وقفة هامة حسب أهمية الموضوع ونتساءل بعض الأسئلة عن مدى خطورة وقوع أبنائنا وبناتنا في شراك الشبكة العنكبوتية أي ما يطلق عليها شبكة الانترنت ؟
هل الجلوس لساعات طوال للتعامل مع شبكة الانترنت يعد سلوكا إدمانيا ؟ وإذا افترضنا أنه سلوكا إدمانيا ، فما هي أضرار الإدمان على الانترنت ؟ وإذا تبينا أن هناك اعتمادا وسؤ استخدام الإنترنت بإفراط ،فما هي سبل العلاج منه ؟
وللإجابة على هذه التساؤلات : نبدأ أولا بتعريف ما هو إدمان الانترنت ؟ وما هي أشكال الإدمانات المتعددة ؟
فالإدمان ككلمة تشير هنا بمعنى شكل من أشكال فقد السيطرة على السلوك ، مما يعجز أمامه المرء عن إيقاف هذا السلوك غير المرغوب ، بالرغم من عوقب هذا السلوك على الفرد من حيث القلق والتوتر وتغير المزاج للأسوأ وغيرها من أعراض الانسحاب سواء على المستوى النفسي أو البدني أو الاجتماعي .
وإذا ما نظرنا نظرة فاحصة وجادة على الأشكال المتنوعة من الإدمان (غير الخطرة ) نجد منها : إدمان العمل ، إدمان التسوق وهوس الشراء ، إدمان حب المخاطرة سواء بالرياضات الخطرة كدرجات البخارية والتزحلق على الجليد في أماكن خطر وغيرها من إدمانات الخطر ، وإدمان الطعام ، وإدمان التدريبات البدنية ، إدمان المضاربة في الأوراق المالية ، إدمان المراهنات والمقامرة ، وإدمان شاشة جهاز الكمبيوتر ومواقع الانترنت .
فأننا سنجد أناسا لا يفشلون فحسب في الوصول إلى إمكاناتهم وإنما يعانون في سبيل ذلك معاناة شديدة وقاسية ، ولكن نظرا لان المخدر الذي يتعاطاه أصحاب تلك الأشكال من الإدمانات يعد مقبولا من الناحية الاجتماعية ، فأن الأمر لا يشكل ضغوطا ملحة على أولئك المدمنين تستوجب مساعدتهم من وجهة نظرهم هم فقط وهذا هو شدة الخطر الذي يلحق بهم ويجعلهم فيما بعد متورطين في إدمان تلك السلوكيات وما تنعكس عليهم من سلبيات في سبيل تماديهم في تلك الأشكال المتعددة من الإدمانات المقبولة اجتماعيا .
ونحاول الآن استعراض شكل من أشكال السلوك الادماني الذي ينتشر حاليا كظاهرة خطيرة في مجتمعاتنا العربية ، ألا وهو الإدمان على الانترنت :
أن الشخص الذي يستعمل الانترنت في بداية الأمر قد يكتفي بساعة أو أزيد قليلا ، وهذا في البداية ويصاحب ذلك الشعور بالمتعة والغبطة في بادئ الأمر ومع تكرار محاولات الاستعمال واكتشاف المواقع المختلفة والمتنوعة والانفتاح على العالم الخارجي بأسره واكتشاف ما يدور به والإطلاع على ثقافات وأجناس مختلفة يبدأ التحول من حب الاستطلاع والفضول إلى تولد لدى المستعمل شعور ملح بالحاجة إلى المزيد والمزيد وفقد القدرة على السيطرة وعدم التحكم في التوقف على حب الاستطلاع والفضول أملا في الوصول إلى نفس المتعة السابقة والشعور بالراحة والحالة المزاجية المنبسطة التي كان يحققها في بداية تعامله مع الانترنت ، ويجد المستعمل نفسه إذا توقف عن الدخول إلى شبكة الانترنت في حالة من الأعراض الانسحابية ويعانى من القلق والتوتر وحدة المزاج والعصبية الزائدة وأحيانا أخرى الخمول وقلة النشاط ناهيك عن الانسحاب الاجتماعي وتقطع التواصل الاجتماعي .
وإذا تأملنا ما سبق نجد أن الإدمان على الانترنت يمر بنفس مراحل الإدمان على المخدرات ، بل أيضا يمر المستعمل بأعراض الانسحاب كما يمر بها المدمن على المخدرات وان اختلفت من حيث شدة الأعراض بالبدنية أما الأعراض النفسية والحنين النفسي للإدمان يتشابه لحد كبير .
