بينك وبين تحقيق الحلم فرصة
حَفَلَ شهر رمضان بالعديد من الآثار الإسلامية الكبيرة والأيام الخالدة كغزوة بدرٍ وغيرها، وقبل أيامٍ مرت ذكرى تلكم الغزوة العظيمة، التي انتصر فيها الإسلام على أهل الشرك والأوثان، وهي أول معركةٍ تدور رحاها بين جند الرحمن وجند الشيطان، وقد امتلأت تلك الغزوة بالكثير من الدروس والعبر، وما أثارني من بعضها هو اقتناص الفرص، واستغلال اللحظة المواتية لتحقيق الهدف والغاية، وقد بدا ذلك من خلال وصول المسلمين أولاً واختيارهم المكان الملائم للمعركة، إضافة إلى السيطرة على آبار بدر وردم الباقي لكيلا يستفيد منها المشركون.
أما الموقف الأبرز لاستغلال الفرصة هو موقف عمير بن الحمام، حينما سمع الرسول الكريم يقول: (والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة) ثم قال لهم وهو يحثهم على القتال: (أقدموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض) وحينئذ قال عمير بن الحمام: يا رسول الله: جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: "نعم" فقال عمير: بخ بخ يا رسول الله، فقال رسول الله: (ما يحملك على قولك بخ بخ؟) قال: (لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون أهلها) فقال له الرسول: (فإنك من أهلها).فأخرج عمير من جعبة سهامه بعض التمرات، وأخذ يأكل، ثم قال لنفسه: لئن أنا حييت (عشت) حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فقام ورمى ما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. فكان عمير بذلك أول شهيد للأنصار قتل في سبيل الله.
أجل، إذا هبت رياحك فاغتنمها، فإن لكل خافقةٍ سكونُ، فهبت رياح الغنيمة لعمير، ولم يكذبها، وأحسن استغلالها، فاستشهد، ونال بذلك مجداً أبدياً، ونعيماً أخروياً، ولم يتلكأ أو يتخاذل أو يتراجع، ولو لم يبادر لربما فاتته الفرصة ولن يجد مثيلا لها.
هذا الموقف شبيهٌ بموقف الرجل الذي دخل الجنة ولم يركع لله ركعة، إذ كان رسول الله يحاصر أحد حصون خيبر، ويحكم الوثاق على اليهود، جاءه راعٍ يسوق غنماً استأجره أحد اليهود عليها، فقال له يا رسول الله: اعرض علي الإسلام فعرض عليه فأسلم. فلما اسلم قال يا رسول الله: إني أجير لصاحب هذه الأغنام وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها؟ قال: اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى صاحبها. فأخذ الراعي حفنة من الحصى فرمى بها في وجهها. وقال: ارجعي إلى صاحبك ..فوالله لا أصحبك أبدا. فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن، ثم تقدم الراعي إلى الحصن ليقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله وما صلى لله ركعة.. فأُتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع بجواره وهو مغطى بشملة كانت عليه، فالتفت إليه ومعه نفر من أصحابه ثم اْعرض عنه فقالوا: يا رسول الله: لم أعرضت عنه؟ قال: إن معه الآن زوجته من الحور العين تنفض عن وجهه التراب. فكسب ذلكم الراعي مجداً رفيعاً وذكراً حميداً يدوم إلى يوم القيامة، ونال الجنة التي وعد بها، وباشرت زوجته من الحور العين عملها فور استشهاده، ولو لم يحسن استغلال الفرصة لم حصل على كل ذلك، وربما لو سعى للزواج لما ناله إلا بعد مشقةٍ وعناء وبذلٍ من مالٍ وعمل، لكنما اختصر كل ذلك وحصل على المآل كل المسلمين طيلة حياتهم.
والموقف نفسه حدث من سنواتٍ غابرةٍ جداً، ولكن بطريقةٍ مختلفة، إلا أنها تنم عن استغلال الفرصة، واتخاذ القرار في الوقت المناسب، ذلك أن أبوبيس وهو رجلٌ فقير يعمل بقصر أحد فراعنة مصر، قد تآمر مع كبير كهنة معبد آمون على قتل الحاكم، وفشلت المحاولة وزج به في السجن، فرأى مناماً يحمل فيه الخبز على رأسه والطير يأكل منه، فأخبره يوسف بأنه سيصلب ويموت وتأكل الطير من ر أسه، فدعاه للإيمان به، فخيرٌ له أن يلاقي ربه وهو مؤمن، من أن يلاقيه وهو كافر به، فاغتنم الفرصة وآمن، فلاقى ربه وهو راضياً عنه، ولم يمضِ على إيمانه أكثر من يوم. فلكل الباحثين عن تحقيق الأهداف والطموحات أقول: لا تترددوا في تحيّن الفرص واستغلالها، فإنها قد لا تتوفر مرةً أخرى.
