ابتدات اليوم ندوة تطلعات الشباب ......
في الورقة الأولى تحدث الدكتور: محمود بن مبارك السليميمستشار بديوان عام وزارة التعليم العالي والتي كانت بعنوان (الهوية الوطنية وصور الانتماء) ويأتي تلخيصها في: يشهد العالم منذ تسعينات القرن العشرين تحولات سياسية كبرى، تهدد كيان الدول القومية والوطنية، ويجري الحديث عن نظام عالمي جديد، تتلاشى فيه حدود هذه الدول، لتندمج في إطار واسع هو الدولة العالمية، وعن تحول تكنولوجي هائل، وعن "صدمة معلوماتية" تقود إلى موجة ثالثة من الحداثة، وإلى إحداث تغييرات عميقة في تفكيرنا، وأنماط حياتنا، وعاداتنا اليومية. ويجري الحديث عن انبعاث حضارة جديدة، لم تحدد معالمها النهائية بعد، سيؤدي إلى تشظّي المجتمعات، وإلى إعادة تقدير قيمة الفرد، بحيث تظهر علاقات اجتماعية جديدة، ونرى أنماط حياة متزايدة، تظهر فيها الفردية إلى الوجود، وتتراجع فيها سلطة الدولة.
وتترافق هذه التحولات سواء على مستو الدول والمجتمعات، أو على مستوى الأفراد، مع نوع من العنف واللاعقلانية في لعبة الإبعاد والتهميش وسحق هوية الآخرين، يخفي القائمون عليها استعداداً فطرياً للقسوة، وتعمّد سحق أي تيّار فكري يحمل إرثاً فكرياً، ويعبّر عن مُثلٍ إنسانية يحمل لواءها علماء ومفكرون وحكماء، يجدون أنفسهم اليوم ومجتمعاتهم أمام اتجاهات وتقاليد وأيديولوجيات متناقضة، تبرز الخصومات الدائمة مع كل شيء له علاقة بالتاريخ والجغرافيا والثقافة والهوية الوطنية. إن اندماج أركان المعمورة قاطبة في قرية كونية معرفية واحدة معولمة يتقلص الزمن، وتتلاشى المسافات، وتتنتقل رؤوس الأموال والسلع والمعلومات والمفاهيم والأفكار والأخبار، والأذواق بسرعة مذهلة، وبحرية تامة غير معترفة برقابة حكومية، أو بحدود وطنية أو برفض أيديولوجي.
(أعلام العولمة، د.سليمان العسكري، العربـي ع 7\5\2001)وليس هنالك أهم وأخطر من مفهوم القيم في هذه المعادلة، فالقيمة مصطلح له أهميته المحورية في كل العلوم الإنسانية من الاقتصاد والفلسفة وعلم الاجتماع، وأهمها القيم الاجتماعية التي تشكل عماد الهوية الوطنية لكل أمة، وتسهم في تحقيق التكامل بين أعضاء المجتمع الواحد.والتكنولوجيا وعولمة القطب الواحد بالوسائل الإعلامية المهيمنة لا تغير القيم الاجتماعية فقط بل تقلبها رأساً على عقب، وتخلق عالمها المجازي وتهيمن على حركة المرور الكونية في كل المجالات: المعلومات، الأفكار، الموسيقى الأمريكية الغربية، البرامج التلفزيونية، برامج الكومبيوتر، شبكات الاتصال، وغيرها، إنها شديدة الهيمنة ورائجة جداً، توجد في كل مكان على الأرض بالمعنى الحرفي للكلمة وهي تؤثر فعلياً على أذواق وحياة وتطلعات كل الأمم.ويبقى السؤال المهم إلى أين سيأخذنا هذا العالم؟ وكيف نستطيع أن نجابه هذا المد الجارف؟ وما السبيل إلى الحفاظ على هويتنا الوطنية وخصوصيتنا الثقافية؟