لذا نجد أن الانسياق للجلوس بالساعات الطوال أمام شاشة الكمبيوتر والاستخدام غير المحدد لشبكة الانترنت ، أو لعب الفيديو جيم ، إنما يعد من أخطر السلوكيات على أبنائنا من الناحية الصحية ، والنفسية ، وأيضا الاجتماعية ، ويؤثر بالسلب على هوية وانتماء شبابنا تجاه قوميتهم وعروبتهم .
حيث أشارت العديد من الدراسات أن ألعاب الفيديو جيم بصفة خاصة تعد من اخطر الأشياء على صحة الإنسان – خاصة الأطفال – إذا طالت فترة استخدامها ، وهى أيضا يمكن أن تسبب نوعا من الإدمان فالإنسان يشعر من خلال ممارستها بنوع من الهروب وشغل الذهن عما يدور بذهنه أساسا ويشغله ، وبالتالي فهناك رد فعل منعكس شرطي يتولد لدى الإنسان ، ويربطه باستخدام هذه الألعاب ، وعلى الرغم من أن مثل هذه الألعاب قد ترفع من مستوى ذكاء الطفل وتمتعه ، إلا أنها إذا أسيء استخدامها وطالت مدة الجلوس أمامها ، فأن الإنسان يقوم من أمامها منهك القوى ، مستنفذ طاقته ، ولدية إحساس بالتعب ، وربما يشعر ببعض من الأعراض الجسمية مثل الدوخة أو الصداع أو فقد التوازن .
وفى عام 1997 تم رصد أكبر عدد من الحالات التي أضيرت من خلال هذه الألعاب في اليابان ، فقد أصيب ما يقرب من سبعمائة من الأطفال ، وهرع بهم أهليهم إلى المستشفيات وهم يعانون من نوع من الصرع الذي يأتي نتيجة لمنبه بصري ، وذلك لتعرضهم للفلاشات المتلاحقة من الضوء عند ممارستهم للعبة " البوكيمان " في الفيديو جيم ، والتي نزلت إلى الأسواق آنذاك .
وكانت نوبات الصرع وبعض المضاعفات الجانبية الأخرى حافزا لان يصاحب كل لعبة جديدة من ألعاب " فيديو جيم " تحذير بالا يجلس أمامها المستخدم لمدة طويلة .
وقد اشتكى بعض الآباء من أن جلوس أبنائهم أمام بعض هذه الألعاب لمدة 15- 30 دقيقة ، يحدث لهم نوعا من الدوار والغثيان نتيجة للحركة السريعة على الشاشة التي تؤثر على التوازن البصري .
وقد قامت جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية بنشر دراسة أجريت على 500 من مستعملي الانترنت بإفراط ، كانت تصرفاتهم تقارن بالأعراض المعروفة في تشخيص الإدمان على المقامرة واعتمادا على الأعراض فأن 80% من الذين شاركوا في هذه الدراسة والذين تم تصنيفهم على إنهم انترنت مستعملين ، اظهروا إدمانا واضحا في سلوكهم النمطي وكانت النتيجة النهائية التي توصلت إليها هذه الدراسة " أن استعمال الانترنت بإفراط يؤدى بصورة مؤكدة إلى تدمير الحياة الأكاديمية والاجتماعية والمالية والمهنية بالطريقة نفسها التي تقوم بها أشكال الإدمان الأخرى الموثقة بصورة جيدة مثل المقامرة والكحول والمخدرات " .
وإذا استعرضنا الأسباب التي تدفع بمستعمل الانترنت إلى الوقوع في براثن الإدمان على الانترنت سنجد بعضا منها تمثل في :
عدم القدرة على كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية اليومية ، عدم القدرة على مواجهة المشكلات ، عدم القدرة على شغل وقت الفراغ بهوايات متنوعة ، عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل أو الانطواء ، الشعور بالخواء النفسي والوحدة ، الهروب من الواقع بضرب من الخيال في علاقات تفتقد فيها الحميمية مع الآخر ، وتجنب مواجهة الآخر وجها لوجه سواء كان الآخر الأسرة أو الزوجة ، المعاناة من بعض الاضطرابات النفسية المتمثلة في الاكتئاب ، القلق ، اضطرابات النوم ، التلعثم ، الرهاب الاجتماعي ...... وغيرها من الاضطرابات والأمراض النفسية
والهروب من مداوتها على يد متخصصين ، الافتقاد إلى الحب والبحث عنة من خلال النت ، الاغتراب النفسي ، الهروب من الواقع وما يحيط به من أعراف وتقاليد وقوانين منظمة تفرض ضروبا من القيود على الأفعال والكلام مما يدفع الشخص إلى الانفصال عن خلجاته ونفسه والدخول في شخصية أخرى من ضرب خيالة ( تناقض وجداني) يعمل على عدم نضج الشخص ويعوق نموه النفسي ،وغيرها من المسببات التي تدفع بالفرد إلى الإدمان على الانترنت .
