إهداء إلى روح الطفلة الراحلة شذى تغمدها الله بواسع رحمته



كلماتي الباكية التي سأخطها بعد سطور قليلة أهديها إلى الملاك "شذى" ذات الربيع الخامس من عمرها والتي وافتها المنية إثر حادث دهس أليم ظهر يوم الأحد بالمنطقة الداخلية وهي عائدة من الروضة

تفاصيل الحادث:
على مقربة من بيتها أنزلتها الحافلة وبينما هي تمشي من خلف الحافلة متجهة إلى بوابة البيت دهستها عجلات الحافلة وهي تعود للوراء
لترحل بعدها شذى بلا عودة

دعواتكم لها بالرحمة ولأهلها المفجوعين بالصبر والسلوان



ما بين أوراقي كنت احتسي هموم دروس لم تنتهي
وأحسب الهموم واحدا تلو الآخر
أضيق ذرعا بهم وذرعا آخر بهم لم يأتي بعد
وما بين دوامات همومي..
أيقظني خبر الرحيل بصفعة من كف القدر على وجنتي
إن كنت أحسب همي كبيرا قبل فينة من الزمن فقد صرت الآن استسخف هما يحمل من حطام الدنيا وأكثر!
رحلت شذى!!!
عصفورة لم تتمنى حينها إلا أن تصل إلى البيت كي تري والدتها شهادة انجازاتها
كي تفرح بالصيف القادم
الآتي إليها بأوقات مرح مضاعفة مع أقران الطفولة
فرحتها حينها كانت تسابق قدميها
تهرول بقلب الحب لأم تقف خلف الباب فاتحة حضن الآمان لعصفورة اعتادت الخلود إلى عشها كل ظهيرة!
لكن ظهيرة ذلك اليوم قد اكتحلت بالسواد على غير عادتها
وغيمة من الحزن رفرفت على سقف منزلها
ها قد عادت العصفورة حاملة شهادة ملئى بزهور الحب لأمها
خطوات معدودة وتصل إلى الحضن الدافئ
لكن خطوات القدر كانت أسبق
لتدوس عليها عجلات الحافلة التي أقلتها إلى أمها
ليقتلها على بعد خطوات منها!!

جسد صغير تعفر بالتراب الممزوج بدماء الحب على صفحة بيضاء خط عليها ما أبدعت خلال سنة من طفولتها!

ورحلت شذى
والأم تنتظر تنتظر
ابطأت عودة ابنتها
خفقات قلبها تزداد
وخلف جدران البيت يرقد جسد المنتظرة
ممدد بلا حراك تحت حرائر الشمس
ما اصعب الانتظار عندما يأتي بغياب مؤبد
ما أصعب أن تنتظر الحبيب
وهو على بعد خطوات منك يستسلم للحياة بموت بطيئ تحت عجلات لا ترحم
تناثرت الأحلام على الرصيف
أحلام وراد ما حان قطافها
أحلام وراد لازلت في مطلع الطريق
أحلام وراد كانت حدودها جدران البيت
وحينما قررت ذات يوم أن تنطلق للفضاء الرحب
إلى عوالم أوسع
اغتالتها عجلات اختراعات لم ترحم

أيا سائق حافلة شذى
استعجلت الذهاب!
فقتلت فرحة شذى
ألم يمهلك الوقت دقيقة واحدة لتتأكد أن شذى
بل قدماها قد ساقتها إلى الخلف مختصرة طريق البيت

فدهستها
وسحقت جسدها الصغير
قضاء وقدر لا مفر منه
ولكن....
ألم تكن مسؤلا عنها فقتلتها!
ذكراها ستظل تطاردك إلى حيثما يسوقك القدر
طفلة بعمر الزهور دهستها بلا حذر
فكيف بعدها ستحلو لك ليالي السمر
أو كيف يملأ عيناك نوم يصارع قسوة ليالي السهر
وعجلات حافلتك تهدد بالخطر
وعلى مسامعك يتردد هتاف أم يحتضر
شذى عودي عودي فإني مللت لعب دور المنتظر
عودي لتقرأي لي كل يوم جزءا من السور
رحلت أيا حبيبتي بلا قبلة تنتظر
على خدك كم رسمتها بلا ملل
حبيبتي
في ليلة رحيلك قبلت كتبا لطخطت بدمائك
وملابسا حملت رونق رائحتك
ما عدتي هنا بيننا
وأباك
آه...
ثم آه
صورته عالقة في جدران خيالاتي وهو يحمل جسدك الصغير
وهو لا يقوى على الوقوف
كيف له ذلك وهو يحمل روحه بين يديه!!



رحلت شذى غلى حيثما اختارها الله لجواره
وبقي الالم يعتصر حتى حجارة الرصيف الذي احتضن جسدها المفارق روحه
وألم أشد وقعا على اقرانها وهم يرونها بلا حراك
عصفورة من سربهم رحلت بلا معنى مفهوم لديهم
أيا ترى يا سائق الحافلة...
سينسى أولئك الصغار ذلك المشهد
او تنسى نحيب الثكلى
او تنسى انات احتضار شذى تحت عجلاتك






رسالة أبعثها بغضب لكل من حكم قيادته الاستعجال والتهور
لماذا!!!
اليوم رحلت شذى
وقبلها كم رحل الكثير من الاطفال سحقا تحت تلك الوحوش السوداء
وبعد غد من سيكون الضحية!!!


أيا ترى رحيل شذى سيكون شبيها بسجل من رحل قبلها
سجل سرعان ما يغلق قبل ما يوضع حد

أيا ترى
أفواج العصافير الراحلة من المسؤول عنها
نؤمن أنه قضاء وقدر ولكن هناك أسباب لابد من الحذر منها


قد لا أكون وفقت في وصف هذه الماساة
أو ربما تلاحظون ان قلمي على غير عادته في الكتابة
لا تلوموني فوقع الماساة والصدمة ألجمت قلمي عن الكتابة فأجبرته مرات ومرات


إنه ليمزقني أن أرى ضررا يمس الطفولة

إلى هنا وقلمي لم يستطع التكملة

عذرا....




رحمك الله يا ملاك الطفولة


يا شذى