إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تخصص العلوم السياسية ,,قبل أن نسير في القافلة!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تخصص العلوم السياسية ,,قبل أن نسير في القافلة!!

    جالت في خاطري كلمة حضرة صاحب الجلالة في زيارته الأولى إلى جامعة السلطان قابوس حين قال”(فنحن عندما نصل بالتعليم إلى الدرجات العليا – فإننا – مطالبون بأن نضيف إلى تلك المعارف معارف جديدة ، أن نبحث ، نستنبط ، أن نفكر، أن نتدبر، وعلينا أيضا أن نصحح معارف من سبقنا لأنه في كثير منها نظريات , والنظريات تكون متجددة ، فلا نقول أن ما وصلوا إليه في الماضي هي المعرفة …لا…المعرفة ليست مطلقة ، المعرفة متجددة ) ومن هذا المنطلقبارك الوسط الثقافي الطلابي العماني الخبر الذي زفه سعادة علي بن سعود البيماني رئيس جامعة السلطان قابوس في المؤتمر الصفحي المنعقد بالجامعة حيث أعلن عن تدشين تخصص العلوم السياسية كإحدى الروافد الجديدة التي ستضاف إلى قافلة كلية الإقتصاد والعلوم السياسية كما أعيد تسميتها بعد إن كانت كلية التجارة والإقتصاد..
    وتخصص العلوم السياسية كما هو معروف هو إحدى التخصصات المصنفة تحت نطاق العلوم الإنسانية والاجتماعية التي ترسخ لتدريس نظرية السياسة وتطبيقاتها ووصف وتحليل النظم السياسية وسلوكها السياسي دراسة متعمقة موضوعية بعيدة عن الفهم السطحي والتحليل اللامنطقي وتكون ذات طابع أكاديمي التوجه معززا بالنظريات والبحوث المحكمة..
    وأنا أكتب هذا لا أعلم ما هي النظرة والتصور والمخطط الذي وضعته الجامعة للبدء في نهج التخصص ولكن لنطرح بعض التساؤلات ليخوض المقال في سبر غمارها وأولها ما هو التوجه الذي ينتظره المجتمع من هكذا تخصص خصوصا أننا وفي الفترة الماضية شاهدنا العديد من المطالبات والحراكات التي تنادي بضرورة وجوده؟
    ما هو مستقبل التخصص وماذا سيخدم الطالب الملتحق به وكيف سيرسخ أهدافه لخدمة المجتمع ومسيرة التنمية وما مستقبل سوق العمل للملتحقين بالتخصص؟
    ما هي التغييرات القاطبة في مجال العلوم السياسية في المؤسسات الإجتماعية التي يجب أن تطور وتغير لتواكب هذا التخصص وكيف يمكن أن تخدمها الجوانب الإيجابية في ذلك.؟
    تلك كانت هي الإسئلة المفتاحية التي سننطلق منها حيث مما لا شك فيه إن الحراك الإجتماعي والثقافي الذي طال أرجاء السلطنة في الفترة الماضية قد أفرز العديد من المتغيرات على المستوى الفكري والثقافي وأصبحت النخبوية من المجتمع تنظر بتلهف وحرارة المطالبة بوجود تخصص العلوم السياسية وكانت التساؤلات مبهمة حول الأسباب التي منعت وجود تخصص مماثل في جامعات السلطنة وكلياتها المختلفة مع وجود المماثل في دول الجوار ومع الزحف الطلابي الكبير لدراستها والتخصص بها ولكننا اليوم ونحن نستبشر بهذا الرافد الأكاديمي الجديد فإنه يعبر في المقام الأول عن حاجة ملموسة أوجدت ضرورة قيام هذا التخصص في المجتمع وأنا أراه من منظاري البسيط حيث أن ما أفرزته أحداث الوطن العربي الأخيرة والتداعيات السياسية التي صاحبتها إلى جانب منظور التغيرات والتداعيات السياسية العالمية التي جعلت من السياسة محور الحياة البشرية ومحركها الأول وأزاحت جانب الإقتصاد قليلا والذي ظل لقرون عديدة البعبع الحقيقي المتحكم في سير النشاط البشري والهيمنة عليه بكافة أشكاله والذي بات يطبع على حياة الفرد نسقا معينا من أساليب التفاعل والتصرف تنتقل من وحدة الفرد الإجتماعية إلى وحدة المجتمع البسيط فالدولة فالمجتمع العالمي عموما ولكن مع أحداث التسعينات من القرن الماضي التي حملت الكثير من التغيرات القاصمة على الساحة السياسية العالمية عموما والساحة الخليجية على وجه الخصوص فجعلتنا أمام مسار “فن الكذب الممكن” كما يدعى الذي ألهب مجالس الحوار وأشعل عقول المفكرين وأمسك بربانية السفينة البشرية ثم جاءت أحداث عام الربيع العربي وما تلاها من تصاعدات في الموقف السياسي والتي فاضت أدخنتها للعالم بأسره فجعلت من العملية عملية معقدة متشابكة يعصب فهمها وتحليلا ووضع الأطر العامة لها وتصورها