هذا وقد بينت الدراسات النفسية أن أكثر الأفراد تعرضا لخطر الإصابة بمرض إدمان الانترنت ، هم الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية ، والفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين والذين يعانون من مخاوف غامضة أو قلة احترام الذات ، الذين يخافون من أن يكونوا عرضة للاستهزاء أو السخرية من قبل الآخرين ، هؤلاء هم أكثر الناس تعرضا للإصابة بهذا المرض ، وذلك لان العالم الالكتروني قدم لهم مجالا واسعا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم وإقامة علاقات غامضة مع الآخرين تخلق لهم نوعا من الألفة المزيفة فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الآمن لهم من خشونة وقسوة عالم الحقيقة ، كما يعتقدون حتى يتحول عالمهم هذا إلى كابوس يهدد حياتهم الاجتماعية والشخصية للخطر .
- سبل الوقاية والخروج من الإدمان على الانترنت :-
هناك بعض من المهارات المعرفية السلوكية التي تمكن الفرد من كسر قيود السلوك الادمانى والتحرر منة من خلال :
- على الفرد أن يحرر نفسه من النمطية في حياته وعلية أن يخلق لنفسه بعض الأنشطة والهوايات لخلق تناغم في أسلوب حياته
- على الفرد أن يدرب نفسه على أسلوب حياة صحي ، فله مواعيد للنوم والاستيقاظ ، مواعيد لتناول الوجبات دون إسقاط بعض الوجبات .
- تعلم المزيد والمزيد من المهارات المختلفة : لغة أجنبية ، رسم ، تعلم حرفة من الحرف ، أو أن يقوم بتعليم الآخرين مهارة يمتلكها ، الاشتراك في الأعمال الخيرية أو التطوعية ، أو الأنشطة الاجتماعية من خلال منظمات وجمعيات المجتمع الأهلي .
- أن يقوم الفرد بممارسة بعض التمرينات والتدريبات الرياضية ، في الهواء الطلق ويفضل في وسط مجموعة من الآخرين أو مع الأصدقاء أو احد أفراد الأسرة .
- أن يخطط الفرد لممارسة مجموعة من الأنشطة المشتركة مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة ، مثل التخطيط لرحلة ، أو زيارة الأقرباء المحببين إلى قلبه أو بعض الأصدقاء .
- أن يخطط الفرد لخلق نسيج اجتماعي من العلاقات مع الآخرين ويدعم العلاقة مع الآخر بشكل يثرى الفرد ويخرجه من عزلته .
- أن يقاوم فكرة الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر بكل عزم وقوة لخلق إرادة قوية واعية من خلال الإلهاء السلوكي والذهني فعندما يشعر الفرد بحاجة ملحة للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر يقوم ببعض من الأعمال والأنشطة اليدوية المختلفة مثل تنظيف المنزل ، إجراء محادثة تليفونية مع شخص مقرب ، إعداد أعمال مؤجلة للغد ، الوضوء والصلاة وقراءة القرآن الكريم والدعاء ، إعداد وجبة غذائية متكاملة لنفسك ولأفراد أسرتك .
- أن يقوم الفرد بعملية غزو تعليمي معرفي ، أي يقرأ عن إدمان الانترنت ومدى خطورته ، بغرض تغيير معتقداته الخاطئة وتصحيحها .
- أن يتعلم الفرد أن يدرب نفسه على مهارات الاسترخاء البدني والذهني ، وممارسة رياضة التأمل لراحة الجهاز العصبي وتجديد الطاقة البدنية والذهنية .
- يفضل في النهاية أن يستعين مريض الإدمان على الانترنت طلب المساعدة من الاختصاصي النفسي المدرب على علاج الإدمان لمساعدة المريض على الخروج من براثن الإدمان والعودة للتعافي منة من خلال البرامج العلاجية المتنوعة وبرامج العلاج الجمعي ومنع الانتكاسة والتأهيل للعودة مرة أخرى معافى من السلوك السلبي .
