرحهم للأسباب التي أودت بهم إلى هذا المكانالمظلمالفصل الثاني 57 صفحة الأميرة بريسكا-غالياس- الملك- مشلينيا – يمليخا- مرنوش القصر النهار وصول أهل الكهف إلى القصرواندهاش غالياس والملك وبريسكا من هؤلاء القديسين الثلاثةالفصلالثالث 57 صفحة مشلينيا- غالياس-مرنوش- الأميرة القصر الليل تغييرمشلينيا ومرنوش لمظهرهما الخارجي وفشلهما في العثور على بغيتهما بفعلعامل الزمنالفصل الرابع 34 صفحة مشلينيا-مرنوش- يمليخا- بريسكا – غالياس- الراهبان- الملك الكهف بالرقيم النهار عودة أهل الكهف إلىمرقدهم وتذكر مارأوه في طرسوس من تغيرات بفعل الزمن وعزم بريكسا الموتمع هؤلاء القديسين بسبب الحب الذي تكنه لميشلينيا عشيق جدتهامتن المسرحية: تستوحي مسرحية أهل الكهفالقصة القرآنية الواردة في سورة الكهف، والتي ذهب المفسرون في شرحهاوتأويلها عدة مذاهب وخاصة في عدد الهاربين إلى الكهف زمن الملك دقيانوسالمتغطرس الذي كان يقتل المسيحيين ويجبرهم على الضلال والكفر.
تبدأالمسرحية بتحرك الشخصيات مرنوش وميشلينا ويمليخا وال*** قطميرداخلالكهف بعد رقود هؤلاء لمدة طويلة تقدر بثلاثمائة سنة، بيد أنهم كانوايعتقدون أنهم ناموا يوما أو بعض يوم.وبعد ذلك بدأ يستحضر الكاتب في هذاالبرولوج الاستهلالي سبب وجودهم داخل الكهف الذي يتمثل في الهروب منملك دقيانوس عدو المسيحية بعد أن ترك ميشلينيا حبيبته بريكسا تنتظررجوعه ليلتئم شملهما، وخاصة أنها قديسة مسيحية طاهرة مثله تؤمن بالكتابالمقدس وتقرأه بنية وإخلاص. وما الصليب الذي أهداه مشلينيا إليها إلادليل على الإخلاص وحب الأميرة لهذا الوزير الذي كان في خدمة أبيهاالطاغية المتجبر. كما أن مرنوش هرب بعقيدته ودينه خوفا من وعيد الملكالمستبد وغطرسته وترك زوجته وابنه الصغير في عذاب القلق وسط هوجاءالمذبحة التي شنها الطاغية لإبادة أتباع المسيح.أما الراعي يمليخا فقدترك قطيعه من الأغنام ليلتحق بهذين الوزيرين قصد الاحتماء بالكهفللحفاظ على دينه .وقد قرر الثلاثة العودة إلى طرسوس لمتابعة حياتهم منجديد، ولكنهم خافوا من بطش دقيانوس وعزمه الشديد على الفتك بهم.
ويشير الديالوغ أو الحوار إلى بداية الصراع الدرامي حيث طلبمشلينيا ومرنوش من الراعي يمليخا أن يأتيهم بالطعام لأنهم أحسوا بالجوعينهش أمعاءهم، والتعب الشديد يمس ظهورهم بسبب كثرة الرقود والتمايليمنة ويسرة. ولما خرج يمليخا ليشتري الطعام صادف صيادا، فأراد أن يبتاعصيده ولكن الصياد اندهش لحال يمليخا وغرابته غير المعهودة بسبب لحيتهوأظافره الطويلة ونقوده الفضية التي تعود إلى عهد دقيانوس؛ حتى ظنالصياد أن الرجل حصل على كنز كبير. ولما عاد الراعي إلى الكهف وحكىلأصدقائه ما جرى بينه وبين الصياد حتى استغربوا وضعهم وشكلهم العجيب. وبعد ذلك، سمعوا ضجيج الناس عند مخرج الكهف يبحثون عن صاحب الكنز.
ولقد انتشر خبر أهل الكهف في مدينة طرسوس التي أصبحت مسيحية بفضلملك مؤمن معتنق لديانة المسيح يكثر من قراءة الكتاب المقدس ويحترمالرهبان والقديسين. وكانت بنته بريسكا الأميرة الجميلة الشابة مؤمنةمثل أبيها على دين المسيح. تتلقى دروسها من مؤدبها غالياس الحكيم الذيأخبرها عن جدتها القديسة بريسكا والقديسين الهاربين من سطوة دقيانوسالمتجبر.
