قصة الشاب الذي نام مع أخته
دخل عليّ يوما ً ذلك الرجل ، غير غريب كأنما مر في ذاكرتي ، دخل عليّ مذهولا ً ، كأنما يحمل هموم هذه الدنيا ، وقف بالباب وعرَّفني بشخصه الكريم ، زميل فرقت بيننا الأيام ، رحبت به وكنت أظن أنه وصل زائرا ً بعد هذا الفراق الطويل ، حاولت أن أكرم الرجل ، لكن كأنما كان على عجل ، أنصت قليلاً وتنهد الأحزان من صدره ، ثم استسمحني ليروي قصته التي جاء يحملها ، يقول :
كنت دائما ً أسمع حديثا ً يؤنب العصاة على سوء ما ارتكبوه ، حديث كنت أظن أنه يتجاوز الحقيقة ، حديث كان يُدار حول القنوات الفضائية وآثارها ، كنت أسمع ذلك في المسجد فأنصت له كارها ً ، وأكثر من مرة أوصل أولئك الأشخاص إلى يدي بضع ورقات ، أتصفحها فأجد فيها قصصا ً وقعت لمقتني القنوات ، أقرأ تلك الرسائل ونفسي تحدثني أن هذه أشبه بالقصص الخرافية لا غير ..
وكنت مع هذه الأخبار أتساءل : لماذا هؤلاء الأشخاص يحدثوننا هذا الحديث ؟ لماذا يحملون همَّ بيتي وأسرتي ؟ أتساءل فلا أجد أقرب إلى الحدث من أنه مجرد غيرة مصطنعة ، لا تملك رصيداً من الواقع ، ولذلك لم تقف هذه النصائح وهذه القصص في طريق الشراء الذي عزمت عليه ، فحديث الصحب عن المباريات المشفرة كان يدفعني خطوات ، وتشد من أزري على الشراء ..
وكل ذلك كان يؤججه حديث الزملاء في العمل عن الأحداث في الساحة ، كل هذه مجتمعة كانت تشدني إلى الإقدام على الشراء من جهة ، ومن جهة أخرى كانت مُسحة الحياء تؤجل هذا القرار في نفسي ، لكن العوامل التي ذكرت سالفاً كانت لها الغلبة .
وفعلاً قدم الضيف المشئوم ولسوء شؤمه أبى أن يطأ الأرض فاعتلى سطح منزلي المبارك ، فرآه المجتمع فهرولوا إليَّ وخوفوني بربي ، ذكروني بسوء العاقبة لكنني بقيت صامداً على ما عزمت وعاد المجتمع أفراداً وجماعات دون تحقيق نتيجة ، وبهذا النصر الموهوم الذي حققته على مجتمعي هنأني أبنائي وزوجي ، ورأيت أن أقدمه هدية لهما على التهنئة .
مضت الأيام وكنت في شوق إلى حديث المباريات وتلك القناة ، وكنت يوميا ً أرد على زملائي حديث ما وجدت ، في الوقت ذاته كان هناك نهم في نفسي أحببت أن أملأه ، لكنني أحسست منذ الأيام الأولى ثقلا ً في خطوات المسجد ، وكسلا ً يتحمل جسدي ، ورغبة ملحة في البقاء عند هذه القنوات ، ومرت الأيام ففقدت المسجد وأهله الأخيار ، بدأت تقلقني الأحزان وتنتابني الهموم ، لكنني كابرت وأصررت على البقاء ، عدت أرى أن هؤلاء أعداء للحرية لا غير ، مرت الأيام وأنا وأسرتي حول هذا الجهاز لا نكاد نفارقه إلا في ساعات الدوام ، كنت أنام مضطرا ً ويبقى أبنائي حوله إلى وقت متأخر .
مرَّ زمن كبير على هذه القصة أقدِّره بسنوات ، ونسيت كل الأحداث التي صاحبت قدوم هذا الدش ، وشرعت أخوض في ظروف هذه الحياة ولم يبق عندي من الزمن ما أجلسه أمامه ، كنت أعود إلى البيت في ساعات متأخرة من الليل ، وأحيانا ً قبل الفجر ، استمررت زمنا ً طويلا ً ، ظروف الزمن هي التي تجبرني على ذلك .