هل الجلوس لساعات طوال للتعامل مع شبكة الانترنت يعد سلوكا إدمانيا ؟ وإذا افترضنا أنه سلوكا إدمانيا ، فما هي أضرار الإدمان على الانترنت ؟ وإذا تبينا أن هناك اعتمادا وسؤ استخدام الإنترنت بإفراط ،فما هي سبل العلاج منه ؟
وللإجابة على هذه التساؤلات : نبدأ أولا بتعريف ما هو إدمان الانترنت ؟ وما هي أشكال الإدمانات المتعددة ؟
فالإدمان ككلمة تشير هنا بمعنى شكل من أشكال فقد السيطرة على السلوك ، مما يعجز أمامه المرء عن إيقاف هذا السلوك غير المرغوب ، بالرغم من عوقب هذا السلوك على الفرد من حيث القلق والتوتر وتغير المزاج للأسوأ وغيرها من أعراض الانسحاب سواء على المستوى النفسي أو البدني أو الاجتماعي .
وإذا ما نظرنا نظرة فاحصة وجادة على الأشكال المتنوعة من الإدمان (غير الخطرة ) نجد منها : إدمان العمل ، إدمان التسوق وهوس الشراء ، إدمان حب المخاطرة سواء بالرياضات الخطرة كدرجات البخارية والتزحلق على الجليد في أماكن خطر وغيرها من إدمانات الخطر ، وإدمان الطعام ، وإدمان التدريبات البدنية ، إدمان المضاربة في الأوراق المالية ، إدمان المراهنات والمقامرة ، وإدمان شاشة جهاز الكمبيوتر ومواقع الانترنت .
فأننا سنجد أناسا لا يفشلون فحسب في الوصول إلى إمكاناتهم وإنما يعانون في سبيل ذلك معاناة شديدة وقاسية ، ولكن نظرا لان المخدر الذي يتعاطاه أصحاب تلك الأشكال من الإدمانات يعد مقبولا من الناحية الاجتماعية ، فأن الأمر لا يشكل ضغوطا ملحة على أولئك المدمنين تستوجب مساعدتهم من وجهة نظرهم هم فقط وهذا هو شدة الخطر الذي يلحق بهم ويجعلهم فيما بعد متورطين في إدمان تلك السلوكيات وما تنعكس عليهم من سلبيات في سبيل تماديهم في تلك الأشكال المتعددة من الإدمانات المقبولة اجتماعيا .
ونحاول الآن استعراض شكل من أشكال السلوك الادماني الذي ينتشر حاليا كظاهرة خطيرة في مجتمعاتنا العربية ، ألا وهو الإدمان على الانترنت :
أن الشخص الذي يستعمل الانترنت في بداية الأمر قد يكتفي بساعة أو أزيد قليلا ، وهذا في البداية ويصاحب ذلك الشعور بالمتعة والغبطة في بادئ الأمر ومع تكرار محاولات الاستعمال واكتشاف المواقع المختلفة والمتنوعة والانفتاح على العالم الخارجي بأسره واكتشاف ما يدور به والإطلاع على ثقافات وأجناس مختلفة يبدأ التحول من حب الاستطلاع والفضول إلى تولد لدى المستعمل شعور ملح بالحاجة إلى المزيد والمزيد وفقد القدرة على السيطرة وعدم التحكم في التوقف على حب الاستطلاع والفضول أملا في الوصول إلى نفس المتعة السابقة والشعور بالراحة والحالة المزاجية المنبسطة التي كان يحققها في بداية تعامله مع الانترنت ، ويجد المستعمل نفسه إذا توقف عن الدخول إلى شبكة الانترنت في حالة من الأعراض الانسحابية ويعانى من القلق والتوتر وحدة المزاج والعصبية الزائدة وأحيانا أخرى الخمول وقلة النشاط ناهيك عن الانسحاب الاجتماعي وتقطع التواصل الاجتماعي .
وإذا تأملنا ما سبق نجد أن الإدمان على الانترنت يمر بنفس مراحل الإدمان على المخدرات ، بل أيضا يمر المستعمل بأعراض الانسحاب كما يمر بها المدمن على المخدرات وان اختلفت من حيث شدة الأعراض بالبدنية أما الأعراض النفسية والحنين النفسي للإدمان يتشابه لحد كبير .