ولقد اندهش الجميع في القصر وفي طرسوس لما شاهدواالقديسين الثلاثة، وأحسوا بالخوف والرعب والتقزز من منظرهم الغريب. ولما حاول الثلاثة التأقلم مع الوضع الجديد والبحث عن سعادتهم الدنيويةوماكان يسعون إليه وذلك بتغيير شكلهم ومنظرهم الخارجي، إلا أنهم وجدواعدة عقبات وحواجز وأهمها مشكلة الزمن. فلقد فقد مرنوش أهله منذ زمنطويل إذ توفي ابنه وقد تجاوز الستين بينما هو لم يتجاوز الأربعين، كماأن الراعي يمليخا لم يجد قطيعه في الغابة التي كان يرعى فيها كما أنمشلينيا اعتقد أن القصر هو قصردقيانوس وأن بريسكا بصليبها الذهبيوكتابها المقدس هي حبيبته التي تنتظره؛ لكنه سيصاب بخيبة أمل عندمايكتشف أنها ليست هي بريسكا بنت دقيانوس بل هي حفيدتها سميت باسمها بعدأن تنبأ لها العراف أن تكون مثل جدتها قديسة طاهرة. وفي الأخير، قررالثلاثة العودة إلى الكهف بعد أن فشلوا في إثبات وجودهم والحفاظ علىبقائهم بين الناس، وبعد أن صار الحب سرابا ووهما بفعل تباعد الزمن. وقدلحقت بريسكا بهؤلاء القديسين حبا لمشلينيا الذي بقي وفيا ومخلصالجدتها.
وينتهي الإيبيلوغ الختامي بقرار الملك أن يغلق الكهف مخافةمن عبث العابثين، وأن يترك المعاول داخل هذا القبر المقدس فإذا أرادالقديسون العودة من جديد في زمن ما يستطيعون بها أن يفتحوا باب الكهفالمسدود عليهم.
ويلاحظ على هذه المسرحية، أنها تتضمن عقدتيندراميتين على غرار روايات جورجي زيدان، وهما: العقدة التاريخية ذاتالطابع الديني التي تتمثل في هروب مجموعة من القديسين المسيحيين إلىالكهف من الطاغية دقيانوس الذي كان يتتبع المتدينين بالقتل والذبح،وطرح مشكلة البعث والنشور بعد الموت، ولاسيما أن هذه القصة الدراميةمعجزة حقيقية ودليل قاطع على قدرة الله عز وجل على الخلق والموت والبعثمن جديد على غرار قصة عزير نبي الله. لكن توفيق الحكيم حور هذه القصةالدينية وأضاف إليها العقدة الدرامية التي تتمثل في الغرام والتجربةالرومانسية الطاهرة والحب العفيف بين مشلينيا والأميرة بريسكا التيتنتهي بالوداع والموت بسبب عائق الزمن وحتمية القدر واستحالة البقاء فيالحياة لوجود غرابة كينونية ووجودية.وتضفي العقدة الغرامية طابعا فنياوتشويقا جميلا على حبكة المسرحية وتثير وجدان المتلقي وعقله. كما تتضمنالمسرحية قصة غرامية وهي قصة مشابهة لتجربة الحب بين مشلينيا وبريسكاوهي قصة الياباني أوراشيما الذي وجد صعوبة في التكيف مع واقعه الذي عادإليه بسبب مشكلة الزمن.
ومما يؤخذ على الكاتب، أنه جعل يمليخا أكثرتدينا من مشلينيا ومرنوش الذين ارتبطا بزينة الدنيا والبقاء من أجلالحب والحياة، مما جعل حواراتهما داخل الكهف تنم عن عقيدة مضطربة فيهاالشك والتذبذب والتقلب، وهذا يتناقض مع فحوى السورة القرآنية التيوصفتهم بقوة الإيمان والتوحيد:"إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى،وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو مندونه إلها لقد قلنا إذا شططا" .
