إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صلاة الملائكة أو تلويحة الغياب الأخيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صلاة الملائكة أو تلويحة الغياب الأخيرة

    1 أو خروج البدء

    عند الميلاد دمعٌ وعند الموت دمعٌ وبينهما صراطٌ من الجثث .

    2

    كشطط القيامة وتحولات الغروبِ وانقضاض الصقر يجيء الإنسان من سطوة الغياب إلى وهج الحضور ، يخرجُ حاملا إبريق الزمن مع أولى بكاءات الطفولة وتراتيلِ الشقاء ، يسفح الدمع في صمت الوجود كساقية عذراء تخط مصيرها الأبدي ، كنار حمراء تنذر الفلك السرمدي بمحرقة لاهبة ، يخرجُ الإنسان ليرسمَ تفاصيل السرابِ ويدحرج المرايا بين مسالك النور وليقول الكلمة في المبدأ والمنتهى ، أهو آتٍ من السماء ناموساً قدسياً يتلو الألواح أم هو لسانُ الجحيم يتلجلجُ بين شقوق الغيبِ ؟ أهو صورة نازفة من ركام الخلود أم شكلٌ انفجر من دوائر الفضاء ؟ هو ذا يأتي كدمية وردية معجونا ببياض الطهر والبراءة ، تحتشد في دمه قواميسُ الضوء وأبجديات الفردوس ، مشحوذا بحرارة الحياة وهيمنة الخلود ، وفي فمه غابة من الكلمات الصامتة تتحرك كزحف الرمال ، وفي عينيه بحيرة حارقة من رحيق الدمع وأشباحٌ كالظلالِ ، وتطفو حوله بركة من الضباب .

    3 أو إمضاء اللوح

    لقدْ قُدر لي أن أكون شاهداً على بؤسِ الحياة .

    4

    ها هو الزمن يفيض من إبريق الحياة ، وعلى وقع حشرجاته الأخيرة ينمو رصيفُ الغياب الممدود بين السماء والسماء ، وفيما يشبه النذيرَ الصاعق تبزغ الذكريات من وراء حجاب معتم ، وتهطل جمهرة حاشدة من الصور والأسماء والأشكالِ والألوان في هاوية من الطين ، أهي زلزلة القيامة تنفض الطبقات الساكنة ؟ أم معزوفة البكاء تصرخ بمقامات الحنينِ وشهقات الأفول ؟ يفيض الزمن وهو يمارس كينونته الأزلية والأشياء شاخصة إلى المأساة وقد اندفعتْ نحو ذروة جنونها ، والنهار سارب كأسطورة أثرية والليل ماكث ينسج صلاته السامقة ، أربع سنوات ونحن نحشد الظلال لآخرة محلومة ، أربع سنوات ونحن نحرث الخلود ونؤلف سيرة الغياب ، ونفتح الوعي على فضاءات مثمرة يرقص فيها النور ، لم تكن خطوتي الأولى التي خطوتها نحو كلية الحقوق إلا الصراط الذي لطالما تاقتْ روحي نحو اقتحامه والمكوث فيه ، وإلا الثروة الثائرة التي لطالما داعبتها أحلام الطفولة .

    5 أو غربة النار

    تسألني عن الحياة ؟ تعاليتَ أيها السراب

    6

    الطرقات الأولى والأخيرة لقدمي على بلاط الكلية المغسول دائما كانتْ جارحة وتلفظ صوتاً غريباً يشبه طحن الزجاج ، ذلك الصوت كانتْ تختفي وراءه شبكة ضاغطة من الأحلام والتصورات والرؤى ، هو ذا فضاء سماوي وها أنا ذا أكتب تاريخي بقلمي وبين مهد الطفولة ورعب الجنازة يلتقي الإنسانُ بأشياء وأشياء ، لقد كانتْ أياماً مقدسة نمتْ فيها ذاتي نحو معانقة الحلم اللذيذ ، وأحسستُ بأجراس المحيط ترتعش في روحي كأغنية الرحيلِ ، ها إنني الآنَ أتحسسُ الذكريات وهي تخفق كالفقاعات الطافية على سطح الماء ، ها هم الأصدقاء يتقاطفون الابتسامات وينثرون التحيات ، ها هم الأساتذة يفرشون الضوء ويسكبون النعيم ، وعلى الشفق تلوح ظلال الحوريات تتهادى كنسيم الربيع ورعشة الورد ، وهنا وهناك عمال زرق يتأرجحون ذات اليمين وذات اليسار يكنسون ذاكرة الأرض من أوجاعها ، وأنا أنظر إلى كل هذا الشريط المتسلسلِ الغائبِ وفي عيني يسكن صمت القبور ، هكذا إذن ينزلق الغرقى نحو متاهات الجنون ويجرفهم النسيان الماحق .

    7 أو نشور بلا آخرة

    اللونُ لونك والسماءُ سماؤك والأرضُ أرضك والكل لك تقدسَ اسمك وتباركَ مجدك .
يعمل...
X