لذا نجد أن الانسياق للجلوس بالساعات الطوال أمام شاشة الكمبيوتر والاستخدام غير المحدد لشبكة الانترنت ، أو لعب الفيديو جيم ، إنما يعد من أخطر السلوكيات على أبنائنا من الناحية الصحية ، والنفسية ، وأيضا الاجتماعية ، ويؤثر بالسلب على هوية وانتماء شبابنا تجاه قوميتهم وعروبتهم .
حيث أشارت العديد من الدراسات أن ألعاب الفيديو جيم بصفة خاصة تعد من اخطر الأشياء على صحة الإنسان – خاصة الأطفال – إذا طالت فترة استخدامها ، وهى أيضا يمكن أن تسبب نوعا من الإدمان فالإنسان يشعر من خلال ممارستها بنوع من الهروب وشغل الذهن عما يدور بذهنه أساسا ويشغله ، وبالتالي فهناك رد فعل منعكس شرطي يتولد لدى الإنسان ، ويربطه باستخدام هذه الألعاب ، وعلى الرغم من أن مثل هذه الألعاب قد ترفع من مستوى ذكاء الطفل وتمتعه ، إلا أنها إذا أسيء استخدامها وطالت مدة الجلوس أمامها ، فأن الإنسان يقوم من أمامها منهك القوى ، مستنفذ طاقته ، ولدية إحساس بالتعب ، وربما يشعر ببعض من الأعراض الجسمية مثل الدوخة أو الصداع أو فقد التوازن .
وفى عام 1997 تم رصد أكبر عدد من الحالات التي أضيرت من خلال هذه الألعاب في اليابان ، فقد أصيب ما يقرب من سبعمائة من الأطفال ، وهرع بهم أهليهم إلى المستشفيات وهم يعانون من نوع من الصرع الذي يأتي نتيجة لمنبه بصري ، وذلك لتعرضهم للفلاشات المتلاحقة من الضوء عند ممارستهم للعبة " البوكيمان " في الفيديو جيم ، والتي نزلت إلى الأسواق آنذاك .
وكانت نوبات الصرع وبعض المضاعفات الجانبية الأخرى حافزا لان يصاحب كل لعبة جديدة من ألعاب " فيديو جيم " تحذير بالا يجلس أمامها المستخدم لمدة طويلة .
وقد اشتكى بعض الآباء من أن جلوس أبنائهم أمام بعض هذه الألعاب لمدة 15- 30 دقيقة ، يحدث لهم نوعا من الدوار والغثيان نتيجة للحركة السريعة على الشاشة التي تؤثر على التوازن البصري .
وقد قامت جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية بنشر دراسة أجريت على 500 من مستعملي الانترنت بإفراط ، كانت تصرفاتهم تقارن بالأعراض المعروفة في تشخيص الإدمان على المقامرة واعتمادا على الأعراض فأن 80% من الذين شاركوا في هذه الدراسة والذين تم تصنيفهم على إنهم انترنت مستعملين ، اظهروا إدمانا واضحا في سلوكهم النمطي وكانت النتيجة النهائية التي توصلت إليها هذه الدراسة " أن استعمال الانترنت بإفراط يؤدى بصورة مؤكدة إلى تدمير الحياة الأكاديمية والاجتماعية والمالية والمهنية بالطريقة نفسها التي تقوم بها أشكال الإدمان الأخرى الموثقة بصورة جيدة مثل المقامرة والكحول والمخدرات " .
وإذا استعرضنا الأسباب التي تدفع بمستعمل الانترنت إلى الوقوع في براثن الإدمان على الانترنت سنجد بعضا منها تمثل في :
عدم القدرة على كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية اليومية ، عدم القدرة على مواجهة المشكلات ، عدم القدرة على شغل وقت الفراغ بهوايات متنوعة ، عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل أو الانطواء ، الشعور بالخواء النفسي والوحدة ، الهروب من الواقع بضرب من الخيال في علاقات تفتقد فيها الحميمية مع الآخر ، وتجنب مواجهة الآخر وجها لوجه سواء كان الآخر الأسرة أو الزوجة ، المعاناة من بعض الاضطرابات النفسية المتمثلة في الاكتئاب ، القلق ، اضطرابات النوم ، التلعثم ، الرهاب الاجتماعي ...... وغيرها من الاضطرابات والأمراض النفسية
والهروب من مداوتها على يد متخصصين ، الافتقاد إلى الحب والبحث عنة من خلال النت ، الاغتراب النفسي ، الهروب من الواقع وما يحيط به من أعراف وتقاليد وقوانين منظمة تفرض ضروبا من القيود على الأفعال والكلام مما يدفع الشخص إلى الانفصال عن خلجاته ونفسه والدخول في شخصية أخرى من ضرب خيالة ( تناقض وجداني) يعمل على عدم نضج الشخص ويعوق نموه النفسي ،وغيرها من المسببات التي تدفع بالفرد إلى الإدمان على الانترنت .