الصراعالدرامي: يتمثل الصراع الدرامي في هذه المسرحية في صراعأهل الكهف ضد الزمن من أجل الحياة والحب، كما يحيل النص على صراع دينيألا وهو صراع الإيمان" أهل الكهف" مع الكفر والوثنية" دقيانوس". كما أنهناك صراعا رمزيا تعكسه الشخصيات وهو تقابل العقل" مرنوش" مع القلب" مشلينيا" والحواس" يمليخا". ولكن يبقى الصراع ضد الزمن هو المحكالدرامي لهذه المسرحية. بقول يمليخا:
"إلي يامرنوش... يايمليخا.... إنا لا نصلح للحياة.... إنا لا نصلح للزمن.... ليست لناعقول.... لا نصلح للحياة....!"
ويبدو هذا المشكل واضحا عندما يطرحالحب والغرام بين مشلينيا وبريسكا ويصير وهما مستحيلا وسرابا قاتلابسبب عائق الزمن الوجودي، وهذا ما يؤكده مشلينيا لبريسكا:
" نعم... نعم...الوداع! يا... يا...لست أجسر!الآن أرى مصيبتي وأحس عظيم ما نزلبي. لامرنوش ولايمليخا رزئا بمثل هذا... عن بيني وبينك خطوة... بينيوبينك شبه ليلة... فإذا الخطوة بحار لانهاية لها. وإذا الليلة أجيال... أجيال... وأمد يدي إليك وأنا أراك حية جميلة أمامي فيحول بيننا كائنهائل جبار: هو التاريخ. نعم، صدق مرنوش...لقد فات زماننا ونحن الآن ملكالتاريخ... ولقد أردنا العودة إلى الزمن ولكن التاريخ ينتقم... الوداع!" .
وإذا كان الخطاب القرآني قد طرح قصة أهل الكهف ليؤكدفكرة البعث والنشور فإن توفيق الحكيم صاغها فنيا ليؤكد صراع الإنسان ضدالزمن من أجل الحب والحياة.
وقد نندهش عندما يلحق الكاتب بريسكابالقديسين الموتى لا رغبة في القداسة بل رغبة في الحب والحياة على غرارقصة روميو وجولييت مما يعطي لهذا العمل طابعا مثاليا غير معقول:
بريسكا: ومهمة أخرى يا غالياس، إذا علمت الناس قصتي وتاريخي فاذكرلهم كما أوصيتك...
غالياس: ( وهو يهم بالخروج) أنك قديسة...
بريسكا: كلا...كلا...أيها الأحمق الطيب. ليس هذا ما أوصيتك...
غالياس: أنك امرأة أحبت...
بريسكا: نعم ... وكفى.
( يخرجغالياس وتبقى وحدها ويغلق الكهف عليها وعلى الموتى)."
وكان علىالكاتب أن يستبقي مشلينيا في الحياة إلى جانب بريكسا أو يطول الفصلوالحوار مادام الحب قد بدأ يتخلل وجدانهما ويدخل قلبهما الطاهرين.وقدلاحظ محمد مندور بدوره ما لاحظناه:" والحوار الذي يجري على أساس هذااللبس بين مشلينيا وبريسكا الجديدة وانكشاف هذا اللبس شيئا فشيئا، ثمانبثاق الحب في قلب الطرفين شيئا فشيئا يعتبر من أروع ما كتب الحكيم منحوار وإن كنا لا ندري كما أوضحنا من قبل لماذا عاد الحكيم ثانيةبمشلينيا إلى كهفه على الرغم من تجدد أقوى صلة تربطه يالحياة وهي صلةالحب، بل وجعل بريسكا الجديدة تلحق به في الكهف، وإن يكن مشلينيا قدكان بالضرورة آخر من عاد إلى الموت باعتبار الأمل في الحب قد أمسكه بعضالوقت في رحاب حياته الجديدة."
وقد تنبه محمود أمين العالم بدورهإلى هذا الرجوع غير المبرر بقوله:" فمنطق العودة إلى الكهف منطق مفروضعلى المسرحية، وليس مستمدا من ضرورة حية كامنة فيها، ومنطق العلاقاتالداخلية، فيه من التأمل الفكري المجرد أكثر مما فيه من الصدقالإنساني. ولاشك أن مصدر هذا العجز الفني، أن فلسفة المسرحية مستمدةلامن نبض الواقع الحقيقي، وإنما من فلسفة فئة تتأمل الواقع دون أنتتحرك معه، ودون أن تشترك فيه، ودون أن تضيف إليه...ولكن للمسرحيةوحدتها الفكرية المتماسكة وحوارها المتسلسل، وهذا هو مصدر ما فيها منجمال، ولكنه جمال شاحب...مريض"11.
