إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مجلس الشورى .. الذي أراد جلالة السلطان .. ونريد !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مجلس الشورى .. الذي أراد جلالة السلطان .. ونريد !


    مجلس الشورى .. الذي أراد جلالة السلطان .. ونريد !
    لـسعود الفارسي
    salfarsis@





    لقد أعادت الأحداث والخلافات التي حصلت مؤخرا بمجلس الشورى موضوع المجلس ليتصدر النقاش على طاولة الرأي العام ، وذلك بعد أن أصبح المجلس في نظر الكثيرين بمثابة الطرف الأضعف من المعادلة خصوصاً وأن التعاون معه – على حد تعبير أكثر من عضو من أعضاء مجلس الشورى - لا يزال محدوداً ، وأن الكثير من الطلبات التي يوجهها المجلس للحكومة أصبح لا يصلهم رد عليها ، وأن الكثير من طلبات المناقشة لا تتم الاستجابة إليها، بل وحتى البيانات الوزارية أصبحت لا تصل للمجلس إلا قبل الجلسة المحددة لمناقشة البيان بأيام قليلة بما لا يتيح الوقت الكافي لدراسة البيان وبالتالي لا يدع أمام الأعضاء من خيار سوى طرح أسئلة عامة عن اختصاص وأعمال تلك الجهة ، وهو ماقد يعد سبباً رئيسياً لتفويت الفرصة على الأعضاء لمناقشة نقاط رئيسية تتعلق بالموضاعات الأساسية محل البيان ! بل ووصل الحال لأن تتم إحالة مشروع الميزانية العامة للدولة إلى المجلس قبل أيام قليلة جدا من تاريخ الجلسة المحددة لمناقشتها ! بل وهنالك حلقة مهمة جداً مفقودة فيما يتعلق بالتعاون بين الحكومة ومجلس الشورى يمكن تلخيصها بتسائل بسيط جداً وهو " ماذا بعد الاستفسارات والبيانات التي تصل للمجلس – إن وصلت - من قبل الحكومة وبعد تلك الجلسات التي يعقدها المجلس بحضور أحد المسؤولين ؟! هل يتم وضع خطط عمل وبرامج تتعلق بالنقاط محل النقاش بحيث يتمكن أعضاء المجلس من متابعة تنفيذ تلك الخطط وطرح التساؤلات المتعلقة بها ما من شأنه تمكين المجلس من ممارسة دوره الرقابي بشكل فعلي وواقعي ؟ " فمجرد حضور المسؤول للجلسات وإعطاء الوعود بتقديم إجابات وإيضاحات دون وجود خطط واضحة وجدول زمني محدد للتنفيذ غير كافٍ ولا يمكن معه القول بإمكانية تفعيل الاختصاص الرقابي الذي يملكه المجلس وفقاً للنظام الأساسي للدولة ، مع التأكيد على أن حق المجلس في السؤال هنا لا يعني بالضرورة اتهام المسؤول الحكومي بالتقصير أو التجاوز ، بل أن السؤال هو إحدى الأدوات البرلمانية التي يتمكن من خلالها عضو المجلس من ممارسة اختصاصه الرقابي .

    وحقيقة ، فإن المتتبع لأعمال مجلس الشورى ولجلساته ، والمتواصل بشكل مباشر ودائم مع بعض أعضائه يستطيع أن يلمس بأن المجلس مايزال يعاني الكثير من التحديات ، وهو الأمر الذي يتعارض ومبدأ التدرج الذي لطالما أكد عليه مولانا جلالة السلطان ولا يزال ، فهو الذي قد نص في المادة الأولى من المرسوم السلطاني رقم 2011/39 على أن " يمنح مجلس عمان الصلاحيات التشريعية والرقابية وفقا لما يبينه النظام الأساسي للدولة والقوانين النافذة " ، ومن ثم نص في ديباجة المرسوم السلطاني رقم 99/2011 بإجراء تعديلات على النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 101/96 على أن " نحن قابوس بن سعيد سلطان عمان ، إيمانا منا بأهمية تطوير مسيرة الشورى في البلاد لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، وتأكيدا على أهمية المشاركة من جميع أفراد المجتمع في مسيرة التنمية الشاملة بما يتماشى ومتطلبات التطور المنشود، وبعد الاطـلاع على النظــام الأساسي للدولــة الصــادر بالمرسوم السلطاني رقم 96/101، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة ، رسمنـــا بمـــا هـــو آت .... ".