حَفَلَ شهر رمضان بالعديد من الآثار الإسلامية الكبيرة والأيام الخالدة كغزوة بدرٍ وغيرها، وقبل أيامٍ مرت ذكرى تلكم الغزوة العظيمة، التي انتصر فيها الإسلام على أهل الشرك والأوثان، وهي أول معركةٍ تدور رحاها بين جند الرحمن وجند الشيطان، وقد امتلأت تلك الغزوة بالكثير من الدروس والعبر، وما أثارني من بعضها هو اقتناص الفرص، واستغلال اللحظة المواتية لتحقيق الهدف والغاية، وقد بدا ذلك من خلال وصول المسلمين أولاً واختيارهم المكان الملائم للمعركة، إضافة إلى السيطرة على آبار بدر وردم الباقي لكيلا يستفيد منها المشركون.
أما الموقف الأبرز لاستغلال الفرصة هو موقف عمير بن الحمام، حينما سمع الرسول الكريم يقول: (والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة) ثم قال لهم وهو يحثهم على القتال: (أقدموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض) وحينئذ قال عمير بن الحمام: يا رسول الله: جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: "نعم" فقال عمير: بخ بخ يا رسول الله، فقال رسول الله: (ما يحملك على قولك بخ بخ؟) قال: (لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون أهلها) فقال له الرسول: (فإنك من أهلها).فأخرج عمير من جعبة سهامه بعض التمرات، وأخذ يأكل، ثم قال لنفسه: لئن أنا حييت (عشت) حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فقام ورمى ما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. فكان عمير بذلك أول شهيد للأنصار قتل في سبيل الله.
أجل، إذا هبت رياحك فاغتنمها، فإن لكل خافقةٍ سكونُ، فهبت رياح الغنيمة لعمير، ولم يكذبها، وأحسن استغلالها، فاستشهد، ونال بذلك مجداً أبدياً، ونعيماً أخروياً، ولم يتلكأ أو يتخاذل أو يتراجع، ولو لم يبادر لربما فاتته الفرصة ولن يجد مثيلا لها.
هذا الموقف شبيهٌ بموقف الرجل الذي دخل الجنة ولم يركع لله ركعة، إذ كان رسول الله يحاصر أحد حصون خيبر، ويحكم الوثاق على اليهود، جاءه راعٍ يسوق غنماً استأجره أحد اليهود عليها، فقال له يا رسول الله: اعرض علي الإسلام فعرض عليه فأسلم. فلما اسلم قال يا رسول الله: إني أجير لصاحب هذه الأغنام وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها؟ قال: اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى صاحبها. فأخذ الراعي حفنة من الحصى فرمى بها في وجهها. وقال: ارجعي إلى صاحبك ..فوالله لا أصحبك أبدا. فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن، ثم تقدم الراعي إلى الحصن ليقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله وما صلى لله ركعة.. فأُتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع بجواره وهو مغطى بشملة كانت عليه، فالتفت إليه ومعه نفر من أصحابه ثم اْعرض عنه فقالوا: يا رسول الله: لم أعرضت عنه؟ قال: إن معه الآن زوجته من الحور العين تنفض عن وجهه التراب. فكسب ذلكم الراعي مجداً رفيعاً وذكراً حميداً يدوم إلى يوم القيامة، ونال الجنة التي وعد بها، وباشرت زوجته من الحور العين عملها فور استشهاده، ولو لم يحسن استغلال الفرصة لم حصل على كل ذلك، وربما لو سعى للزواج لما ناله إلا بعد مشقةٍ وعناء وبذلٍ من مالٍ وعمل، لكنما اختصر كل ذلك وحصل على المآل كل المسلمين طيلة حياتهم.
والموقف نفسه حدث من سنواتٍ غابرةٍ جداً، ولكن بطريقةٍ مختلفة، إلا أنها تنم عن استغلال الفرصة، واتخاذ القرار في الوقت المناسب، ذلك أن أبوبيس وهو رجلٌ فقير يعمل بقصر أحد فراعنة مصر، قد تآمر مع كبير كهنة معبد آمون على قتل الحاكم، وفشلت المحاولة وزج به في السجن، فرأى مناماً يحمل فيه الخبز على رأسه والطير يأكل منه، فأخبره يوسف بأنه سيصلب ويموت وتأكل الطير من ر أسه، فدعاه للإيمان به، فخيرٌ له أن يلاقي ربه وهو مؤمن، من أن يلاقيه وهو كافر به، فاغتنم الفرصة وآمن، فلاقى ربه وهو راضياً عنه، ولم يمضِ على إيمانه أكثر من يوم. فلكل الباحثين عن تحقيق الأهداف والطموحات أقول: لا تترددوا في تحيّن الفرص واستغلالها، فإنها قد لا تتوفر مرةً أخرى.
تعليق