وتحيل المسرحية على مصرالثلاثينيات وهي قابعة في تخلفها وموتها وسكونها تحت الاحتلال الأجنبيوالنظام الملكي المطلق المستبد الذي قمع الحريات وأسكت الفكر والأصواتالداعية إلى التحرر وقتل الحياة وقوة الشباب. و تزكي المسرحية هذاالطرح فتندد بموت مصر وتقاعسها الأشيب الذي أودى بها إلى الهلاكوالخمول. ويعتبر محمود أمين العالم في تحليله الاجتماعي أن عودةالشخصيات إلى الكهف يعني الموت والعدم ودفن الحياة وإقبار لكل تطلعوكفاح وتحرر مصري من الأنظمة المطلقة الحاكمة:"إن مسرحية أهل الكهفمأساة مصرية بحق ولكنها مأساة مصر من جانبها المهزوم الذليل، مصر التيترى الزمن عدما أسود لا حركة للتطور والنمو والنضوج، مصر التي ترىالزمن ثقلا وقيدا لا تيارا دافقا خلاقا وعملية نامية، مصر التي تؤمنبالبعث الخاوي من حركة الحياة، لامصر التي تؤمن بالواقع الحي المتطور،مصر التي تؤمن بمفهوم للزمن جاف أعجف، لامصر التي تؤمن بحركة الواقعالحي، وتكافح من أجل تثبيت سيطرة أبنائها على حياتهم.
لهذا كانتهذه المسرحية من الأدب الرجعي، الذي وإن عكس جانبا من الحياة المصرية،إلا أنه لا يشارك في حركتها الصاعدة، بل يقبع عند علاقاتها وقواهاالخائرة المهزومة."
ونصل من كل هذا، إلى أن مسرحية أهل الكف يتقاطعفيها جانبان: جانب تاريخي ديني وجانب غرامي فني. كما أنها مسرحية ذهنيةورمزية تشير إلى صراع الإنسان ضد الزمن من أجل البقاء والحب والحياة.
- المكونات الفنية: تضم المسرحيةمجموعة من الشخصيات الدرامية أو العوامل الممثلة من بينها: مشلينياالذي كان رومانسيا يؤمن بالقلب والعاطفة والوجدان يحب بريسكا سواءأكانت بنت دقيانوس أم كانت الأميرة الحفيدة لوجود تشابه كبيربينهما.وقد كان مشلينيا أكثر الشخصيات إقبالا على الحياة وزينة الدنيامتمسكا بالحب والوفاء والإخلاص لحبيبته. بينما مرنوش كان وفيا لأسرتهالمسيحية ولاسيما زوجته وولده الصغير الذين تركهما في بيت سري في طرسوسمخافة من مذابح دقيانوس وبطشه الشديد. وأصبح مرنوش متعلقا بهذه الأسرةالصغيرة ينتظر اليوم الذي يقدم فيه الهدية إلى ابنه. وكذلك الراعييمليخا كان ينتظر اليوم الذي يعود إلى قطيعه من الغنم الذي كان يرعاهفي الغابة بحثا عن العشب والكلإ. لكن هذه الشخصيات ستجد نفسها أمامعائق الزمن الذي غير كثيرا من طرسوس وأضفى الغرابة والاندهاش على كلالعلاقات الإنسانية والبشرية والمكانية، وحتى ال*** قطمير كانتالحيوانات الأخرى تشم غرابته وشذوذ وجوده. إنه الضياع والفقد والموتومشكلة الزمن وخيبة الأمل والسراب الواهم. وقد جعل كل هذا الشخصياتتعود إلى مرقدها من جديد لعدم قدرتها على التكيف والتأقلم مع الواقعالجديد.
ويمكن أن نصنف شخصيات المسرحية إلى شخصيات دينية تتسمبالقداسة والغرابة( مرنوش- مشلينيا- يمليخا- بريسكا) وشخصيات سلطوية (دقيانوس- الملك- الجنود...) وشخصيات الحكمة والاستشارة (غالياس- الراهبان...).
ويتمثل الفضاء الدرامي العام في مدينة طرسوسبفضاءيها المتناقضين:فضاء الموت والفقدان " الكهف أو القبر المقدس" وفضاء الحياة والسلطة والحب" القصر".
