إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وهم السيطرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وهم السيطرة

    قبل آلاف السنين كان البشر يعيشون على سطح هذه البسيطة، وعلى تعدد أنواعهم وأشكالهم وطرق معيشتهم فإنهم لم يختلفوا.. كل مجموعة أو قبيلة تتخذ أرضاً بقدر كفايتها وتوفر الماء لها ولماشيتها، تصنع من الأخشاب بيوتاً ومن الطين أطباقاً وأواني بسيطة، تقتات من الحبوب وما تخرجه لهم أمهم الأرض، لم يفكر أحدهم يوماً في أن يسطو على أرض آخر لأنهم يعلمون أن الأرض تتسع لهم جميعاً وأن خيرها سيكفيهم إن هم أخذوا منها بقدر حاجتهم، كانوا يحترمون الأرض لأنها أمهم ويحترمون البشر لأنهم إخوانهم.. عاشوا في أمان دائم، لأنهم لم يحيدوا عن الشريعة الأزلية وقانون البقاء للجميع إلى أن ظهر أبنائهم فنعتوا ذلك بالرجعية والتخلف والانهزامية، وبطيش مراهق وضعوا قوانين جديدة وغيروا الدستور الذي وضع قبل أن يضع أبو البشر - عليه السلام- قدمه على الأرض، في محاولة منهم لتصحيح ما عجز آبائهم عن فهمه، استخدموا عقولهم في التخريب والتدمير واستخدموا الحديد لصنع الأسلحة والعتاد معتقدين بذلك أنهم على صواب ولم يعلموا أن السيطرة والسيادة لا تكون بفرض الأمان القسري على الناس.. وبفهم خاطئ لكل شيء حكموا الأرض فكانت الكارثة.
    السيطرة والسيادة وجهان لعملة واحدة يستخدمها الضعيف لإثبات قدرته على التخريب والتدمير بدعوى التقدم والزعامة والتنظيم وإثبات الذات في حال أن الأمر لا يحتاج إلى كل ذلك.
    رسموا كل ذلك في أخيلتهم المريضة ثم حاولوا تحقيقها على أرض واقع أليم على شكل مسرح يومي هزلي والغريب أن أحداً لم يردعهم أو يحاول ثنيهم عن فكرتهم المجنونة بل صفقوا لهم كما يصفق الأب لابنه عندما يستطيع المشي فيسقط المزهرية..!!
    أحد المسرحيات التي رسمت و وضعت موضع التنفيذ وشاهدها كثيرون..
    تقوم الدولة الغاشمة أو المسيطرة والتي تلعب دور (البطل) بغزو الدولة الضعيفة فتقتل الأطفال و الأبرياء والمدنين وتقوم بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على تلك الدولة بعد أن تشرد الملايين وتهدم البنية التحتية وتحول الحياة إلى جحيم ، فيكون رد تلك الدولة هو التعالي والشجب والتنديد والاستنكار لما حصل، وبينما يقوم وزير الخارجية بشرب الشاي الساخن مع عدوه الضيف تقوم طائرات الأخير بالتخريب والدمار الشامل ولكن وزير الخارجية الرجل الشهم الكريم الطيب الأصل تأبى عليه (أصالته) بطرد غريمه بل يقوم بتقديم أطفال بلاده كوجبة عشاء دسمة للضيف، فمن العار أن يخرج الضيف قبل أن يتعشى..!!
    بعد نهاية الفصل الأول من المسرحية تقوم الدولة المنكوبة بجمع المغنيين و المغنيات وبطريقة الأداء الجماعي يقومون بأداء وصلة غنائية تتحدث عن أمجاد أمتهم العريقة وعن رجولتهم وشهامتهم وحلمهم (وبالهم الطويل) وبينما يصفق لهم الجمهور تقوم الدولة الغازية بسحب البساط من تحت أرجلهم إذ يقومون بإرسال الملايين لإعادة تأهيل أطفال تلك الدولة الخارجة عن القانون، فينسى أو يتناسى الجمهور أنهم من قاموا بالتخريب منذ البداية ويصفقون لهم بحرارة!!
    وفي نشوة التصفيق والإطراء من الجمهور تقوم الدولة الغاشمة بأكثر من اغتيال وتصفية للمفكرين وأصحاب العقل والمشورة وتقوم بالبحث في ملفاتها عن البديل لهم، وبعد التمحيص و (التحميص) في نواديهم الليلية لا يجدون سوى تلك الفتاة الخبيثة التي تشهد لها جميع أفلام الإثارة والفاحشة بأنها خير من يمثل المنصب ويقومون بتتويجها وجعلها سفيرة للنوايا الحسنة وحمامة للسلام..!!
يعمل...
X