الاستهلاك والإسراف..صفات لحياة كثير من العزاب
لماذا أعيش؟ ولأجل من أكد وأتعب؟... أسئلة تفرض نفسها على معظم العزاب الذين يأخذون من الزواج موقفا لسبب أو لآخر؛ ففي لحظة من اللحظات يجد العازب نفسه معزولا عن العالم، غارقا في مستنقع الوحدة.. ربما يخفف من حدتها شواغل الحياة أو البحث عن مجد مهني، لكنه ساعة المرض، حينما لا يجد من يربت على كتفه.. من يحزن لأجله.. من يدعو له بالشفاء.. يدرك أن قرار العزوبية لم يحالفه التوفيق فيه.. فليس على الدنيا أهنأ من ابتسامة طفل وهو يقول لك "بابا"، ولا أروع من نظرات الحب الدافئة من زوجة محبة ووفية لزوجها.
كل هذه المعطيات تجعل الكثير ممن يأخذون طريق العزوبية يندمون في النهاية، ويتعرضون لبعض المتاعب النفسية، فضلا عن الميل في الإسراف، ويقول بعض خبراء التنمية الاقتصادية إنها تقلل من معدلات التنمية لضياع وقت العازب وتشتت جهوده في الأدوار التي كان ينبغي للزوجة أن تلعبها في حياته كما في الأعمال المنزلية.
متاعب نفسية
"عمر" يبلغ من العمر 42 سنة، موظف، وفي نفس الوقت عازب، تجاعيد الزمن عرفت طريقها إلى وجهه مبكرا. يقول عن تجربته في العزوبية: "الإحساس بالوحدة لا يفهمه إلا العازب وحده؛ فمن الصعب جدا على أي رجل العيش بلا زوجة ولا أولاد. اضطرتني بعض الظروف إلى عدم الزواج، فكانت أيامي كلها رتيبة تتشابه فيما بينها؛ ففي النهار أنسى هذا الإحساس قليلا بسبب الانغماس في العمل، لكن في الليل -حين أقبع في البيت- ينتابني الشعور بالوحدة بقوة".
أما أحمد -40 سنة، معلم ابتدائي سابقا- فهو عازب آخر يرقد في مصحة نفسية بالرباط، بسبب ضغط القلق النفسي الذي يعاني منه طيلة سنوات عزوبيته الطويلة؛ وهو ما أدى إلى إصابته بعلامات الاكتئاب والانطوائية أيضا.
يقول أحمد عن هذه المرحلة الصعبة من حياته: "تسببت مشكلة خاصة بي في عزوفي عن الزواج وتفضيل حياة العزوبية، لكنني تجرعت المرارة؛ فقد كان هاجس موتي وحيدا منعزلا بلا زوجة ولا أولاد يسيطر على كياني، حتى أصبت بحالة خطيرة من الاكتئاب الحاد".
وتؤكد الدكتورة "نادية لشهب"، أستاذة علم النفس الاجتماعي، على أن العازب يعاني دائما من القلق، وشعوره المستمر بالاكتئاب يمكن أن يؤدي به إلى التفكير في الانتحار؛ ليتخلص من حياته التي يراها عبئا عليه، ويعمق هذا الأمر شعور الرجل العازب أحيانا بأنه أقل من الرجل المتزوج؛ حيث قد يعتريه إحساس وهمي بأنه غير مرغوب فيه اجتماعيا.
وتضيف: إن العازب غالبا ما يفسر تصرفات الغير على أنها رد فعل على عزوبيته أو أنها موقف سلبي منه، وهذا إحساس مضخم من طرفه، ينبغي عليه تجاوزه وإلا وقع في مشاكل نفسية عويصة، منها سلوكه نهج العنف ضد الآخر كتعويض نفسي داخلي على ما يختلج صدره من الشعور بأن شيئا ما ينقصه، أو نهجه حياة العزلة عن المجتمع، وكلها مصاعب نفسية جديرة بالعلاج الفوري حتى لا يتفاقم الوضع أكثر.
مضار اقتصادية
ترى بعض الآراء أن العزوبية قد تكون سببا من أسباب الفقر، ويسندون في ذلك على فرضية أن العازب يكون أكثر استهلاكا من المتزوج؛ نظرا لأنه لا يقيم -في مجمل الحالات- وزنا ولا قيمة للمال الذي يكسبه؛ فلا زوجة تنتظر راتبه في أول الشهر ولا أولاد يطالبونه بالكسوة والدواء والكتب وغيرها من المصاريف الكثيرة، فتجده ينفق يمنة ويسرة بلا رادع ولا حسيب.
ويزكي هذه الفكرة الدكتور "بلا فريج" أستاذ علم النفس في الجامعات المغربية بقوله: "إن الله تعالى جعل من الزواج طريقا إلى الغنى؛ لأنه يمد المتزوج بالأسباب التي تعينه على تجاوز الفقر، مصداقا لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}".