    فجلالته ما أصدر المرسوم السلطاني رقم 2011/39 ومن بعده المرسوم السلطاني 99/2011 إلا لمنح مجلس عمان بجناحيه الدولة والشورى المزيد من الصلاحيات التشريعية والرقابية تأكيداً على أهمية المشاركة المجتمعية في مسيرة التنمية المجتمعية ، وبالتالي فإن التدرج الذي أكد عليه جلالته من الطبيعي والمفترض أن يكون تدرجاً تصاعدياً إيجابياً يعكس ازدياداً في قوة موقف مجلس الشورى من الحكومة ، وطبعاً حين أقول " قوة " هنا فأنا أقصد قوة في التكامل لا الخصومة ، تدرجاً نستطيع أن نلمسه كمواطنين من خلال تمكن المجلس من ممارسة أدواته البرلمانية التي يمتلكها وفقاً للنظام الأساسي للدولة ، ولكن الحاصل وللأسف الشديد هو عكس ذلك ، فبعد مرور سنوات طويلة على المجلس الحالي مازلنا نتسائل عن عدد القوانين التي صدرت وكانت بناءً على اقتراح من مجلس الشورى أو شارك في اعدادها أو مارس الرقابة عليها !! ماهو مستوى التعاون الذي نلمسه من قبل الحكومة تجاه المجلس !! ماعدد مرات الاستجواب التي قام بها المجلس لأعضاء من الحكومة وكم هي عدد التوصيات الخاصة بذلك التي رفعها المجلس لجلالة السلطان !! وكم وكم وكم وكم !!

    إن تعطيل الأدوات البرلمانية بهذه الطريقة يعكس حقيقة أن مجلس الشورى مايزال يواجه تحديات حقيقية في سبيل تفعيل مالديه من أدوات لأسباب عديدة قد يرجع بعضها للمجلس نفسه ولإدارته وكفاية وكفاءة بعض أعضاءه ، وقد يرجع بعضها لأسباب خارجية كعدم وجود التعاون الإيجابي الكافي من قبل الحكومة ، ومحدودية الاختصاصات الممنوحة له قانوناً حتى اليوم وذلك وفقاً لمبدأ التدرج .

    عموماً ، ورغم كل ذلك ، أود التأكيد هنا على أهمية وجوب الوقوف مع مجلس الشورى وعدم جواز التخلي عنه في واحدة من أهم لحظاته التاريخية ، فمهما حاول البعض أن يضعف صورة المجلس في أعيننا ، وأن ينتقص منه ، وأن يحاول التأثير علينا لنتخلى عن دعمه ، وأن يدفع البعض منا لرفع شعارات فشله والمطالبة بإلغائه تحت مبررات سطحية كعدم الفاعلية أو الحفاظ على الأموال والنفقات التي تصرف عليه ، يجب أن نتفق جميعاً على أن مجلس الشورى الذي نريد هو ذلك المجلس الذي أراده جلالة السلطان المعظم والذي قام من أجله بإجراء أول تعديل على دستور عمان ، أول تعديل على النظام الأساسي للدولة ، مجلس له قوة ووزن ، مجلس قادر على تحمل مسؤولياته الوطنية ، ممكن من تحمل مسؤولية المشاركة في بناء الوطن ، مجلس يستطيع تمثيل المجتمع أحسن تمثيل ، مجلس يستطيع مشاركة الحكومة في اتخاذ القرارات المختلفة خصوصا تلك القرارات التي تتعلق بالمواطنين في المقام الأول ، فكيف تتخذ الحكومة قرارات تمس مصالح المواطن ومستوى معيشته دون أن يشارك المواطن في دراستها وإقرارها من خلال ممثليه بمجلس الشورى كقرارات رفع الدعم عن الوقود وقرارات فرض الرسوم المختلفة ورفع قيمتها ، والجميع يعلم بأن هنالك ضرائب قادمة في الطريق سيتحمل المواطن تبعاتها بشكل مباشر وغير مباشر فكيف يتم اتخاذ مثل هذه القرارات دون أن يكون هنالك تمثيل حقيقي للمواطن في اتخاذها وفي المشاركة في وضع قرارات كيفية صرفها وفي تحديد أوجه ذلك الصرف وتحديد الأولويات !

