آه من حواء وجنونها هل تُفقد الرجل صوابه بعد الزواج ؟
لهنً - أسماء أبوشال
بعيداً عن الضغوط الاقتصادية، يعزف بعض الرجال عن الزواج بسبب ما يقع على مسامعهم من تجارب الأصدقاء المريرة مع الزواج متمنيين عودة يوم واحد من أيام "العزوبة" ، بينما نجد فئة أخرى من الشباب العازب يكدح في الحياة من أجل تحقيق حلمه أملاً في الزواج والاستقرار.
وعن حال العزاب والمتزوجين أشارت دراسة بريطانية سابقة لجامعة الملكة ماري إلى أن الرجل إذا تزوج فقد عقله وإذا ظل عازباً أصيب بالاكتئاب المؤدي للجنون بعكس المرأة التي تشعر بالاستقرار النفسي بعد الزواج ، صحيح أن هذه الفكرة يؤيدها العديد من الأزواج التعساء ، والعزاب المتشوقين للزواج ، لكن كلاهما يساورهم القلق من حواء لأنها أحياناً تكون أحد الأسباب المؤدية للجنون ، ولكن هل هذا صحيح ؟ هذا ما حاول "لهنً" اكتشافه.
القيادة للرجل
لا يوافق "أحمد عطية" بكالوريوس علوم (24 عاماً) على أن الزواج يصيب الرجال بالجنون مؤكداً أن الزواج نصف الدين كما أوصنا به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه في الوقت نفسه يعترف بأن يقابل رجال كثيرون فى شكوى دائمة ومعاناة تجعلهم يتصرفون بطريقة غير عقلانية مع الأمور محملاً المرأة جزءاً كبيراً من المسئولية التي أرجعها إلى اختلاف عقلية وطبيعة الرجل عن المرأة ، وفى رأيه أن أفضل طريقة لتفادي المشاكل هي أن كل طرف يعرف دوره جيداً وكيف يلعبه ، وأن تعلم الزوجة أن الرجل هو القائد فى البيت ولن تسير المركب بسلام إلا بقبطان واحد فقط ، مشيراً إلى أن سر تعاسة بعض الأزواج تكمن فى أن المرأة هي من تأخذ بزمام الأمور تأمر وتنهي كما تشاء ، بالإضافة إلى بعض التصرفات المستفزة كمحاصرته بالأسئلة التي لا تعنيها والتدخل بسبب وبدون سبب.
جنون و"خنقة"
ويقول الزوج - محمد ابو رواش ـ موظف( 34 سنة) : كلما تذكرت العزوبية وجدتها قمة السعادة ، أنا أوافق تماماً على ما جاء فى الدراسة ، الرجل بعد الزواج يفقد عقله لأنه يتحول إلى آلة مهمتها جلب النقود وخاصة إذا رزقه الله بزوجة نكدية ، والدليل أن هناك اختلاف ما يحدث يربك حياته ويحولها لجحيم ، فبعد أن كان الرجل تملؤه السعادة والحيوية نجده بعد الزواج كئيب بغير العادة ، هذا طبعاً بجانب المسئوليات التي تقع على كاهله يتحول معها إلى مجرد زوج ينحصر كل تفكيره فى كيف يتخلص من "الخنقة" و الازعاج اليومي كي تعتقه لوجه الله ، ولا تحاصره بالمطالب والأسئلة المعهودة ( أين كنت ، لماذا تأخرت) وغيرها من التعليمات.