وهناك من يقولون إن العزوبية لا تؤثر على الوضع الاقتصادي للفرد العازب فقط، بل تنعكس على برامج التنمية في المجتمع برمته، على خلفية أنه إذا كان الزواج عاملا من عوامل النشاط الاجتماعي، وبذل الجهد في تقوية ملكات ومواهب الرجل، بفضل انطلاقه الحيوي للقيام بمسئولياته حق القيام والإبداع فيها، فإن العزوبية قد تعطل من حماسة هذا الانطلاق.
وفي هذا يقول "عمر فكاك" الباحث في اقتصاديات التنمية: "من ثمار الزواج الذي هو شراكة نفسية واجتماعية واقتصادية بين الرجل والمرأة أن لكل واحد منهما وظيفة اقتصادية معينة، يقوم بها داخل المنزل وخارجه، لكن العازب يقوم بوظيفته كرجل، ثم بوظيفة المرأة داخل المنزل؛ وهو ما يشتت جهده ويضيع عليه التركيز في عمله أو وظيفته أو حرفته؛ فلا يجد الجو الصالح لتجديد نشاطه والنهوض بأعماله، وهذا يؤثر قطعا على العملية التنموية برمتها". ويبقى في النهاية أن هذه الأمور كلها نسبية وتختلف من شخص لآخر.
الزواج يكسب
توصل الباحثون في جامعة "وورويك" البريطانية إلى أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم العازبين. ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك يرجع جزئيا إلى الدعم الاجتماعي والعاطفي لوجود زوج أو زوجة، أو لأن العازبين من الجنسين يعيشون حياة غير صحية، ولا أحد يهتم بهم أو بصحتهم.
كما أكدوا على أن الزواج يزيد من استقرار الحياة، ويخفف التوتر والمشكلات المصاحبة له، كما أنه يشجع على اتباع أنماط الحياة الصحية المفيدة، وتجنب السلوكيات الضارة كشرب الخمر واستخدام المخدرات، وأن وجود شريك الحياة يؤمن الراحة والاطمئنان والعناية الصحية للشخص، وخاصة في أوقات المرض.
وأسفرت الدراسة عن وجود علاقة بين الزواج وطول عمر الرجل؛ فالرجل المتزوج يزيد عمره في المتوسط 3 أعوام عن قرينه الأعزب
لماذا أعيش؟ ولأجل من أكد وأتعب؟... أسئلة تفرض نفسها على معظم العزاب الذين يأخذون من الزواج موقفا لسبب أو لآخر؛ ففي لحظة من اللحظات يجد العازب نفسه معزولا عن العالم، غارقا في مستنقع الوحدة.. ربما يخفف من حدتها شواغل الحياة أو البحث عن مجد مهني، لكنه ساعة المرض، حينما لا يجد من يربت على كتفه.. من يحزن لأجله.. من يدعو له بالشفاء.. يدرك أن قرار العزوبية لم يحالفه التوفيق فيه.. فليس على الدنيا أهنأ من ابتسامة طفل وهو يقول لك "بابا"، ولا أروع من نظرات الحب الدافئة من زوجة محبة ووفية لزوجها.
كل هذه المعطيات تجعل الكثير ممن يأخذون طريق العزوبية يندمون في النهاية، ويتعرضون لبعض المتاعب النفسية، فضلا عن الميل في الإسراف، ويقول بعض خبراء التنمية الاقتصادية إنها تقلل من معدلات التنمية لضياع وقت العازب وتشتت جهوده في الأدوار التي كان ينبغي للزوجة أن تلعبها في حياته كما في الأعمال المنزلية.
متاعب نفسية
"عمر" يبلغ من العمر 42 سنة، موظف، وفي نفس الوقت عازب، تجاعيد الزمن عرفت طريقها إلى وجهه مبكرا. يقول عن تجربته في العزوبية: "الإحساس بالوحدة لا يفهمه إلا العازب وحده؛ فمن الصعب جدا على أي رجل العيش بلا زوجة ولا أولاد. اضطرتني بعض الظروف إلى عدم الزواج، فكانت أيامي كلها رتيبة تتشابه فيما بينها؛ ففي النهار أنسى هذا الإحساس قليلا بسبب الانغماس في العمل، لكن في الليل -حين أقبع في البيت- ينتابني الشعور بالوحدة بقوة".
أما أحمد -40 سنة، معلم ابتدائي سابقا- فهو عازب آخر يرقد في مصحة نفسية بالرباط، بسبب ضغط القلق النفسي الذي يعاني منه طيلة سنوات عزوبيته الطويلة؛ وهو ما أدى إلى إصابته بعلامات الاكتئاب والانطوائية أيضا.