هذا وقد بينت الدراسات النفسية أن أكثر الأفراد تعرضا لخطر الإصابة بمرض إدمان الانترنت ، هم الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية ، والفشل في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين والذين يعانون من مخاوف غامضة أو قلة احترام الذات ، الذين يخافون من أن يكونوا عرضة للاستهزاء أو السخرية من قبل الآخرين ، هؤلاء هم أكثر الناس تعرضا للإصابة بهذا المرض ، وذلك لان العالم الالكتروني قدم لهم مجالا واسعا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم وإقامة علاقات غامضة مع الآخرين تخلق لهم نوعا من الألفة المزيفة فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الآمن لهم من خشونة وقسوة عالم الحقيقة ، كما يعتقدون حتى يتحول عالمهم هذا إلى كابوس يهدد حياتهم الاجتماعية والشخصية للخطر .
- سبل الوقاية والخروج من الإدمان على الانترنت :-
هناك بعض من المهارات المعرفية السلوكية التي تمكن الفرد من كسر قيود السلوك الادمانى والتحرر منة من خلال :
- على الفرد أن يحرر نفسه من النمطية في حياته وعلية أن يخلق لنفسه بعض الأنشطة والهوايات لخلق تناغم في أسلوب حياته
- على الفرد أن يدرب نفسه على أسلوب حياة صحي ، فله مواعيد للنوم والاستيقاظ ، مواعيد لتناول الوجبات دون إسقاط بعض الوجبات .
- تعلم المزيد والمزيد من المهارات المختلفة : لغة أجنبية ، رسم ، تعلم حرفة من الحرف ، أو أن يقوم بتعليم الآخرين مهارة يمتلكها ، الاشتراك في الأعمال الخيرية أو التطوعية ، أو الأنشطة الاجتماعية من خلال منظمات وجمعيات المجتمع الأهلي .
- أن يقوم الفرد بممارسة بعض التمرينات والتدريبات الرياضية ، في الهواء الطلق ويفضل في وسط مجموعة من الآخرين أو مع الأصدقاء أو احد أفراد الأسرة .
- أن يخطط الفرد لممارسة مجموعة من الأنشطة المشتركة مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة ، مثل التخطيط لرحلة ، أو زيارة الأقرباء المحببين إلى قلبه أو بعض الأصدقاء .
- أن يخطط الفرد لخلق نسيج اجتماعي من العلاقات مع الآخرين ويدعم العلاقة مع الآخر بشكل يثرى الفرد ويخرجه من عزلته .
- أن يقاوم فكرة الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر بكل عزم وقوة لخلق إرادة قوية واعية من خلال الإلهاء السلوكي والذهني فعندما يشعر الفرد بحاجة ملحة للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر يقوم ببعض من الأعمال والأنشطة اليدوية المختلفة مثل تنظيف المنزل ، إجراء محادثة تليفونية مع شخص مقرب ، إعداد أعمال مؤجلة للغد ، الوضوء والصلاة وقراءة القرآن الكريم والدعاء ، إعداد وجبة غذائية متكاملة لنفسك ولأفراد أسرتك .
- أن يقوم الفرد بعملية غزو تعليمي معرفي ، أي يقرأ عن إدمان الانترنت ومدى خطورته ، بغرض تغيير معتقداته الخاطئة وتصحيحها .
- أن يتعلم الفرد أن يدرب نفسه على مهارات الاسترخاء البدني والذهني ، وممارسة رياضة التأمل لراحة الجهاز العصبي وتجديد الطاقة البدنية والذهنية .
- يفضل في النهاية أن يستعين مريض الإدمان على الانترنت طلب المساعدة من الاختصاصي النفسي المدرب على علاج الإدمان لمساعدة المريض على الخروج من براثن الإدمان والعودة للتعافي منة من خلال البرامج العلاجية المتنوعة وبرامج العلاج الجمعي ومنع الانتكاسة والتأهيل للعودة مرة أخرى معافى من السلوك السلبي .
تعليق