قرار مدروس
الرجل السوي يحتفظ بكل قواه العقلية ويتأقلم مع الظروف الجديدة ويحتوى المرأة ، هكذا عبر " عاصم عبد الرحمن" 40 عاماً - مدير تسويق - عن معنى الشراكة في الحياة الزوجية قائلاً : صحيح أن أي مصيبة ورائها امرأة ، ولكن في الوقت نفسه لا ننكر أن وراء كل عظيم امرأة ، لذا لا يجب أن نلقي دائماً الاتهامات واللوم على حواء ، لأن الرجل عندما يتخذ قرار الزواج عليه أن يقدم بعض التنازلات ويتخلي عن تصرفات "العزوبية" الطائشة ، أما إذا فقد عقله فهو شخص يقاد وفشل في تحمل مسئولية بيت وأسرة ، مضيفاً : الزواج قرار تاريخي بالنسبة إلى أي شخص يرغب في الاستقرار ، وإذا لم يحسم الرجل بعض الأمور منذ البداية نتيجة لشخصيته الضعيفة وعدم مقدرته على احتواء شريكة حياته ، من الطبيعي أن يشعر بالتعاسة والاكتئاب بل أننا نجد أن مثل هذه الشخصيات تهرب من معالجة الخلل في العلاقة الزوجية بالتكيف معها إلى أن ينتهي الأمر إما بالتبلد أو الطلاق .
ويشير عاصم إلى أن الرجل بعد الزواج يجب أن يكون قادر على العطاء لأنه تحول من مجرد رجل إلى زوج يحمل معاني وأدوار مختلفة "رجل، زوج، أب" لأن الرجولة جزء من الزوجية بمفهومها الشامل ، كما تلعب الحياة الكريمة دوراً في استقرار الزواج ، ولا ننسي أن الزواج السعيد يقام على المودة والرحمة كما قال الله تعالي سورة الروم : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
الإباحية وتقليد الغرب
ويؤكد د. رفعت عبد الباسط الأنصاري أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب - جامعة حلوان - "للهنّ" أن الزواج لا يؤدي إلى الجنون بل العكس صحيح ، حيث يلعب دوراً كبيراً في عمل توازن نفسي للرجل والمرأة ، وخاصة إذا كان الزواج مبني على أساسيات ثابتة ورضا ووجود تفاعل بين الطرفين.
ولا يوافق د. رفعت عبد الباسط على من يدعون أن الزواج سر فقدان صوابهم أو أن المرأة هي السبب بل أرجع الأسباب إلى أن هناك خطأ في شئ ما في العلاقة منذ البداية ، على سبيل المثال قد يحدث ذلك فى حالة إذا كان أحد الطرفين مرغم على الارتباط بالآخر نتيجة ظروف عائلية أو ما شابه ذلك أو لا يوجد تكافؤ من الناحية الاجتماعية والتربوية ، أو وجود فارق سن كبير بين الزوجين .
مشيراً إلى أن وجود مثل هذه الدراسات الأوربية لا يعنى انطباقها على مجتمعاتنا العربية الإسلامية ولا يجب أن نضعها مقياساً لنا حتى وإن كانت متفقة مع بعض الحالات ، وقد يكون تقليد الغرب هو أحد الأسباب التى دفعت بعض الرجال لإلقاء اللوم على الزوجة بأنها نكدية ، وهنا نجد أن هناك موضة جديدة ظهرت بين كثير من الأزواج وهي مشاهدة الأفلام الإباحية والرغبة الشديدة فى تقليد ما يحدث فيها اعتقاداً منه أنه بذلك سيحقق السعادة المطلقة وعندما ترفض المرأة هذه الأمور الشاذة يبدأ اتهامها بأنها زوجة فاشلة ،نكدية لأن وجد اختلاف كبير بين زوجته وما يراه.
أما الخلافات الزوجية فهي نتاج طبيعي لأي علاقة ، وتحل بالمشاركة والتفاعل بين الزوجين وكما قال سيدنا علي " لو كان بيني و بين الناس شعرة لما انقطعت، إذا شدوا أرخيتها و إذا أرخوا شددتها" ، هكذا يجب أن يكون التصرف لحل الخلافات الزوجية ، والحل من وجهة نظر د. رفعت عبد الباسط هو التأني قبل اختيار شريك الحياة والدراسة الجيدة قبل الإقدام على مشروع الزواج لتأخذ العلاقة مسارها الطبيعي وتتطور بطريقة سليمة والتي يلزمها القبول ، الرغبة ، الحب ثم الوئام .
تعليق