يقول أحمد عن هذه المرحلة الصعبة من حياته: "تسببت مشكلة خاصة بي في عزوفي عن الزواج وتفضيل حياة العزوبية، لكنني تجرعت المرارة؛ فقد كان هاجس موتي وحيدا منعزلا بلا زوجة ولا أولاد يسيطر على كياني، حتى أصبت بحالة خطيرة من الاكتئاب الحاد".
وتؤكد الدكتورة "نادية لشهب"، أستاذة علم النفس الاجتماعي، على أن العازب يعاني دائما من القلق، وشعوره المستمر بالاكتئاب يمكن أن يؤدي به إلى التفكير في الانتحار؛ ليتخلص من حياته التي يراها عبئا عليه، ويعمق هذا الأمر شعور الرجل العازب أحيانا بأنه أقل من الرجل المتزوج؛ حيث قد يعتريه إحساس وهمي بأنه غير مرغوب فيه اجتماعيا.
وتضيف: إن العازب غالبا ما يفسر تصرفات الغير على أنها رد فعل على عزوبيته أو أنها موقف سلبي منه، وهذا إحساس مضخم من طرفه، ينبغي عليه تجاوزه وإلا وقع في مشاكل نفسية عويصة، منها سلوكه نهج العنف ضد الآخر كتعويض نفسي داخلي على ما يختلج صدره من الشعور بأن شيئا ما ينقصه، أو نهجه حياة العزلة عن المجتمع، وكلها مصاعب نفسية جديرة بالعلاج الفوري حتى لا يتفاقم الوضع أكثر.
مضار اقتصادية
ترى بعض الآراء أن العزوبية قد تكون سببا من أسباب الفقر، ويسندون في ذلك على فرضية أن العازب يكون أكثر استهلاكا من المتزوج؛ نظرا لأنه لا يقيم -في مجمل الحالات- وزنا ولا قيمة للمال الذي يكسبه؛ فلا زوجة تنتظر راتبه في أول الشهر ولا أولاد يطالبونه بالكسوة والدواء والكتب وغيرها من المصاريف الكثيرة، فتجده ينفق يمنة ويسرة بلا رادع ولا حسيب.
ويزكي هذه الفكرة الدكتور "بلا فريج" أستاذ علم النفس في الجامعات المغربية بقوله: "إن الله تعالى جعل من الزواج طريقا إلى الغنى؛ لأنه يمد المتزوج بالأسباب التي تعينه على تجاوز الفقر، مصداقا لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}".
وهناك من يقولون إن العزوبية لا تؤثر على الوضع الاقتصادي للفرد العازب فقط، بل تنعكس على برامج التنمية في المجتمع برمته، على خلفية أنه إذا كان الزواج عاملا من عوامل النشاط الاجتماعي، وبذل الجهد في تقوية ملكات ومواهب الرجل، بفضل انطلاقه الحيوي للقيام بمسئولياته حق القيام والإبداع فيها، فإن العزوبية قد تعطل من حماسة هذا الانطلاق.
وفي هذا يقول "عمر فكاك" الباحث في اقتصاديات التنمية: "من ثمار الزواج الذي هو شراكة نفسية واجتماعية واقتصادية بين الرجل والمرأة أن لكل واحد منهما وظيفة اقتصادية معينة، يقوم بها داخل المنزل وخارجه، لكن العازب يقوم بوظيفته كرجل، ثم بوظيفة المرأة داخل المنزل؛ وهو ما يشتت جهده ويضيع عليه التركيز في عمله أو وظيفته أو حرفته؛ فلا يجد الجو الصالح لتجديد نشاطه والنهوض بأعماله، وهذا يؤثر قطعا على العملية التنموية برمتها". ويبقى في النهاية أن هذه الأمور كلها نسبية وتختلف من شخص لآخر.
الزواج يكسب
توصل الباحثون في جامعة "وورويك" البريطانية إلى أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم العازبين. ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك يرجع جزئيا إلى الدعم الاجتماعي والعاطفي لوجود زوج أو زوجة، أو لأن العازبين من الجنسين يعيشون حياة غير صحية، ولا أحد يهتم بهم أو بصحتهم.
كما أكدوا على أن الزواج يزيد من استقرار الحياة، ويخفف التوتر والمشكلات المصاحبة له، كما أنه يشجع على اتباع أنماط الحياة الصحية المفيدة، وتجنب السلوكيات الضارة كشرب الخمر واستخدام المخدرات، وأن وجود شريك الحياة يؤمن الراحة والاطمئنان والعناية الصحية للشخص، وخاصة في أوقات المرض.
وأسفرت الدراسة عن وجود علاقة بين الزواج وطول عمر الرجل؛ فالرجل المتزوج يزيد عمره في المتوسط 3 أعوام عن قرينه الأعزب
تعليق