وفي ليلة من الليالي التي أصبح التأخر فيها عادة في ساعة متأخرة جدا ً ، وكالعادة استلقيت في غرفتي دون أن يعلم بقدومي أحد ، لكن الغريب في الأمر هذه الوهلة أني سمعت أشبه ما يكون بالأصوات المتداخلة ، أخذت أتمعن هذه الأصوات فإذا بها تمتمة لا تكاد تبين حروفها ، ارتفعت دقات قلبي ، وألم بي همٌ عجيب ، وداخلتني الشكوك لأول وهلة في حياتي ..
انطلقت إلى غرفة زوجي ففتحت الباب فإذا بها تنام ملء جفنها ، تنهدت وزالت الشكوك التي تعتصرني ، وحمدت الله وعدت لغرفتي ولكن كأنما الصوت داخل بيتي .
قمت هذه المرة وقلت لعل الأبناء استغرقوا ساعات الليل في ظل ما يشاهدون ، كنت أمشي برفق وتؤدة حتى أعرف ما الخبر ، وصلت إلى الباب فاتضح لي أن الأصوات من داخل هذه الغرفة ، تحسست يد الباب فإذا بها محكمة ..
حاولت أن أرى الخبر عبر الثقوب ، لكن دون فائدة ، فالباب محكم بعناية ، أشغلني الأمر ، يوشك أن ينطلق صوت المؤذن لصلاة الفجر وأبنائي ما زالوا يسمرون ، عدت إلى غرفتي عازما ً على المساءلة والتأنيب غدا ً .
وقبل أن ألِج غرفتي تذكرت باباً للغرفة من الجانب الآخر فاتجهت إليه ، وصلت وضعت يدي على مقبضه ، انفرج بسهولة ، أنظر ، أتأمل ، أضرب في رأسي علَّني في حلمٍ عابر ، لا بل المصيبة فعلاً ، المأساة ، الجروح الدامية .. العار والفضيحة .. النهاية المرة ..
الولد يقع على أخته فيفض بكارتها ويهين كرامتها ، لم أتمالك نفسي من هول ما رأيت أطلقت صوتا ً مذهلا ً ، سقطت مغشيا ً عليّ ، قامت الزوجة فزعة ، وقفت بنفسها على المأساة ، رَأَت ما لم يكن في الحسبان ، الطبق المشئوم ، يهتك ستر البيت ويشوِّه حاله ، يقضي على العفة النقية فيبدلها بآثار العار الخزية ، بنت في سنِّ العشرين تنتظر المولود القادم من فعل أخيها التائه ، سعادة الأسرة المنتظرة بأحلام المستقبل القريب ضاعت تحت كنف ذلك الطبق البائس .
عدت أتذكر ذلك المجتمع الذي طرق بيتي وحاول دون وصول ذلك الطبق المشئوم ، وأتذكر حال الزملاء وحديثهم حول ما جلبت ، وبقيت اليوم عاجزاً عن البوح بما لقيت لأدنى قريب ، وقد وقعت المأساة ولا سبيل إلى النجاة .
وأخيرا ً أخرجت ذلك الطبق عن سطح منزلنا ، لكن بعد وقوع وصمة العار داخل أرجاء ذلك المنزل .. فوا أسفاه على العفة التي ذهبت .. ووا أسفاه على الغيرة التي نسيت .. ووا أسفاه على النصيحة يوم بُذِلت دون أن أرعيها أي عناية .
هذه قصتي أسردها اليوم وكلماتها من الحديد في فمي ، ووقعها أشد من ضرب السياط على جسدي ، وعارها ألصق شيء بعفتي وعفة أسرتي ، لكنني أحببت أن أنقلها فتعيها الآذان الصاغية وتستفيد منها النفوس الغافلة ..
وإلا فعند غيري أكثر مما ذكرت لكنهم إما لم يعثروا عليها حتى الآن أو أن نفوسهم ضعفت عن الحديث بها ، وها أنا أبرأ إلى الله وأخرج من جور المساءلة غدا ًُ عند الله بذكر هذه الآثار ولا حجة بعد ذلك لمخلوق ، اللهم إني قد بلغت ، اللهم فاشهد .
