وماذا بعد .. ياوزارة التربية !
مازال مداد قلمي لم يجف منذ كتابة مقالي " قد نسي الطفل أنه طفل " و المقال الذي تبعه " أنقذوا ماتبقى من التعليم " .. تلك المقالات التي تطرقت لمآسي التربية والتعليم عندنا بداية من وزن الحقيبة المدرسية مرورا بكثافة المناهج الدراسية وعدم ملائمتها وسن الطفل واعتمادها على الحفظ والتلقين ، تلك المناهج التي حولت أطفالنا إلى " فلاش ميموري " يقوم بحفظ مناهج ثقيلة ليعيد تفريغها و " سكبها " في ورقة الامتحان لينسى بعدها كل ماحفظ استعدادا لحفظ مادة أخرى ، وكيف أن تلك المناهج حرمت أطفالنا من عيش طفولتهم ، فلم يعد لديهم وقت للعب ولا لممارسة طقوس الطفولة ، ومأساة الدروس الخصوصية وبعض الممارسات التي يقوم بها بعض المدرسين من تقصير عن عمد أو بدون في إيصال الرسالة ، وضرورة تدخل وزارة التربية والتعليم لانقاذ مايمكن انقاذه من التعليم ، مازال مداد قلمي لم يجف لتفاجئنا وزارة التربية والتعليم بـ " اختراع " مريخي جديد ، يتمثل ذلك الاختراع في توحيد الامتحانات في جميع محافظات السلطنة ، بحيث تقوم كل محافظة تعليمية بوضع أحد الاختبارات ، وهو مارفع سقف التحدي -على مايبدوا - بين المحافظات لتحاول كل منها أن تثبت بأنها أفضل من الأخرى في وضع الاختبارات لتحصل على شرف الصدارة ، والنتيجة ، أن اختبارات الصف الخامس والسادس جاءت بمستوى " محموم " جداً من المنافسة ، كل امتحان هو أصعب من الآخر باستثناء اختبار التربية الاسلامية ، فاختبار الرياضيات مثلا للصف الخامس والذي وصلتني نسخة منه كلمة صعب ومعقد قليلة جداً عليه ، واختبار العلوم اليوم للصفين الخامس والسادس لا يمكن وصفه بصراحة ، ومن المثير للسخرية اليوم أني كنت أقف بخارج المدرسة منتظراً ابنتي بتمام الساعة التاسعة والنصف – وهو وقت انتهاء امتحان العلوم – لأقلها للمنزل ، فإذا بها تتأخر لتخرج الساعة العاشرة تقريباً وهو ما أقلقني جداً ، وعندما توجهت إليها بالسؤال عن سبب تأخرها كان جوابها " معلمات المادة تأخرن في الحضور للصف " فسألتها " وما حاجتك للمعلمات ؟! " فأجابت : " لأن الامتحان به أخطاء ومنعنا من الخروج لحين حضورهن وتصحيح الأسئلة لنا " !! يا الله .. ياسلام .. كم هو رائع هذا الذي يحصل ! أولا تكفي صعوبة الاختبار ! ماذنب ذلك الطفل الذي قد يرتبك إذا ما وجد سؤالا أصلا لا إجابة له ليحاول اختراع إجابة جديدة علها ترضي واضعوا الاختبار !! أولا يستحق ذلك الطفل المسكين الذي " يهيس " في المذاكرة ليل ونهار متنقلاً من كتاب إلى آخر من مجلد إلى آخر يذاكر هذا ويحفظ ذاك .. أولا يستحق ذلك المخلوق البريء أن يتوج كل ذلك التعب بفرحة الحصول على درجات عالية ! وفي المقابل أين التدقيق المسبق على الامتحانات ! إن تكرار مثل هذه الأخطاء لهو دليل حقيقي على وجود خلل فعلي في المنظومة التعليمية بوزارة التربية والتعليم ، تحتاج لوقفة صارمة وحقيقية من قبل صناع القرار ، يجب ألا يمر أمر كهذا مرور الكرام ، بحت حلوقنا ونحن نستجدي ونستنجد وننادي ونطالب بضرورة إعادة تقييم المنظومة التعليمية والقائمين عليها ، إلى متى سيستمر هذا الحال .. حقيقة لا أعلم .. وعدم العلم بحد ذاته هو أمر مؤسف للغاية وأمر مزعج جداً جداً .
حقيقة ، وأقولها بكل صراحة ، كفاكم " اختراع " وتجريب ، أنا كولي أمر أرفض رفضاً قاطعاً أن يعامل أطفالي كـ " فئران " تجارب لأنظمتكم وتجاربكم المريخية التي لا تنتهي ! لا أدري ماهو نوع الجيل الذي سيكبر في ظل التخبط والتجريب والتجريد من الطفولة ! بالله عليكم يابشر .. أنتم تتعاملون مع أطفال لا مع جهابذة وعلماء قد بلغوا من العمر عتيا ! أتقوا الله فيهم ، أولا يكفيهم كل ماذكر في المقالين السابقين ! حتى الامتحانات لم تسلم من التخبط !
أخيراً .. وللتأكيد فقط .. حتى اللحظة لم اراجع اجابات أطفالي ولن أفعل ، فما فات بالنسبة لي قد أنتهى والتركيز على الامتحانات التالية هو الأهم ، كي لا يقوم أحد " المتفلسفين " بتفسير مقالي هذا بما لا يحتمل ، تعودت دائماً وأبداً أن أتحدث عن المبدأ ، والمباديء كما هو معلوم لدى الجميع هي غير قابلة للتجزئة أو المساومة ، على الأقل عند من يعتنقها ومن يعرف ماذا تعني كلمة " مبدأ " .
رسالة أخيرة لوزيرة التربية والتعليم ولكل مسؤول وكل ذو علاقة بوزارة التربية والتعليم ، كلكم راع .. وكلكم مسؤول عن رعيته ، فأنتم راعون .. وأنتم " بلا شك " مسؤولون عن الرعية " الطلبة " .. وإن لم يحصل ذلك في الحياة الدنيا فبكل تأكيد سيكون يوم " تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلكن عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" .
سعود الفارسي
8/1/2017م
http://saoodoman.blogspot.com/2017/01/blog-post_8.html