وقد أرفق الكاتب مسرحيتهبإرشادات مسرحية موجهة من الكاتب إلى الممثل والقارئ والمخرج وهي عبارةعن إرشادات إخراجية وسينوغرافية تحدد الشخصيات ومواصفاتها ووظائفهاوحالاتها أو عنصر الحركة أو المكان الدرامي أو زمن التوتر الدرامي أوالإضاءة والإكسسوارات. وقد وضعها المؤلف بين قوسين بخط ذي سمك غليظوبارز ليتميز عن الحوار.ومن أمثلتها:
- الكهف بالرقيم... ظلام لايتبين فيه غير الأطياف؛ طيف رجلين قاعدين القرفصاء، وعلى مقربة منهما*** باسط ذراعيه بالوصيد
- مشلينياصائحا متذمرا
- يمليخا: ( مستنكراوسينوغرافيا، تستعين المسرحية بمجموعة من الإكسسوارات وهيالأشياء التي توظف في المسرحية والتي يمكن أن تكون لها دلالة رمزية مثلالصليب المسيحي الذي كانت بيرسكا متعلقة به وهو هدية من مشلينيالحبيبته وهو رمز الوفاء والإخلاص، والكتاب المقدس الدال على العقيدةالمسيحية والمعاول الدالة على البعث والنشور والنقود الفضية التي تؤشرعلى عهد دقيانوس الذي حارب المسيحيين.
وتساهم الإضاءة في تأثيثالفضاء وتحبيك الأحداث الدرامية، إذ تتراوح الإضاءة في المسرحية بينالظلمة التي تحيل على الكهف والموت والحزن والخوف والفقدان وخيبةالأمل، وقد تتحول الظلمة إلى ظلمة الليل لنسمع خطابا رومانسيا وغراميابين مشلينيا وبريسكا، وقد تتحول الظلمة إلى نور النهار لتدل على الحركةوالحياة.
ويبقى الفضاء الديكوري للمسرحية فقيرا ومنغلقا يحيلان علىالسلطة الرسمية / القصر بأعمدته/ والموت / الكهف أو القبر المقدس/.
ويتنوع الحوار في هذه المسرحية، فمن حوار مباشر" ديالوغ" وهوالأكثر استخداما من الكاتب، ويعبر عن مواقف الشخصيات وآرائهمومنظوراتهم الفكرية والصراعات الإيديولوجية؛ ولكن الحوار في المسرحيةيقوم بعدة أدوار ووظائف، ويمكن حصرها في النقط التالية:
- التمهيدوتقديم الحدث الدرامي أو العقدة الدرامية؛
- تقديم الشخصياتوالتعريف بها؛
- طرح الصراع الدرامي وتطوره من خلال تنامي الأحداثوالحوار بين الشخصيات؛
- الكشف عن مواقف الشخصيات ونفسياتهاوأفكارها ومشاعرها وأحاسيسها ومعتقداتها؛ويمتاز الحوار المباشرعند الكاتب بالتوتر والتأزم والروعة الدرامية وخاصة أثناء التجاذبالرومانسي بين بريسكا ومشلينا، كما أن لغة الحوار لغة عربية فصحى ناصعةالبيان بأسلوب مشرق جذاب يستلهم الوجدان ومشاعر المتلقي.
وإلى جانبالحوار المباشر، نجد الحوار الصامت الذي يدل على الموت وانقطاع الكلاموالحوار والحياة. كما نجد الكاتب يستعين بالمنولوج أو المناجاةالداخلية الدالة على الصراع الداخلي والتمزق النفسي والتوتر الباطنيوالكلام النفسي اللدني.ولكن هذا الحوار الداخلي قليل في المسرحية، وقديكون طويلا كما لدى مشلينيا في آخر المسرحية عندما كان ينادي علىأصدقائه الميتين بلا جدوى، ويتذكر عشيقته بريسكا.
خاتمة:
وخلاصة القول: إن مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم مسرحية كلاسيكيةمن حيث البناء الدرامي وتركيب الفصول المتسلسلة سببيا وكرونولوجياودراميا، كما أنها مسرحية ذهنية وتجريدية وتجريبية تطرح صراعا فكريايتمثل في صراع الإنسان ضد الزمن من أجل البقاء والحياة والحب
00منقول00 للإستفادة
تحياتي ... ود عمان...
تعليق