منقول من كتاب ضحايا الفضائيات للكاتب : سعيد القحطاني
دخل عليّ يوما ً ذلك الرجل ، غير غريب كأنما مر في ذاكرتي ، دخل عليّ مذهولا ً ، كأنما يحمل هموم هذه الدنيا ، وقف بالباب وعرَّفني بشخصه الكريم ، زميل فرقت بيننا الأيام ، رحبت به وكنت أظن أنه وصل زائرا ً بعد هذا الفراق الطويل ، حاولت أن أكرم الرجل ، لكن كأنما كان على عجل ، أنصت قليلاً وتنهد الأحزان من صدره ، ثم استسمحني ليروي قصته التي جاء يحملها ، يقول :
كنت دائما ً أسمع حديثا ً يؤنب العصاة على سوء ما ارتكبوه ، حديث كنت أظن أنه يتجاوز الحقيقة ، حديث كان يُدار حول القنوات الفضائية وآثارها ، كنت أسمع ذلك في المسجد فأنصت له كارها ً ، وأكثر من مرة أوصل أولئك الأشخاص إلى يدي بضع ورقات ، أتصفحها فأجد فيها قصصا ً وقعت لمقتني القنوات ، أقرأ تلك الرسائل ونفسي تحدثني أن هذه أشبه بالقصص الخرافية لا غير ..
وكنت مع هذه الأخبار أتساءل : لماذا هؤلاء الأشخاص يحدثوننا هذا الحديث ؟ لماذا يحملون همَّ بيتي وأسرتي ؟ أتساءل فلا أجد أقرب إلى الحدث من أنه مجرد غيرة مصطنعة ، لا تملك رصيداً من الواقع ، ولذلك لم تقف هذه النصائح وهذه القصص في طريق الشراء الذي عزمت عليه ، فحديث الصحب عن المباريات المشفرة كان يدفعني خطوات ، وتشد من أزري على الشراء ..
وكل ذلك كان يؤججه حديث الزملاء في العمل عن الأحداث في الساحة ، كل هذه مجتمعة كانت تشدني إلى الإقدام على الشراء من جهة ، ومن جهة أخرى كانت مُسحة الحياء تؤجل هذا القرار في نفسي ، لكن العوامل التي ذكرت سالفاً كانت لها الغلبة .
وفعلاً قدم الضيف المشئوم ولسوء شؤمه أبى أن يطأ الأرض فاعتلى سطح منزلي المبارك ، فرآه المجتمع فهرولوا إليَّ وخوفوني بربي ، ذكروني بسوء العاقبة لكنني بقيت صامداً على ما عزمت وعاد المجتمع أفراداً وجماعات دون تحقيق نتيجة ، وبهذا النصر الموهوم الذي حققته على مجتمعي هنأني أبنائي وزوجي ، ورأيت أن أقدمه هدية لهما على التهنئة .
مضت الأيام وكنت في شوق إلى حديث المباريات وتلك القناة ، وكنت يوميا ً أرد على زملائي حديث ما وجدت ، في الوقت ذاته كان هناك نهم في نفسي أحببت أن أملأه ، لكنني أحسست منذ الأيام الأولى ثقلا ً في خطوات المسجد ، وكسلا ً يتحمل جسدي ، ورغبة ملحة في البقاء عند هذه القنوات ، ومرت الأيام ففقدت المسجد وأهله الأخيار ، بدأت تقلقني الأحزان وتنتابني الهموم ، لكنني كابرت وأصررت على البقاء ، عدت أرى أن هؤلاء أعداء للحرية لا غير ، مرت الأيام وأنا وأسرتي حول هذا الجهاز لا نكاد نفارقه إلا في ساعات الدوام ، كنت أنام مضطرا ً ويبقى أبنائي حوله إلى وقت متأخر .
مرَّ زمن كبير على هذه القصة أقدِّره بسنوات ، ونسيت كل الأحداث التي صاحبت قدوم هذا الدش ، وشرعت أخوض في ظروف هذه الحياة ولم يبق عندي من الزمن ما أجلسه أمامه ، كنت أعود إلى البيت في ساعات متأخرة من الليل ، وأحيانا ً قبل الفجر ، استمررت زمنا ً طويلا ً ، ظروف الزمن هي التي تجبرني على ذلك .