    مجلس الشورى الذي نريد هو ذلك المجلس الذي أراده جلالة السلطان ، مجلس يساهم في رسم خارطة عمان في جميع المجالات ، مجلس يتم التعامل معه من قبل الحكومة على أسس من التكامل والإيجابية، باعتباره أحد الأجهزة الرئيسية بالدولة التي سهر جلالته على بنائها ، مجلس يملك القدرة على تفعيل أدواته البرلمانية متى أرتأى أهمية ذلك دون الحاجة إلى الدخول في صراعات أو إلى الحصول على أذن وموافقات غيره من المجالس والأجهزة ، ولعل ذلك يدفعنا لإعادة طرح مسألة مهمة أشار إليها النظام الأساسي للدولة وكنت قد أشرت إليها في مقال سابق لي ، ألا وهي " ضرورة إنشاء المحكمة الدستورية " والتي من شأنها أن تكون الجهة صاحبة الاختصاص بالفصل في الخلافات التي قد تنشأ بين السلطات والتي من بينها تلك التي قد تنشأ بين الحكومة ومجلس عمان ، وبالتالي تفعيل اختصاصات المجلس الرقابية والتشريعية .

    كذلك ، فإن تناول هذا الموضوع يقودنا للحديث عن موضوعين رئيسين يعدان بمثابة حجر عثرة في طريق ممارسة مجلس الشورى لاختصاصاته ، الأول هو أهمية وضع معيار منضبط لتحديد معنى " وزراء الخدمات " الذين يقعون ضمن اختصاصات مجلس الشورى الرقابية والوارد ذكرهم في المادتين (58) مكــررا (43) و (58) مكــررا (44) من النظام الأساسي للدولة ، والثاني ضرورة التزام الجهات المختصة بالمجلس بحكم المادة (58) مكــررا (31) والتي تنص على أن " تكون جلسات كل من مجلس الدولة ومجلس الشورى علنية ، ويجوز عقد جلسات غير علنية فـي الحالات التي تقتضي ذلك بالاتفاق بين مجلس الوزراء وأي من المجلسين " ، وبالتالي فمتى كانت الجلسة علنية وجب على تلك الجهات اتاحة جميع مايتم تداوله بجلسات الشورى للنشر ولوسائل الاعلام المختلفة ، فليس من حق أياً كان حرماني كمواطن من أحد حقوقي الأساسية التي كفلها لي النظام الأساسي للدولة والذي يعد دستور البلاد وهو الحق في الاطلاع على كل مايحصل تحت قبة المجلس طالما لم يتم الاتفاق على سرية الجلسة ، وبالتالي فليس من حق أحد تحديد مايتم ينشره ومايجب حجبه ، والقول بغير ذلك يتنافى وصحيح حكم القانون .

    ختاماً ، مايجب التأكيد عليه أن البرلمانات في مختلف دول العالم عندما تمارس اختصاصاتها فهي لا تمارسها بصفة الخصومة والنيل من الحكومة ، بل باعتبارها شريكاً للحكومة وذراعاً معاوناً ومساعداً لها ، وذلك تطبيقاً لمبدأ " Check and Balances " المتعارف عليه في النظم الديمقراطية في العالم ، ومجلس الشورى وبكل تأكيد لن يكون استثناءً على هذه القاعدة.



    سعود الفارسي

    18/4/2018



    http://saoodoman.blogspot.com/2018/04/blog-post.html
يعمل...
X