    من هنا تأتي ضرورة وجود هذا التخصص الذي هو في اعتقادي يلعب دور المبصر الأولي لفكر الذات لفهم تداعيات العملية السياسية وفق منظور فلسفي نظري تحليلي يقوم على دراسة أبعادها وجذورها والنظر في تحليل الإرتباطات الوثيقة بين أجزاء العملية السياسية استنادا إلى قوامات ومدارس فكرية فلسفية وإسقاطها على الواقع المعاصر وإننا إذا ما استطعنا تقديم هذا الهدف الذي أراه هدفا محوريا في بلورة أهمية تخصص العلوم السياسية فإننا سنخلق وعيا إجتماعيا كليا بما يحدث من تداعيات فوق الطاولة السياسية وتحتها وبذلك نخلق لقاحا من التحصين الفكري الإجتماعي يكون لنا عونا على الفرار من نيران تلك التداعيات أو مجابتها ببصر ثاقب وبصيرة متفتحة..وحول ارتباط التخصص بسوق العمل العماني فإنه من المتوقع مع البدايات الأولى للتخصص والأفواج التي تتخرج منه أن تنشط في مجال التحليل السياسي المرتبط بالإعلام وتقديم الصورة الجلية والواضحة لآفاق اللعبة السياسية غير أننا لا نريد الإكتفاء بإخراج محللين سياسين نقدمهم على طبق من ذهب لوسائل الإعلام وإنما نريد مؤسسية قائمة وفكر خلاق في أصداء المجتمع يحتضن هذا التخصص لينشط فيه الخريجون ويكون لهم المنبر الذي يفرغون فيه حصائلهم المعرفية والبحثية بما يخدم تشكيل التوجهات والتطلعات والأراء الداعمة لترسيخ الوعي السياسي وضبط “الريموت كنترول” السياسي وتأثيره على واقع المجتمع وبالتالي التوجيه إلى تسيس مجالات ثقافية وفكرية أخرى تسيسا إيجابيا يخدم التطلعات والآمال والنمو والرخاء في المجتمع ولا أقصد بالتسيس هنا صبغها بطابع السياسة أو التوجهات السياسية وإنما عملية جعل تلك المجالات مجالات محركة للمجتمع أكثر من العملية السياسية..
    أما بالنسبة للمواضيع التي ستطرح للدارسة في التخصص ففي نظري إنها لابد أن تحمل الإعتبارات التالية:
    1- ضروة أن تكون المناهج المستخدمة والإطروحات البحثية القائمة ملامسة للواقع المعاصر وتخدم المشكلات والأهداف الآنية التي تلامس واقع المجتمع العماني خصوصا والمجتمع العربي والعالم على وجه العموم
    2- البعد كل البعد عن تلك المناهج التلقينية المحشوة بالمعلومات النهائية الي لا تخدم مجالا للتفكير والتحليل وطرح مناهج تتحلل وتتعمق لخدمة أفق التفكير التحليلي وتحوي المنطلقات الأساسية النظرية التي تسخر تلك العملية
    3- التركيز على واقع المجتمع العماني وعدم السير في ذات القافلة التي تسير فيها تخصصات العلوم السياسية في باقي الدول حيث تجنح إلى تحليل المشهد السياسي العالمي وتتجاهل بوضوح سياساتها المحلية والإقليمية
    4- تكوين منظومة متتابعة ومتكاملة ترسخ دراسة التاريخ السياسي عبر مراحله المختلفة وأبعاده المتغيرة ليتمكن الدارس من فهم التغيرات المتلاحقة في ذات التاريخ السياسي وتعطيه الفرصة للتنبوء والتصور بمستقبل الواقع السياسي
    5- محورية الأحداث الأخيرة في الوطن العربية ضرورة أساسية تدعم المنهاج السياسي المعد للتخصص للتمكن من فهم أبعاد تأثيراتها على النطاق المحلي العماني والنطاق العالمي كمرحلة ثانوية
    6- التركيز على جوانب البحث العلمي في التخصص وفتح المجال أمام الأفكار الطلابية وعدم حجرها وقصرها وتقيدها بل محاولة صناعة فكر طلابي يخدم التخصص بأفكاره وأطروحاته البحثية
    7-التركيز على مسألة العلاقات الدولية كمسألة محورية في العلوم السياسية ودراسة أبعادها ومنظوماتها التاريخية والنسق الأمثل لتطبيقها وكيفية تعزيزها والارتقاء بها خصوصا أننا نشأننا على يدي قائد يشير له التاريخ بالبنان في منظور تعزيز العلاقات الدولية بفكره الحكيم وبعد نظرته الثاقبة
    8- التركيز على وحدات العملية السياسية ومفاهيمها كالبرلمانات والانتخابات وغيرها ودراسة البعد العام لتعزيز ثقافة الديموقراطية وارتباطها بالمجتمع وفهم المجتمع السليم لها.

    من هنا يمكننا القول أننا على بعد خطوات بسيطة من صناعة فكر مستنير في المجال السياسي يخدم العملية السياسية العمانية وتوجهاتها ويرسخ دعاماتها الداخلية والخارجية ويخرج لنا مفكريين سياسيين قادرين على تبصير ذواتهم ومجتمعهم بتداعيات اللعبة السياسية والحد وتحصين المجتمع من خطورتها وحكمتها كل ذلك إذا ما استطعنا توجيه هذا التخصص في مسار السليم الذي ينتهج الإنتقاء الأمثل ويبتعد عن التقليد الأعمى ويرسخ لخدمة أهدافه واقعية ملموسة لا أهداف من ضرب اليوتوبيا والفلسفة العابرة..




    مبارك بن خميس الحمداني
    http://ruaa12.wordpress.com/
    مــا قَــلَّ مَــن كـانَـت بَقـايـاهُ مِثلَـنـا.....شَـبـابٌ تَـسـامـى لِلـعُـلـى وَكُـهــولُ
    وَمـــا ضَــرَّنــا أَنّــــا قَـلـيــلٌ وَجــارُنــا.....عَــزيــزٌ وَجــــارُ الأَكـثَــريــنَ ذَلــيـــل
يعمل...
X