وفي ليلة من الليالي التي أصبح التأخر فيها عادة في ساعة متأخرة جدا ً ، وكالعادة استلقيت في غرفتي دون أن يعلم بقدومي أحد ، لكن الغريب في الأمر هذه الوهلة أني سمعت أشبه ما يكون بالأصوات المتداخلة ، أخذت أتمعن هذه الأصوات فإذا بها تمتمة لا تكاد تبين حروفها ، ارتفعت دقات قلبي ، وألم بي همٌ عجيب ، وداخلتني الشكوك لأول وهلة في حياتي ..
انطلقت إلى غرفة زوجي ففتحت الباب فإذا بها تنام ملء جفنها ، تنهدت وزالت الشكوك التي تعتصرني ، وحمدت الله وعدت لغرفتي ولكن كأنما الصوت داخل بيتي .
قمت هذه المرة وقلت لعل الأبناء استغرقوا ساعات الليل في ظل ما يشاهدون ، كنت أمشي برفق وتؤدة حتى أعرف ما الخبر ، وصلت إلى الباب فاتضح لي أن الأصوات من داخل هذه الغرفة ، تحسست يد الباب فإذا بها محكمة ..
حاولت أن أرى الخبر عبر الثقوب ، لكن دون فائدة ، فالباب محكم بعناية ، أشغلني الأمر ، يوشك أن ينطلق صوت المؤذن لصلاة الفجر وأبنائي ما زالوا يسمرون ، عدت إلى غرفتي عازما ً على المساءلة والتأنيب غدا ً .
وقبل أن ألِج غرفتي تذكرت باباً للغرفة من الجانب الآخر فاتجهت إليه ، وصلت وضعت يدي على مقبضه ، انفرج بسهولة ، أنظر ، أتأمل ، أضرب في رأسي علَّني في حلمٍ عابر ، لا بل المصيبة فعلاً ، المأساة ، الجروح الدامية .. العار والفضيحة .. النهاية المرة ..
الولد يقع على أخته فيفض بكارتها ويهين كرامتها ، لم أتمالك نفسي من هول ما رأيت أطلقت صوتا ً مذهلا ً ، سقطت مغشيا ً عليّ ، قامت الزوجة فزعة ، وقفت بنفسها على المأساة ، رَأَت ما لم يكن في الحسبان ، الطبق المشئوم ، يهتك ستر البيت ويشوِّه حاله ، يقضي على العفة النقية فيبدلها بآثار العار الخزية ، بنت في سنِّ العشرين تنتظر المولود القادم من فعل أخيها التائه ، سعادة الأسرة المنتظرة بأحلام المستقبل القريب ضاعت تحت كنف ذلك الطبق البائس .
عدت أتذكر ذلك المجتمع الذي طرق بيتي وحاول دون وصول ذلك الطبق المشئوم ، وأتذكر حال الزملاء وحديثهم حول ما جلبت ، وبقيت اليوم عاجزاً عن البوح بما لقيت لأدنى قريب ، وقد وقعت المأساة ولا سبيل إلى النجاة .
وأخيرا ً أخرجت ذلك الطبق عن سطح منزلنا ، لكن بعد وقوع وصمة العار داخل أرجاء ذلك المنزل .. فوا أسفاه على العفة التي ذهبت .. ووا أسفاه على الغيرة التي نسيت .. ووا أسفاه على النصيحة يوم بُذِلت دون أن أرعيها أي عناية .
هذه قصتي أسردها اليوم وكلماتها من الحديد في فمي ، ووقعها أشد من ضرب السياط على جسدي ، وعارها ألصق شيء بعفتي وعفة أسرتي ، لكنني أحببت أن أنقلها فتعيها الآذان الصاغية وتستفيد منها النفوس الغافلة ..
وإلا فعند غيري أكثر مما ذكرت لكنهم إما لم يعثروا عليها حتى الآن أو أن نفوسهم ضعفت عن الحديث بها ، وها أنا أبرأ إلى الله وأخرج من جور المساءلة غدا ًُ عند الله بذكر هذه الآثار ولا حجة بعد ذلك لمخلوق ، اللهم إني قد بلغت ، اللهم فاشهد .
منقول من كتاب ضحايا الفضائيات للكاتب : سعيد القحطاني
تعليق